الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

غدًا.. اليونسكو تحيي اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم ضد الصحفيين

اليونسكو
اليونسكو
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحيي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" غدًا الذكري الخامسة لليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين 2018 تحت شعار "تعزيز التعاون الإقليمي لإنهاء الإفلات من العقاب للجرائم والاعتداءات ضد الصحفيين في العالم العربي". 
ويهدف هذا الحدث إلى تحديد الخطوات التي ينبغي اتخاذها والتدابير الملموسة من أجل تعزيز المكافحة ضد الإفلات من العقاب فيما يتعلق بالجرائم والاعتداءات ضد الصحفيين في العالم العربي، على أن تدرج هذه المسألة في إطار الجهود العالمية المبذولة لتعزيز حقوق الإنسان الأساسية٠
ففي خلال السنوات الـ12 الأخيرة (2006 – 2017)، قتل ما يقارب 1010 صحفيين وهم يؤدون عملهم بنقل الأخبار والمعلومات إلى القراء والمشاهدين، ويشكل هذا الرقم ما يوازي معدل وفاة صحفي كل 4 أيام، وفي 9 حالات من أصل 10 يبقى الفاعل بلا عقاب.. فإن الإفلات من العقاب يؤدي إلى مزيد من جرائم القتل كما أنه دليل على تفاقم الصراع وعلى تداعي القانون والأنظمة القضائية. لذا تخشى اليونسكو أن يؤدي الإفلات من العقاب إلى زعزعة مجتمعات بكاملها من جراء إخفاء انتهاكات خطرة لحقوق الإنسان والفساد والجرائم.. في هذا الصدد يطلب من الحكومات والمجتمع المدني والإعلام وكل المعنيين بدعم سيادة القانون أن ينضموا إلى الجهود العالمية لإنهاء مشكلة الإفلات من العقاب. 
وستقوم اليونسكو غدا الجمعة بتنظيم مؤتمر إقليمي للاحتفال بهذه المناسبة فى العاصمة اللبنانية بيروت، وذلك بمشاركة ممثلين من الدول الأعضاء واللجان الوطنية لحقوق الإنسان والجهاز القضائي ووسائل الإعلام وأعضاء المجتمع في العالم العربي، لا سيما في الدول التي شهدت عددًا كبيرًا من حالات قتل الصحفيين خلال السنوات الأخيرة.
وبسبب عواقب الإفلات من العقاب بعيدة المدى خاصة في ما يتعلق بالجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 163/ 68 في عام 2013 الذي تم فيه إعلان يوم 2 نوفمبر من كل عام يوما عالميا لإنهاء الإفلات من العقاب علي الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين. ويحث هذا القرار الدول الأعضاء على اتخاذ تدابير جازمة لوضع حد لثقافة الإفلات من العقاب. وقد تم اختيار هذا التاريخ كذكرى لمقتل صحفيين فرنسيين في جمهورية مالي في 2 نوفمبر 2013.
وقد أشار أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة في رسالة له بهذه المناسبة، إلى أنه في فترة لا تكاد تتجاوز عقدا من الزمن، قتل ما يزيد على 1000 صحفي وهم يؤدون عملهم الذي لا غنى عنه.. وفي 9 من كل 10 من الحالات، تبقى القضية دون حسم ولا يخضع أحد للمحاسبة. وغالبا ما تكون الصحفيات أكثر تعرضا للاستهداف، لا بسبب التقارير التي يعددنها فحسب، وإنما أيضًا بسبب كونهن إناثا، ويشمل ذلك تعرضهن لخطر العنف الجنسي. 
وأضاف غوتيريش، أنه قد قتل في هذا العام وحده ما لا يقل عن 88 صحفيا.. وتعرض ألوف عديدة أخرى من الصحفيين للاعتداء أو المضايقة أو الاحتجاز أو السجن بتهم مزيفة ودون مراعاة الأصول القانونية الواجبة.. وهذا وضع شنيع ولا ينبغي أن يصبح هو الوضع الاعتيادي الجديد.. ذلك أنه عندما يستهدف الصحفيون فإن المجتمعات تدفع الثمن ككل.
