الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

البطاطس «مهروسة» بين جشع التجار وشكاوى الفلاحين.. مزارعون: الجمعية الزراعية تحولت لتجارة الأجهزة الكهربائية.. والحكومة تركتنا لتقاوي السوق السوداء.. أبو صدام: تخزين التجار للمحصول هو السبب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أثارت أزمة ارتفاع أسعار البطاطس الفترة الماضية، العديد من الأسئلة حول الاحتكار وممارسات التجار التى تضر بمعيشة المواطن وبالاقتصاد الوطني، وأدت الأزمة إلى تحرك المسئولين لمحاولة معالجة أسبابها، حيث قرر وزير الزراعة إمهال أصحاب الثلاجات حتى أول ديسمبر لضخ محصول البطاطس المخزن لديهم.
وأرجع النائب مجدى ملك، عضو لجنة زراعة البرلمان، ارتفاع أسعار البطاطس فى الفترة الأخيرة ونقصها فى السوق، إلى العروة التى تنتج فى شهر ديسمبر ويناير من كل عام، وهى التى يتم تخزينها لاستهلاك المواطنين، والعروة التى تنتج فى شهر أبريل ومايو هى عروة للتقاوي. 
وأضاف أن سعر البطاطس فى العام الماضى كان متدنيا للغاية، حيث بلغ سعر الطن ١٥٠٠ جنيه بالمزارع، فكان هناك إقبال من الأسواق على البطاطس الموجودة للاستهلاك، ودائما ما تحدث مشكلة بصفة دورية كل عام فى شهرى ٩ و١٠ من كل عام. 
وتابع: نظرا لأن إنتاج العام الماضى تم استهلاكه بشكل سريع، فالكمية المعروضة الآن قليلة، ولكن بدخول الموسم الحالى فى منتصف شهر ١١ سيبدأ منحنى الأسعار فى الانخفاض، وهناك بعض التجار ممن لديهم خبرة فى السوق المصرية، يعلمون تماما خلو السوق من الكميات الكبيرة المعروضة فى شهر ٩ و١٠، فيقومون بتخزين بعض الكميات من أجل بيعها بأسعار عالية، ولكن التحرك الأخير لوزارة الداخلية والمنافذ التى طرحت كميات من البطاطس سرعان ما أعادت الأسواق لسعر الكيلو ٦ جنيهات. 
وقال «ملك» إن أزمة البطاطس طبيعية كل عام بين العروات، ولكنها تتوقف على الكميات المخزنة، إذا كانت كبيرة أم قليلة، فإذا كانت كبيرة يكون السعر منخفضا، إذا كانت قليلة يكون السعر عال، وهناك طلبات إحاطة تم تقديمها بسبب الأزمة، ولكن الأمر لا يتعلق بهذا الموسم فقط، ولكن يتعلق بتكرار الأزمة كل عام، والدليل على ذلك أنه عند اتفاق وزارة الداخلية مع كبار التجار بالأسواق المختلفة، تم طرح الكميات التى لديهم بدون تخزين وانخفض السعر. 
وأكد «ملك» أن الارتفاع المبالغ فيه بأسعار الخضر والفاكهة، نتيجة لغياب الرقابة الحقيقية عن الأسواق، والحل يكمن فى أن تستعيد الدولة المصرية التنسيق بين المؤسسات، وخاصة وزارة التموين والزراعة، لإنشاء سلسلة من المنافذ لبيع المنتجات والسلع، وذلك حل أمثل للقضاء على الاحتكار وجشع التجار، وسيكون فى صالح المواطن المصري، مضيفا أنه تقدم بهذا الاقتراح، وهو فى صدد المناقشة. 
وقال حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، إن سبب أزمة البطاطس التى مرت بها مصر، يعود لـ«فاصل العروات»، ولا يوجد محصول لدى الفلاحين فى الوقت الحالي، وكان من المفترض منع التخزين حتى ٢٠-١١، ولكن ما حدث أن التجار قاموا بتخزين كميات البطاطس الموجودة كلها، فنتج عن ذلك تعطيش للسوق، وطرحوا كميات قليلة حتى يتم رفع الأسعار كما يريدون بغرض مضاعفة الأرباح، ومن الآن وحتى ١٥ نوفمبر سوف تجمع العروة النيلية وسيكون هناك انخفاض بعض الشىء فى الأسعار، وفى الفترة الراهنة قامت وزارة الداخلية بالتعاون مع وزارة التموين والزراعة والجهات الرقابية بالضغط على أصحاب الثلاجات لطرح البطاطس المخزنة والتى أدت إلى انخفاض الأسعار. 
