الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

مفتي الجمهورية يتحدث لـ"البوابة نيوز": الإخوان تسببوا في زيادة معدلات الإلحاد.. القبض على "عشماوي" ضربة قاضية للإرهاب العابر للحدود.. الطلاق مشكلة تؤرقنا.. وتحديد النسل ونقل الأعضاء جائز شرعا

مفتي الجمهورية يتحدث
مفتي الجمهورية يتحدث لـ«البوابة نيوز»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أكد الدكتور شوقى علام، مفتى الديار المصرية، ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء حول العالم، أن نسبة الإلحاد زادت بمصر فى أعقاب استخدام جماعة الإخوان شعار «الإسلام هو الحل»، وبعدما اعترف الإخوان أنهم فشلوا فى حكم البلاد ظن الشباب أن الإسلام هو الذى فشل، مؤكدًا أن دار الإفتاء تعمل على الحد من الظاهرة، وقال فى حواره لـ«البوابة»: إن الجماعات الإرهابية فى سيناء أشهرت سلاح الفتوى، وأسرفوا فى أحكام الكفر على المدنيين، ليردعهم عن التعاون مع الدولة من ناحية أو لإيجاد مبرر لقتلهم أمام أعضائه أو المنضمين حديثًا لصفوفه من ناحية أخرى.. وإلى تفاصيل الحوار.


■ فى البداية.. تعقدون مؤتمرًا تحت عنوان «التجديد فى الفتوى».. فما رؤيتكم له؟
- مؤتمر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، هذا العام هو المؤتمر الرابع الذى تعقده الأمانة التابعة لدار الإفتاء المصرية، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، واخترنا له عنونًا «التجديد فى الفتوى بين النظرية والتطبيق»، ومن المنتظر أن يشارك فيه وفود من أكثر من خمسين دولة، ونأمل أن يكون مرآة صادقة لأهمية التجديد فى مجال الإفتاء، لأن معيار حركة التجديد الإفتائى لا يظهر فى مجال، كما يتجلى فى صحة الفتوى فى المستجدات والنوازل المعاصرة، كما نناقش عددًا من القضايا المعاصرة التى تشمل المستجدات الحادثة فى مجالات مثل الاقتصاد والسياسة والاجتماع والفضاء الإلكترونى.
ومن المنتظر عقد ورش عمل خلال المؤتمر تناقش وضع ميثاق عالمى جامع للفتوى، ومؤشر عالى للفتوى، وكذلك صياغة منهج دراسى للفتوى، بغية الحوار وتبسيط المفاهيم، ويحدونا الأمل أن نحقق النتائج المرجوة دون سطحية ولا تخوف.
■ لماذا تعول المؤسسة الدينية على قانون فوضى الفتاوى لضبط الإفتاء؟
- الفتوى دون علم تؤدى إلى حدوث بلبلة بين الناس، وسيسهم هذا القانون بشكل كبير فى تنظيم الفتوى فى مصر، وعندما يصدر سيتم حل العديد من المشكلات التى تطرأ على الساحة، ومن ضمنها من يتصدر للفتوى لمصر، ونحن نرى أن القانون سيكون رادعًا لغير المتخصصين، ومنظمًا لأمر الفتوى وحصره فى أهل الاختصاص، وهو أمر مهم، لكن مع القانون لا بد أن تكون هناك توعية مجتمعية وتثقيف للناس حول أهمية الفتوى وخطورتها، وخطورة أخذها من غير المتخصصين لما يمكن أن يحدث من بلبلة أو نشر للأفكار المتطرفة.
■ لماذا يقتصر المفتى على آراء المذاهب الأربعة؟
- المذاهب الفقهية تركت لنا فكرًا منتظمًا متسقًا له غايات واضحة، على مدى زمنى طويل، يساعدنا على التعامل مع الوقائع الحادثة فى المجتمع. وهؤلاء العلماء أصحاب المذاهب الفقهية كانوا يكنون بعضهم لبعض كل تقدير واحترام، وسيرتهم فى ذلك معروفة مشتهرة.
