الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"المواجهة الدينية للإرهاب".. كتاب يبرئ الإسلام من التطرف.. الهلالي: محاولة للتنوير ومواجهة الأفكار المسمومة لمن حكّموا أنفسهم أوصياء على الدين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعد كتاب «المواجهة الدينية لظاهرة الإرهاب» الذى صدر عن الهيئة العامة المصرية للكتاب. ويقع فى 94 صفحة من الحجم الصغير، من الكتب المهمة فى طرح علاج قضية مواجهة الإرهاب التى أصبحت تهدد الجميع على المستوى المحلى والعالمى أيضًا، وتناول مؤلف الكتاب نقاطا قوية مثل فكرة الأديان الأساسية وعلى رأسها الإسلام والتى تكمن فى حماية دم الإنسان، وعرضه، وماله.
مؤلف الكتاب هو الدكتور سعد الدين الهلالى، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، الذى أكد أن كتابه جاء كمحاولة للتنوير، ومواجهة الأفكار المسمومة، لمن حكموا أنفسهم أوصياء للدين، وهذا لا يمكن أن يتم إلا بواسطة الاقتراب من تلك الأفكار الأساسية المغلوطة، مؤكدًا على أن الأديان كلها بما فيها الدين الإسلامى، جاءت للإنسانية جمعاء، متفقة فى المقاصد التى لا تؤدى إلا للخير.
كما أشار إلى تعدد معانى الألفاظ فى اللغة العربية، معتبرًا هذا يؤكد على استحالة تفسير النص القرآنى تفسيرًا أحاديًا، ومن هنا نعلم جيدًا أن القرآن الكريم حمال أوجه وتتعدد تفسيراته، وهو ما يصر أوصياء الدين على إخفائه، وأشار إلى أهمية التنافسية فى الخير بين بنى الإنسان على اختلاف دياناتهم، مستندًا للآية الكريمة التى يقول الله سبحانه وتعالى بها: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِى مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) المائدة الآية ٤٨، وأكد الكتاب على أن القرآن الكريم هو فى حقيقة الأمر كتاب هدى ونور، وليس كتاب قانون أو دستور، لأنه حَمَّال أوجه كما وردت الإشارة مسبقًا.

تعريف الإرهاب
تطرق الكتاب إلى تعريف الإرهاب، وقال المؤلف إن الإطلاق العام للإرهاب المراد به مطلق التخويف وبث الفزع والرعب ومع هذا المنطلق العام لحقيقية الإرهاب فإنه يمكن توسيع قاعدته لتشمل صنوفا وأنواعا مختلفة، وذلك بالنظر إلى آليته أو وسيلته التى قد تكون فطرية أو نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو قانونية أو عسكرية أو الحرابة وقطع الطريق وبيانها كما يلى:
-الإرهاب الفطرى ويكون بتقوى الله وخشيته.
-الإرهاب النفسى ويكون بتوجس النفس واهتزازها مما تتوهم الخوف منه.
-الإرهاب الأدبى ويكون بشفرة سيف الحياة.
-الإرهاب العرفى ويكون بتسييد التقاليد.
-الإرهاب الاجتماعى ويكون بضغوط الروابط الأسرية.
-الإرهاب الاقتصادى ويكون بالالتزامات المالية.
-الإرهاب السياسى ويكون بالانتباذ الحزبى محليا وبالعزلة الدولية خارجيا.
-الإرهاب القانونى ويكون بتفصيل القانون لملاحقة المطلوبين.
-الإرهاب العسكرى ويكون بإعلان الحرب والقتال.
-والإرهاب بالحرابة والإفساد ويكون مستور المصدر، ويخفى المنفذ هويته ويحرص على التخلص من نفسه عندما يظن الإمساك به، ولا تقل جريمته عن إحداث القتل الجماعى بغدر ووحشية الحرق والدهس والتفخيخ والتمثيل، وهو أقبح أنواع الإرهاب البشرى، حتى جعله الله محاربة له.
-الإرهاب الخاص.
ويقول الكاتب: «أما الإطلاق الخاص للإرهاب فقد تدرج بحكم ممارسة أصحابه ورصدنا لأخبارهم إلى ثلاثة مستويات مع تقدم الزمن».
المستوى الأول: إحداث القتل غيلة فى صفوف النظام الحاكم الذى ناصبوه الخصومة والعداوة للثأر من بعض تصرفاته ولى ذراع السلطة فى مساومتها لتحصيل مكاسب تمكينية أكثر للإدارة الإرهابية.
