الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

العلاقات المصرية السودانية "شعب واحد ومصير مشترك".. الزيارة السادسة للسيسي إلى الخرطوم تحدد ملامح التعاون بين البلدين.. مشروعات كبرى لإحياء التبادل الاقتصادي.. والربط الكهربائي بداية التكامل

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ركزت الزيارة السادسة والأخيرة للرئيس عبدالفتاح السيسى للخرطوم، على مجموعة من المحاور، والتي أدت إلى مزيد من الارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية والمسار التاريخى لها، خاصة أن السودان هى بوابة أفريقيا لعودة مصر لعمقها الأفريقي، وعلى هامش هذه الزيارة عُقد الاجتماع الثانى للجنة العليا المشتركة (ESHC) بين البلدين، على غرار الأول أكتوبر العام الماضي، فتطور الاجتماع من بين رؤساء الوزراء إلى القادة. فعكست هذه الزيارة آمال وطموحات الشعوب فى شمال وجنوب وادى النيل.

هذه الزيارة أثارت أيضا عددًا من الاستفهامات حول طبيعة علاقة البلدين، أبرزها: هل ترتقي العلاقات بين البلدين إلى تعدد الزيارات فقط أم تصل إلى الشراكة الاستراتيجية؟ وما المعوقات الحقيقية أمام التكامل الاقتصادى بين البلدين؟ ولماذا يبقى حجم التبادل التجارى بين البلدين إلى مستويات ضعيفة؟ وكيف يمكن تعظيم الرؤى فى كيفية الاستفادة من الثروات المائية؟

نتائج قمة الخرطوم
تم توقيع حزمة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والمشروعات الاستراتيجية فى المجالات كافة، سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو إعلامية بين مصر والسودان، اعتمدتها اللجنة الوزارية المشتركة، فتم التصديق على ١٢ اتفاقية وبروتوكولا، وهى على النحو التالي:
١- إلغاء الحظر على المنتجات المصرية فى الخرطوم، وذلك لأن الاقتصاد هو العامل الحاضر، فضلًا عن الاجتماعات مع المجالس التصديرية لزيادة الصادرات ليس فقط للسوق السودانية، وإنما لأسواق الكوميسا من خلال المنافذ والمعابر البرية؛ حيث بلغ حجم التبادل التجارى فى العام الحالى بين البلدين ٣٦٤ مليون دولار، منها ٢٢٢ مليونًا صادرات مصرية.
٢- دمج خطوط السكك الحديدية والربط الكهربائى بين البلدين.
٣- الاتفاق على الاستثمار فى مجال الزراعة من خلال إقامة مزارع نموذجية، وإيجاد أنواع جديدة من البذور، وتفعيل دور مراكز البحوث الزراعية، والصناعات الغذائية المرتبطة بالمنتجات الزراعية، ورفع القدرات بين البلدين. ومن المقرر بنهاية عام ٢٠٢٠ إنشاء ٢٢ مزرعة فى السودان لتحقيق الاكتفاء الذاتى زراعيًا.
٤- عمل شراكات صناعية فى مجال صناعة الدواء، من خلال معرض المنتجات الطبية، والاستفادة من الخبرة المصرية فى مكافحة فيروس «سى»، وتوحيد معايير الأدوية، وزيادة المنح العلاجية والبرامج التدريبية والسياحة العلاجية.
٥- توقيع مذكرة تفاهم فى مجال الهجرة وإشراك المغتربين فى مجالات التنمية،
٦- إقامة مناطق لوجستية مشتركة.
٧- هيئة وادى النيل للملاحة النهرية.
٨- إقامة المنطقة الصناعية المصرية فى السودان.
٩- مشروع اللحوم الاستراتيجية: بالتنسيق بين القطاع الخاص من البلدين لتوفير الاكتفاء الذاتى وتدعيم الأمن الغذائى فى مصر والسودان، كما كشفت هذه المشروعات عن أن هناك رابطًا مشتركًا بين البلدين، فالربط الكهربائى بين مصر والسودان، من المتوقع فى نهاية ديسمبر من العام الحالى، أن تحصل مصر على ٣٠٠ ميجاوات من إنتاج الكهرباء فى سد «مِروى»، وهو ما يعادل ربع إنتاج السد من طاقته الإنتاجية. فيما يسمى بالإصلاحات الاقتصادية الجديدة.