ومن العسير على النفس، فضلًا عن الواقع العملى، التفريط فى هذا التراث العلمى بدعاوى حرية الرأى والتفكير، وعلى الجميع، خاصة المقللين من أهمية التراث، أن يطالعوا هذه الكتب الفقهية من أمهات الكتب ليدرك حجم الجهد المبذول فيها، وبالتأكيد يمكن الخروج عن آرائهم، فالتمذهب لا يعنى انغلاق العقل وتحجر الفكر بل يعنى إطلاق العنان للعقل وتحرر الفكر، لإنزال حكم الله الوارد فى النصوص الشرعية على الوقائع الحادثة بضوابط علمية رصينة ومناهج واضحة وتسلسل موصول برسول الله، صلى الله عليه وسلم.

■ لماذا لا نجد حركة عملية لتنقيح التراث؟
- التراث الإسلامى الموجود بين أيدى المسلمين فى دول العالم، يُصَنف فى ملفات عديدة ومجلدات تمتلئ بها المكتبات الإسلامية، نتاج لعقل كان منضبط فى زمانه وناقش المسائل بتنظير وعقل وعلم، ومن العبث طرح التراث جانبا كله جملة واحدة، ومن العبث أيضًا استجلاب هذا التراث إلى زماننا الحاضر ليتحرك فى أرض الواقع الحالى، ويحكم هذا الحاضر، ويجعل حلولا لمشاكله كما كان فى الماضى، وأن الارتكان إلى هذا التراث سواء بحذفه تمامًا أو الاعتماد عليه كلية فى حياتنا الحاضرة نظرة خاطئة.
والنظرة السوية فى التعامل مع التراث أن نتصل بهذا التراث اتصالًا رشيدًا عاقلًا وهادئًا، يأخذ بضوابط هذا التراث وقواعده وأصوله ومناهجه ثم ينطلق من خلال ذلك ويعالج بعقل رشيد قضايا الحاضر، بواقع الحاضر وليس بنظرة الإنسان إلى الماضى.
■ لا تزال قضية الطلاق واحدة من أعقد المسائل التى تواجه الأسر المصرية.. فكيف توجهونها؟
- مشكلة الطلاق تؤرق البيت المصرى وتجعله فى مهب الريح بمجرد كلمة تُلقى من زوج مع الملابسات والظروف المحيطة به، ومع دراسة المسألة ومن خلال الإحصائيات يأتى شهريًا من يسألون عن الطلاق بدار الإفتاء ٣٤٠٠ سائل فى الشهر الواحد وهو رقم خطير، وتم وضع مراحل لعلاج مسألة الطلاق بدار الإفتاء، وبعض الحالات يستشكل على أمين الفتوى، فتم إنشاء لجنة طلاق تنعقد كل أسبوعين، وتحديد موعد لمجيئ الأشخاص الذى اشتبه أمين الفتوى فى الأمر، وتفتى لهم، وإن لم يكن الأمر يتم رفعه إلىّ شخصيًا لأبحثه.
كما أننا فى الدار نؤمن بأن دورنا ومسئوليتنا الاجتماعية يجب ألا يقف عند مجرد بيان الحكم الشرعى فى مسائل الطلاق؛ بل يجب أن يتعدى هذا الإطار، بحيث تسعى لاستثمار مكانتها فى قلوب منخفضى التوافق الزواجى المقبلين على الطلاق، خاصة أنهم اختاروا بأنفسهم اللجوء إليها، وذلك بالسعى إلى محاولة فهم أسباب ودوافع نشوء وتعاظم الرغبة فى إنهاء العلاقة من أحد الطرفين أو كليهما، وتبصير الطرفين بطبيعة العوامل المسئولة عن تصاعد تلك الرغبة، وحث كل طرف على تفهم وجهة نظر ودوافع الطرف الآخر حتى يتمكن من تقييم الموقف بصورة أكثر موضوعية؛ ووضع العديد من البدائل والآليات التى تمكنهم من التعامل مع تلك المشكلات بصورة أكثر موضوعية على النحو الذى يمكنهم من التغلب عليها.
