الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

في الذكرى الـ45 لنصر أكتوبر.. "سيد زكريا" قتل 23 إسرائيليًا ودمر 3 دبابات.. أسد سيناء قهر كوماندوز الصهاينة.. واكتشاف استشهاده بعد 23 عامًا من الحرب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لا يمكن أن تمر ذكرى حرب أكتوبر، دون أن نتذكر أيقونتها، وهو الجندى سيد زكريا خليل الذى لقبته إسرائيل بـ«أسد سيناء»، الرجل الذى قهر الكوماندوز، ودمر ٣ دبابات إسرائيلية وقتل ٢٣ يهوديًا، والذى لم تعرف قصة استشهاده إلا فى عام ١٩٩٦، حيث كشف الجندى الإسرائيلى الذى قتله عن فعلته، مؤكدًا أنه أخفى الأمر واحتفظ بجميع متعلقات «زكريا» إعجابًا منه بشجاعته ومهارته القتالية، مؤكدا أنه قام بدفنه بنفسه ومنحه تحية الشهداء، وسلم الجندى الإسرائيلى متعلقات الشهيد سيد زكريا للسفارة المصرية والتى احتفظ بها طيلة ٢٣ عاما تقديرًا له، والتى كانت عبارة عن سلسلته العسكرية، وآخر خطاب كتبه بخط يده لوالده قبل استشهاده.

وقال مصطفى زكريا، شقيق الشهيد، إنه ولد بشهر أكتوبر ١٩٤٩ وسالت دماؤه فى نفس الشهر خلال حرب أكتوبر ١٩٧٣، وكان مولده بنجع «الخضيرات» شرق قرية البغدادى بمحافظة الأقصر، وهو أصغر إخوته الثمانية، وكان يتيم الأم حيث توفيت والدته بعد ولادته، وكان طفلا هادئا حافظا للقرآن الكريم، وقويا مفتول العضلات، ويعاون والده المزارع ويعمل معه، تقدم للجيش مرتين، وكل مرة كان يرفض نتيجة صغر سنه، ولكن تم قبوله فى المرة الثالثة.


والتحق سيد زكريا بالجيش وهو فى العشرين من عمره، وتحديدا بفرقة الصاعقة، ولبسالته ضم للكتيبة التى كانت مسئولة عن عمليات الاستنزاف فى سيناء، حيث صدرت تعليمات فى أكتوبر ٧٣ لطاقمه المكون من ٨ أفراد بالصعود إلى جبل «الجلالة» بمنطقة رأس ملعب بسيناء.

وقبل الوصول إلى الجبل استشهد أحد الثمانية فى حقل ألغام، ثم صدرت التعليمات من قائد المجموعة، النقيب صفى الدين غازي، بالاختفاء خلف إحدى التباب وإقامة دفاع دائرى حولها على اعتبار أنها تصلح لصد أى هجوم، وقبل التحرك تعرضت الكتيبة لهجوم من ٥٠ دبابة إسرائيلية مدعمة بطائرات عسكرية. ورغم إغلاق الطرق تمكنت المجموعة من التسلل إلى منطقة المهمة بأرض الملعب واحتمت بأحد التلال، وعندما نفدت المياه منهم، تسلل أفراد المجموعة، ومنهم سيد زكريا إلى بئر قريبة للحصول على الماء، ولكنهم فوجئوا بوجود ٧ دبابات إسرائيلية فعادوا لإبلاغ قائد المهمة بإعداد خطة للهجوم عليها.

وتم تكليف مجموعة من ٥ أفراد، حيث وجدوا الدبابات الإسرائيلية غادرت الموقع بعد أن ردمت البئر، وأثناء طريق العودة لاحظ الجنود الخمسة وجود ٣ دبابات وبداخلها جميع أطقمها، فاشتبك سيد زكريا وزميل آخر له من الخلف مع اثنين من جنود الحراسة، وقضيا عليهما بالسلاح الأبيض، وهاجمت بقية المجموعة الدبابات وقضت بالرشاشات على الفارين منها.

