الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

«إخوان اليمن».. تاريخ من الانتهازية والتلاعب السياسي.. التحالف مع «صالح» بحجة مواجهة المد الماركسي.. «هادي» يرفض ضغوط «الإصلاح» بإقحام الجيش والأمن في الصراعات الحزبية

إخوان اليمن
إخوان اليمن
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعالت أصوات العديد من الكتل السياسية والحزبية اليمنية، بالتنديد بدور حزب التجمع اليمنى للإصلاح المشبوه فى اليمن، ومن قبل ندد الناطق الرسمى للمؤتمر الشعبى العام وأحزاب التحالف الوطنى الديمقراطي، عبده الجندي، باستمرار إخوان اليمن فى عمليات الإقصاء، رغم الانتكاسات التى يتعرض لها تنظيم الإخوان فى مصر وليبيا وتونس، مضيفا أن الإخوان يسقطون اليوم فى كل مكان، وإخوان اليمن لم يستفيدوا مما يحدث. 
وتأتى تصريحات القيادى بحزب المؤتمر، متوافقة تماما مع بيان مشترك أصدره الحزبان الاشتراكى والناصري، وُجِّه إلى الرئيس عبدربه منصور هادي، استنكرا فيه مساعى حزب التجمع اليمنى للإصلاح للسيطرة على مفاصل الدولة وإقصاء بقية الشركاء من التحالف المشترك.

الإطار الفكرى لإخوان اليمن
على الرغم من أن «الإخوان» تخلوا عن الاسم القديم، فقد حافظوا على علاقات طيبة مع حركات «الإخوان المسلمين» فى الدول العربية الأخرى، خصوصًا السودان، حيث ينظر قادة التجمع اليمنى الإسلامى بإعجاب شديد الى أفكار منظر الحركة الإسلامية السودانية حسن الترابي.
كما يضم التجمع تيارًا سلفيًا، غير أنها سلفية من الجانب العلمى المضاد للمذهبية المرتبطة بتاريخ اليمن الإمامى القديم. وأبرز ممثلى هذا التيار الشيخ عبدالمجيد الزندانى عضو مجلس الرئاسة سابقًا، والشيخ ياسين عبدالعزيز المحافظ على تراث «الإخوان» وممثل «إخوان» اليمن فى التنظيم الدولى للحركة، ومن أبرز العلماء التقليديين فى التجمع الشيخ يحيى الفسيل.

محطات التوغل
قديما، وبعد صعود الرئيس السابق على عبدالله صالح للرئاسة فى اليمن، تحالفت الإخوان معه لمواجهة المد الماركسى والتصدى للأيديولوجية الماركسية، وفيما كان الرئيس على عبدالله صالح مشغولا بتثبيت حكمه وترتيب البيت اليمنى الداخلي، حقق الإخوان توسعا كبيرا فى مناطق عموم الجمهورية من خلال نشر المعاهد العلمية التى تزايد عدد المنتسبين إلى صفوفها، وترافق مع انتشارها توسع فى عدد مدارس تحفيظ القرآن الكريم، وإنشاء معاهد خاصة بالفتيات. 
وعندما قامت الوحدة اليمنية عام ١٩٩٠، أعلن الإخوان عن تشكيل حزب سياسى باسم التجمع اليمنى للإصلاح، وفقًا لقانون الأحزاب، وانضم إليها أفراد من فعاليات سياسية إسلاموية، وشيوخ قبائل، وضباط، وعسكريون.
واستمرت الحرب الباردة بين «صالح» والإخوان إلا أنها لم تتطور إلى حد الاتهامات، كون الورقة الأهم فى علاقة الطرفين ما زالت قائمة وهى المعاهد العلمية التى استخدمها صالح كثيرا فى إرعاب جماعة الإخوان، حتى مايو ٢٠٠٢ حين أعلنت حكومة على عبدالله صالح وضع المعاهد العلمية-التابعة للإخوان- ماليا وإداريا تحت إشرافها، وإدماج ميزانياتها فى ميزانية وزارة التعليم اعتبارا من يونيو ٢٠٠٢. 
إلا أن الحكومة أغلقت بعد هجمات ١١ سبتمبر ٢٠٠١ جامعة «الإيمان» مؤقتا، وطلبت من مؤسسها ورئيسها الشيخ عبدالمجيد الزندانى ترحيل ٥٠٠ طالب من الأجانب الذين يدرسون فيها؛ تجنبا لأى شبهة تلحق بها فى إطار مكافحة الإرهاب.
ويعد قرار إلغاء المعاهد العلمية الذى أثار كثيرا من الجدل داخليا وخارجيا، رصاصة الرحمة بين جماعة الإخوان والرئيس صالح، خاصة أنه جاء بعد العديد من الإجراءات التى انتهجتها الحكومة من أجل وقف الزحف الإخواني، وتحول الإخوان إلى العداء للنظام وشكلو مع أعداء الأمس، الأحزاب الاشتراكية واليسارية، تحالف «اللقاء المشترك» فى ٢٠٠٣ واستمر حتى رحيل على عبدالله صالح عن الحكم، عقب توقيعه على المبادرة الخليجية وتسليم السلطة لنائبه عبدربه منصور هادي.
وقام التحالف من أجل تحقيق برنامج محدد ضمن ما عرف بـ«اللقاء المشترك»، وضم بين صفوفه فرقاء السياسة اليمنية الذين كانت العلاقة بينهم تتسم فى فترات سابقة بالتوتر والخصومة والعداء، ويشمل «اللقاء»، بجانب «الإصلاح»، الحزب الاشتراكى اليمني، والتنظيم الوحدوى الناصري، وحزب البعث القومي، وحزب الحق، والتجمع السبتمبري، واتحاد القوى الشعبية اليمنية.

