الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

المجلس الملي الكنسي.. بين ولاية منتهية ومساندة دائمة لـ«بابا الأقباط»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
علاقة معقدة بين رجال الدين والعلمانيين
البابا كيرلس الخامس أعتبره يهدد الكرسي البابوي نتيجة الخلاف مع بطرس غالى باشا، منتهية ولايته منذ عهد البابا شنودة الثالث فى 2011.. حيث لم تجر الانتخابات بعدها أعلن مساندته لـ«البابا تواضروس» ورفضه هجوم بعض النشطاء.. وتراه الكنيسة أحد جناحيها المستشار القانونى لـ«الكنيسة»: المجمع المقدس المقبل سينظر اللائحة الهيكلية لعرضها على الدولة.
تبدو العلاقة بين رجال الأكليروس والعلمانيين معقدة، وتصبح «متوترة» فى كثير من الأحيان، خاصة عندما يقترب العلمانيون من المهام الكنسية، التى يعتبرها البعض حكرًا على الأكليروس، وتنعكس تلك العلاقة على المجلس الملى العام، فمنذ تأسيسه وترأس أمانته بطرس باشا غالي، اعتبره البابا كيرلس الخامس يهدد «الكرسى المرقسي». 
وقد ظهرت تلك الصراعات فى توقيف «المجلس» أكثر من مرة، واحتداد الصراع أكثر من مرة، مما حدا بتدخل بالدولة لحسم الصراع، مؤخرا ظهر المجلس الملي، المنتهية صلاحيته، فى ثوب جديد، وهو مساندة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، فى مساندته ودعمه لرأس الكنيسة.
على صعيد آخر، يؤمن البابا بـ«المجلس» ودوره، وأعلن أكثر من مرة نيته إعادة تسمية المجلس وتوسيع مهامه، إلا أن الوضع حتى اليوم كما هو عليه، فمنذ انتهاء عمل المجلس فى 2011، وهو غير مفعل ولا موجود، ولكنه يظهر بين الحين والآخر ليحرك المياه الراكدة أحيانا، وظهر ذلك واضحا، عندما شن عدد من النشطاء، حربا ضد البابا تواضروس، وخرج المجلس ببيان رسمي، يؤكد فيه مساندته للبابا ولكل تحركاته.
ووفق الرؤية الكنسية، فإن المجمع المقدس والمجلس الملي، هما جناحا الكنيسة، إلا أن أحد أجنحتها مصاب ومعطل منذ عام 2011، وينتظر إعادة النظر إليه وانتخاب أعضائه لتكون الكنيسة بكامل طاقتها وقوتها.
من جانبه قال منصف سليمان، المستشار القانونى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أن اللائحة الهيكلية الجديدة للمجلس الملي، ترتكز على مزيد من الديمقراطية داخل المجتمع الكنسي، وفق تعليمات البابا تواضروس، بإعداد دراسة لهيكلة عمل المجلس وتشكيله، أساسها التوسع فى صلاحياته بشكل موضوعى وتوسيع قاعدته، يدعم الكنيسة من الناحية المالية والإدارية والقانونية.
وأشار منصف لـ«البوابة» إلى أن اللائحة نصت على أن يكون هناك مجلس ملي، فى كل إيبارشية، وعلى اتصال بالمجلس الملى العام، ومقره بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، مع التوسع فى اختصاصاته الإدارية والقانونية، على أن يأتى أعضاؤه بالانتخاب ليعبروا عن رؤية ومطلب الأقباط.
وأنه من المقرر أن تتم مناقشة اللائحة الهيكلية، فى سيمنار المجمع المقدس للكنيسة، المقرر أن ينعقد فى نوفمبر المقبل، تمهيدًا لعرضه على الدولة.
تاريخ من الصراع مع الكنيسة 
كانت بداية المجلس الملى وتأسيسه عام ١٨٧٢، وانتخب أعضاءه فى ١٦ يناير ١٨٧٤، واختير بطرس غالى باشا وكيلا للمجلس، حيث كانت الرئاسة للبطريرك، وأصدر الخديوى أمره باعتماد تشكيله، وبدأ المجلس يباشر مهامه فى فبراير ١٨٧٤، وهو الذى اختار كيرلس الخامس بطريركا، خلفا لديمتروس فى عام ١٨٧٥. 
وشهد حلقة من الصراع المتواصل ما بين البطريرك وأعضاء المجلس وخاصة وكيل المجلس، فلم يستطع البابا وقتئذ أن يرى أن المجلس مكمل للكنيسة وعملها، ولكنه رأى أنها سلطة تهدد كرسيه ومهامه.
ففى عام 1875 حل البابا كيرلس الخامس المجلس، وسعى بطرس غالى، لدى الدولة فى هذا الشأن، حتى صدر الأمر العالى فى ١٣ مارس ١٨٨٣ بتشكيل المجلس الملى مرة أخرى، وأعيد انتخاب بطرس غالى وكيلا له فى ١٤ مايو ١٨٨٣، ليكون هذا القرار انتصارا للتيار العلماني.
ولكن الأمر اختلف بعد ثورة ١٩١٩، فقد استوعبت الحركة الوطنية جانب التنوير الفكرى والإصلاح الدستوري، وفى أول دوريات البرلمان الائتلافى الوفدى الدستوري، تقدم دكتور سوريـال جرجس، عضو مجلس الشيوخ، بمشروع قانون لتعديل لائحة المجلس الملي، ونص اقتراحه على إلغاء التعديلين اللذين أدخلهما كيرلس الخامس فى ١٩٠٨/ ١٩١٢، والعودة إلى لائحة ١٨٨٣.
