الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

بالمستندات.. نكشف التمويل القطري لـ"أنصار السنة"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لم تكن العلاقة بين جمعية «أنصار السنة المحمدية»، وجماعة الإخوان الإرهابية وليدة الأحداث السياسية التي بدأت مع انهيار نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، في 25 يناير 2011، وإنما كانت علاقة قديمة مستترة تنمو في الخفاء، برعاية قطرية، منتظرة لحظة الحسم لتخرج إلى النور.

ولم تقف هذه العلاقة عند حد التأييد السياسي في الانتخابات البرلمانية التي أجريت بعد الثورة، والتي شهدت صعود ما يُعرف بتيار الإسلام السياسي، وكشفت النقاب عن التيار القطبي المسيطر على مجلس إدارة الجمعية، ولا يزال مسيطرًا حتى الآن.

وقد سعت جماعة الإخوان للسيطرة على كلِّ مؤسسات المجتمع المدني قبيل وصولهم للحكم في 2012، من خلال تأسيس جمعيات وكيانات حديثة لتكون ظهيرًا دينيًّا وشرعيًا لها، لشرعنة القرارات السياسية والتنظيمية، واختراق الجمعيات القائمة بالفعل، لاسيَّما تلك الجمعيات التي لها ميول سلفية قطبية، أو ما يُطلق عليها «سلفية المعتقد» و«إخوانية المنهج»، أو «حركية المنهج»، بمعنى أنها تؤمن بالعمل الحركي السياسي.

وكان من بين هذه الجمعيات التي تم اختراقها من قبل الخلايا النائمة التابعة للإخوان، واستخدامها كسلم للصعود للحكم، ووسيلة لحشد أصوات المتعاطفين و«المؤلفة قلوبهم» (الذين يتلقون تبرعات وإعانات من قبل هذه الجمعيات)؛ جمعية «أنصار السنة المحمدية»، التي أسسها الشيخ محمد حامد الفقي، قبل عامين من تأسيس جماعة الإخوان في 1926.


وتفضح المستندات علاقة «أنصار السنة» بـ«الإخوان»؛ إذ تثبت تلقي المركز العام للجمعية بعابدين، تمويلات من قبل العديد من الجمعيات القطرية التي تتخذ من العمل الخيري والأهلي ستارًا لتمويل نشاطات التنظيمات المتطرفة، والتي وضعتها دول التحالف الرباعي «مصر، والسعودية، والإمارات، والبحرين» على قوائم الإرهاب.

وكان آخرها القائمة الثالثة المتضمنة جمعية «عيد بن محمد آل ثان»، أحد أهم الجمعيات الممولة لـ«أنصار السنة»؛ لتنفيذ عدد من المشاريع داخل مصر، لكسب ولاء المستفيدين من خدمات الجمعية، وتوظيفهم سياسيًّا فيما بعد لخدمة الأغراض السياسية للإخوان.


كما ترصد الوثائق علاقة «أنصار السنة» بدويلة قطر الراعية للإرهاب في الوطن العربي، وذلك بتحويل مبالغ مالية ضخمة للجمعية بحجة تمويل عدد من المشروعات التي تحمل طابعًا خدميًّا وتنمويًّا في الظاهر، رغم التوظيف السياسي الذي تضمنته فيما بعد، وهو ما سنكشف عنه النقاب في الحلقة الأولى من هذا الملف.


وتتضمن المستندات التي حصل عليها «المرجع» عددًا من الإيصالات بالمبالغ المالية التي تلقتها «أنصار السنة»، من جمعية «عيد بن محمد آل ثان» القطرية، الداعمة للإرهاب، إضافة إلى عقود المشاريع التي تم تمويلها، وصور من المكاتبات والخطابات بين الجمعيتين.


وكشفت عن تلقي الجمعية مبالغ مالية ضخمة تصل إلى ملايين الجنيهات لتنفيذ 62 مشروعًا في 10 محافظات، استحوذت محافظة الشرقية على نصيب الأسد من هذه المشروعات بمعدل 36 مشروعًا، موزعًا على 11 مركزًا من مراكزها، ويرجع الاهتمام بالشرقية تحديدًا باعتبارها مسقط رأس مدير إدارة المشروعات بالجمعية الدكتور أسامة سليمان، وكان هذا الاهتمام يساعده على حصد أصوات أغلبية أعضاء الجمعية العمومية في انتخابات مجلس الإدارة إلى أن تم استبعاده في آخر انتخابات التي أفرزت المجلس الحالي.


