رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"الخلايا النائمة".. رعب يهدد شمال أفريقيا.. قيادة سيدة لـ"التفجير الانتحاري" يثير المخاوف حول الاستقطاب النسائي لـ"تنظيم القاعدة".. الحادث تزامن مع تصاعد خلافات الأحزاب السياسية في تونس

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كشف التفجير الانتحارى الذى شهدته تونس مؤخرا، فى ٢٩ أكتوبر، ووقع على مقربة من إحدى الدوريات الأمنية، التى كانت متواجدة بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، على نحو أدى إلى إصابة ٢٠ شخصًا من بينهم ١٥ شرطيًا، عن تحول جديد فى النشاط الإرهابى داخل البلاد، لا سيما أن آخر العمليات الإرهابية التى نفذت كانت فى نوفمبر ٢٠١٥.
عندما استهدف تنظيم «داعش الإرهابي» حافلة لعناصر أمنية وسط العاصمة، وهو ما يشير إلى أن تداعيات الهزائم التى منيت بها التنظيمات الإرهابية، ولا سيما «داعش»، فى كل من سوريا والعراق، بدأت ارتداداتها تصل إلى تونس، التى أبدت اهتمامًا خاصًا بمتابعة تطورات العمليات العسكرية ضد تلك التنظيمات ورفعت مستوى التنسيق مع العديد من القوى الدولية المعنية بمواجهتها.

دلالات متعددة
وقالت دراسة لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة: تطرح العملية الانتحارية التى وقعت فى العاصمة التونسية دلالات عديدة يتمثل أبرزها فى:
أولا- سابقة جديدة، حيث يعد قيام إحدى السيدات بتنفيذ العملية، سابقة جديدة فى العمليات الإرهابية التى تشهدها تونس، على نحو قد يؤشر إما إلى عودة بعض التونسيات من اللاتى كان تنظيم «داعش» قد استطاع استقطابهن فى الأعوام الأخيرة إلى تونس من جديد، أو إلى وجود أزمة حقيقية تواجهها التنظيمات الإرهابية تكمن فى تراجع قدراتها البشرية نتيجة الهزائم والضربات التى تعرضت لها فى المرحلة الماضية.
ثانيا- عواقب الاستقطاب السياسي، حيث كان لافتًا أن العملية الأخيرة تزامنت مع تصاعد حدة الخلافات العالقة بين القوى السياسية المختلفة، لا سيما حزب «نداء تونس» و«حركة النهضة»، حيث اتهم الأول الأخيرة بـ«مواصلة محاولاتها وضع يدها على مختلف مفاصل الدولة»، على نحو دفع اتجاهات عديدة إلى التحذير من أن استمرار تلك الخلافات قد يؤثر على قدرة الدولة على مواجهة التنظيمات الإرهابية، التى تسعى دائمًا إلى استغلال عدم الاستقرار، على المستويين الأمنى والسياسي، لتحقيق أهدافها وتوسيع نطاق نفوذها.
واللافت فى هذا السياق، هو أن الرئيس التونسى الباجى قائد السبسي، أشار بدوره إلى العلاقة الطردية بين تصاعد الخلافات السياسية وتزايد النشاط الإرهابي، حيث قال، فى ٣٠ أكتوبر الحالى وبعد يوم واحد من العملية الأخيرة، «إن المناخ الذى يوفره الصراع الحزبى يساعد فى تواجد الإرهاب على الأرض بقوة»، معتبرًا أن «الصراعات السياسية عامل له تأثير سلبى على السلام والأمن والمتربصون دائمًا ما يستغلون هذه الصراعات وما ينتج عنها من ترنح أمني».
ثالثا- غياب الخبرة، حيث توحى طريقة الهجوم أن السيدة التى نفذته، لا تمتلك الخبرة الكافية للقيام بمثل هذه النوعية من الهجمات الانتحارية، وهو ما يمتد أيضًا إلى العناصر التى قامت بإعداد المتفجرات، على نحو يشير إلى أن التنظيم الإرهابى المسئول عن هذه العملية يسعى فى المقام الأول إلى ضم أكبر عدد من العناصر الموالية له، على حساب إكسابها القدرات والخبرات اللازمة لتنفيذ عملياته.
رابعا- عناصر غير معروفة، حيث تشير تقارير عديدة إلى أن السيدة التى قامت بتنفيذ العملية لم تكن معروفة بالنسبة لأجهزة الأمن، خاصة أنه لم تكن لها سوابق تشير إلى انضمامها إلى أى من التنظيمات الإرهابية الموجودة، على نحو دفع اتجاهات عديدة إلى الدعوة لإجراء مراجعة فى سياسات الأجهزة الأمنية للتعامل مع تلك النوعية من العمليات الإرهابية.