ولتنفيذ هذه الاتفاقيات، لا بد من توافر الإرادة السياسية لدى القيادات السياسية، والتحرك بتنسيق كامل وترك الملفات الشائكة جانبًا، والاعتراف بدور السودان المهم فى تقريب الفرقاء فى جنوب السودان، وإزالة الشوائب بين إريتريا وإثيوبيا، ودورها فى تحقيق الأمن فى تشاد. ونلاحظ من أهم نتائج الزيارة الأخيرة هى الدخول فى مرحلة تشغيلية فى تحديد المشاريع ذات الأولوية فى البلدين والنظر فى كيفية تنفيذها.
التحديات
تواجه مصر والسودان، تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية مشتركة، والتى أدت إلى هذا التقارب، وهى على النحو التالي:
■ تهديدات أمنية مشتركة.. فى الغرب: الأوضاع فى ليبيا ومنطقة الساحل الأفريقي. فى الشرق: الأوضاع فى الصومال والقرن الأفريقى والبحر الأحمر، ولخطورة البعد الأمنى هناك لجان وزارية ورئاسية بين البلدين لمواجهة هذه التهديدات، بالإضافة إلى التنسيق مع الدول العربية لتأمين البحر الأحمر وتحقيق الأمن الإقليمي، وذلك لأن ما يجرى فى ليبيا وجنوب السودان يؤثر فى كل من مصر والسودان.
■ المتغيرات الإقليمية، الوضع بين إثيوبيا وإريتريا وتأثيره فى استقرار الصومال والقرن الأفريقي.
■ المتغيرات العالمية، فى ظل انهيار القطبية الثنائية وتحول البيئة الدولية إلى عالم لا قطبى، وظهور موجة التكتلات الإقليمية، وصعوبة العودة إلى مبدأ عدم الانحياز، وانهيار السيادة القطرية لبعض الدول، فكان لازمًا التقارب بين مصر والسودان لتحقيق الأمن القومى والحفاظ على وحدة وادى النيل.
■ الظاهرة الإرهابية فى أفريقيا (تشاد، ليبيا، الصومال)، من خلال التعاون فى إنشاء أكاديمية شرطية لمحاربة هذه الجماعات الإرهابية والتوعية بالأزمات.
■ أزمات الحدود.
■ التحديات والتفاعلات الداخلية.
■ الأمن المائي.
■ التغير المناخي.
آليات لتحقيق التكامل
■ خلق أجواء إيجابية لاتفاقيات الحريات الأربع: «التملك، التنقل، الإقامة، العمل».
■ تعزيز العلاقات الشعبية والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
■ دراسة أوجه القصور فى برامج التكامل السابقة (السادات والنميري، مبارك والبشير).
■ الاستفادة من فترة التسعينيات وبداية الألفية الثالثة من المشكلات والمؤثرات من خلال ضبط الخطاب الإعلامى (ميثاق شرف إعلامى، والتركيز على إعلام المواطن).
■ إعادة صياغة أمن البحر الأحمر وجنوب السودان والتغيرات فى المنطقة لتحقيق الاستقرار.
■ تفعيل مقومات المجتمع المصرى والسوداني.
■ إقامة علاقات مباشرة مشتركة بين برلمانى البلدين (إعادة إحياء برلمان وادى النيل من خلال تشريعات جديدة).
■ ربط أجندة التنمية فى مصر ٢٠٣٠ بأجندة التنمية فى أفريقيا ٢٠٦٣.
■ تعميق العلاقات بين الجامعات - السودانية والهُوية الأفريقية من خلال المناهج التعليمية والتبادل الثقافى.
■ تفعيل التواصل بين الشباب فى البلدين سواء كان فى مراكز الأبحاث أو الجامعات.
■ تعزيز الشراكة الاستراتيجية فى التكامل الزراعى من خلال معالجة مشكلات الأمن الغذائى والمياه.
■ تفعيل الربط والملاحة النهرية على غرار الربط للسكك الحديدية.
■ محاربة الإرهاب من خلال التنمية وتوفير فرص عمل.
■ تشكيل لجنة رباعية للتغلب على أزمة الإعلام المضلل فى العلاقات بين مصر والسودان وحسب المؤشرات؛ فإنه من المفترض أن تشهد الفترة المُقبلة مزيدًا من التعاون وفقًا للوثيقة الاستراتيجية المشتركة بين البلدين منذ عام ٢٠١٦، فالعلاقات بين مصر والسودان ترتقى إلى الشراكة الاستراتيجية.