الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

حرب أكتوبر.. عندما حارب الفراعنة مع أحفادهم ليعيدوا آثارهم المنهوبة

عندما حارب الفراعنة
عندما حارب الفراعنة مع أحفادهم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مع اندلاع حرب أكتوبر المجيدة، انطلق أرباب الفن المصرى بكل أشكاله فى محاولات لتخليد الانتصار العظيم، فسمع المواطنون المشتاقون لأية أخبار من الجبهة أغنيات مثل «بسم الله» و«عاش اللى قال» و«تعيشى يا ضحكة مصر» و«ابنك يقول لك يا بطل»؛ واعتاد المتفرجون فى كل عام على مُشاهدة أفلام «العبور العظيم» و«الرصاصة لا تزال فى جيبي» و«بدور»؛ بينما جاء الكثير من الكتابات لتخليد بطولات وحكايات المصريين من الانكسار إلى الانتصار، مثل «حكايات الغريب» و«الحرب فى بر مصر»؛ كذلك أبدع التشكيليون الذين شاركوا فى الحرب فى رسم مشاهداتهم خلال المعارك.

وخلال الأعوام التى تعاقبت على ما اقترب من نصف قرن، تغيرت ملامح المجتمع والدولة المصرية، وشهدت قوتها الناعمة الكثير من فترات النهوض والانحدار، فمن عمالقة الأدب إلى عصر الأكثر مبيعًا، ومن ملحنين عظام إلى المهرجانات؛ أما السينما، فقد قاومت الواقعية الجديدة هبوط أفلام المقاولات، ليصعد فى فترة فاصلة المضحكون الجدد، وتراجع شباك التذاكر أمام أفكار السينما المستقلة التى قادت الألفية الجديدة.
فى الذكرى الخامسة والأربعين لبدء معركة التحرير، تستعيد «البوابة» عبر صفحات هذا الملف اليومية المعارك الأخرى التى خاضتها القوى الناعمة المصرية طيلة هذه الأعوام، ومرحلة إعادة بناء مؤسسات الدولة الثقافية، وأشكال الفنون التى أثّرت فى المجتمع وتأثرت به، حتى وصلنا إلى ما نحن عليه
لم تكن الآثار المصرية بمعزل عن الواقع المصرى بأى حال من الأحوال، ففى حرب أكتوبر المجيدة، استخدم الجيش المصرى قلعة «ثارو» أكبر منظومة دفاعية مركزية فى مصر القديمة الواقعة فى منطقة آثار «حبوه» شرق قناة السويس كنقطة للعبور، وهو نفس الموقع الذى قاد منه أحمس أول معركة ليحرر مصر من الهكسوس، لذا كان لانتصار السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣ مذاق لا يُنازع فى قلوب وصدور المصريين، وأى حلاوة تعلو حلاوة وانتشاء النصر بعد سنوات من الهزيمة والانكسار، لم تكن سعادة المصريين باسترداد الأرض ورفع الراية الخفاقة عليها فحسب؛ وإنما كانت السعادة مضاعفة بتلك الصفعة المدوية التى نزلت بها أيدى جنودنا على وجوه عصابة إسرائيل، ذلك الكيان المغتصب الذى لم يكتف بسلب الأرض بغيًا وجورًا بغير وجه حق، وإنما قام بعمليات تنقيب وتجريف ممنهجة لاستلاب خيراتها وكنوزها التى تركها لنا الأجداد منذ آلاف السنين، فالجميع يعلم أن أرض سيناء بها العديد من المناطق الآثرية، منطقة آثار بيلوزيوم «الفرما» وتعتبر أهم المواقع الأثرية الباقية فى شمال سيناء، والتى ما زالت تحتفظ ببقايا معمارية أثرية ظاهرة على سطح الأرض، وتل المخزن، وهو جزء من الضاحية الشرقية لمدينة الفرما وتم الكشف بها عن واحدة من أكبر الكنائس الأثرية القديمة الموجودة بشمال سيناء بل فى مصر، وتل الشهداء؛ وتشير الشواهد الأثرية المتناثرة على سطح التل إلى أنه يرجع للعصر الروماني، وتل الكرامة جنوب قرية الكرامة وهو ما زال بكرًا لم يسبق إجراء حفائر به من قبل، وتشير شواهد السطح الأثرية إلى أن هذا التل يرجع إلى العصر الرومانى والإسلامي، لذا كانت حرب ونصر أكتوبر لتحرير الأرض والتاريخ والحضارة فى آن، ورغم ما استلبته إسرائيل من آثار مصرية يعرض الآن أغلبها فى متحف «القدس» بتل أبيب، إلا أننا بنصر أكتوبر المجيد تمكنا من وقف نزيف الآثار المصرية بسيناء والمتدفقة إلى متاحف الصهاينة؛ فابنة «موشى ديان»، قامت بعمل معرض للآثار المصرية بإسرائيل ليس له مثيل، ومن المعروف أن موشيه ديان كان أكبر «حرامي» آثار مصرية، ولم يترك منطقة بسيناء إلا ونقب بها عن الآثار المصرية، وله مقولة شهيرة كان دائمًا يقولها، «شرم الشيخ بدون سلام، أفضل من سلام بدون شرم الشيخ»، وهذا دليل على درايته بالكنوز الموجودة بالأراضى المصرية وقيمتها.
