الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

وديع الصافي.. صوت الجبل المغرم بعظمة مصر

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تحل اليوم الذكرى الخامسة لوفاة عملاق الطرب اللبناني وديع الصافي، والذي يعتبر أحد عمالقة الطرب في لبنان والعالم العربي، وكان له الدور الرائد في ترسيخ قواعد الغناء اللبناني وفنه ونشر الأغنية اللبنانية في أكثر من بلد.

قدم الصافي عددا من الأغاني التي لا تنساها الجماهير العربية من أشهرها، "عظيمة يا مصر" التي حصل بسببها على الجنسية المصرية من قبل الرئيس الأسبق حسني مبارك، و"دار يا دار"، و"على رمش عيونها". 

ولد وديع الصافي في 1 نوفمبر 1921 بقرية نيحا الشوف، وهو الابن الثاني في ترتيب العائلة المكونة من ثمانية أولاد، وكان والده بشارة يوسف جبرائيل فرنسيس، رقيبًا في الدرك اللبناني.

عاش وديع الصافي طفولة متواضعة يغلب عليها طابع الفقر والحرمان، في عام 1930، نزحت عائلته إلى بيروت ودخل وديع الصافي مدرسة دير المخلص الكاثوليكية، فكان الماروني الوحيد في جوقتها والمنشد الأوّل فيها، وبعدها بثلاث سنوات، اضطر للتوقّف عن الدراسة، لأن جو الموسيقى هو الذي كان يطغى على حياته من جهة، ولكي يساعد والده من جهة أخرى في إعالة العائلة.

جاءت انطلاقته الفنية عام 1938، حين فاز بالمرتبة الأولى لحنًا وغناء وعزفًا من بين 40 متباريًا، في مباراة للإذاعة اللبنانية أيام الانتداب الفرنسي في أغنية "يا مرسل النغم الحنون" للشاعر المجهول آنذاك (الأب نعمة اللّه حبيقة). 

وكانت اللجنة الفاحصة مؤلّفة من ميشال خياط، سليم الحلو، ألبير ديب ومحيي الدين سلام، الذين اتفقوا على اختيار اسم "وديع الصافي" كاسم فني له نظرًا لصفاء صوته فكانت إذاعة الشرق الأدنى بمثابة معهد موسيقي.

تتلّمذ وديع فيه على يد ميشال خياط وسليم الحلو، الذين كان لهما الأثر الكبير في تكوين شخصيّته الفنية، بدأت مسيرته الفنية بشق طريق للأغنية اللبنانية التي كانت ترتسم ملامحها مع بعض المحاولات الخجولة قبل الصافي عن طريق إبراز هويتها وتركيزها على مواضيع لبنانية وحياتية ومعيشية ولعب الشاعر أسعد السبعلي دورًا مهمًّا في تبلّور الأغنية الصافيّة. فكانت البداية مع "طل الصباح وتكتك العصفور" سنة 1940.

يذكر أن أول لقاء له مع محمد عبد الوهاب كان سنة 1944 حين سافر إلى مصر. وسنة 1947، سافر مع فرقة فنية إلى البرازيل حيث أمضى 3 سنوات في الخارج، بعد عودته من البرازيل أطلق أغنية "عاللّوما" فذاع صيته بسبب هذه الأغنية التي صارت تردَّد على كل شفة ولسان وأصبحت بمثابة التحية التي يلقيها اللبنانيون على بعضهم بعضا

وكان أول مطرب عربي يغني الكلمة البسيطة وباللهجة اللبنانية بعدما طعّمها بموال "عتابا" الذي أظهر قدراته الفنية.

في أواخر الخمسينات بدأ العمل المشترك بين العديد من الموسيقيين من أجل نهضة للأغنية اللبنانية انطلاقًا من أصولها الفولكلورية من خلال مهرجانات بعلبك، التي جمعت وديع الصافي وفيلمون وهبي والأخوين رحباني وزكي ناصيف ووليد غلمية وعفيف رضوان وتوفيق الباشا وسامي الصيداوي وغيرهم.

مع بداية الحرب اللبنانية غادر وديع لبنان إلى مصر سنة 1976، ومن ثمّ إلى بريطانيا ليستقرّ سنة 1978 في باريس وكان سفره اعتراضًا على الحرب الدائرة في لبنان مدافعًا بصوته عن لبنان الفن والثقافة والحضارة فكان تجدّد إيمان المغتربين بوطنهم لبنان من خلال صوت الصافي وأغانيه الحاملة لبنان وطبيعته وهمومه منذ الثمانينيات.

بدأ الصافي بتأليف الألحان الروحية نتيجة معاناته من الحرب وويلاتها على الوطن وأبنائه واقتناعًا منه بأن كلّ أعمال الإنسان لا يتوّجها سوى علاقته باللّه.

سنة 1990، خضع لعملية القلب المفتوح ولكنه استمر بعدها في عطائه الفني بالتلحين والغناء فعلى أبواب الثمانين من عمره لبّى الصافي رغبة المنتج اللبناني ميشال الفترياديس لإحياء حفلات غنائية في لبنان وخارجه مع المغني خوسيه فرنانديز وكذلك المطربة حنين فحصد نجاحًا منقطع النظير أعاد وهج الشهرة إلى مشواره الطويل لم يغب يومًا عن برامج المسابقات التليفزيونية الغنائية قلبًا وقالبًا فوقف يشجع المواهب الجديدة التي رافقته وهو يغني أشهر أغانيه.

يحمل الصافي 3 جنسيات المصرية والفرنسية والبرازيلية، إلى جانب جنسيته اللبنانية، إلاّ أنه يفتخر بلبنانيته ويردد أن الأيام علمته بأن ما أعز من الولد إلا البلد.

وقد توفي وديع في أحد مستشفيات لبنان بعد صراع طويل مع المرض عام 2013.

وكان الصافي قد تعرض لوعكة صحية خلال وجوده في منزل ابنه، حيث شعر بهبوط حاد في الدورة الدموية، نقل على إثره للمستشفى، ولم تفلح جهود الأطباء في إنقاذه، بسبب عدم تحمل قلبه للإجراءات العلاجية، وقد شيع في كاتدرائية مارجرجس في وسط بيروت، ودفن في بلدته نيحا الشوفية، وأقيم له مأتم رسمي وشعبي حضره حشد من الشخصيات الفنية والسياسية والاجتماعية في بيروت.