السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الحالة الشبابية في العالم.. بين الحوار وحرارته وحريته!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يختتم شباب العالم اليوم الملتقى الذى جاءوا بكل الهمة يتوافدون، وعلى أرض السلام يلتقون، وعلى مدى ثلاثة أيام يتحاورون، ويتفاعلون ويختلفون، فهم ولضمير العالم يعبرون، وبلغة واحدة يتفاهمون، وعلى نشيد واحد يرددون ويعزفون، ولجسر الصداقة يشيدون، وعلى أرض الأنبياء يهللون ويكبرون، وبعد ساعات يقولون كلمتهم ولعلم المصداقية الشبابية يرفعون، وبكل الإيمان يبشرون.
متابعة هذا الملتقى تختلف منهجيًا وبفكر مستنير، صحوة لمستقبل الغد فهو يرسى حجر الأساس لإزالة الفوارق فكريًا وإنسانيًا وثقافيًا وحضاريًا وروحيًا وعلميًا ونظريًا.
فقد أثبتوا أن هناك فارقا منهجيا بين مفهوم الماضى ومفهوم التاريخ ولا توجد صلة عفوية بين المفهومين.
والحديث عن الماضى يدخل فى دائرة الروايات والذكريات بينما يختلف الحديث عن التاريخ فيندرج تحت مظلة أن هبة الإنسان الحضارة وليس العكس.. هو إبداع الاجتهاد وثمرة العطاء الإنسانى والمرسى الذى ترسو عليه سفينة النظم، وهو الصناعة والمقومات الأساسية للبناء الإنسانى على مدى تاريخه.
وكل هذه التفاعلات تسمى أحيانًا علوم الأجناس والسلالات والهجرات والاتصالات مع العالم بما يكون شكل الحياة على أرض الوطن وجوهر شعبه وثقافته ومكانته على المستوى المحلى والعالمى وإذا كان عميد الأدب العربى قد أطلق ما أسماه الحق فى التعليم واعتبار طلبه كحق مثل المياه والهواء، لكن أصبح الآن يضاف إليها طلب التزود بالثقافة العامة واعتبارالتحدى الأساسى لكل إنسان هو اللحاق بقطار الثقافة وهو يتحرك ليكون على مشارف العهد الجديد.. عصر الأفكار المتجددة.
وإذا كانت الجغرافيا بالثوابت الإستاتيكية فإن التاريخ هو ديناميكية المتغيرات التفاعلية فقد بدأت ظهور الملامح المبدئية لنظرية المعرفة المستقبلية فى جوهرها البسيط ثم التكوين المركب وهندسة المعرفة المتدرجة فى نسق فكرى وضع له الأساس المنهجى (لسلم المعارف بتطورها الفكرى حيث تحولت إلى الكيان المنظور بالمعادلة ونقطة التعادل بين الحق والواجب) التى تحول طرفاها إلى شطرها الأول الأخذ والثانى العطاء وإذا طبقنا هذا المعيار على شرعية الثبات فى العصر الحديث فإن المجتمعات المتقدمة وضعت على رأس أجندتها الحالة الشبابية بشكل وظيفى مجتمعى تتخطى تحدياته الجمود وحالة السكون، لكن حانت ميقات ساعة الإيقاع الذى يحمل بشرى الأمل، كانت ساعة التقدم توقفت عقاربها من ثوان، كل تاريخنا انهارت ملامحه ودبت فيه الحرائق والخراب احتل نفوسنا دون عائق وضحكوا علينا لتتم ما يسمى خارطة الطريق ومنظومة المجد الفائق.
