الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

التنظيم السري للإخوان (١ - ٢)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خلال ندوة أُقيمت فى معرض الكتاب فى (٨ يناير ١٩٩٢)، تحدث «مأمون الهضيبى المُرشد العام لجماعة الإخوان الإرهابية وقتها»، وخرج علينا بتصريحات كاشِفة وهو يتفاخر ويتباهى بأعمال التنظيم السرى لجماعته، ويُعلن صراحةً ويقول نصًا: نفخر ونتقرب إلى الله بأعمال «التنظيم السرى».. ولهذا وجدت لِزامًا علىّ أن أخترق أسرار ودهاليز «التنظيم السرى» للجماعة الإرهابية التى ظلت لسنوات طويلة منذ نشأتها تُعادى الدولة، وتغتال القيادات، وترتكب الجرائم باسم الدين لتصِل للسُلطة، بِحِجة أنهُم جماعة المسلمين وليسوا جماعة من المسلمين.
«خوارج العصر».. «أهل الشر».. «أحفاد الشيطان».. اختر ما شئت من الجُمل الثلاث لكى تُسمى هذه الجماعة الإرهابية، ولَك مُطلق الحرية فى اختيار الجُمل الثلاث لِتصِف بها هؤلاء المُتطرفين الإرهابيين الذين تربوا وترعرعوا على أفكار «حسن البنا» مُؤسس الجماعة عام ١٩٢٨، ومُنذ نشأتها وهُم يقولون (نَحْنُ حملة الدعوة ونحتاج لقتال الذين يخاصمون الدعوة ويحاولون إعاقة سيرها)، كان هذا سببًا مُباشرًا لإنشاء ما يُعرف باسم (التنظيم السرى)، وكان صاحب الفكرة «حسن البنا» وبدأهُ بِكُل من «صالح عشماوى» و«حسين كمال الدين» و«حامد شريت» و«عبدالعزيز أحمد» و«محمود عبدالحليم» واختاروا «عبدالرحمن السندى» ليتولى قيادة التنظيم.
وفى رسالة المؤتمر الخامس للإخوان، عام ١٩٣٨، يُجيب «حسن البنّا» على سؤال: هل عزِم الإخوان على استخدام القوة فى تحقيق أغراضهم والوصول إلى أهدافهم وغايتهم؟ ويقول (الإخوان لابُد أن يكونوا أقوياء ولابُد أن يعملوا فى قوة)، ولهذا اعتبر الكثيرون أن فِكرة إنشاء «التنظيم السرى» جاءت كتطوُر طبيعى ومنطقى لفكر «حسن البنا».
فى كتابه (قصتى مع الحياة) يقول «خالد محمد خالد»: بدأت أسمع عن «التنظيم السرى» وأعرِف أعضاءه عام ١٩٤٢ ويومها عرِفت طريقه وتشكيله وأهدافه وغايته.
أما «محمود عساف أمين تنظيم الإخوان» فيقول فى كتابه عن (حسن البنّا): فى أحد أيام عام ١٩٤٤ دُعيت أنا والمرحوم عبدالعزيز كامل لكى نؤدى «بيعة التنظيم السرى»، وذهبنا إلى بيت فى «حارة الصليبة»، دخلنا غُرفة مُعتمة يجلس فيها شخص غير واضح المعالِم يبدو أن صوته معروف لنا وهو صوت «صالح عشماوى»، وأمامه منضدة مُنخفضة الأرجُل وهو جالس أمامها مُتربعًا، وعلى المنضدة مُصحف ومسدس وطلب مِن كُل مِنَّا أن يضع يده اليُمنى على المُصحف والمُسدس، ويؤدى البيعة بالسمع والطاعة لـ«للتنظيم السرى»، كان هذا موقفًا عجيبًا يبعث على الرهبة، وخرجنا سويًا إلى ضوء الطريق، ويكاد كُل مِنَّا يكتُم غيظه، وقال «عبدالعزيز كامل»: هذه تُشبه الطقوس السرية التى تتسم بها الحركات السرية كـ«الماسونية».
بعد أداء بيعة السمع والطاعة، يحرِص قائد التنظيم على عقد لقاءات مُتواصلة مع الأعضاء وفيها (لا يتحدث إلا قائد التنظيم، ولا يُسمع إلا صوته فى الاجتماعات، ولا يُقِدِم أى عضو على أى تصرُف قبل إبلاغ قائد التنظيم.. فمثلًا: من أراد الانتقال من منزل إلى منزل أو الزواج أو الطلاق أو العمل أو الدراسة أو ما شابه فإنه مُلزم بإبلاغ قائد التنظيم)... هُنَا يقول «أحمد عادل كمال عضو التنظيم السرى» فى كتابه (النقط فوق الحروف): كان التنظيم السرى يضم عناصر مُنتقاة وكُنا نحصُل على دروس كثيرة منها درسٍ وافٍ وشرح تفصيلى لكيفية إستخدام المُسدسات وطريقه فكِها قِطعة قِطعة ثم إعادة تركيبها، وكُنا نُسمى «المُسدس» (مُصحف) حتى لا نلجأ فى أحاديثنا إلى ذكر «المُسدسات»، وكُنا ندُرس «القنبلة اليدوية شديدة الانفجار، والقنبلة اليدوية الحارقة الإيطالية الصنع ثم القنبلة اليدوية الفوسفورية والمتفجرات والمفرقعات من مادة TNT ولوازم النسف والتدمير، وفى إحدى الدروس كان يُقرأ علينا لائحة التنظيم السرى ومعلومات عن حرب العصابات والإسعافات والتدريب على إطلاق النار، مع التشديد علينا بأن أى خيانة أو إفشاء سر التنظيم ستؤدى لإخلاء سبيل التنظيم ممن يخونه.
كان قيادات التنظيم السرى يُجبرون الأعضاء الجُدد على حضور جلسة فى محكمة الجنايات ثم يُجرون امتحانًا لهم ويوجهون لهم الأسئلة.. هُنَا يقول «أحمد عادل كمال عضو التنظيم السرى وأحد اللذين وضعوا صيغة أسئلة امتحان التنظيم السرى» فى كتابه (النقط فوق الحروف): كان الامتحان مُدته ١٨٠ دقيقة وعبارة عن أسئلة منها اشرح أسباب الانسحاب؟ ومواضِع الطعن القاتلة وكيف تُصيبها لِخِصمك؟ واشرح كوكتيل مولوتوف وكيفية استعماله؟ واذكُر ميزات قنبلة الأنيرجيا وفيما تُستعمل؟ احتجت إلى قنبلة ٧٥ ولَم تجدها، اذكُر تفصيلًا كيف تُجهزها محليًا وما استعمالها؟ واذكُر ميزات استعمال النسف بالكهرباء واستعمال النسف بالفتيل؟ صِف جلسة حضرتها فى محكمة الجنايات؟
ويستكمل «أحمد عادل كمال»، حديثه قائلًا: صدرت تعليمات من قيادة التنظيم السرى لجميع الأعضاء بالقيام بعمليات حصر للقيادات الحزبية والأعضاء الفاعلين بالأحزاب السياسية فى مصرى التوصُل لكل المعلومات عنهم منها معلومات عن محل إقامتهم ومسالكهم وما تيسر من معلومات عنهم. 
بذلك استباح «التنظيم السرى» دم الزعماء والقيادات بدعوى أنهم يقفون ضد الدعوة التى يتبناها الإخوان، ليعتمد «التنظيم السرى» على العنُف ويستهدف معارضيهم ويُصفى حساباته معهم، ويرتكب التنظيم الجرائم باسم (حماية دعوة الإخوان).