الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأخبار

زيارة السيسي لموسكو تتوج اليوبيل الماسي للعلاقات بين مصر وروسيا

 السيسي
السيسي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
توجت الزيارة الرسمية للرئيس عبدالفتاح السيسي إلى روسيا 75 عامًا من العلاقات المصرية الروسية، حيث لم تقف تلك الزيارة -التي حملت في توقيتها ومضمونها دلالات خاصة- عند مناقشة مجالات التعاون الثنائي، بل إن التوقيت الذي جاءت فيه والاحتفاء الروسي الرسمي والإعلامي بالزيارة وتفاعلات مباحثاتها مع الأحداث الإقليمية في فلسطين وسوريا وليبيا تعد كلها مؤشرات على كونها زيارة تتصف بقدر كبير من الأهمية؛ لمساهمتها في رسم معالم شراكة كاملة بين القاهرة وموسكو.
التوقيت جاء مواكبًا لليوبيل الماسي للعلاقات بين البلدين، والذي شهد زخمًا تاريخيًا للمواقف الروسية تجاه مصر والمواقف المصرية تجاه روسيا، وجسدت بقوة سبعة عقود ونصف من العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ إقامتها في عام 1943، عندما دشنت أول سفارة لمصر في موسكو، وسفارة للاتحاد السوفييتي في القاهرة وقنصلية عامة في الإسكندرية، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت الدولتان شريكتين على الصعيدين الثنائي والدولي.
وشهدت العلاقات بين البلدين تغيرات جذرية، وتغيرت فيها أولوياتهما على الصعيدين الخارجي والداخلي، وتمت الخطوة الأولى للتعاون المصري الروسي في أغسطس عام 1948 حين وقعت البلدان أول اتفاقية اقتصادية حول مقايضة القطن المصري بحبوب وأخشاب من الاتحاد السوفيتي، وشهدت العلاقة تطورات متلاحقة كان أبرزها بعد ثورة يوليو عام 1952، وبلغت ذروتها في فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وقتما كان الرئيس جمال عبدالناصر على سدة الحكم، حيث ساعد آلاف الخبراء السوفييت في إنشاء المؤسسات الإنتاجية في مصر، وزودت القوات المسلحة المصرية منذ الخمسينيات بأسلحة سوفيتية.
وتعد نتائج الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس لروسيا على مدى الأيام الثلاث الماضية إضافة جديدة حققها التطور في العلاقات الذي تعاظم بعد ثورة 30 يونيو، ويعد انفتاحها واتسامها بالحيوية والفاعلية المميزة لها رسالة للعالم بقدرة مصر على التحرك الدولي والإقليمي في شتى الاتجاهات، فما قدمه الروس من دعم مالي خلال بناء السد العالي، ودعم عسكري في انتصارات أكتوبر عام 73، وتطور العلاقات عبر السنوات الأخيرة يعكس تأكيد الجانبين وقناعتهما بضرورة استثمار عمق العلاقات الثنائية وتجذرها في 75 عامًا ماضية.
وفي هذا الإطار شهدت العلاقات الدبلوماسية منذ إقامتها ديناميكية وحيوية بتبادل الزيارات واللقاءات بين المسئولين والخبراء المصريين والسوفيت، ولم تتوقف سوى لفترة وجيزة في السبعينيات لتعود من جديد في الثمانينات، وتكتسب قوة دفع قوية وجديدة في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي حتى باتت أكثر تميزًا في ظل الظروف الدولية الراهنة التي تتسم بعدم الاستقرار، حيث أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين مصر والاتحاد السوفيتي في عام 1943، فيما تمت الخطوة الأولى للتعاون الاقتصادي المصري الروسي في عام 1948 حين وقعت أول اتفاقية اقتصادية بين الجانبين.
