الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الشرطة في زمن الحرب.. درع الجبهة الداخلية

الشرطة فى زمن الحرب..
الشرطة فى زمن الحرب.. درع الجبهة الداخلية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كتب: على عبدالمعتمد وحاتم حمدان ومحمود عياد وأحمد علاء وعمر عزوز ومحمد صفوت وعلاء خليفة 
بطولات لا تُنسى فى مواجهة العدو.. و«نور الدين»: تلقينا تدريبات مكثفة على مقاومة دبابات الاحتلال.. وشاركنا فى مقاومة «ثغرة الدفرسوار» «السادات» قدم الدعم اللوجيستى للشرطة.. والضباط والأفراد نجحوا فى تأمين الجبهة الداخلية




«الشرطة المصرية».. هم خير أجناد الأرض، يضعون رءوسهم فوق أكفهم، مدافعين عن الشعب ضد كل عدوان، وفى كل موقعة يسطرون أسماءهم فى كتب التاريخ بأحرف من نور، وكم من عشرات المواقف والوقائع التى أثبتوا فيها جسارتهم وشجاعتهم فى التصدى لكل محاولات العدوان، وأينما حلت الأزمات وجدوا لمواجهتها، دون أن يتخلوا للحظة عن رسالتهم فى حماية القطاع الداخلى للبلاد جنبًا إلى جنب مع القوات المسلحة المصرية.
وفى 25 يناير عام 1952، سطر أبناء الشرطة المصرية أسماءهم فى كتاب التاريخ فى موقعة الإسماعيلية الشهيرة عندما تصدوا لعدوان الاحتلال الإنجليزى، وألحقوا به شر هزيمة رغم عتادهم وعدتهم غير المكتملة، دون أن يبالوا بفرق الأسلحة والمعدات والأجهزة، لكنهم نجحوا فى الدفاع عن مواقعهم بكل شراسة وشجاعة.
غير أن عشرات من الوقائع الأخرى التى تحكى بطولاتهم على مر التاريخ، وجميعها مواقف استحقوا عليها التحية والإشادة ويكفى ما قدموه فى مواجهة الإرهاب منذ أن عرف طريقه إلى مصر حتى سنواته الأخيرة التى اشتد فيه بعد إيعاز من جماعة الإخوان الإرهابية. 

وحول بطولات قوات الشرطة، ودورهم التاريخى إبان حرب أكتوبر الخالدة، يقول اللواء محمد نور الدين، الخبير الأمنى مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن حرب السادس من أكتوبر شهدت بطولات وتضحيات من جميع أبناء الوطن، مشيرًا إلى أن كل الأجهزة والوزارات فى مصر كانت تقوم بدورها المنوط به، إلى جانب قواتها المسلحة فى حربها المجيدة ضد الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدًا أن من ضمن هذه الوزارات كانت وزارة الداخلية، التى قدمت دورًا مهمًا فى المعركة تحت قيادة اللواء ممدوح سالم الذى تولى مسئولية وزارة الداخلية بعدما كلفه الرئيس الراحل أنور السادات بتصفية جميع مراكز القوى التى كان هدفها الرئيسى الانقلاب على الرئيس، فضلا عن وضع خطة تأمين على أعلى مستوى لتأمين الجبهة الداخلية فى الشارع المصرى لخوض المعركة.

وأضاف مساعد وزير الداخلية الأسبق قائلًا: إن الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية فرضت سيطرتها على جميع أنحاء الجمهورية من خلال مديريات الأمن المنتشرة فى كل محافظة، ثم تم نشر قوات الأمن على كل المنشآت الحيوية مثل السفارات والوزارات والبنوك والمنشآت الاقتصادية، مستطردًا: «كان لدينا استعداد تام قبل الحرب للتعامل مع أى طارئ يحدث أثناء الحرب، كما أن وزارة الداخلية بدأت بتجهيز تعبئة مجنديها للحرب، وحمل السلاح فى أى وقت».
وأشار مساعد وزير الداخلية الأسبق، إلى أن الرئيس السادات أعطى جهاز الشرطة فى ذلك الوقت اهتمامًا كبيرًا عن طريق تزويد المواقع الشرطية بالعديد من المعدات الحديثة، كما كلف الرئيس الراحل اللواء ممدوح سالم فى عام ١٩٧٣، بالبدء فى التدريب القتالى للضباط والمجندين فى صفوف قوات الأمن المركزى بقطاع ناصر للأمن المركزى مستطردًا: «كنت على رتبة ملازم أول وقتها والتحقت بقوات الأمن المركزى وكان عندنا ٥ طوابير فى اليوم للتدريب على الاشتباك مع العناصر المسلحة، وكيفية الدفاع عن المدن وقت الحرب فى حالة زحف العدوان عليها، كما شمل التدريب على عمليات وضع الكمائن للتعامل، فضًلا على تدريبينا على الغارات لمعرفة جميع تفاصيل معدات العدو مثل الطائرات، كما اهتم الفريق القائم على التدريب وقتها، بكيفية مقاومة جنود الاحتلال فى حالة الهبوط بالمظلات والدوريات الصحراوية.

