الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

عبدالحميد كمال يكتب: السويس ملحمة مدينة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
45 عامًا على انتصار الإرادة السياسية فى مقبرة الأعداء
مدينة الأشباح تتحول إلى جحيم.. ومعركة الجناين بداية النصر

تمر 45 عامًا، على ملحمة المقاومة الباسلة لأهالى السويس فى مواجهة قوات العدو الإسرائيلي، وتمر السنوات والنصب التذكارى مهمل لا يحمل جدارية بأسماء الشهداء!.
بطولات سطرها أهالى السويس، خرج أهالى المدينة من كل مكان، يواجهون دبابات العدو ويحققون الانتصار، فى وقت اعتقد فيه العدو الإسرائيلى أن المدينة خالية تسكنها الأشباح.
ففى يوم 24 أكتوبر حاولت فرقة «أدان» الصهيونية المتخصصة فى اقتحام المدن اقتحام مدينة السويس، لكنها منيت بخسائر كبيرة، مما جعل العدو يطلق على الفرقة وصف «فرقة النحس».
واعترف جنود العدو، فى عدة كتب إسرائيلية، منها كتاب «التقصى»، الذى ألفه سبعة جنود من المراسلين الحربيين، والكتاب الآخر بعنوان «سرى للغاية» وهما من أهم كتب الحرب الإسرائيلية، ببسالة مقاومة أهل السويس، وكشفت اعترافات العدو عن الخسائر التى تكبدتها القوات الإسرائيلية أثناء محاولة اقتحام المدينة، حيث قتل ٧٧ ضابطًا و٢٣ مظليًا و٦٩ جنديا قتلوا جميعا فى أيام حصار السويس. وهكذا باتت فرقة «أدان» فرقة النحس كما أطلقوا عليها، ففى كتاب «سرى للغاية» يقولون إن فرقة «أدان» فقدت وحدها ٥٠ دبابة وقتل ٢٠٠ جندى وضابط غير ٥٠ من الجرحي.
وتبدأ قصة الخسائر، عندما أشارت عقارب الساعة إلى الخامسة فى يوم ٢٤ أكتوبر ١٩٧٣، حين التقط اللواء «إبراهيم أدان» قائد الفرقة الإسرائيلية المدرعة، التى كانت تحاصر السويس مكالمة عاجلة عبر جهاز اللاسلكى الخاص به، وكان على الطرف الآخر اللواء «شموئيل جونين»، قائد عمليات القطاع الجنوبى بالجيش الإسرائيلي.
وسأل جونين «أدان» هل تستطيع احتلال السويس فى ساعتين ونصف الساعة؟
فأجاب «أدان»: هذا يتوقف على عدد المصريين بالمدينة وشكل مقاومتهم.. لكن يمكننى على أسوأ الفروض احتلال جزء من السويس.
وفى فجر الأربعاء ٢٤ أكتوبر أمر اللواء «أدان» دباباته بالهجوم على مدينة السويس، وتقدم ركب الدبابات إلى محور «الجناين» بقيادة الرائد «أورى أريل» فى التاسعة والنصف، بعد أن اختبأ داخل دبابة طوال الليل فى منطقة جبلاية السيد هاشم، لكن قوبل بمقاومة شديدة عطلت له أول دبابة على الجسر فاضطر للعودة للخلف.