وفى هذه المعركة تم قتل ١٢ إسرائيليًا، ثم عادت المجموعة لنقطة انطلاقها، وبعدها بدأت طائرات إسرائيلية تعلن عبر مكبرات الصوت تطالب أى مصرى فى المنطقة بتسليم نفسه، وبدأت الطائرات بإنزال مجموعة من الجنود بالمظلات لتمشيط المنطقة، وتمكن سيد زكريا وحده من قتل ٢٢ جنديًا، ما اضطر القوات الإسرائيلية إلى استدعاء قوات إضافية لدعم تلك الكتيبة التى تتعرض للهجوم من الكتيبة المصرية، وخلال المعركة استشهد قائد المجموعة النقيب صفى الدين غازى بعد رفضه الاستسلام، وتلاه جميع أفراد المجموعة واحدًا تلو الآخر، ولم يتبق سوى «سيد» مع زميله أحمد الدفتار فى مواجهة الطائرات وجنود المظلات الذين بلغ عددهم مائة جندي، وبعد نفاد ذخيرتهما تسلل أحد الجنود الإسرائيليين وأطلق عليهما خزانة رصاص كاملة ليسقط «زكريا» شهيدا، فيدفنه إكرامًا لشجاعته.

وظلت حكاية «سيد» مجهولة، حتى قرر قاتله أن يرويها عام ١٩٩٦، بعد مرور ٢٣ عاما على انتصارات أكتوبر ١٩٧٣، حيث تقدم رجل أعمال يهودى يعيش بألمانيا، وطلب مقابلة عزيزة فهمي، سفيرة مصر فى ألمانيا، لأمر هام.

وقدم رجل الأعمال نفسه بأنه كان محاربا إسرائيليا فى حرب ٧٣، وأخرج من حقيبته سترة قديمة للمجند سيد زكريا، وخطابا لم يسعفه القدر أن يوصله لأهله، موضحا أن «زكريا» قام بتدمير ٣ دبابات وقتل طاقمها المكون من ١٢ جنديا، ثم قضى على سرية مظلات بها ٢٢ جنديا، وظل يقاتل بمفرده حتى تسلل جندى إسرائيلى له من الخلف وأطلق على ظهره دفعة من الرصاص فأوقعه شهيدا.

وكتب القاتل خطابًا قصيرًا إلى الشهيد بعد تسليم متعلقاته للسفيرة المصرية، قال فيه «ها أنا احتفظت بمتعلقاتك وسلمتها لأهلك بجنوب مصر، لعلك تسامحنى يا «سيد»، لو لم أقتلك لقتلتني، رحت تقاتل جبابرة عتاة ودمرتهم وحدك، وقد هيئ لنا أننا نواجه كتيبة صاعقة مصرية! لكنك كنت وحدك يا سيد». وكانت متعلقات الشهيد هى بضع عملات مصرية، ومحفظة خضراء، وخطاب كان كتبه لوالده ولم يرسله.

وتابع شقيق الشهيد، بعد هذه الواقعة، انتشرت حكاية سيد زكريا، ولقبته وسائل الإعلام العربية والأوروبية، بـ«أسد سيناء»، كما منحه الرئيس حسنى مبارك نوط الشجاعة من الدرجة الأولى، ووسام نجمة سيناء، وهو أعلى وسام عسكرى بالقوات المسلحة لمن يؤدى أعمالا خارقة فى القتال المباشر مع الأعداء على مسرح الحرب، كما أطلق اسمه على أحد شوارع مصر الجديدة ومدرسة باسمه فى مسقط رأسه.


** أحمد أبوعلامة

أما المقاتل أحمد أبوعلامة حسين، أحد أبناء قرية الرزيقات بحري، بمركز أرمنت جنوب غربى الأقصر، والذى تم تجنيده فى ٧١ بسلاح المشاة فى الإسماعيلية، فكان ضمن من عبروا القناة للضفة الشرقية ليل الخامس من أكتوبر، فى فصيلة سرية لقطع خط غاز كانت إسرائيل قد جهزته لشن الحرائق فى القناة، واستطاع بصحبة ١٧ جنديًا، وتحت قيادة ثلاثة ضباط، أن يؤدوا مهمتهم، ويطلقون مجموعة من طيور الحمام كانوا قد عبروا بها، حتى تصبح تلك علامة لعبور القوات.

ويقول «أبوعلامة»، إنه أثناء محاولتهم الانضمام للجيش المصرى بعد العبور، استشهد منهم ٨ جنود وضابط، وكان من ضمن المجموعة التى استطاعت أسر العميد الإسرائيلى عساف ياجوري، مشيرا إلى أنه بعد قتال مرير مع تلك المجموعة، تم ضرب دبابات هذا اللواء، ما عطلها، فتوقفوا ظنًا منهم أن إسرائيل سترسل طائرات هليكوبتر لانتشالهم، ولكن لم تأت أى طائرات، فتحركوا للقبض عليهم، وكانوا مجموعة صغيرة من فردين أو أربعة، وتبادلنا إطلاق النار معهم حتى سقط أحدهم قتيلًا، ورفع آخر علامة الاستسلام، فأسرناه وبعدها علمنا أنه عساف ياجوري.