وأضاف أنه يوجد فى مصر ٥٠ ألف فدان مزروعة بطاطس للعروة النيلية بالمنيا والبحيرة والمنوفية وستنتج بعد ١٥ يوما ما يقرب من ٥٠٠ ألف طن بمتوسط ١٠ أطنان للفدان، وذلك سيؤدى إلى «ترييح» السوق مما هو عليه. 
وتمنى «أبو صدام» أن تكون هناك خطة مستقبلية كى لا تحدث نفس الأزمة بشهر ١٠ المقبل، وذلك لأنها تحدث كل عام للبطاطس والطماطم فى نفس التوقيت، وذلك لأن الزراعة تكون قابلة للتغيرات المناخية، وهى تحتاج إلى أرصاد ملائمة كى لا تتأثر بدرجات الحرارة المرتفعة. 
التغييرات المناخية 
وتابع «أبو صدام»: بالفعل تعرضنا لأزمات عديدة هذا العام، منها غش التقاوي، والذى أدى إلى ضعف الإنتاج علاوة على التغييرات المناخية لعدم وجود إرشاد زراعى بأيام الزراعة، وذلك لأن أيام الزراعة متغيرة ومن المفترض أن يكون الفلاح على دراية بتغيير المناخ، ولكنه يزرع فى نفس الشهر من العام دون العلم بالتغيرات، وذلك يضعف من إنتاجية المحصول. 
وأردف: خسائر الفلاحين العام الماضى في محصولى البطاطس والطماطم كثيرة جدا، وأدت إلى قلة الزراعات للمساحة المنزرعة مع ازدياد أسعار المستلزمات لفدان الطماطم إلى ٣٥ ألف جنيه، بينما يتكلف فدان البطاطس بين ٤٠ و٥٠ ألف جنيه لآخر العام، وإنتاجية الطماطم فى المتوسط ٢٠ إلى ٣٠ طنا، والبطاطس تنتج حوالى ١٣ طنا، فتكلفة الزراعة أصبحت ترهق الفلاح ويخسر فى زراعته، ولا بد أن تخلق الدولة توازنا كى لا يخسر الفلاح ولا يزداد السعر على المواطن. 
وأكمل «أبو صدام»، الفرق بين العروات يكون حسب المناخ، فالعروة الصيفية فى الصيف والنيلية فى الوقت الحالي، أى بعد الأولى، والشتوية فى الشتاء وهكذا، والمحصول يأخذ ٣ شهور فى الأرض. 
وأكد وجود مافيا للبطاطس فى مصر، ومافيا للتقاوى وخاصة الهجين فى الطماطم والبطاطس، وهم من يتحكمون فى استيراد التقاوى وبيعها، من المفتروض أن تنتج الدولة التقاوي، فى الوقت الحالى مصر دولة غير منتجة للبذور، لأن مصر تستورد ٨٥٪ من البذور العادية وتستورد ١٠٠٪ من التقاوى الهجين والحديث، فلابد أن يعمل مركز البحوث وينتج تقاوى على الأقل تكفى مصر ذاتيا، لأنه موضوع شائك وخطير. 
واشتكى «أبو صدام» من غش التقاوى فى الفترة الأخيرة، نظرا للإقبال الشديد عليها، وذلك يتم تحديده من قبل الجهات المعنية، وحسب التقارير التى أصدرتها الحكومة، فإن التقاوى المقبلة من الخارج مغشوشة، بمعنى أنها غير مطابقة للمواصفات، وفى وقت الزراعة لابد أن تزرع التقاوى مطابقة لدرجات الحرارة ولها عاكس حراري، مضيفا أنه تم الاستيراد من عدة دول، ومن هنا حدث الغش بالتقاوى من قبل دولة صنفها غير مطابق ولا يصلح للزراعة فى هذا التوقيت من العام لأن به فيروس. 
وأشار إلى وجود فيروسات بالبطاطس فى مصر عن طريق الجو، وتصيب النبات، كما يوجد فيروس خطير يأتى من الخارج، ولكن مضاداته توجد بالحجر الزراعي، كى لا تأتى لمصر، ولا يقبل المصدرون أخذ البطاطس التى يوجد بها عفن بني، بالرغم من أن الخطأ ليس من عند الفلاح، مؤكدا أن الفدان كان ينتج ١٣ طنا للفدان، والآن لا ينتج سوى ٧ أطنان. 