فمن أين بدأت الآثار المصرية، وإلى أين انتهت؟ وماذا حققت فى حقل العمل الأثرى بسيناء بعد حرب ١٩٧٣، هذا ما سنرصده فى السطور التالية.

تاريخ «الآثار» من «مارييت» إلى «العنانى»
حتى منتصف القرن التاسع عشر، لم يكن هناك أى تشريع يخص تجارة الآثار بمصر، فقد كانت هناك آلاف القطع الأثرية من مجوهرات وتماثيل ونقوش وحتى آثار بأكملها قد نزعت من بيئتها الأصلية لتنضم إلى مجموعات خاصة أو مجموعات متاحف مختلفة حول العالم، وقد بدأ الولع الغربى بالآثار المصرية مع قدوم الحملة الفرنسية «١٧٩٨-١٨٠١م» إلى مصر، والتى نشرت مجلدات متعاقبة من كتاب «وصف مصر» الذى خلق اهتمامًا عالميًا بمصر وآثارها القديمة، لذا كان لابد من قرار حاسم لوقف تدفق الآثار المصرية خارج البلاد، وهو ما فعله محمد على باشا والى مصر، الذى أصدر مرسومًا فى ١٥ أغسطس عام ١٨٣٥م، يحظر تمامًا تصدير الآثار المصرية والإتجار بها، وشمل أيضًا هذا المرسوم إنشاء مبنى بحديقة الأزبكية بالقاهرة ليُستخدم كدار لحفظ الآثار، التى كانت تخرج فى أغلب الأحيان كهدايا لوجهاء أوروبا، ومع منتصف القرن التاسع عشر تضاءلت مجموعة القطع الأثرية حتى نقلت إلى قاعة صغيرة بالقلعة، وهو ما حدث بشكل مخز ومحزن عام ١٨٥٥م، حينما زار الأرشيدوق النمساوى ماكسميليان أحد أفراد العائلة المالكة فى النمسا هذه القاعة وأعجب بالمجموعة الأثرية المتبقية فأهداها له والى مصر عباس حلمى الأول، ونقلت إلى فيينا، لذا كان من الضرورى إنشاء مصلحة للآثار المصرية، ففى العام ١٨٥٨م صدق سعيد باشا على إنشاء مصلحة الآثار لوقف نزيف الآثار المصرية، وعين العالم الفرنسى أوجست مارييت، مديرًا للمصلحة التى تحملت مسئولية إقامة الحفائر والموافقة والإشراف على البعثات الأثرية الأجنبية، ولأول مرة فى تاريخ مصر أنشأ مارييت بموافقة من الخديوى إسماعيل أول متحف وطنى فى الشرق الأوسط، تم افتتاحه فى عام ١٨٦٣م، وهو المتحف المصرى بالتحرير حاليًا، حيث وجد «العالم الفرنسي» أنه لا بد من وجود إدارة ومتحف للآثار، ولذلك قام باختيار منطقة بولاق لإنشاء متحف نقل إليه الآثار التى عثر عليها أثناء حفائره فيما بعد.