ومن هذا المنطلق فقد قمنا بإنشاء وحدة الإرشاد الأسرى لحماية الأسرة، والحفاظ على ترابطها، إيمانًا منا بأن قضية الطلاق لا تعد مشكلة اجتماعية وحسب بل هى بمثابة قضية أمن قومي؛ ذلك أن تفكك الأسر بالطلاق يعنى ضخ المزيد من المدمنين والمتطرفين والمتحرشين والفاشلين دراسيًا إلى جسد المجتمع لينخر فيه.

■ ماذا عن حدود عمل وولاية المرأة فى الإسلام؟
- المرأة نصف المجتمع بل لا نكون نبالغ إن قلنا هى كل المجتمع، وكان لها فى الإسلام دور كبير وفعال منذ بداية الوحى وعلى مدار التاريخ الإسلامى، فحضورها فى العصور الزاهرة والتى أعقبت عصر الصحابة، أمر ملاحظ من تراجم العالمات اللاتى ترجم لهن الحافظ ابن حجر العسقلانى فى كتابه «الإصابة فى تمييز الصحابة» فقد وجد من خلال التراجم عددًا كبيرًا من النساء فى سند العلوم المختلفة ما يؤكد ارتياد المرأة المجال العلمى وريادتها فيه؛ وهذا كله ينفى ما يردده بعض المغرضين بأن الشريعة الإسلامية تمنع المرأة من الخروج من بيتها أو تمنع عنها العلم بل تحرص الشريعة وتدعو المرأة للوصول إلى أقصى الدرجات العلمية.
ومنصب رئيس الدولة فى المجتمع المعاصر، سواء أكان رئيسًا أم رئيس وزراء أم ملكًا، منصب مدنى، يحق لها أن تتولاه فى ظل المجتمعات الإسلامية المعاصرة على غرار تولى بعض النساء المسلمات للحكم فى بعض الأقطار الإسلامية فى أزمنة مختلفة، ولا يقدح فى توليها الحكم ما نُقل فى التراث من إجماع العلماء على منع المرأة من تولى الولاية الكبرى، لأن مطلق الحكم مغاير لمفهوم الخلافة، وكذلك الحال بالنسبة لما نحن فيه، فإن مفهوم منصب الرئاسة فى العالم المعاصر يختلف تمامًا عن المفهوم التقليدى الموروث لمنصب رئيس دولة الخلافة كقائد دينى لها، وحكم النساء بعض الأقطار الإسلامية فى أزمنة مختلفة، ويذكر التاريخ الإسلامى أن هناك أكثر من خمسين امرأة حكمن الأقطار الإسلامية على مر التاريخ.
■ ماذا عن مبادرة «كفاية ٢» التى أعلنتها التضامن لمواجهة الزيادة السكانية؟
- تحديد النسل جائز شرعًا، ويجوز للزوجين أن يلتمسا وسيلة من الوسائل المشروعة لتنظيم عملية الإنجاب، ولا ينطبق على هذه الوسائل التحذير من قتل الأولاد خشية الإملاق، لأنهم لم يتكونوا بعد، ورأى الدين يدعو دائمًا للتوازن بين عدد السكان وتحقيق التنمية، حتى لا تؤدى كثرة السكان إلى الفقر، كما استنبط الإمام الشافعى ذلك من قوله عز وجل: «فإن خفتم ألا تعدلوا»، كما أن دار الإفتاء استقرت فى فتواها على أن تنظيم الأسرة من الأمور المشروعة والجائزة شرعًا، وهذه المنظومة التى نسير عليها متسقة مع منظومة التشريعات المصرية.
