الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

نجيب سرور.. ملك المبدعين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أصابه اليأس والشقاء طوال رحلته ولم يكن له في الدنيا شيء يساعده على الاستمرار، غير موهبة الكتابة والإبداع فقدم أعمالا خالدة تنوعت بين الشعر والمسرح، ولم تشفع له موهبته الطاغية إلا أنه عاش حياة حالكة السواد، إنه الشاعر الكبير نجيب سرور، الذي انتقل بإبداعه بين الشعر والمسرح، ليزرع أشعاره وكلماته الطيبة في جميع جدران المسارح، ليصبح شاعرا معروفا في مصر والعالم العربي.
ولد سرور في اليوم الأول من شهر يونيو من عام 1932 في قرية من القرى التابعة للدقهلية. "إخطاب"، مركز أجا، كانت عائلته تعمل في الزراعة والأرض على غرار سائر الفلاحين في القرية، وكانت الأسر تحصل على قوت يومها من الزراعة وتربية المواشي، وكان تلك الأموال تستخدم في إرسال الأطفال للتعلم في المدارس الحكومية، كان للبيئة القاسية والفقيرة التي عاش فيها سرور دور كبير في تأسيس شخصيته، فشبّ على رفض الاستغلال والإقطاع، والمناداة بتحقيق الحرية والعدالة في المجتمع، وبعدما أنهى سرور دراسته الثانوية، التحق بالجامعة لدراسة الحقوق، ولكنه تركها في السنة الأخيرة كي يحقق حلمه في الانضمام إلى المعهد العالي للفنون المسرحية. وهناك درس التمثيل والإخراج وتخرج منه ليبدأ حياته المهنية. 
كان أبواه يتعرضان للمهانة والضرب من قبل عمدة القرية الذي كان جشعًا جلفـًا ظالما قاسي القلب يتحكم في أرزاق الفلاحين، وفي حياتهم، وكانت هذه النشأة سببًا في ترك بذور الثورية في نفس الفتى الذي امتلأ قلبه حقدا على الإقطاعيين وسلوكهم غير الإنساني تجاه الفلاحين، فقد جعل من الدفاع عن المهمشين والفلاحين والمنكسرين قضية عمره، وجسدها في كل أعماله المسرحية تقريبا، وذلك لإدراكه أهمية عالم المسرح بالنسبة لهذه القضية، الأمر الذي جعله يترك دراسته الجامعية في كلية الحقوق قبل التخرج بقليل والالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية والذي حصل منه على الدبلوم في عام 1956 وهو في الرابعة والعشرين من العمر.
ورغم كل ذلك تميز سرور في أشعاره بالرقة ورهافة الإحساس، وكان كبير القلب وإنسانيا في جميع المواقف، التي ألمت به على مدى حياته، ورغم ما تعرض له من معاناة فإنه لم ينكسر يومًا من الأيام.
وقد شهد سرور وهو على مقاعد الدراسة انطلاق ثورة 23 يوليو وواكب -بعد التخرج- العدوان الثلاثي على مصر مما عمق في نفسه الكره الشديد للامبريالية والاستعمار والرأسمالية.
لم تمتد حياته الأدبية رغم ثرائها الشديد والبصمة الكبيرة التي تركها في الوسط الأدبي والثقافي طويلا، فقد بدأت حياته الفنية والأدبية والسياسية، والتي استمرت قرابة الأربعة عشر عامًا حتى وفاته متأرجحة بين النجاح والمعاناة الشديدة، بكتابة وتقديم النصوص الدرامية ومسرحياتها، استهلها في عام 1965 بعمل مسرحي من إخراج كرم مطاوع بعنوان "ياسين وبهية"
ثم كتب مسرحية "يا بهية وخبريني" عام 1967 بإخراج كرم مطاوع ثم "آلو يا مصر"، وهي مسرحية نثرية، كتبت في القاهرة عام 1968 و"ميرامار"، وهي دراما نثرية مقتبسة عن رواية نجيب محفوظ المعروفة من إخراجه عام 1968، استمر تألق نجم نجيب سرور مع هذه الأعمال التي نشرت معظمها كتبًا في طفرة الصعود في السبعينيات.
في عام 1969 قدم نجيب سرور من تأليفه وإخراجه المسرحية النثرية الكلمات المتقاطعة التي تحولت فيما بعد إلى عمل تليفزيوني أخرجه جلال الشرقاوي، ثم أعاد إخراجها للمسرح شاكر عبد اللطيف بعد عشر سنوات، واستمر تألق هذا العمل الفني حتى عام 1996. وفي عام 1969 قدم المسرحية النثرية الحكم قبل المداولة، وقد قام بتحقيقها ونشرها كاملة الباحث الجاد محمد السيد عيد. وكتب المسرحية النثرية البيرق الأبيض، وفي عام 1970 قدم ملك الشحاتين، وهي كوميديا غنائية مقتبسة عن أوبرا القروش الثلاثة لبرشت و"الشحاذ" لجون جاي من إخراج جلال الشرقاوي.
وتدهورت حالة سرور الصحية والمعيشية في فترة حياته الأخيرة، حتى رحل في 24 أكتوبر من العام 1978.