وكانت مصر في طليعة الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع روسيا الاتحادية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ‏عام 1991، وتطورت العلاقات السياسية بين الدولتين على المستويين الحكومي والبرلماني، فمن بناء السد العالي وإقامة المراجل البخارية وتشييد أفران الحديد والصلب ومجمع الألومنيوم وشركات الكيماويات إلى المساعدة في بناء محطة الضبعة النووية وإنشاء أول منطقة صناعية روسية بمحور قناة السويس، ووصول حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا خلال العام الحالي إلى 1ر3 مليار دولار، وجمعيها شواهد تاريخية تؤكد عمق ومتانة العلاقات بين البلدين.
لقد شكلت العلاقات بين القاهرة وموسكو في خمسينيات وستينيات القرن العشرين تحالفًا صلبًا في مواجهة القوى الاستعمارية، حيث قبلت موسكو توريد السلاح لمصر مقابل القطن في عام 1955، وتوجيه قيادة موسكو الأوامر لسفن القمح للتوجه إلى ميناء الإسكندرية لمواجهة منع القمح الأمريكي عن مصر في عام 1964، وكذلك ربطت القاهرة بموسكو علاقات عسكرية تاريخية منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فقد كان للاتحاد السوفييتي الدور في إعادة بناء وتسليح القوات المسلحة المصرية في أعقاب حرب 1967، وفي حرب أكتوبر 1973 كان السلاح الروسي علامة فارقة عبر دور وسائل الدفاع الجوي الروسي وخاصة صواريخ سام 6 وسام 7 في مواجهة طائرات الفانتوم الأمريكية.
وشكلت العلاقات التاريخية والمؤثرات الثقافية عاملًا مهمًا في توطيد العلاقات المصرية الروسية، فمنذ العقد الثالث من القرن التاسع عشر شهدت مصر لأول مرة نزوح من أحد رواد الثقافة العربية والإسلامية إلى روسيا، هو الشيخ محمد عياد الطنطاوي الذي بهره الأدب والثقافة الروسية ليكمل حياته هناك، وفي عصر محمد علي في ثلاثينات القرن التاسع عشر عندما اختار أربعة شباب من النابغين ليرسلهم في بعثة إلى سيبيريا كي يدرسوا علم التعدين هناك، وحاليًا تلعب بعض المؤسسات دورًا هامًا في توثيق العلاقات الثقافية بين البلدين، ومن بين تلك الأنشطة إقامة تمثال برونزي للشيخ محمد عياد في سان بطرسبورج، وتمثال لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين في روسيا، إلى جانب إقامة العديد من الفاعليات الفنية والموسيقية والمعارض الفنية.
وهناك تعاون كبير بين وزارة الأوقاف المصرية وعدد من المؤسسات الدينية الهامة في روسيا، على رأسها مجلس شورى المفتين بروسيا الاتحادية ومقره موسكو والإدارة المركزية لمسلمي روسيا ومقرها مدينة "كازان" عاصمة إقليم "تتارستان"، ويقوم عدد من موفدي الوزارة بالتدريس بالمعاهد الدينية بروسيا، كما توفد الوزارة مبعوثًا أو أكثر إلى روسيا لإحياء شعائر شهر رمضان المعظم، ويحرص الجانبان المصري والروسي على المشاركة بالتبادل في مسابقات القرآن الكريم التي تنظم لدى كلا الطرفين.
وقام قداسة البابا تواضروس الثاني بإتمام زيارة إلى روسيا خلال عام 2014 لزيارة الكنيسة الروسية حظت بنجاح كبير في ضوء دورها لتعزيز العلاقات بين الكنيستين القبطية والأرثوذكسية الشرقية، كما حظت بترحيب كبير على المستويين الرسمي والشعبي الروسي.
وقد التقى قداسة البابا خلال الزيارة بوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الذي أكد على العلاقات التاريخية بين الكنيستين، معربا عن تقديره لدور قداسة البابا والكنيسة في مصر والشرق الأوسط.
وفي مجال العلاقات الإعلامية فقد أعلنت الحكومة الروسية في عام 2015 عن افتتاح مكتب جديد لوكالة "سبوتنيك" الروسية للأنباء في القاهرة، وجاء ذلك تزامنًا مع الزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مصر 9 فبراير 2015.