الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"البيئة" تنجح في السيطرة على "السحابة السوداء".. شراء القش من الفلاحين بسعر 50 جنيها للطن و100 ألف جنيه للمخالفين.. وفؤاد: مصنعا للورق بالتعاون مع الإنتاج الحربي لمعالجة قش الأرز

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مُنذ تسعينيات القرن الماضي و"السحابة السوداء" تمثل أزمة بيئية حادة في مصر، ففي شهري سبتمبر وأكتوبر من كل عام تكون سماء القاهرة الكُبرى في أقبح ملامحها نتيجة السحابة السوداء الضخمة التي كان يسببها إحراق المزارعين لقش الأرز، فمع مغيب شمس كل يوم خريفي تقريبًا يقف المزارعون في حقولهم لرش السولار وإشعال النار في قش الأرز بعد الحصاد إلى أن تتصاعد الأدخنة الكثيفة من حقول الأرز مكونة سحابةً سوداء هائلة تتحول معها "نعمة" قش الأرز إلى "نقمة".


ويُشكل حرق قش الأرز خطرًا على سلامة البيئة المحيطة والصحة الأفراد في العديد من مناطق العالم، حيث يُصنف حاليًا ضمن قائمة أخطر الملوثات كونه يتسبب في تكوين السحابة السوداء والاختناق الدخاني وحساسية الصدر والأزمات القلبية والذبحة الصدرية وغيرها من الكوارث الصحية، حتى أن العديد من الدول، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، بدأت في اتخاذ خطوات للحد من تأثير تلك المشكلة وما ينتج عنها من مخاطر، كما قامت بعض الدول العربية بسن قوانين رادعة ومضاعفة العقوبات على كل من يقوم بذلك الفعل.
50 جنيها للطن والسجن سنة للمخالفين
وفي مصر، خلال العامين الماضيين، ومع بدء موسم حصاد الأرز، بدأت وزارتي الزراعة والبيئة، تطبيق استراتيجية جديدة لمواجهة الظاهرة تتضمن دعم المتعهدين ممن لديهم القدرة فى جمع قش الأرز من المزارعين، سواء بالآلات والمعدات أو ماديًا أيضًا بقيمة 50 جنيها لكل طن، فضلًا عن تغليظ عقوبة حرق قش الأرز من العقوبات التى لا يجوز فيها التصالح، حيث تم تشديدها لتصل إلى الحبس لمدة لا تزيد عن سنة وغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد عن 100 ألف جنيه أو إحدى العقوبتين.
وساعد برنامج الحكومة، الذي يتكفل بدفع أموال للتجار بغية شراء قش الأرز من المزارعين في نهاية الحصاد في مكافحة واحدة من أقبح ملامح القاهرة وهي السحابة السوداء الضخمة التي تخيم على أجواء العاصمة جراء إحراق مخلفات المحاصيل، حيث كان شراء القش من المزارعين بمبلغ 50 جنيها للطن حافزًا للكثيرين منهم لعدم حرق قش الأرز بل الاستفادة من المُقابل المادي من بيعه خاصة وأنه سيتحول بعد تدويره إلى علف للحيوانات أو لأغراض أخرى.
ووفقًا لتقرير صادر عن البنك الدولي، قبل أيام قليلة، فإن الحكومة المصرية نجحت في تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 310 آلاف طن بين عامي 2013 و2017. 
وأرجع التقرير ذلك إلى البرنامج الحكومي لتخريد وإعادة تدوير المركبات، والذي تسلمت الحكومة خلاله 45 ألف سيارة أجرة قديمة من مالكيها وسلمتهم سيارات أخرى جديدة، كما توقع التقرير، أن تصل تخفيضات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى 350 ألف طن بحلول عام 2018.

مصنع لإنتاج الورق من قش الأرز
وقالت ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، إنه كان هناك عدد قليل من حالات حرق قش الأرز خلال الفترة الأخيرة وذلك مُنذ أن بدأت الوزارة في اتخاذ الإجراءات اللازمة، المتمثلة في شراء القش من الفلاحين بسعر 50 جنيها للطن، مؤكدة أن العمل الجماعي المُشترك بين الجهات المسئولة المُختلفة بالإضافة لوعي المواطنين وتفاعلهم مع قضية السحابة السوداء ساعد في تحجيمها بدرجة كبيرة خلال الفترة الأخيرة.
وأضافت فؤاد، أنه يتم دراسة التعاون مع وزارة الإنتاج الحربي لإنشاء مصنع لإنتاج الورق عن طريق؛ معالجة قش الأرز والمخالفات الزراعية الأُخرى، بمساهمة مستثمرين، مُشيرة إلى أن التعاون المشترك بين وزارتي البيئة والإنتاج الحربي والمحليات في المحافظات سيسهم في إنشاء المصنع خلال الفترة المُقبلة، فضلًا عن أن وزارة البيئة تستهدف أيضًا الحد من خرق المُخلفات الزراعية الأُخرى كحطب الذرة وقصب السُكر.
وأشارت وزيرة البيئة، خلال كلمتها بمؤتمر عرض نتائج ومؤشرات نوبات تلوث الهواء الحادة، إلى أن السيطرة على السحابة السوداء جاء نتيجة لمجهود استمر لسنوات عديدة تصل 20 سنة، لم نعتمد هذا العام على تقليل زراعة الأرز، لأنه هناك مسببات أخرى مثل عوادم المركبات والمصانع والمخلفات الزراعية وغيرها لتلوث الهواء، مؤكدةً أن هذا العام الموسم مختلف بدون سحابة سوداء، وتم توقيع بروتوكول مع وزارة الزراعة، وتم تصنيع المفارم بمساعدة وزارة الإنتاج الحربي في وقت قياسي، والمواطن كان جزء من هذه الملحمة.
ولفتت فؤاد، إلى أن أهم من كل المنظومة، الشباب الذي أثبت أنه قادر على العمل بجهد والتصدير للخارج، بالتزامن مع استمرار الإجراءات المتبعة، والتي تمثلت في توفير المفارم الصغيرة من قبل وزارة الإنتاج الحربي والتي بلغ عددها 200 مفرمة، للحيازات الصغيرة وإضافة التعديلات اللازمة للمفارم لحل أزمة الوادي الجديد نتيجة حرق جريد النخل، مضيفة: "عندما بدأنا مبكرا في أول يوليو من خلال ندوات التوعية استطعنا إحداث فرق فى النتائج"، مشيرة إلى أن الشباب أثبت قدرتهم على التصدير لقش الأرز.