■ ما رؤيتكم لما آثاره بعض علماء الأزهر حول «النقاب»؟
- المرأة كما اتفق الفقهاء مطالبة بستر جسدها كواجب شرعى ما عدا الوجه والكفين، حيث يجب أن يكون اللباس الذى ترتديه ساترًا، وتكون به محتشمة، فملابسها لا تصف ولا تشف ولا تحدد جسدها، أما عن النقاب من المباحات لكنه ليس فرضًا، على المرأة أن ترديه وهذا ما عليه جمهور الفقهاء، ورأى المالكية أن مكروه سواء فى صلاة أو خارجها. وأرى أن النقاب عادة، المرأة فيه حسبما تُعاد إليه أهل بلدها حتى لا تكون شاذة فى المجتمع التى تعيش فيه.

■ هل لها حق فى أن تسافر دون محرم؟
- يجوز للمرأة أن تسافر من دون مَحرَم شرط اطمئنانها على الأمان فى سفرها وإقامتها وعودتها وعدم تعرضها لمضايقات فى شخصها أو دِينها؛ فقد ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه البخارى وغيره عن عَدِيِّ بن حاتم رضى الله عنه أنه قال له: «فإن طالَت بكَ حَياةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينةَ -أى المسافرةَ- تَرتَحِلُ مِنَ الحِيرةِ حتى تَطُوفَ بالكَعبةِ لا تَخافُ أَحَدًا إلَّا اللهَ»، وفى رواية الإمام أحمد: «فو الذى نَفسِى بيَدِه لَيُتِمَّنَّ اللهُ هذا الأمرَ حتى تَخرُجَ الظَّعِينةُ مِن الحِيرةِ حتى تَطُوفَ بالبَيتِ فى غَيرِ جِوارِ أَحَدٍ».
وقد أجاز جمهور الفقهاء للمرأة فى حج الفريضة أن تسافر دون محرم إذا كانت مع نساء ثِقات أو رفقة مأمونة، واستدلوا على ذلك بخروج أمهات المؤمنين، رضى الله عنهن، بعد وفاة رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، للحج فى عهد عمر، رضى الله عنه، وقد أرسل معهن عثمان بن عفان ليحافظ عليهن، رضى الله عنه.
■ ماذا عن مساواتها فى الميراث مع الرجل؟
- لا اجتهاد فى الأحكام الشرعية قطعية الثبوت والدلالةِ ولا مجال فيها لوجهات النظر الشخصية، والتى منها «أحكام المواريث»، لأنها حُسِمت بنصوص شرعية قطعية وصريحة لا تحتمل أكثر من معنًى.لأن الذى قدر نصيب كل وارث شرعا فيها هو الله، سبحانه وتعالى، ونص على ذلك صراحة فى آيات القرآن الكريم فقال تعالى: «يوصِيكُمُ اللَّهُ فِى أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ»، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن اللّه تبارك وتعالى قد أعطى لكل ذى حق حقه، فلا وصية لوارث»، وعليه تكون قضية المواريث من الأحكام قطعية الثبوت والدلالة التى لا تقبل الاجتهاد ولا وجهات النظر.
■ قضية الأعضاء ونقلها لا تزال تبحث عمن يعمل على تقنينها شرعًا.. فما رأى الدار؟
- العلاج بنقل الأعضاء وزرع قرنية من متوفٍ إلى شخص حى مصاب جائز شرعًا، شريطة بُعد هذه العملية عن التلاعب بالإنسان الذى كرمه الله تعالى، والنأى به عن أن يتحول إلى قطع غيار تباع وتشترى.
كما يرخص فى نقل العضو البشرى من الميت إلى الحى بشروط وضوابط عدة، أولها أن يكون المنقول منه العضو قد تحقق موته موتًا شرعيًا، أى موتًا كليًا، وهو الذى تتوقف فيه جميع أجهزة الجِسم عن العمل توقفًا تامًا تستحيل معه العودة للحياة مرة أخرى، بحيث يسمح بدفْنه، ولا عبرة بالموت الإكلينيكى أو ما يعرف بموت جذع المخ أو الدماغ، لأنه لا يعد موتًا شرعًا لبقاء بعض أجهزة الجسم حية، إلا إذا تحقق موته بتوقف قلبه وتنفسه وجميع وظائف مخه ودماغه توقفًا لا رجعة فيه، وكان عمل بعض أعضائه إنما هو آلى بفعل الأجهزة، بحيث تكون روحه قد فَارقت جسده مفارقةً تامةً تستحيل بعدها عودته للحياة، لأنه حينئذ لم يعد نفسًا حيةً.

