الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

في ذكرى وفاته.. كيف واجه طه حسين أزمة الشعر الجاهلي؟

طه حسين
طه حسين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أصدر عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين كتابه "في الشعر الجاهلي" في العام 1926، مما أثار حفيظة الناس وخاصة أنصار التيار الكلاسيكي في دراسة الأدب، وقد تسبب الكتاب في موجة عنيفة من الهجوم طالت طه حسين وتسببت في بعض الأحيان في فصله من العمل، وتداخلت مع خط الأزمة أمور تتعلق برجال الدين ورجال السياسية، وواجه حملات ضخمة في التشويه والاتهام بالكفر ومعارضة النص القرآني.
عميد الأدب، والذي تحل ذكرى وفاته اليوم الأحد، كان قد ذكر في كتابه: "لكنني شككت في قيمة الأدب الجاهلى، وألححت في الشك. وانتهيت إلى أن الكثرة المطلقة مما نسميه أدبًا جاهليًا، ليست من الجاهلية في شيء، إنما هي منحولة بعد ظهور الإسلام. فهى إسلامية تمثل حياة المسلمين وميولهم وأهوائهم، أكثر مما تمثل حياة الجاهليين. وما بقي من الأدب الجاهلي الصحيح قليل جدًا، لا يمثل شيئا، ولا يدل على شيء، ولا ينبغى الاعتماد عليه في استخراج الصورة الأدبية الصحيحة لهذا العصر الجاهلى.
فالشعر الذي ينسب إلى امرئ القيس أو إلى الأعشى أو إلى غيرهما من الشعراء الجاهليين لا يمكن من الوجهة اللغوية والفنية أن يكون لهؤلاء الشعراء، ولا أن يكون قد قيل وأذيع قبل أن يظهر القرآن. لذلك لا ينبغي أن يُستشهد بهذا الشعر على تفسير القرآن وتأويل الحديث. وإنما ينبغي أن يُستشهد بالقرآن والحديث على تفسير هذا الشعر وتأويله. فحياة العرب الجاهليين ظاهرة في شعر الفرزدق وجرير وذى الرمة والأخطل والراعي أكثر من ظهورها في هذا الشعر الذي ينسب إلى طرفة وعنترة وبشر بن أبى خازم.
وعلى الرغم من تعرض طه حسين للمسائلة وتقديمه للمحاكمة وفصله من الجامعة ومحاولة نقله لوظيفة بعيدة عن مجال التدريس حتى لا يشوه أفكار الطلبة كما زعم البعض آنذاك، لم يتخوف من كل هذا واستمر في معركته، يخوضها بصبر وعزيمة لا تفتر.
وبعد سنوات طويلة من أزمة كتاب "في الشعر الجاهلي" أجرى الصحفي الكبير محمود عوض مقابلة مع طه حسين نشرها في كتاب "أفكار ضد الرصاص" وكان من بين أسئلة "عوض": هل أدى هذا الإرهاب الفكري الذي تعرضت له إلى التأثير على مواقفك فيما بعد.. التأثير على أسلوب محاضراتك في الجامعة مثلا؟
فأجابه طه حسين: لا لم يحدث بل إنه حدث بعد ذلك أن أحمد لطفي السيد أبلغني باعتباره مديرًا للجامعة أن رئيس الوزراء محمد محمود باشا -رحمه الله- قال له: نحن الآن في بداية السنة الدراسية الجديدة فقل لطه حسين -بتاعك ده- ألا يتعرض في دروسه لسيرة القرآن من قريب أو بعيد"
وقتها قلت للطفي السيد: حاضر.
وفي أول درس التقيت فيه بالطلبة قلت لم: نبدأ هذا العام الدراسي الجديد بتفسير القرآن" وبدأت فعلا أفسر للطلبة الجزء الأول من سورة البقرة. ثم طلبت أحمد لطفي السيد وقلت له: أنا الآن أفسر القرآن للطلبة وتستطيع أن تبلغ هذا لرئيس الوزراء على لساني".