الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عقوق الآباء.. وجرائم الأبناء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"شاب يذبح والده وآخر يدفنه وثالث يتعدى عليه بالضرب"، عشرات الجرائم التي تعاملت معها منذ التحاقي بقسم الحوادث منذ 5 سنوات، بل عشت إحداها مرة وأنقذت أنا وأخي الأكبر "محمد" أحد جيراننا من الذبح على يد ابنه، وكنت أتعجب كيف يفعل أي إنسان هذا ونحن تربينا منذ الصغر على عدم رفع صوتنا أمام آبائنا فما بالك بالذى يمد يده وينهي حياة أحد والديه؟!! ولكن أدركت بعد فترة أن عددا كبيرا من تلك الجرائم تتم بسبب سوء معاملة الأب لأبنائه؛ حيث علمونا منذ الصغر عن عقوق الأبناء للآباء ولم يخبرونا عن عقوق الآباء للأبناء.
فأغلب المجرمين الذين تعاملت معهم بحكم عملي، والذين اعتدوا على آبائهم، أخبرونى بأنهم لم يحملوا ذكريات لطفولة سليمة مع والدهم، وأتذكر جيدًا فى إحدى المرات قال لى شاب قتل والده بمساعدة والدته: إنه لم يندم على فعلته ولو عاد للحياة لقتله 100 مرة بسبب سوء معاملته له ولأمه، وقال لى: لم يكن أبي مثل باقى الآباء في تعاملهم مع أبنائهم، فعندما يذكر أحد أصدقائى حب والده له أو أشاهد أبا يدلل أبناءه يفتح لى جرحا عميقا، وأشاهد أمامى معاملة أبى السيئة لى كشريط ذكريات مؤلم فهو يستخدم دائما يده وقدمه لا لسانه فى توجيهى، وكانت آثار صفعاته على وجهى مرسومة، وعندما أشتكى لأمى تخبرنى أن والدى عانى من حياة أسرية مفككة، حيث ولد لأبوين منفصلين، وعاش حياته فى الشارع قبل أن يتزوجها، فكان يطبق ما عاناه فى الشارع علينا وعندما فاض بى الكيل قتلته بالسكين وتخلصت من جثته بمساعدة أمى والتى أصابها من تعذيبه وإهانته ما أصابني.
وروى لى ضابط صديقى أنه منذ سنوات وقعت جريمة قتل فى نطاق القسم الذى كان يعمل به، حيث عثروا على جثة رجل مدفون فى أراض زراعية وبعد أيام من التحريات والبحث اكتشف أن وراء ارتكاب الواقعة نجله الذى لم يكمل من العمر 18 عاما وعندما ألقوا القبض عليه أخبرهم أن والده أجبر على الزواج من والدته بحكم العادات والتقاليد فى الصعيد، فكان يتفنن فى تعذيبي أنا وأشقائى وكان ينتقم من أسرته فينا فقتلته لكي أستريح أنا وإخوتى منه.
وهناك مئات الجرائم التى لا يسعنا ذكرها ولكنى أود أن أقول لكم من هنا: عاملوا أبناءكم بإحسان فكما تزرعون تحصدون، ولا تحملوهم ذنب زواج فاشل فإما إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.