الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بعد خطاب الرئيس اليوم.. هل آن الأوان لفتح ملف القضية 250؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news


 

كانت الساعة تشير إلى الخامسة عصرا، وكنت في إحدى قرى الساحل الشمالي، أقضي مع أحفادي بضعة أيام، حين رن جرس الهاتف، وكان الطرف الآخر المستشار الشهيد «هشام بركات» النائب العام الأسبق.

قال لي الرجل: «أريد أن أراك غدا في مكتبي»، كان الرجل مثالًا للاحترام والتواضع، داعبته، قائلا: «هل آتي بصحبة حقيبة ملابسي، في إشارة لإمكانية احتجازي من قبل النيابة العامة»، ضحك الرجل، قائلا: «عندما أريدك بحقيبتك سأخبرك».

كان المستشار «هشام بركات»، قد نقل مكتبه إلى التجمع الخامس، بعد محاولات استهداف مكتبه، في دار القضاء العالي، بوسط البلد.

ذهبت إليه والأسئلة تملأ رأسي، ماذا يريد مني النائب العام؟، وسرعان ما تبددت حيرتي، عقب جلوسي إلى مكتبه بدقيقة، طلب مني الرجل أن أقسم بالله؛ أنني لن أتحدث عن «القضية 250» مرة أخرى، اندهشت، وسألته لماذا يا سيادة المستشار؟، ألم يقتل رجالا ويصاب رجالا، ألم تقتحم مقرات أمنية مهمة، ألم تسرق وثائق مهمة تخص الأمن القومي للبلاد، ألم تنتهك حرمة هذا البلد الأمين،ألم يدفع بعض الشرفاء حياتهم ثمنا لكشف كل ذلك، ألم يمرح من فعلوا ذلك في الخارج دون عقاب؟، فلماذا تطالبني بالسكوت؟، قال لي المستشار «هشام بركات»، بل أستطيع أن أزيدك من الأسباب التي تجعلك تتكلم وتتكلم مرات ومرات، لكنني أقسم لك بالله أنني سوف آتي بحقوق كل هؤلاء؛ ولن يرتاح لي بال قبل أن أضعهم جميعا خلف الأسوار.

قلت له: «ولماذا التباطؤ إذن»، قال لي: «لكل وقت آذان، وسيأتي الوقت الذي تكتمل فيه أركان القضية، ويصبح تحت يدي كل ملابساتها، ويومها أعدك أنني لن أتأخر ثانية واحدة في فتح التحقيق، والنيل من كل مجرم واسترجاع حقوق كل الشهداء».

بعدها بأيام قليلة، اُغتيل المستشار «هشام بركات»، اغتالوه فريق من المتهمين في تلك القضية، ولم أتحدث كما وعدته عن القضية «250 لسنة 2011 حصر أمن دولة عليا»، حتى اليوم، تلك القضية التي تضم في ثناياها 3 أحداث كبرى؛ الأول: «حادث اقتحام مبنى مباحث أمن الدولة وسرقة ملفاته المهمة»، والثاني: «تلقي البعض أموالا من جهات مشبوهة بغرض الإضرار بالأمن القومي المصري»، والثالث: «التخابر مع جهات أجنبية ومنحها معلومات مهمة تخص الأمن القومي للبلاد».

والمتهمون فيها كثر، منهم من هم خارج البلاد، ومنهم من هم في السجون، ومنهم من هم داخل مصر.

ولكنني عندما استمعت اليوم للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو يتحدث عن مؤامرة ٢٥ يناير، استرجعت تلك الأحداث جميعا، كيف سعى البعض إلى فقأ عين البلاد، بالهجوم على جهاز مباحث أمن الدولة، والضغط بعد ذلك عبر مجاذيب الحرية والديمقراطية الزائفة لحله، تلك الخطوة التي يجب على الحكومة الآن مراجعتها بعد اعتراف الرئيس، واستعادة الاسم، الذي يمثل شرف هذا الجهاز، لأنه باستعادته يكون قد استعاد الجهاز جزءا من كرامته، التي سلبها هؤلاء الأوغاد، ويتبقى الجزء الآخر رهينا بمحاكمتهم ووضعهم خلف الأسوار.

تذكرت كيف تلقت جمعيات ومراكز حقوقية أموالا طائلة؟؛ من أجل تخريب البنية المجتمعية للمصريين، وزرع بذور الفرقة والصدام بين أبناء الوطن الواحد، واعتماد العنف وسيلة للتغيير.

أموال دفعت من قبل جهات مشبوهة، كانت خطتها تركيع هذا البلد، وتمزيق وحدته، وتقزيم جيشه، لصالح أعدائه التقليديين والجدد على السواء.

وآخرون كانوا أكثر وضوحا فقد أقاموا جسورا للتواصل مع أجهزة مخابرات عالمية وإقليمية؛ بهدف السعي نحو تقويض الاستقرار وإشاعة الفوضى في البلاد، وكان في مقدمة هؤلاء المعزول محمد مرسي العياط، ومدير مكتبه أحمد عبد العاطي، الذين تعاطوا مع المخابرات الغربية، عبر رحلة طويلة من الاتصالات، تمت عبر محطة إسطنبول، وتوجت بتحديد أدوارهم في أحداث ٢٥ يناير.

إن ما قاله الرئيس اليوم، هو ما شجعني على الكتابة اليوم، مُطالبا بضرورة فتح ملف القضية ٢٥٠ لسنة ٢٠١١ حصر أمن دولة عليا؛ ليعي هذا الشعب، ماذا كان يُحاك له؟، ويعرف قيمة ما فعله جيشه في 30 يونيو 2013 وما بعده.