الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إليها ذاتُ الهمة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أثار وحرك شجونى على أكثر من صعيد الملتقى الدولى الأول للتراث الثقافى (23-25 أكتوبر) الذى احتضنته كلية الآداب ممثلة فى مركز دراسات التراث الشعبى – جامعة القاهرة – بالتعاون مع المجلس الأعلى للثقافة، فمحوره الرئيس «الأدب الشعبى والدراسات البينية»، وعنوان دورته الأولى حمل اسم رائدة من رواد الدراسات الشعبية هى الناقدة والمترجمة والباحثة د. نبيلة إبراهيم وقد أعلن د. خالد أبوالليل رئيس المركز على منصة الملتقى وأمام المشاركين من الضيوف العرب والغرب والطلاب والحضور المهتم أن اختيارها يجيء محملا بعظيم الوفاء والاعتراف المستحق يقابله شعور بالتقصير وما طالها من غبن ومرده أنها لم توفَ حقها، وهى من قدمت منتجا تأليفا وترجمة فى مجال الأدب الشعبى والنقد والمسرح، وكنت اعتزمت زيارتها أثناء مرضها وقد رتب لذلك أساتذة من المعهد العالى للفنون الشعبية وصادف موعدهم التزاما لى بمؤتمر بتونس، وكانت أيام قليلة وسمعت بمغادرتها إلى رحمة الله، وترك ذلك فى نفسى أثرا بتقصير غير مقصود لما عنتهُ لي، وكنت أشرع فى بحثى بالدراسات العليا (1998 م) لما مثل دراسة أكاديمية بكر فى مجال الحكاية الشعبية الليبية، فكانت كتبها أول ما دخل مكتبتى ولحقه إصدارات لرواد من معلميها ومجايليها لعبدالحميد يونس، ومحمد الجوهري، وصفوت كمال، وفوزى العنيل، وقاسم عبده قاسم، وفاروق خورشيد، وأحمد مرسي، ولم أعثر وقتها على كتاب الرائدة د. سهير القلماوى حتى وأصدقاء يأتون للقاهرة، ويتقصدون مساعدتى بكتب مرجعية كانت حصيلتهم ما غابت عنها القلماوى فى كل مرة، ما بدا لى أن كُتبها لم يُعد إصدارها فى طبعات جديدة !، لكن د. نبيلة حضرت خاصة وأنى اعتمدت تأسيسى حول الحكاية الشعبية ما بحثت فيها بواحة جنوب ليبيا /براك الشاطئ فى ترجمتها لكتاب الألمانى فون ديرلاين «الحكاية الخرافية» وأشفعتهُ وقد درست بألمانيا بمقدمة وهوامش ورأي، والمطلع على ما أنتجته «ذات الهمة» ما عنونت سيرتها الذاتية، سيلمس خلفية ومرجعية لعلوم منها: اللغة، والفلسفة، والأديان، وعلم الاجتماع، والتاريخ، والإنثربولوجيا، وتمنيت أن خُصت بحلقة دراسية بالملتقى يتصدى فيها المشاركون بمباحث فيما انشغلت به من حمل الملتقى اسمها. 
وعود إلى المحور الرئيس وهو الدراسات البينية وآلياتها فى ميادين الأدب الشعبى الذى يعتبر من أكثر الفنون الأدبية تداخلا وتشاركا مع حقول معرفية وتخصصات مختلفة، وكنت فى عام 2005 قدمت مقترحا منهجيا إلى عميدة كلية العلوم الاجتماعية قسم الدراسات العليا بجامعة طرابلس د. نجاح القابسي، ثم إلى وزير التعليم العالى 2007، ووزعته وأرسلته عبر الإيميل إلى أساتذة يقاربهم هذا التخصص، ووثقته أيضا عبر إصدار كتاب رفقة عدد مجلة المؤتمر 2008 م، ثم بكتابى الحكاية الشعبية الليبية – دراسة سيوسيولوجية – فى فصل الملاحق 2009، وجرى أن تواصل معى لأجله أساتذة بقسم الفنون والدراما بأكاديمية الدراسات العليا _جنزور، باقتراح تنفيذه ورحبت بالفكرة كونها جاهزة بمفردات المنهج كما الدواعى والمبررات والتى أهمها أننا تأخرنا كثيرا عن افتتاح قسم للأدب الشعبى أو علم الفلكلور أو المأثورات الشعبية أيا كانت التسمية المبتدأ للانشغال المغيب عنا كما وأعداد الباحثين والمضطلعين بالجمع الميدانى قبل فوات الأوان، لكن المقترح ظل طى الكتاب والأدراج وظل جهدا يتيما لمركز وحيد للمأثورات الشعبية لم يلق دعما جديرا به، نحن بلد إلى يومنا هذا لم نؤسس قسما للدراسات الشعبية ولا مراكز بحث لها بطول البلاد وعرضها، فيما دول جارة صارت الجامعة والمركز بمدنها الأطراف، زد على ذلك ما أنجز من أطالس وفهرسة وأرشفة لآلاف المواد المتعلقة من مصادرها رواة وإخباريين، ما ضاعف وجعى وليس شجونى فقط وأنا أجالس وأستمع على هامش الملتقى لأساتذة من مصر وضيوف من لبنان والجزائر، والعراق، واليمن، وفرنسا، وكنت شددت فى مقترحى الموسع على أن علم الفولكلور علم من العلوم الإنسانية ويرتبط بعلوم تطبيقية مختلفة، وأنه علم يمثل مرجعية خصبة وإضافة هامة ونظرة أدق إلى الثقافة الإنسانية، وكانت باحثة فلسفة وعلم نفس بجامعة سبها / جنوب ليبيا بحثت فى أثر الثقافة الشعبية فى حراك المرأة بسبها ومساهمتها فى تنمية المجتمع عام 2007، كنموذج للدراسات البينية التى عمر بها لقاء القاهرة الدولى مؤخرا.
وقد لفتنى فى الملتقى جيل من المحاضرين الشباب فى تخصصات مادة الأدب الشعبى بجامعة القاهرة وغيرها من الجامعات المصرية، وقد قدموا بحوثا بتشجيع ودفع من إدارة الملتقى، وكان أغلبه من الفتيات _ ليس انحيازا _ ناقشن بجدية وقدمن دفاعهن عن موضوعات بحثهن، بانتظار قادم منتجهن من بحوث وإصدارات، وقد استشرفتُ فيهن صورة وملمحا من الرائدة الجليلة د. نبيلة إبراهيم التى حملت توصيات اللقاء المهمة إطلاق اسمها على إحدى قاعات قسم اللغة العربية اعترافا بدورها وفضلها الكبير.