الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

روشتة مصر لإنقاذ المنطقة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كانت مصر -ولا تزال- الدولة الأكثر حرصًا على استقرار المنطقة، حيث فطنت منذ البداية إلى الأخطار التى تهدد أمنها واستقرارها والتى حملتها رياح ما يسمى بالربيع العربي، حذرت القاهرة عشرات المرات من متغيرات كفيلة بتغيير خريطة المنطقة، وتحملت دون غيرها تبعات هذا الربيع فأعلنت حربها على الإرهاب، وأعادت بناء المؤسسات، وأعلنت دعمها لأى جهود ترمى إلى وحدة الصف العربي.
نزاهة الموقف المصرى وخلوه من أى أطماع كان واضحًا منذ البداية، فالجيش المصرى الذى حافظ على تماسكه وحرص على تطوير نفسه لمواكبة المتغيرات كانت مهمته الأساسية حماية الحدود ودحر الإرهاب، ولو سعت مصر إلى تحقيق مصالح وجمع غنائم واقتناص فرص لكان سهلًا عليها فى ظل انهيار مؤسسات دول سعت قوى إقليمية لتجريف مواردها، لذلك انطلقت دعوة مصر لتوحيد الرؤى العربية من أرضية صلبة، ولو أنصت الصف العربى إلى الدعوة ونفذها لتجنبنا منذ البداية هذا الدمار الذى لحق بالمنطقة.
يجدد الرئيس السيسى دعوته لتوحيد الرؤى والأهداف العربية فى كل محفل يحضره دون كلل أو ملل، لذلك لم يكن تأكيده عليها فى لقائه الأخير مع الرئيس السودانى عمر البشير إلا حلقة من سلسلة بدأت منذ توليه مهام منصبه كرئيس لمصر.
روشتة علاج المنطقة والنهوض بها بعد لملمة أشلائها أطلقها السيسى فى القمة العربية السادسة والعشرين التى استضافتها مصر عام ٢٠١٥، حيث دعا إلى إنشاء قوة عربية مشتركة تضمن عدم المساس بالهوية العربية وتحميها من الأخطار التى تسعى للنيل منها، ووقتها حذر السيسى من تدخل أطراف خارجية فى الشأن الداخلى لدول عربية بعد أن استباحت حدودها واستحلت مواردها، ولو لاقت الدعوة المصرية استجابة لتجنبنا هذا الدمار الذى أودى بحياة مئات الآلاف من الأبرياء وخرب البنى التحتية وفكك المؤسسات الوطنية، ولما شاهدنا بعض الدول تفرض هيمنتها على دول جوار مستغلة انهيار مؤسساتها ومستحلة مواردها.
روشتة مصر حملت علاجًا لكل أمراض المنطقة، ولا بديل عنها فى ظل تنامى التدخل الخارجى فى شئون بعض الدول ومحاولات الابتزار التى لا تتوقف، والتى تبدو أحيانًا، وكأنها إتاوة يفرضها البعض بالتهديد تارة وبالبلطجة تارة أخرى، ويكفى أن أطرافًا خارجية تجلس على موائد التفاوض لحل قضايا عربية بحتة دون أدنى تمثيل عربي، حتى إننا بحاجة إلى مترجم لنعرف مصائرنا التى يبحثها غيرنا، ولا هوان ولا إذلال أكثر من أن تحدد قوى خارجية مصائر الشعوب العربية.
خطاب مصر لم يتغير فى أربع قمم عربية عقدت فى القاهرة وموريتانيا والأردن والسعودية، حتى القمة الإسلامية الأمريكية التى عقدت فى الرياض، وحضرها الرئيس الأمريكى كان الخطاب المصرى فيها واضحًا لا لبس فيه، ولا مصلحة من ورائه سوى لملمة الصف العربى فى ظل تحديات كثيرة يواجهها.
أربعة محاور رئيسية يتناولها الخطاب المصرى فى المحافل الدولية والمحلية، وجميعها يحمل علاجًا لأمراض المنطقة، يأتى فى مقدمتها محاربة الإرهاب الذى قطعت مصر فيه الشوط الأكبر نيابة عن العالم، ولو تخلت بعض الدول، وبينها دولة عربية عن دعم وتمويل الإرهاب لما آلت أوضاع المنطقة إلى هذه الحالة من التردي، فكان لزامًا على الجميع توحيد الصفوف والجهود وتطوير الخطاب الدينى والتوقف عن دعم الجماعات الإرهابية لاقتلاع جذورها من المنطقة،
أما المحور الثانى فى الروشتة المصرية فتمثل فى الحل السياسى للأزمات فى سوريا واليمن وليبيا لتجنب النزيف اليومى للأرواح والموارد، وتفرض القضية الفلسطينية نفسها كمحور أساسى فى الروشتة المصرية، فلا خلاص من الإرهاب إلا بحل الدولتين، وبدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية نكون قد وضعنا نهاية لأطول صراع وأبرز قضية لم تغب يومًا عن المحافل الدولية، ولن تتحقق المطالب المصرية إلا بتوحيد الصف العربى وتشكيل قوة دفاع عربية مشتركة، وهذا هو المحور الرابع فى الروشتة المصرية.