■ كيف وجدتم إعلان القوات الليبية القبض على الإرهابى هشام عشماوي؟
- القبض على الإرهابى هشام عشماوى ضربة قاصمة للإرهاب العابر للحدود، حيث إنه يؤكد الجهود المصرية الرامية لتجفيف منابع الإرهاب فى ليبيا، خاصة درنة، وتكشف عن رؤية استراتيجية شاملة لمحاربة ومكافحة الإرهاب فى مهده، سواء فى الداخل «العملية الشاملة سيناء»، أو فى الجوار، حيث أصبح الجوار ملجأ للإرهابيين.
كما أحيى جهود قوات الأمن من الجيش والشرطة المصرية التى نجحت فى تحقيق مزيد من الاستقرار واستعادة الأمن فى ربوع مصر بالداخل وعبر حدودها، ونحن بدورنا ما زلنا نؤكد ضرورة تكاتف الجهود المحلية والإقليمية على المستويين الرسمى والشعبى فى مواجهة الإرهاب الغادر.
■ يظل مطلب تكفير داعش والقاعدة مطلبًا دائمًا موجهًا للمؤسسة الدينية.. فهل يمكن الحكم بذلك الآن؟
- التكفير وترك التكفير، هذا لن يفيد، واجبنا جميعًا هو التصدى والمواجهة على كل المستويات، وأظن أن جر الحوار إلى هذه الخانة تشتيت لجهود المواجهة، كما أن هناك إجماعًا وطنيًا وإنسانيًا ودينيًا، من كل الأديان والمؤسسات على أن داعش وأخواتها خارجة عن تعاليم الأديان، وعلى ضرورة التصدى والالتفاف حول الدولة بمؤسساتها المختلفة، وفى مقدمتها القوات المسلحة للتصدى والمواجهة والحفاظ على الدولة المصرية دون جذب القضية إلى أيديولوجيات خاصة، فمصر ستظل مقبرة للغزاة.
■ لماذا لجأ التنظيم إلى الفتوى فى صراعه مع الدولة فى سيناء؟
- لجوء التنظيم إلى تلك الفتاوى يحمل دلالةً واضحة على فشله فى تخويف الأهالى من التعاون مع المؤسسات الوطنية، الأمر الذى دفعه إلى إشهار سلاح الفتوى لعله يكون الحل فى معضلة التعاون بين الأهالى ومؤسسات الدولة، كما أن توسع التنظيم فى هذه الفتاوى يؤكد عدم تعاون أهل سيناء معه، وعدم وجود حاضنة شعبية له بين المدنيين، فيسرف التنظيم فى أحكام الكفر على المدنيين، ليردعهم عن التعاون مع الدولة من ناحية، أو لإيجاد مبرر لقتلهم أمام أعضائه أو المنضمين حديثًا لصفوفه من ناحية أخرى.
وقد كشفت تلك الفتاوى عن منظار التنظيم فى التعامل مع أهالى سيناء، حيث يرى التنظيم أن زرع العبوات الناسفة قرب بيوت المدنيين من أهل سيناء ضرورة ومصلحة عامة للجهاد، وتركها مفسدة عامة، وأن عمليات الاختباء داخل البيوت واستعمال المدنيين كدروع بشرية ضرورة جهادية كذلك، وهى كلها فتاوى وأحكام تسعى لتخويف وإرهاب المدنيين من أهالى سيناء الذين يتعاونون مع قوات إنفاذ القانون من القوات المسلحة والشرطة المدنية، وتترافق تلك الفتاوى مع عمليات قتل كثيرة جرت لمن يسميهم التنظيم «متعاونين مع الطواغيت».

