للطباخ أسراره الخاصة، لا تقتصر فقط على سر خلطته التي يضعها على الأكلات لكي يتميز بها بين الزبائن التي لم يجدوا عند أحد غيره، لكن لديه أسرار مع الشخصيات التي تعامل معها على مر تاريخه خاصة إذا كان الطباخ «أحمد البكل» صاحب الـ٧٠ عامًا والذي عاصر زمن الملوك والبشوات وفنانين العصر الذهبي.
في حارة داخل حارة بسوق الفرنساوي بمنطقة المنشية أحد أقدم أسواق الخضراوات والفاكهة بمحافظة الإسكندرية، يجلس أحمد البكل، داخل محل الجزارة العتيق الذي ينبعث منه رائحة عبق التاريخ، ليتذكر الماضي بشخصياته ويقارنها بالحاضر والمستقبل.
ويعد محل الجزارة من علامات سوق الفرنساوي بمنطقة المنشية، حيث يحمل رخصة منذ عام ١٩٤٠، وكان والده يورد اللحوم الخاصة الملكية في عهد الملك فاروق وللباشاوات، وتوافد عليه الفنانون من الزمن الجميل.
ومن أبرز الباشاوات الذين كانوا يتعاملون معه فؤاد سراج الدين باشا، وعبدالفتاح باشا الطويل، ونشأت باشا، وسباهي باشا، وفرغلي باشا، وعبود باشا.
«قضى أحمد البكل فترة طفولته وشبابه داخل مطبخ الملك فاروق وذلك عندما كان يذهب مع والده وكان حينها في المرحلة الابتدائية، ليورد اللحوم بأنواعها للخاصة الملكية فى قصر المنتزه ورأس التين.
تعلم «البكل» أسرار إعداد الأكلات وطهيها على يد طباخ الملك فاروق، وهو «محمد محمود» والذى عمل معه كمساعد دون مقابل، وذلك بغرض التعلم فقط.
فالمطبخ الملكى كان بجوار قصر المنتزه، والذى كان يعد الطعام للملك فاروق وضيوفه من الملوك، مستخدمين كل أنواع اللحوم سواء كانت الضأن والشمبرى والعرق والفيليه.
ولم يشاهد الملك فاروق سوى أربع مرات فقط عندما كان يستقل الحصان الأبيض الخاص به داخل القصر، وكان الملك دائمًا يدخل المطبخ، ويأمر العاملين بتناول الطعام الذى يتناول منه، وهذا يدل على تواضعه الشديد.
وبعد أن تعلم أسرار إعداد الأكلات وطهيها على يد طباخ الملك فاروق، أراد أن ينقل خبرته داخل المحل الذى يمتلكه والده، ليصبح من المحلات الشهيرة فى أكلات الحواوشى واللحوم والفراخ، والتى توافد عليها الفنانون، أبرزهم محمود المليجى وزوجته علوية جميل، ويوسف بك وهبة، وأمينة رزق، وفريد الأطرش، وعبدالحليم حافظ، وأحمد زكى، وسهير البابلى.
ويتذكر «البكل» أشهر الأكلات التى يعشقها الفنانون والمشاهير، فيقول العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ كان من عشاق الحواوشى بمواصفات خاصة وهى لحم صافى فلفل وبصل خفيف، وأما يوسف بك وهبة كان يعشق اللحمة بالبصل والثوم، وأما فريد الأطرش فكان من أشهر زبائن المحل بسوق الفرنساوى، فكان والده يقدم له وجبة المبكى جريل، وهى عبارة عن إسكلوب وفيليه، ومخاصى، وكلاوى، وحلويات.