ما زالت الذاكرة محفورا فيها ما تحمله من أعباء الآلام التاريخية فقالوا لنا هناك فواصل فى المراحل الوطنية، قبل ثورة يوليو دخل الشباب المزاد ما بين الأحزاب المدنية والطفرة الدينية وارتدى أمل المستقبل قمصان الجهادية ما بين أخضر أو أزرق أو حمل السلاح للدفاع عن الاستقلال أو المسدس ليقوموا بتصفية محسوبة لخصوم الإخوان وبلغت عملية الاغتيالات لرؤساء الوزراء والوزراء تحت قبة البرلمان وأصبحت هذه الأيدى الملوثة بالدماء... تحالف قادة هذه الزمان مع القصر والإنجليز وسبقوا ذلك تحالف مع السلطان العثمانى وأصبح الشباب هم وقود المعارك... وبعد يوليو تم تشكيل شباب التحرير تحت إشراف أحد ضباط الثورة المحترمين وهو إبراهيم الطحاوي، لكن قفز على المشهد رجال الإخوان أرادوا فى بداية الثورة أن تتحول جماهير الشباب إلى جهاد إخوانى وفشلت التجربة وفشلت فلسفة الاتحاد التى عجزت عن مساندة المواقف القومية فتداخلت المفاهيم الوحدوية مع منهج حزب البعث الذى كان حاضرًا على الساحة فقد كانت العبرة اعتناقه فلسفة الكثرة والعددية المبعثرة، وبدأ الاتحاد الاشتراكى بمدخل تنظيمى لم ينضج لكن نجح فى تأسيس منظمة الشباب وتولى أمرها حسين كامل بهاء الدين وعلى ساحة الصراع بين الأمنيين فاز حسين كامل بهاء الدين وأولى بوادر نجاحه هو الدعوه لمؤتمر المبعوثين فى الإسكندرية تحت رئاسة جمال عبدالناصر واستمر الحوار فظهرت شخصيات عبدالأحد جمال الدين ومحمود الشريف وعلى الدين هلال وغيرهم من الكوادر التى استمرت فى العطاء حتى عصر الرئيس حسنى مبارك قبل انقلاب أحمد عز بفكر قيل عنه (الفكر الجديد) لكن فى جوهره انقلاب سياسى غير مدروس بكل المفاهيم العلمية فهو لا يحمل رائحة التجديد لكنه فى حقيقته إغلاق جميع الطرق أمام الكوادر الراسخة بالضبة والمفتاح وفتح صفحة أخرى أمام الكوادر الفاعلة التى كانت على استعداد لتسليم الراية للجيل المستقبلى لكنه شعر أنه تعرض للتنكيل والإبادة والإحالة إلى التقاعد دون مكافأة نهاية الخدمة، لذلك فكان الثورة من حول أحمد عز والنظام تندلع نيرانها من خارج الحزب الوطنى وداخله والغريب أن الشباب قد تعرض للتهميش بداية من عصر السادات إلى مبارك الذى كان اختزل التواجد الشعبى فى البطولات الأفريقية كرة القدم، وشباب الفنانين.
من هنا فإن شباب مصر وهم يدخلون ساحة الحوار مع شباب العالم جاء برصيد من التأهيل الذى تم من خلال برنامج موضوعى وأركانه وبنيانه المؤسسى تحت إشراف رئيس الدولة شخصيًا، وهل هناك أعظم وأجل من نسيج الشباب، الأمل الحقيقى فى مرحلة التشييد الأعظم.
ومن خلال جلسات الحوار كان هناك تركيز على دور التسامح الدينى والفكر الدعوي، ونظرة إلى ما تحقق من هذا الهدف التنويري، وتحت سماء المصرية نجد الدور الفاعل الذى تقوم به وزارة الأوقاف فى تأسيس جيل من شباب الأزهر الذين تربوا فى أحضان رواقه وبدأت ثمار هذا الإنجاز ينعكس على الأداء المتجدد لهؤلاء الشباب الأئمة الذى يتحملون المسئولية فى المساجد وهذا الأداء الذى تدفع به قيادة الوزارة التى يتولى مسئوليتها العالم محمد مختار جمعة فإن جموع المواطنين شعروا بأداء علمى ومهنى لهذه المجموعة الذين يعتلون المنابر ليس فى نطاق دعوى لكنه من منظور الرسالة وهناك نماذج سوف تمثل إضافة على مسار الدعوة لتصحيح مفاهيم الأداء فإننى رأيت من هذه النماذج الشابة وجدتهم داخل المساجد ويستحقون كل الإشادة لنؤكد أن عصور الظلام والإظلام والإرهاب أصبحت وحدها على الساحة الوطنية من خلال منظومة التفاعل مع البشرية لأرض السلام.. تأكد الشباب....
إن الجانب الإنسانى من منهج المسلمين الفكرى قد أضاف إلى الفكر العالمى روحًا وبعدا فى علم المنطق بأقسامه المختلفة الحدود والقياس ولقد كان المنطق الإسلامى التجريبى هو الروح الحقيقية المميزة للحضارة الإسلامية.
وعلى الوجه الآخر المسئولية العامة الوطنية على أرضها نجد هذا السجل العظيم للكنيسة المصرية وفى لحظات المحن نجد عبارات البابا شنودة الثالث أن مصر ليست وطنًا نعيش فيه لكنه وطن يعيش فينا.
هذه ثوابت الشخصية المصرية التى تعادل فى خلودها مثل ثوابت الطبيعة الشمس والكواكب والهواء وبهذه المناسبة فإن روح التسامح واليقين الذى يقودة البابا تواضروس فى أنهم سيؤدون الصلوات داخل المساجد مشاركة مع إخواننا المسلمين.!
إن ما يصدر بعد ساعات من بلورة لحالة الحوار الشبابى فإن العالم كله شهود على دور القيادة السياسية لهذا العطاء والرصيد الإيجابى على أرض السلام، وما دار من حرارة الحوار والحرية بدون سقف وفى نهاية اللقاء كان الوفاق وكان العناق.