الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

مارسيليو فيسينو.. الأفلاطوني الحديث

مارسيليو فيسينو
مارسيليو فيسينو
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعد الفيلسوف الإيطالي مارسيليو فيسينو، الذي تحل اليوم 19 أكتوبر ذكرى ميلاده، أحد علماء الفلك البارزين في أوروبا، في مدينة فلورنسا الإيطالية، كما أنه عمل على إحياء الفلسفة الأفلاطونية الحديثة؛ لأهميتها وتأثيرها على عصر النهضة الإيطالية، ويعتبر أول من ترجم أعمال أفلاطون إلى اللغة اللاتينية.
شهد مارسيليو فيسينو نور الحياة لأول مرة في مدينة فلورنسا الإيطالية، وتحديدًا في عام 1433، وكان والده يعمل طبيبًا، واستطاع بفضل جهوده الفلسفية، تأسيس وتقديم "أفلاطون"، إلى عصر النهضة الإيطالية، حيث عمل في الفترة ما بين عامي 1462-1469، على تجهيز 36 من محاورات أفلاطون، وترجمتها إلى اللاتينية، والتي سهّلت الأمر كثيرًا إلى إمكانية الوصول إليها، ومدى الاستفادة منها، وأتيحت أعماله في الغرب، للمرة الأولى، من خلال ترجماته في الفترة من 1484 حتى 1492.
وتعد اللغة اللاتينية، لغة العلم والدراسة في أوروبا حتى القرن الـ17، وكانت اللغة الرسمية للكنيسة الرومانية الكاثوليكية.
وشهد عصر النهضة، الذي وصف بالحركة الثقافية، ازدهارًا في الأدب باللغات المحلية، وإبداعًا في الأدب اللاتيني، بدءًا من القرن الـ14، وأيضًا في التعليم والرسم وعلم الفلك، وقد ظلت اللاتينية لغة دولية، يتعامل بها الدبلوماسيون حتى تلك الفترة، وحلت محلها اللغة الفرنسية ولحقتها الإنجليزية.
كتب فيسينو عدة رسائل في الطب، ونصائح عن أسلوب الحياة الصحي، اعتمد فيها على التنجيم وموافقة تواريخ الطالع واقتران الكواكب، وسارع بنشر أحد كتبه قبل إتمامه كي يكون النشر في سنة "مباركة" اتفق المنجمون في عصره على أهميتها.
كانت عقيدة فيسينو مزيجًا من المسيحية والأفلاطونية الحديثة، حيث اعتقد أن الروح مسجونة في الجسد، وأن أصلها هو انبثاق من الواحد، والذي هو اسم الكائن العلوي الإلهي عند الفلاسفة، وأن هدف الفلسفة هو تطهير النفس وارتقاء الروح لأصلها، وحتى بعد وفاته بثلاثة قرون، كانت ترجماته اللاتينية لنصوص أفلاطون وأفلوطين وباقي الكتابات المتأثرة بالأفلاطونية الجديدة هي الترجمات الأساسية المعتمدة، وقد امتلأ أدب القرن السادس عشر باقتباسات ونصوص متأثرة بما كتبه عن "الحب الأفلاطوني"، وساهمت كتاباته بشكل كبير في نشر فكرة الفلسفة الخالدية، واشتهر المصطلح عندما استخدمه فيما بعد الفيلسوف لايبنتز في إحدى رسائله، وقد آمن المعتقدين في هذه الفكرة أن جميع الفلسفات لها لب واحد مشترك، وحتى وإن كانت مختلفة في الظاهر.
ومع حلول القرن الثامن عشر بدأت سمعة فيسينو في الانهيار، حيث ابتعد الفلاسفة عن الأفكار القديمة ونظروا للعالم نظرة مادية مرتبطة بتقدم العلم التجريبي، والسبب الآخر هو اكتشاف دارسي الفلسفة أن فيسينو كان يفسر نصوص أفلاطون برأيه الشخصي، ويكاد يزور معناها لتتوافق مع من جاؤوا بعد أفلاطون من أتباع أفلوطين والأفلاطونية الجديدة.