وعبر أبوعلامة عن أسفه بسبب عدم وجود تكريم لائق به كأحد المقاتلين فى حرب أكتوبر مشيرا إلى أنه لم يتم تعيينه فى أى وظيفة مدنية بعد الحرب، ولم يتقاضى أى معاش، مطالبا بتعيين ابنه الوحيد، الحاصل على بكالوريوس خدمة اجتماعية، فى إحدى وظائف الدولة، وتكريم لائق له.


** متياس شحات

أما المقاتل متياس شحات سلامة، ٦٤ عامًا، فهو من مدينة أرمنت الحيط، والتحق بالجيش عام ٧١، ضمن كتيبة فى بورسعيد، بسلاح الإمداد والذخيرة، واشترك فى الحرب وعبر من ناحية بورسعيد بسيارات إمداد الذخيرة، حيث تم قذفهم يوم ٩ أكتوبر من قبل القوات الإسرائيلية، ما أدى إلى انقلاب السيارة وانفجارها بالذخيرة، وأصيب فى ساقه واستعانوا وقتها بعرب سيناء للوصول للكتيبة والذين اعتقدوا أنهم شهداء، وتم استقبالهم ونقلهم للمستشفى.

ويشكو «سلامة» من أنه لم يتلق أى تكريم من الدولة، فلم يتم تعيينه أو صرف أى معاش له، مضيفًا أنه قبل بلوغه سن الستين لم يكن يهتم بالمعاش حيث كان قادرًا على العمل، أما الآن فهو يحتاج له، خاصة بعد تعرضه لجلطة دماغية، لافتًا إلى أنه يعول خمس بنات، وابنًا معاقًا، ويجد صعوبة فى الإنفاق عليهم.



** الطواب إسماعيل

التحق الطواب إسماعيل أحمد، ابن منطقة نجع الخطبة بمدينة الأقصر، بالقوات المسلحة عام ١٩٧١، بسلاح المشاة، بالإسماعيلية، ويقول إنه فى يوم السادس من أكتوبر، جاءتهم الأوامر بعمل مشروع حرب، فهموا بالذهاب إلى المياه وإنزال القوارب، وأمروا بالعودة مرة أخرى إلى مواقعهم، وفى حوالى الواحدة وأربعين دقيقة، وجهوا بالذهاب إلى ضفة القناة مجددًا، وكانت المفاجأة بضرب الطيران لسيناء، ومن بعدها عبور للقناة والصعود على خط «بارليف» وكانت هناك نقطة تسمى «الفردان»، لم يستطع الطيران تدميرها بالكامل، وكانت هناك «دشمة» مخبأ بها مجموعة من الصهاينة، الأمر الذى أدى إلى قيامنا بسكب برميل من السولار داخلها وإشعال النيران، ما جعلهم يستسلمون على الفور خوفًا من احتراقهم، وتم أسر ١٧ جنديا.

وأضاف «الطواب» أن الدشمة كانت تحتوى على عدد من الأسرة ومأكولات وفواكه من بينها «تفاح أمريكاني»، لافتًا إلى أنهم قاموا بأكله من الجوع الذى حل بهم، وبعدها استكملوا مسيرتهم، وصولًا إلى وادى النخيل، والتمركز به ٤ أيام. وتابع: «فى ١٤ أكتوبر، شن الطيران الإسرائيلى هجوما علينا، وأصبت بشظية فى الفخذ، بالإضافة إلى طلقة نارية فى الكتف اليسرى، وتم تحويلى إلى ٤ مستشفيات كان آخرها قصر العينى ولا تزال آثار الإصابة فى جسدي».


** حسن شعلان

ويروى حسن شعلان، بقرية أرمنت الحيط، تفاصيل مشاركته فى الحرب، قائلا إنه كان برتبة شاويش بالجيش، وكان من ضمن فريق الاستطلاع الجوى والأرضي، وكان فريق الاستطلاع من أهم مهامه مراقبة التحركات الإسرائيلية أثناء تواجدها فى سيناء، مشيرا إلى أنه أثناء عمله فوجئ بخمس طائرات من القوات الإسرائيلية، من طراز «نور أطلس» وقامت صواريخنا بالهجوم عليها ودمرت منها أربع طائرات ولكنه أصيب فى ذلك اليوم بشظية فى الصدر، وتم تحويله إلى منطقة إسعاف القصاصين بالإسماعيلية.

وعند تمام الشفاء تم نقله إلى ملتقى أبوسلطان بالإسماعيلية، مشيرا إلى أنه حصل على شهادة «البلاء الحسن» لحسن مشاركته بحرب أكتوبر المجيدة.