مدينة الأشباح
أما العقيد «جابي» فكان مكلفا بالهجوم على محور منطقة الزيتية ووصلت تلك القوة مبنى الاتحاد الاشتراكى «مبنى الحزب الوطنى السابق المجاور للمحافظة»، وجاءت فرقة الهجوم الخاصة بحى الأربعين بقيادة المقدم «يوسي» ومعه ٨ دبابات و١٦ عربة مصفحة، ودخلوا المدينة.
وأرسل اللواء «أدان» برسالة لقيادة عمليات الجنوب يقول فيها «السويس مدينة أشباح.. ونحن نتقدم دون مقاومة»، وفى هذه اللحظة كما هو مسجل فى مذكرات الجنود الإسرائيلين، كانت المفاجأة أمام قسم شرطة الأربعين، حين تم تدمير إحدى الدبابات الإسرائيلية من نوع سنتريون العملاقة، لتسد الطريق أمام تقدم المدرعة الإسرائيلية.
ويفاجأ الجنرال «أدان» وجنوده بأن مدينة الأشباح كما قال عنها تتحول إلى المقاومة بآلاف البشر، ويأمر أدان جنوده، بحسب شهادته، بترك المصفحات والدبابات والاحتماء بالمبنى المجاور «قسم شرطة حى الأربعين».
وداخل القسم تمت محاصرة أدان وجنوده، وانهالت رسائل القيادة الإسرائيلية لتسأل عن مصير ركاب العربة النصف مجنزرة التى ركبها ضباط المخابرات الإسرائيلية، ولكن «أدان» كان يجيب لا أعلم، حيث تحولت المنطقة لجحيم بسبب نيران المقاومة من كل مكان، ومن نوافذ العمارات والأسطح ومن جميع الشوارع المحيطة بقسم الشرطة وكلها تتجه نحو الجنود الإسرائيليين.

شهادات مصرية
بعيدًا عن شهادات الأعداء، كان على الجانب الآخر الأبطال الحقيقيون، كان المقاوم البطل إبراهيم محمد سليمان، الذى دمر أول دبابة إسرائيلية بواسطة قذيفة من مدفع، والذى استشهد بعد ذلك على سور قسم شرطة الأربعين أثناء محاولة اقتحامه ومواجهة الجنود الإسرائيليين داخله.
أما البطل «أحمد أبو هاشم» فقد استشهد عند كوبرى البراجيلى بعدما دمر دبابة سنتريون، والبطل «فايز حافظ أمين» الذى استشهد فى معركة اقتحام قسم شرطة الأربعين بعد أن تمكن من اقتحام القسم واستشهد فوق السلم الداخلى بعد أن قتل عددًا من جنود العدو الذين كانوا يحتمون داخل القسم.
أما البطل أشرف عبدالدايم فقد اشترك فى الهجوم على قسم الأربعين واستشهد يوم ٢٤ أكتوبر ٧٣ ويبقى عشرات من الشهداء والأبطال الأحياء الذين قاموا بأعمال بطولية مشرفة من بينهم الأبطال أحمد عطيفى- محمود عواد- عبد المنعم قناوي.. وهناك العشرات من القصص للبطولات بين المدنيين والعسكريين.

مذكرات الفريق عفيفى
كشفت مذكرات الفريق يوسف عفيفي، الذى كان قائدا للفرقة الـ ١٩ بالجيش الثالث الميدانى أثناء معركة أكتوبر فى كتابه «مقاتلون فوق العادة» أسرارا جديدة عن معركة صمود السويس التى اعتبرها ملحمة بطولية.
يقول الفريق «يوسف عفيفى» أصيبت إسرائيل بخيبة أمل مرتين، الأولى عندما فشلت فى دخول السويس، والثانية عندما فوجئت بصمود الجيش الثالث الميدانى أثناء حرب أكتوبر ١٩٧٣، بعد أن حاولت احتلال السويس فى ٢٤ أكتوبر عقب فشل تسلل العدو الإسرائيلى فى الثغرة العسكرية التى وصفها «ادجار أوبلاس» الخبير العسكرى البريطانى بأنها «عملية تليفزيونية استعراضية»، وذلك بدفع قوات صغيرة إلى منطقة كبيرة لإيهام القوى الأخرى بأن القوات قامت بالاستيلاء على منطقة واسعة، وهى الطريقة أو الخطة المعروفة باسم «غزالة» وهى التى سرقتها إسرائيل من أدبيات العسكرية الألمانية.
ويضيف يوسف عفيفى أن قوات المقاومة وشدتها فى الدفاع عن المدينة هى التى أجبرت «ديفيد ألعازر» رئيس الأركان الإسرائيلى على الاعتراف فى مذكراته قائلًا «خدع الهدوء الذى ساد مدينة السويس قوات الجنرال أدان المتخصص فى اقتحام المدن، فاندفعت إلى داخلها لتنهال نيران المصريين وتشتعل الدبابات ويسقط القتلى والجرحى بالعشرات».

