الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

سعد الشاذلي يجيب: كيف تخطينا عقبات العبور؟ 60 فردًا و200 كيلو متفجرات وبلدوزر لفتح ثغرة بالساتر الترابي بالطريقة التقليدية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كيف تغلبت القوات المسلحة على مشكلات عبور قناة السويس؟ خصص الراحل الفريق سعد الدين الشاذلى فصلا كاملا فى مذكراته، ليشرح خلاله كيف تمكنت قواتنا الباسلة فى اجتياز هذه المشكلات. «فتح الثغرات فى الساتر الترابى»، تحت هذا العنوان قال الشاذلى: كانت المشكلة الأولى هى فتح ثغرات فى السد الترابى حتى يمكن من خلالها عبور الدبابات وأسلحتنا الثقيلة، سواء عبر المعديات أم الكبارى»، ثم عرض المؤلف لشرح فنى مطول للطريقة المتبعة فى ذلك الوقت لفتح ثغرات الساتر الترابى، والتى تعتمد على سلاحى المهندسين والمشاة، ويعقب على هذه الطريقة قائلا: كان فتح الثغرات بهذا الأسلوب يعتبر باهظ التكاليف فى الأفراد والمعدات والمواد، فقد كان فتح الثغرة الواحدة يحتاج إلى ٦٠ فردا وبلدوزر و٢٠٠ كجم من المتفجرات وعمل يستمر من ٥-٦ ساعات دون حساب لأى تدخل من العدو».

لكن رغم ذلك لم يكن هناك مفر من قبول هذا العمل، ويمضى الشاذلى قائلا: لم يكن أمامى إلا أن أقبل بهذا الحل إلى أن نجد ما هو أفضل منه، ولكنى أخبرت اللواء جمال على مدير إدارة المهندسين بضرورة البحث والتفكير فى أسلوب آخر لفتح هذه الثغرات، وفى خلال يونيو من العام نفسه أخبرنى اللواء جمال على أن أحد ضباط المهندسين يقترح فتح الثغرة فى الساتر الترابى بأسلوب ضغط المياه وأنه قد مارس هذا العمل عندما كان يعمل فى السد العالى وكانوا يفتتون الصخر بقوة اندفاع المياه. كانت الفكرة سهلة وبسيطة ولا ينقص إلا تجربتها وقبل انتهاء شهر يونيو حضرت أول تجربة لاختبار هذه الفكرة. 
استخدم المهندسون فى هذا البيان ثلاث مضخات مياه إنجليزية الصنع وكانت النتيجة رائعة. وكان واضحا أنه كلما زاد ضغط الماء زادت سرعة تهايل الرمال وبالتالى سرعة فتح الثغرة وبعد عدة تجارب اتضح لنا أن كل متر مكعب من المياه يزيح مترا مكعبا من الرمال وأن العدد المثالى فى كل ثغرة هو خمس مضخات، وفى يوليو ٧١ تقرر أن يكون أسلوبنا فى فتح الثغرات فى الساتر الترابى هو أسلوب التجريف «ضغط المياه»، وقررنا شراء ٣٠٠ مضخة مياه إنجليزية وصل قسم منها قبل نهاية العام والقسم الباقى وصل فى أوائل عام ٧٢ وفى خلال عام ٧٢ قررنا شراء ١٥٠ مضخة أخرى ألمانية الصنع وأكثر قوة من المضخة الإنجليزية وبتخصيص ٣ مضخات إنجليزية ومضختين ألمانيتين لكل ثغرة كان من الممكن إزاحة ١٥٠٠ متر مكعب من الأتربة خلال ساعتين فقط وبعدد من الأفراد يتراوح ما بين ١٠- ١٥ فردا فقط.. كان هذا حلا رائعا وسهلا ويتلافى جميع العيوب التى يتسم بها الأسلوب السابق».