على مدار القرن تقريبًا كان يرأس هيئة الآثار المصرية علماء آثار أجانب، إلى أن تولى زمام الآثار المصرية العالم المصرى مصطفى عامر عام ١٩٥٣، ومع جلاء قوات الاحتلال البريطانى أصبحت مصلحة الآثار هيئة حكومية مصرية خالصة تابعة لوزارات الأشغال العامة، والتعليم، والإرشاد القومي، وخلال عام ١٩٦٠م تم نقل تبعيتها إلى وزارة الثقافة، إلا أنها تحولت فى العام ١٩٧١ خلال فترة تولى جمال مختار لها من مصلحة للآثار إلى هيئة للآثار المصرية، ثم تغير المسمى لتصبح فيما بعد المجلس الأعلى للآثار خلال عام ١٩٩٤م، وذلك بموجب القرار الجمهورى رقم ٨٢ لسنة ١٩٩٤م، وأصبح عالم الآثار الراحل الدكتور محمد عبدالحليم نور الدين أول أمين عام للمجلس الأعلى للآثار، إلا أن المجلس الأعلى للآثار استقل فى العام ٢٠١١ عن تبعية وزارة الثقافة وتحول إلى وزارة مستقلة، ليصبح عالم الآثار المصرى الدكتور زاهى حواس أول وزير لوزارة الدولة لشئون الآثار، وفى العام ٢٠١٥ تحولت وزارة الدولة لشئون الآثار إلى وزارة الآثار فى عهد حكومة المهندس شريف إسماعيل، والتى يتولى حقيبتها منذ مارس ٢٠١٦ الدكتور خالد العنانى وحتى الآن.

سرقات إسرائيل للتاريخ والحضارة المصرية
الباحث والمؤرخ بسام الشماع، على رأس المهتمين بعودة بالآثار المصرية التى سرقها الكيان الصهيونى فترة احتلاله لسيناء فهو أحد عُشاق التراث والحضارة المصرية القديمة، اتخذ منهما مشروعًا له، فعمل باحثًا ومحاضرًا داخل مصر وخارجها فى مجال الآثار، والذى روى لـ«البوابة»، تفاصيل زيارته إلى مدينة القدس المحتلة، التى شاهد خلالها الآثار المصرية التى تُعرض بمتاحف الكيان الصهيوني، ويعلن بيعها على المواقع الإسرائيلية لبيع الآثار المهربة، حيث يقول: «عندما كنت فى القدس المحتلة ودخلت إلى إحدى صالات بيع الآثار المصرية قال لى صاحب المحل أنه يأتى بها من مزادات أوروبا، ويأتى بها للبيع فى القدس، وتصورت داخل المحل ببعض هذه القطع وأنا فى قمة الأسى والحزن على الحضارة المصرية، الكيان الصهيونى قام ببناء متحف للفن الإسلامى يقتنى بداخله القطع الأثرية الإسلامية المهربة والمسروقة، والسلطة الإسرائيلية هى من يحكم قبضته على المتحف ويديره، ومن أبرز القطع المعروضة داخل المتحف ورقة من القرآن الكريم من العصر المملوكى وتعود إلى مصر القرن الـ١٤، وموجودة لديهم بالمتحف بدعوى أنهم يريدون التقريب بين الحضارات والتعرف على الحضارة الإسلامية، ويوجد متحفان فى مدينة القدس المحتلة، فهناك متحف بناه الصهاينة اسمه متحف أفراهيم، وهذا المتحف به مملكة من الآثار المصرية، معروضة بشكل تقنى بامتياز، بشرح آثار بالعربى والإنجليزى والعبرانى على كل قطعة، ومن أهم القطع المعروضة ٣ أوان كانوبية، وبعض القطع من العصور المختلفة، وقالت لى المرشدة بالمتحف: «بعض هذه القطع هدية من أصدقائنا الأمريكان، والمتحف الثانى مسمى بمتحف الفن الإسلامى فى مدينة القدس المحتلة، وبه ورقة من القرآن الكريم تعود إلى العصر المملوكي، كما يعرض بالمتحف بعض الرسوم للنبى عليه الصلاة والسلام والحسن والحسين، والخلفاء الراشدين وسيدنا بلال بن رباح، وقمت بالتقاط الصورة وقطع الجزء الخاص بالنبى عليه الصلاة والسلام، إضافة إلى مخطوطة للمخترع الكبير الجزري، وهى تمثل شخصا جالسا وممسكا بالساعة المائية، ومعروض لديهم بوصلة أثرية تحدد اتجاه الكعبة، كما يعرض لديهم محراب من محاريب المساجد الإسلامية التى تعود للقرنين السابع عشر والثامن عشر».