وأكد مساعد وزير الداخلية الأسبق، على أن اللواء ممدوح سالم وزير الداخلية فى ذلك الوقت، عقد اجتماعًا موسعًا بمساعديه ضم جميع المسئولين عن قطاعات الأجهزة الأمنية المختلفة، لبحث الخطط الأمنية المتفق عليها فى وقت المعركة، ورفع درجة الاستعداد من أجل تأمين المنشآت المهمة، كما أن الخطط أعطت اهتمامًا بمدن القناة السويس والإسماعيلية وبورسعيد، نظرًا لقربهم من منطقة سيناء والتى كان معظمها مهجرًا فى ذلك الوقت، مشيرًا إلى أنه وقت اندلاع الحرب انتشرت قوات الأمن لتنفيذ جميع الخطط الموضوعة لكل محافظة، والتى كانت تشارك فيها المقاومة الشعبية، وعند حدوث ثغرة الاختراق بالدفرسوار فى الضفة الغربية للقناة يومى ١٥ و١٦ أكتوبر، أصدر الراحل أنور السادات قررًا يوم ١٧ أكتوبر بتحرك قوات الأمن المركزى للإسماعيلية لصد هجوم العدوان الغاشم، وعلى الفور تم تشكيل مجموعة كبيرة من الأمن المركزي، وتحركت على الفور وتم تزويد القوات بعدد من البنادق الآلية والهاونات ٦٠ مم والرشاشات الخفيفة والبنادق ذات الوصلات المضادة للدبابات، والقنابل اليدوية وزجاجات المولوتوف والقنابل المضادة للدبابات، كما قامت مجموعة من ضباط القوات المسلحة بالتنسيق مع الجيش الثانى الميداني، بتدريب ضباط الأمن المركزى الموجودين مع تشكيلاتهم فى بورسعيد والإسماعيلية على كيفية التعامل مع دبابات العدو بالقنابل، ونظرًا لخطورة المناطق التى تقرر أن تتمركز فيها هذه القوات بالنسبة لقربها الشديد من ساحات المعارك غرب القناة، فقد تم تقوية تسليحها لاحتمال تعاملها مع قوات العدو ودباباته.
واستطرد الخبير الأمني: وقت اندلاع حرب أكتوبر المجيدة، لم تسجل محاضر الشرطة أى بلاغات عن سرقات أو جرائم طوال هذه الفترة حيث شهدت الجريمة حالة توقف بنسبة ١٠٠٪ لعدة أيام بشكل كامل وقت الاشتباك مع العدو، حتى أن البلطجية والمسجلين خطر قاموا بعمل لجان شعبية للوقوف بجانب رجال الشرطة فى تأمين المناطق الحيوية، مشيرًا إلى أن جميع المصالح الشرطية كانت تعمل بانتظام دون توقف العمل، مثل مكاتب السجل المدنى وإدارات المرور، وكانت فرحة الانتصار على وجوه المساجين داخل السجون بعد علمهم بنبأ العبور، ماعدا المساجين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين.