■ هل نحن بحاجة إلى تأهيل أئمة سيناء لمواجهة تلك الفتاوي؟
- بكل تأكيد.. فهم يخوضون حربًا كبيرة ضد أصحاب الأفكار المتطرفة والجماعات الإرهابية، وهو أمر يحتاج إعدادًا وتأهيلًا، حيث تقع على عاتقهم مسئولية تحصين المجتمع من الفكر المتطرف والمنحرف.
■ نحن فى عام القدس.. كيف ترى تكرار الصلوات التلمودية بالأقصى؟
- استنكرنا بشدة اقتحام عشرات اليهوديات من جماعة «نساء من أجل الهيكل» للمسجد الأقصى وأداء الصلوات التلمودية عند حائط البراق فى حراسة ضباط الاحتلال، وقلنا وقتها إن مدينة القدس، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك خط أحمر لا يمكن تجاوزه، وأن أى اعتداء عليه يهدد الأمن والاستقرار فى المنطقة.
إلا أن قوات الاحتلال الإسرائيلى تصر على تأجيج مشاعر مليار ونصف المليار من المسلمين حول العالم، ما يجعلنا أمام مجتمع دولى مطالب باتخاذ إجراءات تحول دون تكرار تلك الانتهاكات، والعمل على حماية القدس وفقًا للاتفاقيات والقوانين والأعراف الدولية التى تجرم أى تغيير لطبيعة الأرض والسكان فى الأراضى المحتلة.
■ هل يرتقى الإلحاد فى مصر إلى كونه ظاهرة.. وكيف يواجه؟
- نسبة الإلحاد زادت بمصر عقب العام الذى سيطرت فيه جماعة الإخوان على الحكم بالبلاد، نظرًا لاستخدامهم شعار «الإسلام هو الحل»، وبعدما اعترف الإخوان أنهم فشلوا فى حكم البلاد ظن الشباب أن الإسلام هو الذى فشل وليس المجموعة التى حكمت وأدخلت الشباب فى مرحلة تشويش فكرى تمكنا من علاج الكثير منه.
وإعادة الملحدين إلى المنظومة مرة ثانية يحتاج إلى جهد كبير وهو ما تقوم به دار الإفتاء الآن لمعالجة التشوهات الفكرية التى طالت الشباب عقب حكم جماعة الإخوان. وظاهرة الإلحاد تحتاج علاجًا، عن طريق مواجهة الفكر بمثله لإزالة الشبهات، ولدينا داخل دار الإفتاء إدارة خاصة للرد على قضايا الإلحاد من خلال باحثين متخصصين للنقاش مع الملحدين بأساليب علمية وعقلية تتناسب مع طريقة تفكيرهم.
■ ماذا عن المراكز الإسلامية فى الخارج ودورها فى الإسلام وفوبيا؟
- عقدنا العام قبل الماضى مؤتمرًا عالميًا حول «التكوين العلمى والتأهيل الإفتائى لأئمة المساجد فى الخارج»، والمؤتمر جاء ضمن منظومة تجديد الخطاب الدينى فى الخارج، وهو يعمل على سحب البساط من تيارات الإسلام السياسى المسيطرة على الجاليات المسلمة فى الغرب، إيمانًا بأن الأئمة والدعاة فى الغرب هم نواة نشر الإسلام وتصحيح المفاهيم فى الخارج، ومن الأهمية بمكان أن يتم تدريبهم وتأهيلهم للتعامل مع النصوص الشرعية، والتعاطى مع معطيات الواقع، وامتلاك أدوات وأساليب الخطاب الدينى الصحيح الوسطى البعيد عن التفريط والإفراط، وتأصيل الرباط بين الأئمة والدعاة وبين العلماء الثقات والمؤسسات الإسلامية الكبرى فى العالم الإسلامى، وعلى رأسها الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية.
وبالفعل تم تخريج عدد من الأئمة من الخارج تم تدريبهم وتأهيلهم فى دار الإفتاء من عدة دول من بريطانيا وروسيا ودول جنوب شرق آسيا، لخطورة تلك المراكز فى تأجيج وزيادة معدلات الخوف والرهبة من الإسلام شأنها شأن العمليات الإرهابية.