واستطرد قائلا " يساورني القلق البالغ من ازدياد عدد الاعتداءات ومن سيادة ثقافة الإفلات من العقاب، ومن ثم فإنني أناشد الحكومات والمجتمع الدولي توفير الحماية للصحفيين وخلق الظروف التي يحتاجونها لمزاولة عملهم.. وأود أن أغتنم مناسبة هذا اليوم لأحيي الصحفيين الذي يؤدون عملهم كل يوم بالرغم مما يتعرضون له من ترهيب ويتهددهم من أخطار.. فعملهم - وعمل من قضى من زميلاتهم وزملائهم - يذكرنا بأن الحقيقة لا تموت أبدا.. وكذلك يجب ألا ينطفئ وهج التزامنا بالحق الأساسي في حرية التعبير.. إن كتابة التقارير الصحفية ليس جريمة".. ودعا غوتيريش إلى أن نقف معًا دفاعا عن الصحفيين من أجل الحقيقة والعدالة.
في الوقت نفسه أشارت أودري أوزلاي المديرة العامة لليونسكو، في رسالة مماثلة بهذه المناسبة، إلي أن اليونسكو ستستهل حملة جديدة في يوم 2 نوفمبر باستخدام الوسم #الحقيقة_لا_تموت لزيادة الوعي العام بمسألة الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين.. وترمي هذه الحملة إلى التشجيع على نشر مقالات كتبها صحفيون قتلوا في أثناء أداء عملهم أو مقالات لتخليد ذكراهم.
وأشارت إلى أن المنظمة أعدت مجموعة أدوات لهذا الغرض لكي تستخدمها وسائل الإعلام التي ترغب في المشاركة في الحملة.. وقالت "تقع علينا مسئولية الحرص على عدم إفلات مرتكبي الجرائم ضد الصحفيين من العقاب، وتهيئة ظروف عمل آمنة للصحفيين ومواتية لتنمية الصحافة الحرة التي تتسم بالتعددية، ولن يسعنا بناء مجتمعات منصفة ومسالمة تصبو حقًا إلى المستقبل إلا بتحقيق هذه الشروط الضرورية".
في سياق متصل، يشير تقرير اليونسكو عن "الاتجاهات العالمية على صعيد حرية التعبير وتطوير وسائل الإعلام" لعامي 2017 – 2018، إلي ازدياد في الاعتداءات والمضايقات التي تتعرض لها الصحفيات، ولا سيما عبر الإنترنت. وقد بات التصدي لهذه الأخطار المحددة التي تتعرض لها الصحفيات، وسائر العاملين في هذا المجال أمرًا ملحًا. وخلال العقد الماضي، لم تجر إدانة مرتكبي الاعتداءات ضد العاملين في وسائل الإعلام سوى في إطار قضية واحدة من أصل عشر قضايا، الأمر الذي يثير القلق. 
ويؤكد التقرير أن الإفلات من العقاب يشجع مرتكبي الجرائم وتكون له، في الوقت عينه، آثار رهيبة على المجتمع ككل، بما في ذلك الصحفيين أنفسهم. وتشير الحقائق والأرقام الصادرة عن اليونسكو إلي أنه في خلال الـ 12 الأخيرة ( 2006- 2017) قتل ما يقرب من 1010 صحفيين، وأن 9 من أصل 10 حالات قتل صحفيين لا تزال غير محلولة. وأن 93% من حالات قتل الصحفيين هي لصحفيين محليين، و7% فقط من المراسلين الأجانب. وأن 93% من الصحفيين الذين قتلوا هم من الرجال، بينما 7% منهم من النساء. 
وتوضح الإحصائيات أن نسبة حالات قتل الصحفيين حسب المناطق، جاءت علي النحو التالي: 33.5% في المنطقة العربية ؛ 26 % في آسيا ومنطقة المحيط الهادىء؛ 22.9% من أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي؛ 11.6% من أفريقيا ؛ 4% من أوروبا الوسطى والشرقية؛ 2.5% من أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية.
