الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

إعدام القاصرين بإيران.. جريمة دولية تطارد الملالي.. طهران تشنق 55 طفلا في 10 أعوام.. 80 آخرون ينتظرون تنفيذ الأحكام.. قانون العقوبات: عمر النضج للفتيات 9 سنوات.. والفتيان فوق الـ15

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هيومان رايتس وتش: طهران تعدم ٥ من القُصَّر فى ٢٠١٧.. حالة واحدة بسبب المخدرات وأربعة أخرى بالقصاص



ينص العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية فى المادة السادسة، على أن الحق فى الحياة هو حق ملازم لكل إنسان، ولا يجوز حرمان أى شخص من حياته تعسفًا. 
وجاء تعريف الطفل فى الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل على أنه؛ كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه، وتتخذ الدول الأطراف فى هذه الاتفاقية التدابير المناسبة لتكفل له الحماية من جميع أشكال التمييز أو العقاب، مع ضرورة عدم تعرض أى طفل للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية والمهنية، ولا تفرض عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة بسبب جرائم يرتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن 18 سنة. 
وعلى الرغم من عضوية إيران فى العهد الدولى للحقوق السياسية والمدنية والاتفاقية الدولية لحماية حقوق الطفل، فإنها تنتهك ذلك من خلال فرض عقوبة الإعدام على القاصرين، فضلًا عن المرأة، بجرائم فضفاضة؛ حيث تم تصنيفها فى المرتبة الثانية بعد الصين بشأن هذه العقوبة. وعليه، فقد حض مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فى إيران «جويد رحمن» على ضرورة إلغاء عقوبة الإعدام ضد القاصرين (الأحداث)، معبرًا عن قلقه فى الوقت ذاته على مصير المعتقلين خلال الاحتجاجات الكبيرة التى شهدتها إيران منذ نهاية عام ٢٠١٧. لذا، سنتناول فى هذا التقرير، نبذة عن الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، وضع القاصرين فى إيران فى ظل الجرائم الفضفاضة المنصوص عليها فى القانون الإيراني (مثل الإفساد فى الأرض ومعادة الله)، فضلًا عن أبرز الجرائم التى توجه لهم.


الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل 
تقر الاتفاقية بأن الطفل يحتاج إلى إجراءات وقائية ورعاية خاصة، بما فى ذلك حماية قانونية مناسبة قبل الولادة وبعدها، وتتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتكفل له الحماية من جميع أشكال التمييز أو العقاب القائمة على أساس مركز أسرته، أو أنشطتهم، أو آراءهم، أو معتقداتهم المُعبر عنها.
ولا يجوز أن يجرى أى تصرف تعسفى أو غير قانونى ضد الطفل فى حياته الخاصة (أسرته، منزله، أو مراسلاته)، فضلًا عن ضرورة اعتراف الدول الأطراف بحق كل طفل فى مستوى معيشى ملائم لنموه البدني، العقلي، المعنوي، الروحى، والاجتماعي.
فى السياق ذاته، تتضمن هذه الاتفاقية ضرورة حماية أطفال الأقليات الأثنية، الدينية أو اللغوية أو أشخاص من السكان الأصليين، ولا يجوز حرمان الطفل المنتمى لتلك الأقليات من الحق فى أن يتمتع مع بقية أفراد المجموعة بثقافته أو الجهر بدينه وممارسة شعائره أو استعمال لغته.
الإفراط فى استخدام عقوبة الإعدام 
تعد الجمهورية الإسلامية واحدة من الدول القليلة التى تصدر أحكامًا بالإعدام ضد القاصرين. فوفقًا لتقارير اللوائح الصحية الدولية، أعدمت إيران ما لا يقل عن ٥٥ طفلًا خلال الفترة ما بين ٢٠٠٨ و٢٠١٨، فضلًا عن ٨٠ آخرين ينتظرون حكم الإعدام داخل السجون الإيرانية. ومع ذلك لا توجد معلومات حقيقية عن العدد الفعلى لضحايا الإعدام فى طهران، بسبب عدم وجود شفافية حكومية فيما يتعلق بهذه الموضوعات. 
وتواصل إيران انتهاك القوانين الدولية فيما يتعلق بإعدام القاصرين؛ فبحسب منظمة Human Rights Watch أعدمت طهران حوالى ٥ من القُصَر فى عام ٢٠١٧؛ حالة واحدة بسبب المخدرات وأربعة آخرين بالقصاص، فضلًا عن تنفيذ ٣١ عملية إعدام علنية، بما فيهم أطفال. ويركز التقرير أيضًا على دور المحاكم الثورية باعتبارها المصدر الرئيسى للتعسف وانتهاك الحقوق داخل إيران، فضلًا عن الاعترافات التى يتم انتزاعها تحت التعذيب.
ويحدد قانون العقوبات الإسلامى الجديد الذى تم اعتماده فى عام ٢٠١٣، المسئولية القانونية للأطفال كعمر النضج فى ظل الشريعة الإسلامية؛ حيث حدد عمر الفتيات فوق التاسعة والفتيان فوق الخامسة عشرة. وعلى الرغم من إقرار المادة ٩١ من القانون الجديد بأنه لا يجوز الحكم بالإعدام على كل المتهمين من القاصرين تحت عمر الثامنة عشرة، بجريمة الإفساد فى الأرض، إلا بعد التأكد من القدرة العقلية والقدرة على التفكير بأدلة من الطب الشرعي، لكن لم يتم العمل بها فى كثير من الحالات، وبالتالي، لم تؤد إلى تخفيض عدد القاصرين من المحكوم عليهم بالإعدام.