الثورة اليمنية وتعرية الإخوان
مارس حزب الإصلاح (الإخوان) وحلفاؤه العسكريون والقبليون ضغوطات كبيرة على رئيس الجمهورية، عبدربه منصور هادي، لإشراك الجيش والأمن فى الحرب ضد جماعة الحوثي، وتمكين «أولاد الأحمر» من العودة إلى مناطقهم فى حاشد، ولكن دون جدوى، حيث تمسك الرئيس بموقفه الرافض إقحام الجيش والأمن فى صراعات حزبية.
وأدى الموقف من إشراك الجيش والأمن إلى تأزم العلاقات وبشكل حاد بين الرئاسة والإخوان المسلمين، برزت إلى واجهات الصحافة فى شكل رسائل متبادلة، بعضها حملت فى مضمونها تهديدًا مباشرًا لرئيس الجمهورية.

الإخوان وتعزيز الانقسام
عندما اكتشفت حركة الإخوان عدم قدرتها على امتصاص الحراك الجنوبي، وعدم القدرة على فرض أجندة الحوار الدائر فى صنعاء على الشارع الجنوبي، وعدم القدرة أيضًا على الاستقطاب السياسي، عمدت إلى تمزيق الجنوب عبر إطلاق مشروع «الإقليم الشرقي».
واعتمد مشروع «الإقليم الشرقي»، على أساس الدولة اليمنية الاتحادية، على أن يتم تقسيم اليمن إلى عدة أقاليم منها إقليم يضم (حضرموت والمهرة وأجزاء من شبوة) أى أنه يمسك بمواقع الثروة النفطية فى الجنوب، والهدف الأول هو تمكن حركة الإخوان المسلمين من بسط نفوذهم فى أكبر أقاليم شبه الجزيرة العربية، والتمكن من تشكيل حزام قوى جنوب المملكة العربية السعودية، إضافة إلى إسقاط خيار انفصال الجنوب عن الشمال.
ومشروع «الإقليم الشرقي» يعنى أن الجزء الغنى بالثروات من الجنوب العربى سيدخل تحت حكم الحركة الإخوانية وسيفرض الإخوان رؤيتهم، وسيحاولون زعزعة الأمن فى شبه الجزيرة العربية، وستكون اليمن حاضنًا لواحدة من أكثر الأفكار المتصلبة والتى لن تعطى مستقبلًا مستقرًا فى شبه جزيرة العرب.
لذلك يسعى «الإخوان» للسيطرة على اليمن الجنوبى من أجل استمرار مشروعها الفكرى والأيديولوجي، ولكن مشروعهم واجه رفضا قويا من أبناء الحراك الجنوبى والذى يختلفون أيديولوجيا وفكريا عن جماعة الإخوان المسلمين.

الإخوان والقاعدة
تتوالى الاتهامات من القوى والأحزاب السياسية اليمنية إلى حزب الإصلاح المنتمى لجماعة الإخوان وعلاقاته بتنظيم القاعدة، ومنح قطر جماعةَ الإخوان فى الـيَـمَـن مبالغ مالية ضخمة تزيدُ على مليار دولار بشكل مباشر وغير مباشر، بهدف إسقاط النظام فى الـيَـمَـن وإيصال الإخْوَان إِلَـى السلطة عبر أعمال الفوضى والعُنف والتخريب وإذكاء الصراعات والأزمات. 

الإخوان وسياسة الخبث
تتوالى يوما بعد يوم خيانات وأكاذيب جماعة الإخوان وحزبهم فى اليمن، ومراوغته للحكومة الشرعية المدعومة بدول التحالف العربي؛ حيث إن الإخوان يأكلون على كل الموائد، فى محاولة لزعزة الأمن ونشر الفوضى فى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
وتعتمد أجندات الإخوان سياسة براجماتية تتبع التنظيم الدولى للإخوان الذى ينتمى له، بما يخدم أجندته الإرهابية، فتارة يتبنى مواقف ظاهرية مؤيدة للحكومة الشرعية، وتارة ينتقدها، بينما تتوافق أهدافه مع أهداف الحوثيين فيما يتعلق بأجندتها المدعومة من إيران عسكريا واستراتيجيا.
وتشارك عناصر من جماعة الإخوان جنبا إلى جنب مع الحوثيين فى الحديدة، ضد التحالف العربي، وقوات الشرعية اليمنية، بالإضافة لذلك قامت بتوفير إصدارات طائفية خاصة بميليشيات الحوثيين الموالية لطهران.
ومن قبل فى يوليو ٢٠١٤، أبرم الطرفان صفقة سياسية مع زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، تتعلق بوقف القتال ضد الحوثيين، تحت دعاوى ظاهرية بأن هناك دولا إقليمية تريد تأجيج الصراع فيما بينهم، خاصة بعد إعلان جماعة الإخوان المسلمين اليمنية تنظيما إرهابيا.

إخوان اليمن والتحالف القطرى التركي
إن التقارب بين جماعة الإخوان الإرهابية والحوثيين، لم يكن ليتم لولا وجود تفاهمات إقليمية بين إيران من جانب وقطر وتركيا من جانب آخر، حيث ترعى كلتا الدولتين التنظيم الإرهابى وتمده بكافة أنواع الدعم المالى والعسكري، واحتضانها الناشطة توكل كرمان فى تركيا التى طالما تنادى بمصالحة بين الحوثيين وجماعة الإخوان.
ووفق هذه الدلالات يعتمد التنظيم على الفوضى والترهيب وتبنى الاغتيالات فى العديد من مناطق اليمن تجاه كل من يقف أمام مشروعهم المشبوه القائم على رؤى طائفية وأجندات تخدم مصالحهم الإرهابية.