واقترح توفير تقاوى مصرية جاهزة للحد من الأزمة، وسن قوانين تمنع احتكار البطاطس وتقضى على مافيا الاستيراد والتصدير، ومراجعة وزارة الزراعة لبعض الموظفين الذين يعتبرون أذرع للشركات داخل الوزارة، ومقاومة الأفات، ووضع خطة واضحة لحصر الإنتاج وكمية المحصول، والزراعة داخل الصوب أثناء التقلب المناخي. 
التقاوى غير صالحة والمبيدات مسرطنة 
من ناحيته، قال محمد حسن، فلاح من قرية ميت عفيف بمحافظة المنوفية، والتى تعتبر بلد البطاطس بالمحافظة، إن الحكومة لا تتدخل فى صرف التقاوى للفلاحين، ولكن تترك الفلاحين للتجار، وأن معظم التقاوى غير صالحة، وأغلبها يتم بشرائها من سوق التوفيقية بمحافظة البحيرة، كما لا يوجد رقابة عليها. 
وأضاف: أول العام كان الإنتاج ضعيفا، وذلك لأن البطاطس بها فيروس، بخلاف العام قبل الماضي، فقد كان متوسط الإنتاج للفدان ١٧ طنا و١٨ طنا، وهذا العام كان الإنتاج ما بين ٨ إلى ١٠ أطنان للفدان. 
واشتكى من أنه لا يوجد شخص يجلب للفلاحين المبيدات، والمخرج الوحيد لهم هو تجار السوق السوداء، ولكنهم لا يعلمون ما إذا كان المبيد صالحا أو غير صالح، ولا توجد تسعيرة، حيث يتم بيع اللتر بـ١٠٠ جنيه وآخر يبيعه بـ٣٠٠ جنيه. 
ولفت إلى أن الحكومة ملزمة بجلب المبيدات للفلاح عن طريق الجمعية الزراعية، التى هى الآن مصدر لتجارة الأجهزة الكهربائية ولا تخدم الفلاح، والكيماوى قليل جدا وبنفس السعر الخارجي، ولا توجد تقاوى أو مبيدات بالجمعية مثل السابق، ولا توجد رقابة من الزراعة ولا إرشاد زراعي. وقال إنه عندما تأتى الشركة لأخذ المحصول من الفلاح وتجده مصابا بالعفن البني لا تأخذه، وتعتبره غير صالح، ولا توجد شركة تقف بجوار الفلاح، بل يحملون الفلاح أى خطأ، ولكن ذلك مسئولية الحكومة، لأنه لا يوجد إرشاد زراعى والفلاحون يزرعون بالاجتهاد الذاتي. وأكد أن مشاكل الفلاحين تكمن فى التقاوى غير المضمونة والمبيدات غير المسعرة وغير الصالحة والتى لا يوجد عليها رقابة، ولها تأثير مسرطن، لأن الحجر الصحى يقوم بإدخالها، وعلى الدولة أن تشكل لجنة رقابية بالموانئ. ويقول عبد الرؤوف جلال، عامل زراعي، إن نسبة التالف فى العروة الماضية كان كبيرا جدا، ويرجع السبب إلى التقاوى المستوردة، وذلك لأن نسبة الهابط بها كثيرة، والتى ظهرت بعد تقليعها من الأراضي، وجميع الفلاحين كان لديهم نفس المشاكل. 
وأضاف أنه قبل التخزين تكون البطاطس بسعر، وبعد التخزين تكون بسعر آخر، وهذا السعر يحدده محتكرو البطاطس فى مصر، ويتم تقليع البطاطس فى أواخر شهر ١٠، ليتم تخزينها فى الثلاجات ٤ أشهر لزراعتها فى العام المقبل، ويتم بيعها على أنها عروة جديدة، وإذا كان بها فيروس يكمن بها للعام المقبل دون معالجتها. 
وتعرف البطاطس المفيرسة بالعفن البني، والتى يبيعها التاجر للفلاح على أنها بطاطس جديدة، ولا توجد جهة تأخذ عينات لتحليلها ومعرفة ما إذا كان مسرطنة أم لا، ولكن تظهر إذا قام الفلاح بتخريطها لزرعها وهناك من يزرعها حبة كاملة. 
وأكد أن العفن البني يؤثر على المحصول والإنتاج والإنسان الذى يأكلها، وقد تجلب له الفشل الكلوي، مضيفا أن الجمعيات الزراعية لا يوجد بها مبيدات أو مرشدون، ونوه إلى أن بعض المواطنين يفتحون محالا بها مبيدات وهم غير متخصصين وغير مصرح لهم بذلك.