التغلب على النيران المشتعلة
كانت هذه هى المشكلة الثانية وعنها يقول «الشاذلى»: كان علينا مجابهة مشكلة النيران المشتعلة فوق سطح الماء وقت العبور، وبعد شرح فنى مطول للطريقة المتبعة وقتها فى التغلب على هذه المشكلة تمثل الحل الجديد فيما يلى:
١- سد فتحات الأنابيب المتصلة بخزانات المواد المشتعلة قبل بدء العبور.
٢- انتخاب نقاط العبور، بحيث تكون فوق اتجاه التيار، حيث إن هذا السائل المحترق يعوم مع التيار، وبالتالى فإنه يعتبر عديم المفعول ضد أى قوات تعبر من فوق اتجاه التيار.
٣- إذا حدث ونجح العدو فى تشغيل هذا السلاح، يتوقف العبور إلى أن تنتهى هذه النيران. 
ويستعرض المؤلف بعد ذلك كيفية عبور القناة بالقوات، فيقول: قسمنا وحدات المشاة المكلفة بالعبور إلى مجموعتين: المجموعة الأولى هى مجموعة المترجلين الذين يقتحمون القناة فى قوارب مطاطية ثم يعتمدون على أرجلهم فى التحرك بعد وصولهم إلى الشاطئ الآخر، أما المجموعة الثانية فتشمل الوحدات والأطقم ذات الأسلحة الثقيلة التى تنتظر على الجانب الغربى إلى أن يتم فتح الممرات فى السد الترابى وتشغل المعديات والكبارى.
وتم تقسيم مركبات كل فرقة مشاة إلى ٦ أسبقيات، كانت الأسبقية الأولى تشمل الدبابات وعربات القتال وعربات اللاسلكى والهاونات الثقيلة وعددا محدودا من العربات التى تنقل الذخيرة وتبلغ هذه المجموعة ٢٠٠ دبابة و٧٥٠ مركبة. وكانت الأسبقية الثانية تشمل وحدات المدفعية ووحدات الدفاع الجوى وعددا إضافيا من العربات التى تحمل الذخيرة لكى يصل إجمالى الذخيرة التى مع المشاة المترجلة إلى وحدة نارية وتبلغ هذه المجموعة ٧٠٠ مركبة. أما الأسبقية الثالثة فكانت تشمل باقى العناصر الإدارية التابعة لكتائب المشاة وكتائب المدفعية المضادة للطائرات وكان مجموع هذه الأسبقية ٦٠٠ مركبة.
وكانت الأسبقية الرابعة تتكون من الوحدات الإدارية التى على مستوى الأولوية وتصل فى مجموعها إلى ٤٠٠ مركبة.

والأسبقية الخامسة تشمل الوحدات الإدارية التى على مستوى الفرقة وتصل فى مجموعها إلى ٢٥٠ مركبة. والأسبقية السادسة تشمل العربات المخصصة لركوب أفراد المشاة الذين عبروا فى القوارب وتبلغ هذه المجموعة ٨٠ مركبة وقد كانت الأوامر صريحة بعدم السماح بعبور أية عربة من عربات هذه المجموعة قبل مرور ٤٨ ساعة من بدء الهجوم. يمضى الشاذلى مبينا تفاصيل العبور: كانت هذه الأسبقيات تعنى أن كل كتيبة تقوم بتقسيم مركباتها إلى ٤ مجموعات، وأن كل مجموعة من تلك المجموعات عليها أن تقابل المجموعات ذات الأسبقية الواحدة فى مكان ووقت محددين وبترتيب معين ثم تسير على طريق معين إلى معبر معين وفى وقت محدد وأن تعبر بسرعة معينة وبعد أن يتم عبورها فإنها تسلك طريقا محددا وتصل إلى وحدتها الأم فى مكان ووقت معينين. أما وحدات الدبابات والمدفعية فقد كانت أفضل حالا من وحدات المشاة حيث إنها تقسيمها إلى أسبقيتين فقط.. عبر ٣٢٠٠٠ رجل فى القوارب وعلى مدى ١٢ رحلة خلال ٣ ساعات وتم تدعيمها بعد ذلك بحوالى ١٠٠٠ دبابة و١٣٥٠٠ مركبة خلال ٦ ساعات من بدء تشغيل المعديات والكبارى.