وتنقسم المشروعات المشار إليها في خطاب «أسامة سليمان»، ممثلًا عن «أنصار السنة» إلى رئيس لجنة المشاريع والبرامج الخارجية بمؤسسة «عيد بن محمد آل ثان»، إلى 5 أقسام، أهمها المراكز الإسلامية المميزة، وعددها 15 مشروعًا موزعة على 6 محافظات، والقسم الثاني مساجد كبيرة مميزة، ويضم 10 مساجد في 5 محافظات، بينما يضم القسم الثالث مساجد متوسطة مميزة، وعددها 17 مسجدًا، موزعة على 6 محافظات.

أما القسمان الرابع والخامس فيتضمنان آبارً ارتوازية، بمعدل 10 آبار في 5 محافظات، نصفهم من نصيب محافظة الشرقية، بتكلفة إجمالية بلغت 50 ألف ريال قطري، أي بمعدل 5 آلاف ريال لكل بئر، إضافة إلى 10 آبار سطحية في 4 محافظات، بتكلفة 15 ألف ريال قطري، أي ما يع وكان نصيب محافظة الشرقية من المراكز الإسلامية المميزة التي تُعد الأعلى تكلفة، 10 مراكز في مدن «القنايات، وههيا، والحسينية، وفاقوس»، وقرى «الحجازية، وأكياد، وأم الروس بفاقوس، والإخيوة بالحسينية، وتل مفتاح بأبو حماد، وصبيح بههيا»، إضافة إلى قرى طوخ طنبشا التابعة لبركة السبع بمحافظة المنوفية، وشرنقاش، بمركز طلخا، بمحافظة الدقهلية، ووردان بإمبابة، وكفر العلو بحلوان.


أما المساجد الكبيرة المميزة فتم بناء 6 منها في محافظة الشرقية، في قرى مظهر، والبارودي بمدينة هيهيا، وعزبة عرب العبايدة ببلبيس، والزهراء بالزقازيق، ومنشية نبهان بفاقوس، ومدينة الصالحية الجديدة، إضافة إلى قرية أبيج بكفر الزيات بمحافظة الغربية، وزاوية أبومسلم بالجيزة، وكفر بهيرة بميت غمر بمحافظة الدقهلية، ومسجد بمنطقة المرج بالقاهرة.

بينما كان نصيب الشرقية من المساجد المتوسطة المتميزة 10 مساجد، في قرى طواحين أكراش التابعة لمركز الإبراهيمية، والمالحة، ومنشية السلام، وميت حمل ببلبيس، وعزبة العزازي التابعة لقرية الشبانات بالزقازيق، وكفر العزازى بأبو حماد، وكراديس بديرب نجم، وكفر الشيخ خليفة بمنيا القمح، وكفر جاد بفاقوس.


وعدد آخر من المساجد في قرى زاوية رزين بمنوف، ومحلة انجاق بمدينة شربين بالدقهلية، وميت هاشم، بمدينة سمنود بالغربية، والطرفاية بمركز الحامول بكفر الشيخ، والدقانوة بالدقهلية، وفايد والقنطرة شرق بالإسماعيلية.

وكان الخطاب الذي احتوى على هذه المعلومات قد تمَّ إرساله إلى جمعية «عيد بن محمد» ردًّا على خطاب أرسلته لأنصار السنة في 27 يناير 2017، تطالبها بالاطلاع على كشوف التسويق؛ ما دفع أنصار السنة لإرفاق كشف بالمشروعات واستمارة رسم هندسي مع الخطاب المذكور.

ولم يتطرق الخطاب المرسل إلى الجمعية القطرية إلى حجم المبالغ المخصصة لمشروعات المراكز الإسلامية المميزة، والمساجد الكبيرة المميزة، والمساجد المتوسطة المميزة، واكتفى فقط بنشر المبالغ المخصصة لحفر الآبار الارتوازية والسطحية، والتي تتكلف 65 ألف ريال قطري.


وتتفاوت تكلفة المراكز الإسلامية المميزة التي يبلغ عددها 15 مركزًا؛ حيث كشفت إحدى المستندات المرسلة إلى الجمعية القطرية عن إجمالي تكلفة بناء مجمع اللواء الإسلامي، والتي بلغت 250 ألف ريال قطري عام 2007.