مذكرات الجمسي
ويؤكد «المشير محمد عبد الغنى الجمسى» فى مذكراته بالحرف «يصعب على المرء أن يصف القتال الذى دار بين الدبابات والمدرعات الإسرائيلية من جهة وشباب السويس من جهة أخري، وهو القتال الذى دار فى بعض الشوارع وداخل المبانى وبجهود رجال السويس ورجال الشرطة والسلطة المدنية مع القوة العسكرية أمكن هزيمة قوات العدو التى تمكنت من دخول المدينة، وكبدتها الكثير من الخسائر بين قتلى وجرحى وظلت الدبابات الإسرائيلية المدمرة فى الطريق الرئيسى المؤدى إلى داخل المدينة شاهدًا على فشل القوات الإسرائيلية فى اقتحام المدينة والاستيلاء عليها «ويضيف الجمسى» واضطرت القوات الإسرائيلية إلى الانسحاب من مدينة السويس».
بعد ٤٥ عامًا على انتصار إرادة المقاومة الشعبية والجيش الثالث الميداني، يشير آخر تقرير للتنمية البشرية، إلى ارتفاع نسبة البطالة فى السويس، ويؤكد مركز معلومات رئاسة الوزراء أن ترتيب السويس فى البطالة الثالث على مستوى الجمهورية.
فمازال مشروع مطار العين السخنة الذى تعطل منذ ٢٢ عاما وقد تم طرحه مجددًا خلال حكومات ما بعد ثورة ٢٥ يناير، ولم يتم اتخاذ قرار تنفيذى حتى الآن، برغم وجود المطار على خرائط جوجل وتخصيص الأرض ووجود دراسات الجدوى.
كما أن مشروع تنمية شمال غرب خليج السويس مازال معطلًا ولم يحقق الأهداف الرئيسية رغم البدء فيه منذ عام ١٩٨٨ فمازالت مصانع المشروع لم تصل إلى عدد المصانع المخطط لها لتكون ٤٩٠ مصنعًا توفر ربع مليون فرصة عمل، ورغم أن ما صرف على المشروع من الخزانة العامة يزيد عن ٨ مليارات جنيه مصرى.
فإن فرصة العمل المتاحة لأبناء السويس والوطن مازالت ضعيفة، كما أن نسبة تنمية الأراضى التى حصل عليها رجال الأعمال، والتى تصل إلى ١٠٠ كيلو متر مربع بواقع حوالى ٢٥ كيلو متر لرجال الأعمال الكبار، فإن نسبة التنمية للأراضى داخل مشروع تنمية شمال غرب خليج السويس لا تتعدى ٣٪ من حجم الأراضى التى تصل إلى ما يزيد على ٢٥٠ كيلو متر.
ومازالت السويس التى ضحى أبناؤها بشهيد على الأقل فى كل أسرة وعائلة تعانى من تطبيق المشاريع الحكومية، منذ تطبيق نظام البطاقة الذكية وتجربة التأمين الصحى الشامل التى لم تهتم بأوضاع الفقراء ولا بالبدء فى تطبيق نظام التأمين الصحى الشامل، رغم أن السويس من المحافظات الأولى فى المشروع الحالى أو السابق، بالإضافة إلى إهمال الأوضاع البيئية بسبب نسب التلوث الكبيرة التى أكدتها تقارير وزارة البيئة، فالسويس الأعلى تلوثا بالهواء على مستوى الجمهورية، وشواطئ السواحل ملوثة بسبب حوادث السفن والناقلات البحرية ومياه الصبورة.

متحف السويس الوطنى
وحتى متحف السويس الوطنى لتخليد بطولات شعب السويس على مدار تاريخه لم يتم افتتاحه رغم مرور ٤٥ عامًا على معركة السويس وصمود شعبها البطل
إلغاء العيد القومى
ويتساءل المواطنون فى السويس لماذا تم إلغاء العيد الوطنى للسويس من الأعياد الرسمية على مستوى الجمهورية، والذى كان يعد عطلة رسمية هو العيد الرمزى للمقاومة الشعبية وانتصار إرادة الشعب المصرى فى تاريخ مصر المعاصر بعد معركة رشيد ١٨٠٧؟!
ويضيف المواطنون، لماذا لم يتم تطوير حديقة الخالدين، التى تقع أمام مبنى المحافظة، فهى مازالت فضاء دون تماثيل أو صور أو حتى جدارية باسم الشهداء والأبطال؟ وحتى اللوحة التى تم كتابة أسماء الشهداء عليها كانت من الأبلاكاچ والخشب الذى دمر بفضل عوامل التعرية.