وكان لوزارة الآثار دور كبير فى استرداد الآثار المصرية المسروقة من سيناء والتى حصل عليها الكيان الصهيونى بغير وجه حق، حيث أكد الدكتور خالد العنانى فى حوار صحفى أجرته معه «البوابة» أنه منذ ما يزيد على العام عادت لأول مرة آثار مصرية من إسرائيل منذ التسعينيات، وهى التابوتان اللذان عادا إلى المتحف المصرى فى التحرير، ولا شك أن وزارة الآثار كان لها انطلاقتها الخاصة فى مجال استرداد وتنمية وتطوير وصيانة الآثار بعد نصر أكتوبر المجيد وتحديدًا آثار سيناء.

سيناء تعلن عن كنوزها بعد عودتها كاملة لمصر
البعثات الأثرية فى سيناء بعد نصر أكتوبر ١٩٧٣
كان للضغط الشعبى والإعلامى المصرى ضد إسرائيل دور كبير فى استعادة آثار سيناء التى سرقها الكيان الصهيونى فى فترة احتلال سيناء، وبتضافر الجهود بين وزارة الخارجية المصرية ووزير ثقافة مصر آنذاك، فاروق حسنى، ورئيس هيئة الآثار المصرية الدكتور أحمد قدري، والوفد المصرى المفاوض برئاسة عالم الآثار الراحل الدكتور عبدالحليم نور الدين تم استلام الآثار العائدة عبر منفذ رفح البري، والتى استقبلت باحتفال رسمى وشعبي، وباستعادة آثار سيناء بدأت أعمال الحفائر للبعثات المصرية والأجنبية للكشف عن تاريخ وآثار المدخل الشرقى لمصر لتخرج من تحت الرمال آثارًا لمدن وموانئ وقلاع مصرية، ومن هنا كانت نقطة الانطلاق، فبعد انتصار أكتوبر ١٩٧٣ اهتمت الدولة المصرية بأعمال الحفائر ورفع كفاءة وتطوير المواقع الآثرية فى مختلف أنحاء مصر بشكل عام، وبسيناء التى كان لها نصيب الأسد من هذه الحفائر التى شارك بها نحو ٦٠٠ أثرى من جميع أنحاء مصر، وأشرف عليها ١١ من رؤساء هيئة الآثار والتى قامت بها ٢٧ بعثة آثار مصرية وأجنبية منها ١٤ بعثة مصرية و١٣ أجنبية على مدى ٣١ عاما فى ٢٣ موقعًا أثريًّا، كان أغلبها لقلاع حربية قديمة من العصور الفرعونية وحتى الإسلامية.
وكانت الحفائر قد بدأت فى سيناء بقرار من الدكتور أحمد قدرى رئيس هيئة الآثار حينها، والتى نجحت فى اكتشاف حمامات وقلعة بلوزيوم، كما قدمت هذه الحفائر على مدار ٣١ عاما عددًا من الاكتشافات الأثرية التى تدل على تطور العمارة والتحصينات العسكرية فى مصر عبر العصور، وكانت الأحداث السياسية والحروب هى المعوق أمام عملية الحفر والتنقيب بسيناء لعشرات السنين، وبإنهاء الجيش المصرى الاحتلال الإسرائيلى لسيناء فى ٦ أكتوبر ١٩٧٣ وعودة سيناء كاملة للسيادة المصرية، خاضت مصر معركة دبلوماسية لمدة ١٠ سنوات لاستعادة آثار سيناء التى استولت عليها إسرائيل بعد نكسة يونيو ١٩٦٧، من خلال التنقيب غير الشرعى فى العديد من المواقع الأثرية فى شمال وجنوب سيناء ومنها إلى الكشف عن كنوز سيناء.
كانت نقطة البداية لأول حفائر أثرية بسيناء عام ١٩٨٣ فى منطقة آثار بلوزيوم تل الفرما، حيث تم الكشف بها عن أكبر المسارح الرومانية فى مصر من القرن الخامس الميلادى والذى تعرض للتدمير من قبل القوات الإسرائيلية استخدامهم لمنطقة بلوزيوم كقاعدة عسكرية فى حرب ١٩٦٧، مما أدى إلى تدمير الطبقات الأثرية فى مساحة ٢٥٠ ألف متر مربع منها مسرح بلوزيوم، كما تم الكشف عن عدد من المواقع الأثرية الهامة فى تل «حبوة» على بعد ٣ كيلومترات شرق قناة السويس المعروف قديما باسم «ثارو»، التى ضمت تحصينات عسكرية لـ٤ قلاع من عصر الدولة الحديثة، والتى خرج منها كل جيوش مصر الفرعونية ناحية الشرق تحت قيادة الفرعون تحتمس الثالث لمعركة مجدو، والملك رمسيس الثانى لمعركة قادش أشهر معارك مصر الفرعونية لتأمين حدود مصر الشرقية والتى سُجلت على واجهات المعابد المصرية.