وقد حصل «المرجع» على نسخة من الاستمارات والرسومات الخاصة بالمجمع، الذي كان مخططًا له أن يكون في منطقة ذات كثافة سكانية، بمنطقة كفر العلو بحلوان، بعد أن كان مقترحًا إقامته بمركز إمبابة أو القنايات بالشرقية، أو قرية الحجازية بمدينة فاقوس بالشرقية، أو منطقة كنج مريوط بالإسكندرية، أو قرية طوخ بمدينة بركة السبع، بالمنوفية.


ويتكون المجمع الواحد من 3 طوابق وفق الاستمارة الخاصة بمشروع كفر العلو بحلوان، والذي بني على مساحة 900 متر، يتكون الطابق الأول من مركز طبي، على مساحة 700، والطابق الثاني مسجد ومصلى سيدات، على المساحة ذاتها، على أن يكون الطابق الثالث عبارة عن معهد إعداد دعاة، كما حددت الاستمارة مدة التنفيذ بـ24 شهرًا، وكان ذلك بتاريخ 21 مارس 2007.


وبعد 3 أشهر، وتحديدًا في 24 يوليو من العام نفسه، وقعت الجمعيتان عقد الاتفاق على تنفيذ المشروع، والذي تم بموجبه تلقى أمين صندوق «أنصار السنة» آنذاك إيصالين كدفعة أولى من تكلفة المشروع، الأول يحمل رقم 14512، بمبلغ 16500 دولار أمريكي، والآخر يحمل رقم 14513، بمبلغ 38 ألف ريال قطري، ودفع هذه المبالغ -وفق الإيصالات التي حصل «المرجع» على نسخة منها- الشيخة عبير عبدالله درويش، التي وقعت العقد كطرف أول مسؤول عن تمويل المشروع.


 على أن يتم استكمال نسبة 60% من الاعتماد خلال 3 أشهر من تحرير العقد، ونسبة 40% كدفعة نهائية بعد مرور 3 أشهر أخرى، بشرط اكتمال أعمال الهيكل الخاص بالمبنى بالكامل، ويشمل التمويل القطري جميع المرافق والخدمات اللازمة للمشروع، وقد أفادت استمارة المشروع أن أهميته تكمن في نشر الدعوة السلفية.


وبعد قرابة 8 شهور من العمل وبالتحديد في 2 مارس 2008، أرسل أسامة سليمان، مدير إدارة المشروعات بأنصار السنة، خطابًا للشيخة عبير يطالبها باعتماد مبلغ إضافي قيمته 122 ألف ريال قطري، كفروق أسعار، لاستكمال المشروع؛ نظرًا لارتفاع أسعار مواد البناء.

 

وتزامن ذلك مع مشاريع أخرى تمولها قطر مثل مكاتب تحفيظ القرآن بـ4 مناطق؛ منها منطقة عين شمس وشبرا بالقاهرة، على مساحة 172 مترًا، بتكلفة إجمالية 90 ألف ريال قطري، وصفط اللبن بالجيزة، وشبرا الخيمة بالقليوبية، ومسجد بالمرج.


كما يوجد مستندات أخرى ترجع لأواخر عام 2002، لبناء مسجد بقرية المسير بكفر الشيخ، على مساحة 230 مترًا، باعتماد مالي 200 ألف جنيه مصري، يتكون من طابقين؛ الأول عبارة عن مقر إداري، وكفالة أيتام، والثاني عبارة عن مسجد لنشر دعوة الجمعية، يسع 600 مصلٍ، إلا أن جمعية «إحياء التراث الإسلامي» بالكويت التي كان موجهًا إليها الطلب رفضت، فلجأت «أنصار السنة» لجمعية «عيد بن محمد» والتي رفضت هي الأخرى اعتراضًا على المساحة؛ ما دعا الجمعية في مصر لإرسال مخطط جديد للمشروع بالقرية نفسها، ولكن على مساحة 190 مترًا، وتكلفة 150 ألف ريال قطري، مثلما أوضحت استمارتا المشروع اللتان تم إرسالهما إلى الكويت وقطر للاعتماد.