وكشف تقرير منظمة مراسلون بلا حدود، عن أنه بحلول الأول من أكتوبر 2018، كان ما لا يقل عن 56 صحفيًا قد لقوا حتفهم في مختلف أنحاء العالم بسبب نشاطهم الإعلامي، ناهيك عن أكثر من اثنتي عشرة حالة أخرى لا تزال قيد التحقيق من قبل منظمة مراسلون بلا حدود، هو ما يعكس سجلًا مأساويًا يتجاوز الحصيلة الإجمالية لعام 2017، الذي شهد مقتل ما مجموعه 55 صحفيًا محترفًا. كما يلاحظ أن أكثر من نصف قتلى 2018 سقطوا في مناط الحرب حتى الآن. بينما شهدت سنة 2017 أقل عدد من القتلى في أوساط الإعلاميين منذ 14 عامًا، ولكن تبدو الحصيلة مختلفة تمامًا هذا العام. 
ويقول "كريستوف ديلوار" الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود، في هذا الصدد بتقرير المنظمة، "بينما نحن على وشك كشف النقاب عن نصب الصحفيين القتلى خلال عام 2018 في مايو، من المهم الإشادة بكل أولئك الرجال والنساء الذين لقوا حتفهم أثناء إجراء تحقيقات أو تغطية أحداث في مناطق الحرب". 
وأضاف ديلوار، أن هذا العدد المروع للقتلى يذكرنا بالحاجة الملحة لتعزيز حماية الصحفيين، مؤكدًا في الوقت ذاته دعوة منظمة مراسلون بلا حدود إلى تعيين ممثل خاص للأمين العام للأمم المتحدة، حيث تحظى مبادرتنا هذه بدعم متزايد من الدول إلى جانب 130 جهة فاعلة من وسائل إعلام ومنظمات ونقابات في مختلف أنحاء العالم.
ميدانيا، شهدت أفغانستان أكبر عدد من الصحفيين القتلى خلال العام الجاري، حيث لقي 13 صحفيًا مصرعهم في البلاد حتى الآن. ففي يوم 30 أبريل 2018 وحده، قتل ما لا يقل عن 10 فاعلين إعلاميين: 9 من بينهم مصور وكالة فرانس برس على إثر عملية تفجير مزدوجة في كابول، في ما اعتبر الهجوم الأكثر دموية من بين الهجمات التي استهدفت الصحافة في أفغانستان منذ سقوط طالبان عام 2001؛ وبعدها بساعات قليلة، تم اغتيال "أحمد شاه" الذي كان يعمل في هيئة الإذاعة البريطانية، حيث أطلق عليه النار مجهولون في مدينة خوست (شرقي البلاد). 
ومنذ بداية العام، قتل ما مجموعه 29 صحفيًا (52%) في مناطق الحرب أو النزاعات المسلحة. فبالإضافة إلى أفغانستان، سجلت حصيلة مهولة في اليمن بما مجموعه 5 قتلى، علمًا أن الصحفيين عندما لا يلقون حتفهم تحت وابل القنابل والقذائف في هذا البلد الذي يقبع في المرتبة 167 (من أصل 180 دولة) على التصنيف العالمي لحرية الصحافة، فإنهم يرزحون داخل السجون، حيث يتعرضون لشتى أنواع سوء المعاملة. وهي الحالة التي تنطبق على الصحفي اليمني "أنور الراكان" الذي ظل رهينة لدى الحوثيين لمدة عام تقريبًا، حيث تم إطلاق سراحه وهو على وشك الموت، ليلفظ أنفاسه الأخيرة يوم 2 يونيو.. ووفقًا لشهادة أسرة أنور الراكان، فإن هذا الأخير كان في وضع صحي متدهور بسبب ما تكبده من جوع وتعذيب ومرض أثناء الاحتجاز، وهو ما تأكد من خلال صور نشرت على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث ظهر جسد الصحفي هزيلًا وشاحبًا. هذا ولا يزال الحوثيون يحتجزون ما لا يقل عن 10 صحفيين، حيث يبقى مصيرهم جميعًا مجهولًا بشكل تام، علمًا أن الحصيلة مرشحة للارتفاع. 