«الآثار».. بين الرؤية والرسالة قديمًا وحديثًا
رصدنا فى السطور السابقة حال الآثار المصرية إبان حكم الأسرة العلوية لمصر، وما تعرضت له هذه الآثار من عمليات تجريف ونهب وسرقات، لا قانون يحمى الحضارة، ولا وعى بقيمتها وأهميتها إلا أن الفترة التى أعقبت ثورة يوليو ١٩٥٢ شهدت تطورًا كبيرًا فى مجال حماية الآثار والحفاظ عليها حيث انتشار علم المصريات، وسلط العالم أنظاره على الحضارة المصرية القديمة التى تُعد أقدم حضارات الأرض؛ وكذا رصدنا ما تعرضت له الآثار المصرية إبان فترة الاحتلال الإسرائيلى لسيناء، والتى جاء نصر أكتوبر المجيد مخلصًا لها لتكون الانطلاقة الكُبرى فى حقل العمل الأثري، ومع تطور العلم والتكنولوجيا تطورت الأدوات والوسائل المستخدمة فى عملية التنقيب، وكذا تطورت آليات وتقنيات الترميم الأثري، لتحمل وزارة الآثار فى الوقت الحالى على عاتقها حماية وصيانة الآثار التى خلفتها الحضارات المتعاقبة على أرض مصر من أجل مستقبل الأجيال القادمة، وإضافة إلى نشر الوعى الأثرى تأكيدًا على تميز الهوية المصرية وإبرازًا لدور مصر المحورى فى نشأة الحضارة الإنسانية، والسعى لجعل مصر مركزًا متميزًا للسياحة الثقافية دعمًا للاقتصاد المصرى وتعزيزًا لقوة مصر الناعمة فى محيطها الإقليمى والدولي، كما تأخذ وزارة الآثار على عاتقها مسئولية حماية التراث الأثرى المصرى من خلال حصر الآثار بكل أنحاء الجمهورية، والتنقيب عنها، وتسجيلها، وصيانتها، وترميمها، آخذة فى الاعتبار أن تكون الأولوية للمناطق المعرضة للمخاطر البيئية أو الزحف العمراني، بالإضافة إلى الإشراف على جميع البعثات الأثرية الأجنبية العاملة فى مصر.
كما تقوم الوزارة بكل المهام المتعلقة بإتاحة المواقع الأثرية للزوار والدارسين، بالإضافة إلى إقامة المتاحف ووضع خطط عملها بما يضمن أن تضطلع بأدوارها المتعددة من تعليم، وتثقيف، وترفيه بما تشمله تلك الأدوار من تعريف بالحضارة المصرية، وتوثيق للمقتنيات المتحفية وصيانتها، وإجراء البحوث العلمية، ونشر للوعى الأثرى خاصة بين الأجيال الجديدة، وهو ما يتكامل بشكل أساسى مع إقامة معارض الآثار بالخارج ترويجًا للحضارة المصرية باعتبارها جزءًا متميزًا من التراث الإنسانى العالمي.
كما تشترك وزارة الآثار بما لها من خبرات فى كل ما يتعلق بإدارة المتاحف فى تطوير كل المتاحف المصرية التابعة للعديد من الوزارات الأخرى، وذلك من خلال الاشتراك مع الوزارات المعنية فى وضع خطط العرض المتحفي، والعمل على صيانة وترميم معروضاتها، وتنمية مواردها المالية، وتعظيم دورها فى خدمة المجتمع. تسهم أيضًا وزارة الآثار فى تنفيذ خطط التنمية المستدامة من خلال إحياء الحرف المصرية التراثية المعرضة للاندثار من خلال توثيقها، وإجراء البحوث المتعلقة بها، وإقامة مراكز للحرف بالمتاحف ترويجًا للثقافة المصرية وتأكيدًا على تفردها.
تسهم وزارة الآثار فى الوقت الحاضر فى دعم الاقتصاد المصرى من خلال دورها المتميز فى إثراء السياحة الثقافية من خلال عائدات المتاحف والمناطق الأثرية بما يتضمنه ذلك من إنتاج وبيع المستنسخات الأثرية المطابقة تمامًا للقطع الأصلية، كما تتعاون وزارة الآثار مع غيرها من الوزارات المعنية والجهات المصرية والأجنبية فى مجال مكافحة تجارة الآثار واسترداد الآثار المصرية.