وهو الأمر الذى اعترض عليه الأنبا لوكاس، مطران قنا وعضو مجلس الشيوخ، وبعد مناقشة له من ٣٠ مايو ١٩٢٧، وحتى ٢٥، ٢٦ يونيو ١٩٢٧، صدر القانون فى ٢٢ يوليو برقم ١٩ لسنة ١٩٢٧، وبعد أن أدخل عليه تعديل بناء على رغبة البطريرك تخص شروط أصحاب الأوقاف وأجريت الانتخابات للمجلس الملى وفق القانون فى ٣٠ ديسمبر ١٩٢٧، وانتخب النواب الاثنا عشر، إضافة إلى الأعضاء الاثنا عشر، وكان أغلبهم من الوفديين أنصار الإصلاح، إلا أن رجال الدين عطلوا تطبيق القانون.
لينتهى الأمر باجتماع مشترك للمجلس فى ١٩ نوفمبر ١٩٢٨ بناء على قرار أصدره محمد محمود باشا، رئيس الوزراء فى ذلك الوقت، ببقاء الحق للبطريرك فى تعيين رؤساء الأديرة أو أن تؤلف «لجنة أوقاف الأديرة» من البطريرك، أو نائبه رئيسا، وستة أعضاء، أربعة من المجلس الملى واثنين من المطارنة يختارهما البطريرك سنويا، واستقال احتجاجا على ذلك خمسة من أعضاء المجلس الملى المنتخب.
وبالرغم من صدور القرار، إلا أنه لم يتم تنفيذه من قبل رجال الدين، إلى أن حدثت حوادث بدير المحرق، يصفها المستشار جندى عبد الملك بأنها «مخزية»، ويكشف فى مقالة بصحيفة مصر عن «الفوضى التى تفشت فى الدير»، ولم يستطع المجلس الملى السكوت على ذلك، واستحال التفاهم مع البطريرك الجديد «يؤانس»، إلا أنه أصدر قرارا فى ١٥ يونيو ١٩٣٧ يعدل فيه قراره السابق الصادر فى نوفمبر ١٩٢٨، واعتبار المجلس الملى لاغيًا.
واشتد الصراع بين رجال الدين ضد لائحة ١٨٨٣، والقانون ١٩ لسنة ١٩٢٧، متمسكين دائما بالقوانين التى صدرت لصالحهم فى ١٩٠٨، ١٩١١، وترجح الكفة دائما لصالح المجلس الملى فى ظل حكومات الوفد فى ١٩٤٢، ١٩٤٥، ١٩٥٠، ويتشدد رجال الدين فى ظل حكومات الأقليات.
إلا أنه وفى كل الأحوال، فإن لائحة ١٨٨٣، أو القانون ١٩ لسنة ١٩٢٧ لم يطبق ولو لعام كامل منذ ١٨٨٣، وحتى قيام ثورة يوليو ١٩٥٢، ولذلك كانت دورات المجلس الملى المتعاقبة فى عهد البابا المتنيح شنودة الثانى تخلو من أى نزاع، مجرد آلية تنفيذية، وإصدار بيانات وفقط، حتى أن انتخابات المجالس فى عهده كانت تتم بقوائم متفق عليها مع المقر البابوي.
شروط الترشح إلى عضوية المجلس 
تعد لائحة المجلس الملى المعمول بها حتى الآن، قديمة جدًا، وغير مناسبة للظروف الاجتماعية والاقتصادية، وتوسع الكنيسة على مدار قرون، فيرجع هذا إلى أن اللائحة تستند إلى بعض المواد التى يعود تاريخها منذ أن أنشئ أول مجلس ملى عام ١٨٧٤، دون تغيير، ومع أن كل اللائحة قديمة، إلا أنه فى عهد البابا الراحل شنودة الثالث، وعلى خلفية العديد من الخلافات ما بين العلمانيين والإكليروس «رجال الدين» للمرشح لعضوية المجلس.
تم إقرار شرط أن يكون المرشح حائزا على درجة من درجات الشموسية ليصبح عضوا «درجات كنسية»، الأمر الذى قابله العلمانيون بالغضب وقتئذ، فقد رأى العلمانيون أن الكنيسة لا تنوى أن تخرج إدارة المجلس الملى من قبضة يدها، مع تغيير الدرجة الكنسية من أسقف إلى شماس، وهو عكس ما كان منذ تأسيسه.
ويتكون المجلس من أربعة وعشرين عضوا من العلمانيين، يقوم الأقباط بانتخابهم من الرجال والنساء، ويرأسهم بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
مهام المجلس 
تنص اللوائح الكنيسة على أن مهام المجلس تختص بالنظر فى كل المصالح الداخلية للأقباط، ومنها حصر أوقاف الكنائس والأديرة والمدارس وجمع حججها ومستنداتها، وتنظيم حسابات الإيراد والمنصرف وحفظ الأرصدة، وإدارة المدارس والمطبعة ومساعدة الفقراء، حصر الكنائس وقساوستها والأديرة ورهبانها والأمتعة والسجلات الموجودة بهذه الجهات، النظر والفصل فى منازعات الزواج والطلاق وما يتعلق بما يعرف الآن بالأحوال الشخصية للأقباط، الأمر الذى تولى مسئوليته المجمع المقدس وقد أصبح الفض فى قضايا الأحوال الشخصية بيد رجال الإكليروس إلى يومنا هذا.