عوامل مختلفة
ومن دون شك، فإن تزايد هذه الدعوات فى الفترة الأخيرة لا يمكن فصله عن المخاوف التى تبديها تلك الاتجاهات، إزاء احتمال أن تكون تونس مقبلة على مرحلة جديدة قد تشهد تصاعدًا فى حدة العمليات الإرهابية، وهو احتمال يستند إلى مؤشرات عديدة: يتمثل أولها، فى المحاولات التى يبذلها تنظيم «داعش» من أجل الوصول إلى مناطق جديدة بعد التراجع الملحوظ فى نشاطه داخل المناطق التى سيطر عليها فى السابق.
ورغم أنه يسعى فى الفترة الحالية إلى العودة من جديد لتلك المناطق، على نحو ما يحدث مثلًا فى محافظتى دير الزور والرقة، إلا أنه بات يبدى اهتمامًا أكبر بالمناطق الجديدة التى قد يسعى إلى تعزيز نشاطه فيها.
ولا تقتصر تلك المحاولات على تنظيم «داعش»، إذ يبدو أن تنظيم «القاعدة» يتبنى بدوره الهدف ذاته، حيث يسعى إلى توسيع نطاق نشاطه من خلال تفعيل دور «كتيبة عقبة بن نافع»، التى تعد أحد أهم أفرع التنظيم فى المنطقة، خاصة فيما يتعلق بتنفيذ هجمات ضد قوات الجيش والشرطة واستهداف الأجانب، وهو ما كشف عنه نجاح قوات الشرطة التونسية فى قتل بلال القبى، الذى يعتبر أحد أهم قادة تنظيم «القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامي»، فى ٢١ يناير ٢٠١٨، بعد دخوله تونس، للترتيب لعودة «القاعدة» مرة أخرى إلى داخل البلاد.
وينصرف ثانيها، إلى انتشار السلفية الجهادية، على نحو يفسر أسباب تحول تونس، خلال الأعوام الماضية، إلى إحدى أهم دول المنطقة التى ينتقل منها المقاتلون للانضمام إلى التنظيمات الإرهابية فى كل من سوريا والعراق، وربما يكون ذلك أيضًا دافعًا لتلك التنظيمات للعودة إلى تونس مجددًا فى محاولة لاستقطاب مزيد من العناصر المؤيدة لتوجهاتها.
ويتعلق ثالثها، بوجود «خلايا نائمة» والتى تصاعد دورها بشكل ملحوظ فى الفترة الأخيرة، حيث تتبع كل من «داعش» و«القاعدة»، وقد تحولت إلى إحدى الآليات الرئيسية التى تحاول تلك التنظيمات استخدامها لتعزيز قدرتها سواء على تفعيل نشاطها من جديد داخل تونس أو على إقناع بعض العناصر بالانضمام إليها.
وفى النهاية، يمكن القول، إنه رغم أن الهجوم الأخير تم بطريقة بدائية، إلى حد ما، إلا أن ذلك لا يقلص من احتمالات أن تشهد تونس موجة جديدة من العمليات الإرهابية، خاصة فى ظل الارتدادات المستمرة للهزائم التى منيت بها التنظيمات الإرهابية فى كل من سوريا والعراق خلال الفترة الأخيرة.