الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مع هند رستم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
للسيدة هند رستم منزلة كبيرة فى قلوب المصريين والعرب، ليس فقط لأنها ممثلة قديرة قدمت الكثير للسينما «80 فيلمًا»، ولكن لأنها سيدة صادقة، وهى تحت الأضواء، وهى فى الظل، وهى زوجة وأم وجدة، مصرية تنتمى إلى زمن التحرر الحقيقى، شعرت بسعادة غامرة وأنا أتصفح كتاب «ذكرياتى» للزميل والصديق أيمن الحكيم، الصادر عن دار «الكرمة» مؤخرا، ويتناول حكايات «ريتا هيوارت مصر» والذى كانت هند تحبه أكثر من «مارلين مونرو مصر»، أجمل ما فى الكتاب ليس التاريخ، ولكن تجاعيد الزمن التى تطل من الحكايات الشجية، وخصوصا بعد اعتزالها الفن، تحكى ابنتها «بسنت»: «أمها كانت تتلقى مكالمات تهنئة على أفلامها القديمة آخر الليل، بعد انتهاء عرض الفيلم فى التليفزيون، كانت «الحاجة شادية» تهاتفها، وتقول لها: «يا هند خلتينى أعيط !»، ويدور بينهما حديث طويل تتذكران فيه الأيام الحلوة، وشادية هذه هى الصدق بعينه»، ورفضت هند رستم جائزة الدولة التقديرية لسببين، الأول: كيف تحصل على جائزة تستحقها قبلها شادية؟ الثانى: لماذا تذكروها سنة 2004 وسبقها إليها أناس أقل شأنا، ولدت هند فى الإسكندرية سنة 1929 لأب يعمل ضابطا فى البوليس المصرى من أصول تركية يدعى حسين مراد رستم (عمل سعد الدين وهبة تحت قيادته فى منوف فى بداياته كضابط)، وأم إسكندرانية تدعى «نجية»، تزوجت مرتين: المرة الأولى عام 1950 من المخرج حسن رضا بعد فيلمهما «العقل زينة»، وأنجبت منه ابنتها الوحيدة، والمرة الثانية: من طبيب النساء والتوليد المشهور الدكتور محمد فياض، الذى رحل قبلها بعامين فى 2009، من الحكايات المؤثرة التى جاءت على لسان ابنتها، أنها عندما علمت بوفاة والد بسنت بكت بحرقة (رغم ما بينهما من مشاكل) وبعدها ذهبت إلى زوجها الدكتور فياض تعتذر له عن دموعها، «لأن الحزن شعور إنسانى لا نستطيع التحكم فيه»، تحكى هند رستم فى الكتاب عن زمن كبير كانت السينما من أهم تجلياته، تشعر وهى تتحدث عن المخرجين الذين عملت معهم، والممثلين الذين مثلت أمامهم، إننا قوة عظمى فى هذا المجال، وقبل أن يكون للسينما معهدا يدرس هذا الفن، هى كانت تقول إنها تربية حسن الإمام، قبله كنت مجرد ممثلة ناشئة تؤدى الأدوار الثانوية، ولا يشعر المخرجون بموهبتها»، مثلت معه كبطلة عشرة أفلام: «اعترافات زوجة، بنات الليل، الجسد، الحب العظيم، عواطف، شفيقة القبطية، امرأة على الهامش، الراهبة، الحلوة عزيزة، عجايب يا زمن»، حسن الإمام كما تقول: «هو الوحيد الذى كان يوضع اسمى على أفيشات الأفلام قبل النجوم، وأنها شاهدت بعينيها لافتات تملأ شوارع بيروت مكتوب عليها «انتظروا الفيلم القادم لحسن الإمام»، وتقول إنها تعلمت على يديه الإخلاص فى العمل واحترام المواعيد، أحبت يوسف شاهين رغم جنونه، وتقول إنه «أكثر واحد بهدلها» فى التصوير، تحكى: فى تصوير «باب الحديد» لقيته بيقول لى «شوفى يا هند.. وإنت واقفة على سطح القطر وهو بيجرى تروحى ناطة من عربية لعربية». ولما لقيته بيتكلم بجد انفجرت فيه: «يا يوسف إنت عيان ولا أيه؟ إنت فاكرنى هنومة بجد، أنط إزاى والقطر بيجرى.. يوسف كان مجنون سينما، لا يهمه شىء حتى لو الممثل حيموت قدام عينه !»، تحدثت عن حسام الدين مصطفى وفطين عبدالوهاب وصلاح أبوسيف ونيازى مصطفى، وخصائص كل واحد، حكت بمحبة غامرة عن إسماعيل ياسين، كممثل وإنسان، عن انزعاجه من أى ممثل يريد أن يسرق منه الكاميرا، ففى أول مشهد يجمع بينهما فى فيلم «ابن حميدو»، انسحب من التصوير، فسأله فطين عبدالوهاب: ستوب ليه يا إسماعيل؟ فرد بغضب «الست هند عاملة زى الغبغان، ولا تعطينا فرصة للكلامن إيه ده؟»، بكت هند، ولكن زينات صدقى أخذتها على جنب وقالت لها «بتعيطى ليه يا عبيطة؟ إسماعيل عايز كده.. لأنه خايف تاكلى منه الجو وتسرقى الكاميرا.. هو دا نظامه»، ردت هند «النبى حارسه.. بقى الحكاية كده.. طيب صبرك على.. دا أنا تربية حسن الإمام».. لكن فطين عنف إسماعيل ياسين وأعاده إلى التصوير، حكت عن رشدى أباظة بمحبة رائقة وعن عمر الشريف وفريد الأطرش وشكرى سرحان ويحيى شاهين ومحمود المليجى وفريد شوقى وعماد حمدى بخفة دم ومودة صادقة، عن هيستريا الضحك التى تنتابها لو كانت مجهدة والتى تسببت فى الكثير من المشاكل، وعن مقالب الأصدقاء أمام الكاميرا.. «الهانم» كما كان يسميها عبدالوهاب، لم تقدم فاتن حمامة واجب العزاء فيها لأنها أعلنت أنها غير موافقة على اختيارها نجمة القرن وقبلها «سيدة الشاشة»، كانت متدينة بطريقتها وحجت بيت الله وكانت ضد ظاهرة عمرو خالد وأمثاله.. وعاشت عنوانا لمصر المبدعة.. رحمة الله عليها.