الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كلنا جنود

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى العام ٢٠٠٥ التحقت بصفوف القوات المسلحة لأداء الخدمة العسكرية، كسائر أقرانى من أبناء مصر. وجوه فى مقتبل العمر تلون ملامحها سُمرة طمى النيل، مقبلة على الحياة كما يُقبل «حابي» فائضًا على أرض «كيمت» بالخير والرخاء.
كنّا نرى - أنا وأقرانى - الخدمة العسكرية وسام الفخر وصك الرجولة والشرف الذى لا يُضاهيه شرف، وكلما جاءت ذكرى حرب أكتوبر المجيدة، تذكرت تلك الأيام التى تعلمت منها ما لم ولن أجده أو أتعلمه فى مكان آخر، فهناك الكلمة لها ميزان والحركة لها مقاييس، وكل شيء يسير وفق قواعد وقوانين وضوابط تميز هذه المؤسسة عن غيرها من مؤسسات مصر، لذا كان النصر حليف الأبطال قبل ٤٥ عامًا من يومنا هذا.
لم تكن حرب أكتوبر المجيدة لتؤتى ثمارها دون التخطيط العلمى السليم، واتباع أحدث الوسائل فى ذلك الوقت على مختلف المستويات لتحقيق الغاية المنشودة، وهنا يتضح لنا جليًا دور العلم فى تحقيق الأهداف، الجميع يرى أن الجندى المصرى أبهر العالم بصموده وتحديه لمانع وسد صعب أكدت كل الدلائل والقرائن أنه لا يقهر ولا يمكن تدميره، إلا أن الدراسة والبحث والمنهج السليم وتحدى الرجال كان لهم رأى آخر استنادًا على العلم، ومن ثم انهار خط بارليف وانهارت معه أسطورة الجيش الذى لا يُقهر. 
فى نفس التوقيت فى كل عام نتحدث عن النصر، ونسلط الضوء على عظمة الجندى المصري، ونستضيف أبطال أكتوبر ليحدثونا عن ما قدموه من تضحيات وفداء لرفعة هذا الوطن، وأيام قلائل وتنتهى الاحتفالات، وينفض كل منّا إلى ما كان يقوم به وتستمر الحياة، إلا أننا لم نسأل أنفسنا يومًا لماذا حقق الجندى المصرى العبور والنصر؟ بينما نقف نحن فى أماكننا لا نحرك ساكنًا، لماذا كبّر الجندى المصرى وهو مؤمن بتوفيق الله فأيده الله بنصره؟ بينما نقف نحن جامدين لا نحرك ساكنًا، وندعو الله أن تتغير الأحوال، لماذا لا نكون «كلّنا جنود»؟! كلٌ فى عمله.
بناء الأوطان يحتاج إلى أكثر من الأمنيات، يحتاج إلى مزيد من الإيمان بالذات، والثبات على المبادئ والإخلاص فى العمل، والأهم من هذا كله أن يكون هناك ميزان للكلمة، ومقياس للحركة، وقواعد وقوانين وضوابط تحركنا بعيدًا عن الأهواء والمنافع الشخصية. حينها لن نجد مواطن تعطلت مصالحة لأن الموظف انصرف قبل موعده الرسمى أو ينتظر ما يدخل درجه المفتوح، لن نسمع عن مريض مُلقى أمام مستشفى يُنازع الموت لأنه لا يجد ثمن العلاج، لن نجد طالبا جامعيا تخرج وهو لا يستطيع كتابة جملة عربية بشكل صحيح؛ لأنه تعلم على الدروس الخصوصية التى حولت التعليم لـ«سبوبة»، لن نجد صحفيًا يتملّق مسئولا هنا أو هناك لتحقيق منفعة له أو لأحد من ذويه، لن نجد طبيبًا يُخالف ضميره ويتاجر فى أوجاع الناس لأن راتبه لا يكفيه لأسبوع، لن نجد تاجرًا يُعطش السوق بما لديه من مخزون ليحقق ربحا سريعا، لن نجد صيدلانيًا تحول إلى تاجر مخدرات صغير لمجرد أن بيع المنشطات يُدر عليه ربحًا أكبر، ولن نجد واعظًا سلّطه الله على عباده لنصح الناس وهو غارق فى شهواته وملذاته، والنماذج كثيرة ولا تُحصى.
«كلنا جنود» لا تقتصر على الخدمة فى صفوف القوات المسلحة فقط، فمصر تحتاج إلى كل طاقاتها البشرية ليُصبحوا جنودًا كلٌ فى موقعه ومهنته وحرفته ووظيفته، «كلنا جنود» تعنى أننا نعى حجم المسئولية، وأننا قادرون على إصلاح ذواتنا ليصل كل حق إلى مستحقه، «كلنا جنود» تعنى أننا لن ننظر إلى الغرب وتتملكنا الحسرة على ما آلت إليه أحوالنا وأحوال بلادنا، وإننا قادرون على النهوض من جديد لبناء غد أفضل لنا وأبنائنا، حينها سنحتفل كل يوم بعبور جديد ونصر دائم، وستُرفع راية الوطن خفاقة فى كل المجالات.