الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الأب وليم سيدهم يكتب: ليكون فرحكم كاملًا

الأب وليم سيدهم
الأب وليم سيدهم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتناوب الفرح والحزن على الإنسان كما يمارس الشهيق والزفير، إلا أن الفرح والحزن هما حالتان ‏نفسيتان وشعوريتان يعبران عن التوجه الكامل لشخصية الإنسان فى لحظة محددة ولو أخذنا “الفرح” فهو ‏حالة يشعر فيها الإنسان بقدر من الإسترخاء والسكينة ويلونان نظرة الإنسان للحياة التى تنساب بين يديه ‏بلون الربيع والتفاؤل ويشارك جسم الإنسان فى هذه الحالة، إذ أن الإنسان الفرحان تنفرج أساريره ويكون ‏فى حالة تفاعل إيجابى مع من حوله من البشر وفي إنسجام كامل مع الطبيعة، إن الفرح له أسباب كثيرة ‏أهمها الشعور بالرضى عما يفعله الإنسان وعما يستقبله من أخوته البشر والطبيعة أيضًا وخاصة فى ‏علاقته مع الله.‏

حين وصلتنى نتيجة الثانوية العامة وعرفت أنى الأول على دفعتى لم تسعنى الفرحة، أيقنت أن كل الأيام ‏والساعات التى سهرتها وتعبت فيها لتحصيل العلم أتت بثمار حلوة فرحت لأنى إنسان فرض على مصحح ‏الامتحان الإعتراف بتفوقه. لأن والدىّ زادت ثقتهم فىّ وفى قدراتى، لأن زملائى أكتشفوا إنى إنسان ذكى. ‏لأنى تحررت من عبودية الامتحان وقهرته وأنا طليق الآن بعد أيام وشهور من العزلة والقهر والسهر و‏الصبر والاستذكار. فرحت لأن المستقبل أمامى أصبح رحبًا ومفتوحًا وبإمكانى أن أواصل التفوق على ‏ذاتى لدى شعور عارم بأن خبر نجاحى يجب ان ينتشر ويصل للدانى والقاصى فأنا أستحق أن يُحتفى بىّ.‏

كذلك حينما وُلدت أحتفت الأسرة والأصدقاء بي، لم أكن فى موقف من يعى هذا الفرح وكل الطقوس التى ‏ترافقه. والدتى والدى أخوتى الأسرة الكبيرة الأصدقاء. الجميع فرحوا لقدوم هذا الطفل، إنى فتحت طريقًا ‏للمستقبل أمام الجميع لقد تمدد الآمال والأحلام أمام أهلى لتصل إلى خمسين عامًا أو يزيد فى مستقبل قابل ‏بالحبل بمشروع إنسان عظيم، قد يكون مهندسًا أو دكتورًا أو رجل دين أو عالم من علماء الفضاء.‏

ولادة طفل هى ولادة حُلم كبير يتحقق لحظة بلحظة في ثنايا الوجود والحياة اليومية ففيما العمر يغرب غند ‏والدى وأجدادى أزف إليهم خبر إمتداد هذا الوجود وفتح باب الإمكانات وحلم مشروع طفل قد يتحول بعد ‏عشرين عامًا أو أكثر إلى إنسان عظيم يُغير وجه الكون مثل زويل أو نجيب محفوظ أو الدكتور مجدى ‏يعقوب أو بيل كلينتون …. الخ‏.

إن أفرح بيوم زواجى هو الفرح بتأسيس خلية أسرية جديدة ملؤها المشاركة والعطاء والمستقبل والحاضر ‏بنون وبنات، فرحة الزواج هى فرحة وجود شريك أو شريكة يدخل مغامرة صنع الحياة اليوم وفي ‏المستقبل. فرصة تغيير دفة الحياة ليصبح الماسكون على ناصيتها أثنان وليس شخص واحد.‏ والإثنان مرشحان ليكونا ثلاثة وأربعة وخمسة أو أكثر.. هى سفينة صغيرة تبحر في عباب الحياة، تتهادى ‏على إيقاع موج البحر وتعاقب النهار والليل.

إن فرحتى يوم دخولى إلى سلك الرهبنة لا يضاهيها فرح لقد قررت بملء إرادتى أن أكون خلية صغيرة فى ‏جسد رهبانى عالمى ينشد الخدمة والمصالحة وإعلان الفرح فى كل المسكونة. إنها فرحة من وجد كنزًا في ‏الأرض فباع كل ما له واشترى هذه الارض ليعزز أركان مشروعه الوجودى. كل الامكانات مُسخرة ‏للخدمة ونشر الفرح والسلام بين جنبات المكان الذى أعيش فيه. إنه فرح من أصبح مواطنًا عالميًا يخدم فى ‏أى مكان وكل إنسان دون تفرقة فى اللون والجنس والدين.‏

هى فرحة مريم اخت مرثا التى اختارت النصيب الصالح، زكا الذى حظى بزيارة المخلص ومريم العذراء ‏التى حبلت بالمخلص.‏ نعم أى فرح يضاهى فرح الولوج الى ناصية الحقيقة، وأى حقيقة أنصع من الإيمان بمخلص اسمه يسوع ‏ابن الله. ‏

وليكون فرحكم كاملًا لأنكم آمنتم بأن مصدر الفرح هو معين لا ينضب وهو الذى يعطى لنجاحنا معنى وهو ‏الذى يضفى على زواجنا معنى وهو الذى يضفى على تكريسنا شرعية وقبولًا وحبورًا.‏

نعم فرحنا كامل بقيامة يسوع المجيدة وقدرته الألهية على سحق الموت تحت أقدامنا وفتح باب العبور من ‏حياة إلى حياة تجعل الموت مجرد لحظات عابرة لا تذكر فى عمر زمننا البشرى والسماوى الآبدى.‏

يارب أفرح قلوبنا ولا تسلمنا الى قبضة الأحزان بل حول هذه الاحزان إلى أفراح الانتصار عليها وافتح لنا ‏باب الرجاء واسعا.