المستوى الثانى: إحداث قتل وتدمير غيلة فى صفوف النظام الحاكم أو مواطنيه أو مستأمنيه أو منشآته المدنية والأمنية فى داخل الدولة أو خارجها لتعرية النظام الحاكم أمام شعبه وإظهار عجزه عن حمايتهم بهدف سياسى وهو الاستيلاء على السلطة والحكم.
المستوى الثالث: إحداث القتل الوحشى العشوائى فى صفوف المدنيين ورجال الأمن والإكثار من الاغتيالات للشخصيات البارزة فى الدولة وإشاعة الفوضى فى المؤسسات المدنية وبث الفتنة بين أفراد الشعب وطوائفه ونشر روح اليأس بين الشباب وإطفاء كل بوادر الأمل الواعدة لهزيمة الشعب نفسيا، فيما يعرف مؤخرا بحروب الجيل الرابع التى تهدف إلى إسقاط الدولة.



المواجهة
كما قدم الكتاب عدة أساليب لمواجهة الإرهاب ومنها المواجهة الشعبية بضوابطها الحضارية للإرهاب.
ويقول الكاتب إذا ثبتت إنسانية الإسلام فإنه تترتب عليها نتائج مهمة منها مايلى:
- لم يعد هناك وجه لأوصياء الدين وتجاره أن يجعلوا من الإسلام شعارا للعصبية أو الطائفية التى تقود اتباعها أو تسخرهم فى معاداة أعدائهم، لأن دين الله لا يعادى أحدًا بعينه ولا ينصر أحدا بذاته وإنما يبلغ الناس رسائل الله فيما يتعلق بذاته المقدسة وينتهى دور أمناء الدين بإبلاغ الناس تلك الرسائل ليكونوا أسيادا فى الإيمان وعدمه ويكون المؤمن سيدا فى قراره الدينى.
– إنه لم يعد لأحد من الفقهاء مهما بلغ علمه أن يزعم امتلاكه الحقيقية المطلقة وإنما عليه أن يمتثل لقول الإمام الشافعى «قولى صواب يحتمل الخطأ وقول غيرى خطأ يحتمل الصواب»، ولا يمنع الدين الناس على مسوليتهم من حق التوافق ببشريتهم على اختيار وجه فقهى معين يلتزمون به فى صورة قانون أو أن يتركوا المسألة بوجوهها الفقهية لحرية الاختيار وبهذا تسقط فكرة السلطة الدينية أو المرجعية الدينية فى الإسلام ليتحصن الناس من الاستعباد بكل صورة وخاصة الاستعباد باسم الدين.
- إن السلطة الدينية عنوان على الدين والإنسانية ويتضح ذلك ممايلى:
-أما وجه معاداة السلطة الدينية للدين فمن حيث إقصائها له والحلول مكانه بما يهدم رسالة الدين التى جاءت تحرر الإنسان من عبوديته لغير الله وبدون واسطة.
- أما وجه معاداة السلطة الدينية للإنسانية فمن حيث تنصيب أعضائها أوصياء على الآخرين وفتح باب الفساد الأخلاقى بالمال وغيره لمسالمة تلك السلطة كما أن السلطة الدينية ستحول دون الإبداع الإنسانى فى تجديد الاجتهاد من النصوص.
- إن الحاجة إلى سلطة قضائية وقانونية بشرية ضرورة لإقامة العدل بين الناس.
- إن مواجهة الإرهاب مسئولية الشعب بمؤسساته الحضارية بالنظر إلى صفة المواطنة وليس بالنظر إلى دين المواطن، فالدين متعدد فى الوطن الواحد واستغلاله فى مواجهة الإرهاب سيؤجج العصبية والطائفية التى قد تتطور إلى حرب أهلية ثم إن العلاقة فى الدين قاصرة بين العبد وربه وتقوم على النوايا المستورة عن أعين الآخرين لخصوصية اطلاع الله عليها فلا تصلح أن تكون أساسا لعمل تنظيمى إنسانى، أما المواطنة فصفة واحدة لكل أبناء الشعب وتقوم على تنظيم الحقوق والواجبات الظاهرة التى تدخل فى الاختصاص البشرى وعلاقتها متعدية بين أفراد الشعب كالشركاء المتضامنين الذين لهم حق اختصاص أصول الشركة كما أنهم متضامنون فى تحمل ديونها وأخطارها، أما المؤسسة الدينية إن صح التعبير فتقوم على تعليم النصوص وشروحها واستنباطاتها الفقهية ورعاية المجتهدين والمجددين فى تطبيقاتها مما يجعلها مؤسسة علمية لا دينية.