الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حواديت عيال كبرت "39".. هذا طلبي الوحيد من الله

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا أعرف ما هو الدافع الذي جعلني أنا وأبي في آن واحد نتفق على أن استخرج جواز سفر وأنا في السنة الثالثة بالجامعة، كان هناك طلبة استخرجوا تلك الجوازت وسافروا سياحة لأحد البلدان الأوروبية؛ سافروا ولم يعودوا إلا بعد سنوات طويلة؛ أخذوا جنسيات أخرى؛ استخرجت الجواز لكن لم يكن مع أبي قيمة تذكرة السفر إلى أوروبا؛ فقررت أن أسافر الأردن! أعدت أمي الطعام والحقائب وودعوني عند "الأتوبيس"، كانت أول مرة ابتعد فيها عن قدمي أبي وأمي؛ طيلة الطريق وأنا لا أفكر في شيء سوى الموت؛ ماذا لو مات والدي وأنا لست موجودًا لأودعه؛ طافت الفكرة في رأسي ذهابا وإيابا ألف مرة وفي كل مرة كان الشخص يختلف وأنا أبكي؛ حتى وصلت على الحدود؛ لم أنزل من الأتوبيس؛ شيء ما جعلني أقرر العودة بعد يومين دخلت المنزل فوجدت أمي مازالت تبكي وأبي يجلس شاردا وكأنه كان ينتظرني؛ فرحتهما بعودتي جعلتني أقرر عدم التفكير مرة أخرى في مغادرة البيت ولو لليلة واحدة؛ فتحت أقدامهم تكمن سعادتي ومع أشقائي تكمن سعادتي؛ لأكثر من 15 عامًا وأنا أقطع الطريق يوميا للقاهرة ولو بت ليلة واحدة خارج البيت وكأنها سنة كاملة ثم تزوجت وجاءت روان ثم آدم فغرستهما تحت قدم أمي ليزدهرا ويورقا حنانا وودا.. رؤية أمي كصلاة لا أؤخرها عن موعدها.. سعادتي تكمن في رؤيتها والدفء مع أشقائي وطلة في وجه زوجتي وأبنائي، ثم ماذا؟ ثم لا شيء ولا أود شيء من هذه الحياة.. لا يغريني أي شيء فيها ولا أحب بهرجها.. لا أطمح أن أكون ثريا ولا مشهورا ولكن فقط مستورا بين أهلي.. اضحك وأفرح بينهم قدر المتاح والمستطاع في رحلة الحياة القصيرة؛ وإذا ما قرر أحدنا الرحيل يكون البقية منا حوله في لحظة وداعه؛ أكتب هذا وأنا في رحلة مع زملائي خمسة أيام لأول مرة كل شيء هنا مبهج لكني حينما أردت أن أضحك تذكرت آدم وهو يقلد كتكوت ويغني "برررم"، حينما انتابني الصداع ولم يفلح معه شرائي دواء من الصيدلية؛ اتصلت بأمي وسألتها أن تقرأ لي رقيتها في الهاتف؛ وتطمئني على أشقائي حتى أتمكن من النعاس؛ هنا نساء من كل العالم لكن ليس فيهن من هي أحلى من زوجتي فاستحضرت طيفها لتؤانسني؛ فيارب لست أطلب منك شيء سوى أن تبقيني أطول وقت ممكن بين أهلي؛ أعلم أنه ليس باﻹمكان أن نبقى هكذا دائما؛ لكن أرجوك يا الله أن تبيقينا هكذا لبضع سنوات فقط؛ هذا رجائي لك وأعدك أنني لن أطلب شيئا آخر.