وتتضمن المستندات 6 عقود بين الدكتور أسامة سليمان، عضو مجلس إدارة جمعية أنصار السنة، مدير إدارة المشروعات، ممثلًا عن الجمعية كـ«طرف ثان»، و4 سيدات من ممثلي جمعية «عيد بن محمد آل ثان» القطرية كـ«طرف أول»، للاتفاق على تمويل تنفيذ مشروعات حفر 6 آبار مياه ارتوازية في 5 محافظات، بإجمالي تكلفة 23 ألف ريال قطري، في عام 2007، من بينهم بئر في محافظة الجيزة بتكلفة 5 آلاف ريال قطري، وبئران بمحافظة الشرقية؛ أحدهما بمركز فاقوس، بتكلفة 5 آلاف ريال قطري، والآخر بمركز القنايات، بتكلفة 1500 ريال قطري، وهما البئران اللذان يقعان في محيط محافظة مدير إدارة المشروعات بالجمعية.


أما الآبار الارتوازية فقد تم حفرها في مدن الزقازيق وبلبيس وههيا وفاقوس والحسينية بالشرقية، ونبروه بالدقهلية، والقنطرة شرق بالإسماعيلية، وشبرا الخيمة بالقليوبية، ومحافظة الجيزة، إضافة إلى الآبار السطحية التي تم تنفيذها في قرى طهر حميد بالزقازيق، وشبرا النخلة والمالحة وميت حمل ببلبيس، وطواحين أكراش بالإبراهيمية، والقنايات بالشرقية، ومنشية البكاري بالجيزة، والجمالية وقرية العصافرة بمركز المطرية بالدقهلية، والمرج بالقاهرة.


بالإضافة إلى بئر بمركز القنطرة شرق، بمحافظة الإسماعيلية، بإجمالي تكلفة 5 آلاف ريال قطري، وبئر أخرى بمركز شبرا الخيمة، بمحافظة القليوبية، بتكلفة 5 آلاف ريال قطري، وبئر بمركز الجمالية، بمحافظة الدقهلية، بتكلفة 1500 ريال قطري، على أن يتعهد «الطرف الثاني» المتمثل في «أنصار السنة» بتنفيذ المشروعات المذكورة حسب المواصفات المتفق عليها، خلال 3 أشهر من إرسال الاعتماد المالي الخاص بكلِّ مشروع، من قبل جمعية عيد بن محمد القطرية، باستثناء مشروع بئر الجمالية بالدقهلية، الذي ينص العقد على تنفيذه خلال شهرين فقط.


وكان يمثل الطرف القطري في هذه العقود كل من الشيخة أمينة عبدالله درويش، التي أسهمت بمبلغ 10 آلاف ريال قطري، والشيخة عبير عبدالله درويش، المساهمة بمبلغ 10 آلاف ريال قطري، والشيخة سلوى سرحان، التي أسهمت بمبلغ 1500 ريال قطري، والشيخة سهام سرحان، التي تبرعت بمبلغ 1500 ريال قطري.


وإلى جانب عقد الاتفاق بين الجمعيتين، فيوجد عقد آخر بين المركز العام لأنصار السنة كطرف أول، وفرع الجمعية بحلوان كطرف ثانٍ، وبالمقارنة بين العقدين تلاحظ أن المدة المتفق فيها على تنفيذ المشروع في العقد الثاني 8 شهور وهي مدة أقل من المدة المتفق عليها مع الجمعية في قطر، التي تصل إلى عام.


ربما لم نكن أول من يفتح ملف التمويل القطري للجمعيات الإسلامية في مصر، ولكننا ننفرد بتقديم هذه المستندات التي تثبت ما أشرنا إليه خلال هذا الملف، إضافة إلى أن الجمعية لم تنفِ في السابق الاتهامات التي وجِّهَت إليها عقب الثورة بتلقي تمويلات أجنبية من مؤسسات قطرية، وإنما حاولت الترويج بأن هذه التمويلات كانت لأغراض خيرية وخدمية وتعليمية وتثقيفية، ككفالة الأيتام وبناء المساجد والمستشفيات ومكاتب تحفيظ القرآن.

كما أنها حاولت أيضًا التأكيد أن حجم التمويل خلال عام 2011، هو 620 ألفًا و632 دولارًا أمريكيًّا، وتجاهلت الحديث عن الأموال التي تدفقت خلال الشهر الأخير من 2010، والذي طالبت وزارة التضامن برده إلى المتبرعين، بسبب الثورة؛ خشية استخدام هذه الأموال في أعمال عنف وتخريب، إلا أن الجمعية استغلت الحالة الأمنية السيئة التي سادت البلاد في ذلك الوقت، ولم تنفذ تعليمات الوزارة.