وعلي مستوي الدول الأفريقية، فقد شهدت القارة مقتل صحفيين اثنين في الصومال. بينما في جمهورية إفريقيا الوسطى، لا يزال الغموض قائما حول قضية اغتيال 3 صحفيين روس في 31 يوليو، حيث طرحت العديد من علامات الاستفهام حول مقتلهم على أيدي مسلحين مجهولي الهوية، علمًا بأن الصحفيين الثلاثة كانوا يحققون في وجود مرتزقة تابعين لشركة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة والمعروفة أيضًا بأنشطتها في سوريا.. أما مرافقهم، فقد اختفى في ظروف غامضة ولم يتم التعرف على هويته الحقيقية حتى الآن.. وإذا كانت سلطات جمهورية إفريقيا الوسطى ونظيرتها الروسية قد فتحت تحقيقًا في الحادث، فإنها لم تقدم بعد أية معلومات تشير إلى هوية مرتكبي هذه الجريمة.. وقد قتل صحفيان محترفان في كل من باكستان وفلسطين وسوريا منذ بداية العام الجاري.. صحيح أن عدد المراسلين القتلى في سوريا قد انخفض مقارنة بالعام الماضي، الذي سجل سقوط 9 صحفيين محترفين ضمن ضحايا النزاع، لكن هذا التراجع يجب ألا يحجب عن الأنظار المخاطر المتزايدة التي يتعرض لها الصحفيون- المواطنون السوريون أثناء محاولتهم لتوثيق الأحداث في سياق النزاع، حيث قتل منهم 6 بالإضافة إلى معاون إعلامي منذ يناير 2018.
وفي الضفة الأخرى من العالم، يعتبر المكسيك الذي يحتل المرتبة 147 من تصنيف مراسلون بلا حدود البلد، الأخطر على الصحفيين في القارة الأمريكية.. ففي 2018 قتل 5 صحفيين بشكل فظيع وتم تهديد 14 آخرين بالموت منذ بداية هذه السنة.. "البارتو اسكورسيا" أحد هؤلاء الصحفيين، ولقد تلقى عدة تهديدات على خلفية تحقيق أعده حول الجيش الالكتروني الذي يستهدف الصحفيين في المكسيك.. وقد ساعدته مراسلون بلا حدود على ضمان سلامته خارج حدود بلاده. ومثّل الأمر مساعدة مباشرة تقوم بها المنظمة في بلدان أمريكا اللاتينية لدعم الصحافيين وأحيانا عائلاتهم للهروب من التهديد. 
إن الإفلات من العقاب يغذي حلقة مفرغة، إذ يتشجع مرتكبو الجرائم ضد الصحفيين عندما يرون الآخرين يفلتون من العقاب.. وبقاء الاعتداءات المرتكبة ضد الصحفيين من دون عقاب إنما يوجه رسالة سلبية للغاية مفادها أن نقل "الحقيقة المربكة" أو "الآراء غير المرغوب فيها" من شأنه أن يضع الأشخاص العاديين في ورطة.. وإضافة إلى ذلك، يفقد المجتمع الثقة بنظامه القضائي الذي يتعين أن يحمي الجميع من الاعتداءات التي تطال حقوقهم. ومرتكبو الجرائم ضد الصحفيين يتشجعون بالتالي عندما يدركون أنهم قادرون على مهاجمة أهدافهم من دون أن يضطروا إلى المثول أمام العدالة أبدا.. ودعا التقرير إلي أنه لا يمكن فصل مكافحة الإفلات من العقاب عن الدفاع عن الحريات الأساسية مثل حرية التعبير وحرية الصحافة والوصول إلى المعلومات. 
وإذ تعد هذه الحريات لبنات بناء المجتمعات المستنيرة ومجتمعات المعرفة الحقيقية فإن مكافحة كل ما يعيق ممارستها يندرج مباشرة في إطار أنشطة المنظمة الشاملة لتحقيق التنمية المستدامة.