أبرز الجرائم
تُوقع غالبية عمليات الإعدام فى إيران على جرائم متعلقة بالمخدرات، الاغتصاب والقتل، فضلًا عن الجرائم التى تمس الأمن القومى (الإفساد فى الأرض والردة)، ولكن أشارت المنظمات الدولية أن كثيرًا من هذه الجرائم لا تعد الأكثر خطورة ولا تستحق عقوبة الإعدام، ويمكن تفصيلها على النحو التالي:
١- الحدود
تشير الحدود إلى الجرائم التى لها تعريفات وعقوبات محددة بموجب الشريعة الإسلامية، حيث يتم استدعاء عقوبة الإعدام لجرائم شرب الكحول، الاغتصاب، فضلًا عن الفساد فى الأرض والعداء ضد الإله، على الرغم من إقرار القانون الإسلامى على حق القاضى فى اختيار العقوبة المناسبة. 
فى السياق ذاته، لا يميز قانون العقوبات الإسلامى القديم بين جرائم العداء ضد الله والفساد فى الأرض، ولكن نصت المادة ١٣٨ منه على أن أى شخص يلجأ إلى الأسلحة لإحداث الرعب والخوف أو خرق الأمن العام يعتبر عدو الله، ومفسدًا فى الأرض. لكن ذلك ينتهك التزام إيران بقواعد القانون الدولى لعدم تقييد استخدام عقوبة الإعدام التى لا يتم فرضها إلا فى أشد الجرائم خطورة. 
من ناحية أخرى، يقر قانون العقوبات الإسلامى الجديد إلى أن جريمة الفساد فى الأرض تُفرض على من يرتكبون جرائم ضد الأمن القومي، تعطيل الاقتصاد، الاحتجاجات وأعمال الحرق والتدمير، تعطيل النظام العام، أو التسبب فى أضرار واسعة النطاق على الأفراد، فضلًا عن الممتلكات العامة والخاصة. فعلى الرغم من أن تهمة الفساد فى الأرض تحتوى على عدد من الجرائم المعترف بها على المستوى الدولي، إلا أنه يشوبها قدر من الغموض يحتاج التوضيح لا سيما فى حالة إيران.
٢- القصاص 
يشير القصاص فى ظل الشريعة الإسلامية إلى فكرة الانتقام المكافئ فى حالة القتل، أو الجرائم الأخرى التى يتم ارتكابها ضد السلامة الجسدية للإنسان، وتطلب العقوبة فى أغلب الأحيان من أقارب المجنى عليه، ويمكن أن يتم العفو عن الجانى فى مقابل تعويض يعرف باسم «الدية». من الجدير بالذكر أن تقارير المنظمات الدولية تؤكد وجود مخاوف كثيرة بشأن حقوق الإنسان فى استمرار العمل بمبدأ القصاص داخل الجمهورية الإسلامية. 
وتثير فكرة «الدية» كثيرًا من الشكوك فيما يتعلق بحجم الثروة؛ حيث إن الأغنياء سيكونون قادرين على الدفع بعكس الفقراء. وتؤكد التقارير الدولية أن القانون الإيرانى يُزيد من المبلغ المالى للدية فى حالة الذكور عن الإناث، فضلًا عن أن القوانين الإيرانية تنتهك ضمانات المحاكمة العادلة بموجب القانون الدولي، الذى ينص على حق المتهم فى طلب العفو أو التخفيف من قدر العقوبة. 
