السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

نُقّاد: تنفيذ اقتراح «مستقبل الثقافة في مصر» التقدير الحقيقي لـ«طه حسين»

الدكتور جابر عصفور
الدكتور جابر عصفور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أبدى الناقد الدكتور جابر عصفور، أستاذ النقد الفنى ووزير الثقافة الأسبق، استياءه الشديد من التعامل الحالى مع تراث عميد الأدب العربي، لافتًا إلى أن حقبة السبعينيات من القرن الماضي شهدت فقرة إذاعية شهرية ثابتة لواحدة من ندواته أو عنه «وكانت تضم عددًا كبيرًا ممن تعلموا على يد طه حسين»، حسب قوله.
واستطرد: «كنا نجمع كل العائد المادي من تلك الندوة، وتبرعنا به إلى طه حسين، نظرًا لضيق الرزق والعائد المادى الذى كان يواجهه فى ذلك الوقت».
ويرى الوزير الأسبق أن التقدير الحقيقى لما قدّمه عميد الأدب العربى للحياة الثقافية ومسيرة التعليم فى مصر لا بد أن يأتى عبر تنفيذ ما اقترحه فى كتابه المُهم «مستقبل الثقافة فى مصر».
وأضاف أن طه حسين كان يُنادى بتوحيد أسلوب التعليم فى مصر، وكان يعمل وفق خطة تهدف إلى وضع الجامعة المصرية فى مصاف أرقى الجامعات العالمية «كان يرغب فى أن يجعل جامعاتنا الأولى عالميًا. هذا لم يحدث بسبب سياسات التعليم العقيمة التى إدارت العملية التعليمية فى العقود السابقة».
وأشار عصفور فى حديثه لـ«البوابة نيوز»، إلى أن تمثال طه حسين، الذى قام بنحته الفنان الراحل عبدالهادى الوشاحى، لم يجد اهتمامًا كافيًا و«لم يُحترم»، حسب تعبيره، مُطالبًا بوضعه فى أحد الميادين العامة «باعتبار أن طه حسين علم بارز فى التاريخ الإنسانى وليس مقتصرًا على وطنه مصر فقط»، وتساءل: «لماذا لا توجد جامعة تحمل اسم طه حسين أو ميادين تحمل اسم عميد الأدب العربي، وقيمته الكبيرة التى اعترفت بها جميع الشعوب والدول إلا بلاده؟». 
«يُمثّل طه حسين بالنسبة لى وكثيرين غيرى مشروعًا للمستقبل، حتى وإن لم يتحقق هذا المشروع وظل حلمًا من الأحلام»، بهذه العبارة بدأ الناقد الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربى الحديث، بكلية الآداب جامعة القاهرة، حديثه لـ«البوابة». وصف حمودة عميد الأدب العربى بأنه «كان مستبصرًا لمستقبل مصر، وواعيًا لكيفية الخروج بها من أزماتها. كان يسعى إلى ربطها بمسيرة التحضر الإنساني».
وأكد أن الرجل الذى كان يومًا يحتل مقعده كأستاذ للأدب العربي، وصار فيما بعد عميدًا للكلية ثم وزيرًا للمعارف العمومية فى مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، كان كذلك صاحب مشروع للإصلاح على مستويات متعددة وفى مجالات مختلفة، وعلى رأسها التعليم «طه حسين كان ابن عصره، ولكنه كان أيضًا منتميًا لعصور قادمة».
بدوره أكد الناقد الدكتور محمود الضبع، الأستاذ بجامعة قناة السويس ورئيس دار الكتب والوثائق الأسبق، أن طه حسين أحد الأعلام القلائل الذين خلدهم التاريخ «كان له تأثير كبير فى تشكيل الوعى العربى إجمالًا، سواء بمؤلفاته، أو بقضاياه التى أثارها، والتى لم يزل الكثير منها مطروحًا فى حياتنا المعاصرة، ويمثل إشكالات كبرى لم يتم التوصل فيها إلى حل بعد».
وأضاف الضبع، «أن ما يزيد على المائة عام قد مرت منذ حصول طه حسين على درجة الدكتوراه، والتى كانت أول دكتوراه فى الجامعة المصرية» هذه الدرجة التى تفرد بها، آنذاك، صاحبها الكثير من المعارك الأكاديمية امتدت تأثيراتها إلى خارج حدود المؤسسة الجامعية، واشتبكت مع الوعى العام، والمؤسسات الرسمية للدولة، والتى كان أشهرها المعركة التى أثيرت بسببه فى البرلمان بسبب كتابه الأشهر «فى الشعر الجاهلي».
وقال الضبع: «مضت المعارك ومعها السنون، لكن لم تزل معاركه الأكاديمية مثارًا للجدال، ومواضع خلاف بين المعنيين، بدءًا من حرية الفكر، واستمرارًا مع الإمكانات المتاحة لإعادة النظر فى مرتكزاتنا الثقافية وإمكانية نقدها، ومدى قبول النتائج العلمية فى ذلك»؛ وأشار إلى أن المسيرة التى بدأها طه حسين فتحت بابًا واسعًا لتقوم المؤسسة الجامعية بدور تنويرى فى إعادة بناء المجتمع «غير أن الطريق انحرف عن مساره فى كثير من الأحيان»، حسب قوله؛ لافتًا إلى أن الحياة الأكاديمية ما زالت فى موضع تساؤل حول دورها «فهل يقتصر فقط على مجرد نقل العلم للطلاب؟ أم يتجاوزه إلى القيام بأدوار أخرى لها أثرها فى تطوير وعي المجتمع وأنماطه الثقافية؟». 
وأوضح رئيس الكتب والوثائق الأسبق، تأثير طه حسين فى تكوينه والتأثير على قراءته للواقع العربى ماضيه وحاضره ومستقبله، تراثه وحداثته، بدءًا من الشعر الجاهلى والأدب الجاهلي، الذى اعتمد فيهما منهجية الشك الديكارتى البناءة، والتى تقوم على أسس أربعة، هى اليقين من الحدس أو الشك، والتجرد من الأفكار السابقة فى معالجة أى قضية وهى الحيادية، وتقسيم المشكلات لتصير هناك منهجية للبحث، والتركيب التدريجى للأفكار والمراجعة تلو المراجعة وليس الركون لأول نتيجة علمية نصل إليها مهما بدت مقنعة.
واختتم صاحب كتاب «نقد العقل العربي» حديثه بالقول «لقد أدركت عبر بحثى فى العقلية العربية وثقافتها، أنها عقلية انفعالية عاطفية تعالج الأمور بدافع انتمائها وليس بالتجرد والموضوعية، ولذا كانت منهجية ديكارت التى اعتمدها طه حسين مبكرا بوابة للعبور ومسلكًا استطعت من خلاله النظر إلى واقعنا الراهن ومحاولة الإسهام فى تكوين صورة عنه.