محافظ السويس.. قائد المقاومة
شارك اللواء محمد بدوي الخولي محافظ السويس الحالي في معركة الدفاع عن المدينة في وجه المغتصب الإسرائيلي خلال الفترة من نكسة ١٩٦٧ وحتي حرب أكتوبر ١٩٧٣، وأدار مع أبناء المحافظة هذه المعركة.. وفي الصورة الأولى المحافظة يظهر «الخولي» أثناء حصار السويس مع قيادات السويس من مركز قياده تبادلي، وفي الصورة الثانية يتابع الموقف من محل بقال تموينى.

أسئلة مشروعة للسوايسة.. فى انتظار زيارة الرئيس السيسى
فاتورة النصر حصدها رجال الأعمال.. والمشروعات معطلة
¿ لماذا يستمر غلق ميناء بورتوفيق للركاب رغم صرف الملايين على تطويره؟
¿ لماذا لم يتم بناء مدينة السويس شرق القناة أسوة بالإسماعيلية وبورسعيد؟
¿ أين قصر ثقافة الأربعين الذى يمثل ٥٢ ٪ من تعداد السويس بدون خدمة ثقافية؟
¿ لماذا يتم تجاهل أبناء السويس فى التعيينات بالشركات الصناعية على أراضيها مع ارتفاع نسب البطالة؟
¿ أين مشروع ترسانة رأس الأدبية الذى صدر له قرار جمهورى؟
¿ لماذا يتم تجاهل منطقة عيون وتطهيرها وتطويرها؟
¿ أين الشاطئ الشعبى وتطوير الكورنيش ومنطقة الخور؟
¿ لماذا يتم تجاهل إنشاء مطار السويس الدولى ونقل المنطقة الروسية الصناعية من السويس إلى بورسعيد؟
وبعد يبقى أن نتمنى أن يزور رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء السويس للوقوف أمام التحديات التى يواجهها أبناء السويس الذين يستحقون حياة أفضل أمام تاريخهم الوطنى.

الشعراء والمقاومة
الأبنودى وحمام
بشر الفنان محمد حمام بهذه المعركة حين غنى كلمات عبدالرحمن الأبنودى وتلحين إبراهيم رجب، أغنية «يا بيوت السويس»، حيث قال:
يا بيوت السويس
استشهد تحتك وتعيشى انتي
استشهد والله وييجى التانى
فداكى وفدا أهلى وبنياني
أموت ويا صاحبى قوم خد مكاني
دا بلدنا حالفة ما تعيش غير حرة

حنخاف من مين
وأشار الشاعر عطية عليان الراحل ابن السويس لروح المقاومة فى قصائده:
حنخاف من مين ونخاف على مين
حنخاف سنين النوم
وسنين الصوم
الزكاة مش فرض على المعدوم
النصر والمقاومة
ويشيد بالنصر والمقاومة الشاعر الكبير الراحل كامل عيد رمضان بقوله:
فيها إيه لو أموت
هيموت الكون أبدا
هتغيب الشمس أبدا
راح أخاف لـ السما تنزل ع الأرض
ده الموت موجود من قبل ما أكون وبعد ما أموت
الموت بخسيس لو أرضى بذل
تدهسنى الناس لما أبقى خيال وأسير
فى ركاب العالم ضل
لو أشوف الراية غريبة على أراضىَّ وأطاطى الراس
الكابتن غزالى وأولاد الأرض
ويقول الكابتن غزالى وفرقة أولاد الأرض:
بينا
يلا بينا نحرر أراضينا
وعضم اخواتنا نلموا نلموا
نسنو نسنو
نعمل منه مدافع وندافع
ونجيب النصر هدية لمصر
نجيب النصر هدية لمصر
نكتب عليه أسامينا