٣- المعاذير 
يُعرف قانون العقوبات الإسلامى لعام ٢٠١٣، المعاذير، على أنها مخالفات لا تشملها الحدود أو القصاص، ومن هنا تنص المادة ١٨ على تعريف المعاذير، نطاقها والعقوبات المقررة لها، ومن أمثلة جرائم التعزير؛ الجرائم المالية المتعلقة بالفساد، الرشوة وغسيل الأموال، فضلًا عن جرائم الأمن القومى مثل العمل مع العمل مع الحكومات المعادية والتظاهر ضد الدولة، وعادة ما يُعاقب على هذه الجرائم بالسجن تفاديًا لعقوبة الإعدام، ولكن تربط الحكومة الإيرانية بين هذه العقوبات وفكرة الإفساد فى الأرض. 
وتفرض الجمهورية الإسلامية عقوبة الإعدام فى إطار المعاذير على الجرائم التى يغطيها قانون مكافحة الإرهاب، الذى تم اقتراحه فى عام ١٩٨٩ وتعديله فى ١٩٩٧ ثم فى عام ٢٠١١؛ نص بضرورة فرض عقوبة الإعدام على جرائم الاتجار فى أكثر من ٥ كيلو جرامات من المخدرات المكتسبة من الأفيون والمؤثرات العقلية، أو حيازة أكثر من ٣٠ جرامًا من الهيروين ومشتقاته، فضلًا عن العقاقير الاصطناعية غير الطبية. 
لكن خَلص بعض الفقهاء ورجال القانون الإسلامى إلى أن فرض عقوبة الإعدام للجرائم المتعلقة بالمخدرات هى ضد أحكام الشريعة الإسلامية؛ لأنها تندرج تحت فئة المعاذير، وبالتالي، تستحق عقوبة أقل من الموت. فى السياق ذاته، شددت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة فى أكثر من مناسبة على أن جرائم المخدرات لا تدخل فى مضمار الجرائم الأكثر خطورة، ومن هنا تعد عقوبة السجن وافية.
ختامًا: يجب أن تتطلع الجمهورية الإسلامية إلى الالتزام بقواعد القانون الدولي، ولا سيما الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، التى تهتم برعاية حقوق القاصرين، والاهتمام بالتوعية المجتمعية لهم، فضلًا عن الحفاظ على التنشئة السوية. 
على الجانب الآخر، من الأهمية أن تلتزم إيران بالتطبيق الكامل لبنود الاتفاقيات الدولية، حتى تضمن انخفاض معدل الإدانات الدولية ودعم الأوروبيين لها فيما يتعلق ببرنامجها النووي، لا سيما بعد الخروج الأمريكى من الاتفاق النووى وفرض الحزمة الثانية من العقوبات بحلول الرابع من نوفمبر لعام ٢٠١٨.