وأوضح مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن وزارة الداخلية كانت تخشى على المواطنين، وكان هدفها حمايتهم، وبسبب ذلك أصدرت الوزارة بيانًا رسميًا يوم ١٢ أكتوبر، وقت المعركة، حذرت من خلاله أفراد الشعب المصرى من استخدام بعض الأشياء وقالت فيه: «أخى المواطن، إن العدو الغادر الذى نحاربه لا يملك قيم أو مثل، وأن أساليبه التى يستخدمها كثيرة مثل إلقاء القنابل الزمنية التى تنفجر بعد فترة من الوقت لزيادة الخسائر، كما أنه يقوم أحيانًا بإلقاء الأجسام المألوفة التى تنفجر مجرد أن يلمسها المواطن وقت التقاطها، مثل أجهزة الراديو والترانزستور، وعلب الأكل المحفوظة، وأقلام الحبر، والولاعات، وماكينات الحلاقة، ولعب الأطفال وبعض مستحضرات التجميل، مستطردًا: «لم تكتف وزارة الداخلية بكل ما سبق وحسب، بل حذرت أيضا من التعامل مع الأجسام الغريبة التى تثير فضول المواطنين، والتى تنفجر بمجرد الامساك بها، كما أكدت الداخلية على ضرورة تجنب أفراد الشعب الأماكن التى قد تتعرض لقصف جوى من قبل العدو، وأنه فى حالة العثور على أى أجسام مألوفة أو غريبة يعثر عليها المواطن يجب عليه إخطار جهاز الشرطة على الفور حتى تقوم الأجهزة الأمنية باتخاذ ما يلزم من إجراءات لوقاية المواطنين.
كمل شمل بيان الداخلية على تعليمات مهمة بخصوص صفارات الإنذار، وأن الصفارة المتقطعة تفيد بأن هناك غارة جوية، وأن أصوات المدافع والانفجارات، تعد أيضًا بمثابة إنذار بغارة جوية، وأن كل فرد يجب عليه فى مثل هذه الحالات اتباع تعليمات الدفاع المدنى وإرشاداته، مثل عدم الوقوف فى الشرفة أو الشارع، حتى تقى نفسك من الإصابة عند تطاير شظايا القنابل التى تحدث خلاله.
من ناحية شرح اللواء فاروق المقرحى مساعد وزير الداخلية السابق أن رجال الداخلية قد أدوا دورهم على أكمل وجه فى الحفاظ على الأمن الداخلى للبلاد والشعب كان على قدر المسئولية بل كان الشعب متكاتف مع القوات المسلحة ورجال الداخلية فى الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين لأنه كان يعتقد بذلك أنه يؤدى دوره فى الحفاظ على أمن وسلامة الدولة، وهو يعتبر ذلك العمل مشاركة على الجبهة مثله مثل الجندى الباسل الذى يقهر الأعداء ويضرب أروع الأمثلة فى التضحية والفداء. 
وأضاف المقرحى، أن رجال الأمن المركزى سطروا دورًا بطوليًا كشف كل معانى الفداء والتضحية، وجاء ذلك عندما قام العدو الإسرائيلي، بإغلاق الطريق البرى من جهة الغرب وهو الطريق المتصل بمدينة السويس، وعلى الفور توجهت قوات من قسم شرطة الأربعين للتصدى لتلك القوات المتغلغلة إلى المدينة ومنعت العدو من التقدم وقامت بالعديد من التضحيات التى كبدت العدو خسائر فادحة بين صفوفه.
وأضاف أن النقيب محمد حمودة ضرب أروع الأمثلة فى الفداء والتضحية فى سبيل الوطن، بعدما قام باستخدام مدفعه الرشاش وإطلاق وابل كثيف من الرصاص على قوات العدو، والذى كبدها خسائر فادحة تسبب ذلك فى تراجع جيش العدو، وإحدث أعطال فى المعدات بسبب الاصطدام واستشهد البطل آنذاك والذى ظل يقاتل هو و٤ من جنوده حتى النهاية ليضرب الجندى المصرى أروع الأمثلة فى التضحية والفداء والدفاع عن الأرض والعرض إلى آخر قطرة دم، وأسفر ذلك الاشتباك عن أسر العديد من جنود العدو. 
وأوضح الخبير الأمني، أن تلك البطولات كانت من داخل الشعب الواحد وتكاتف قواته من الجيش والشرطة ليصبح يدًا واحدة فكان إذا تواجدت مجموعة من القوات المسلحة والداخلية بإحدى المناطق المتواجد بها السكان كان يستقبلونهم بالزغاريد والطعام والشراب، وإن دل ذلك على شئ فإنما يدل على روح الوحدة بين المصريين. 

وفى ذات السياق، قال اللواء جمال مظلوم، الخبير الاستراتيجي، وأحد أبطال حرب أكتوبر، إن وزارة الداخلية كان لها دور مهم فى الحفاظ على الجبهة الداخلية وتأمينها، دور لا يقل أهمية على دور القوات المسلحة على الجبهة، بل إن كل فئات الشعب المصرى قامت بدور كبير إبان الحرب ولا أحد يختلف على ذلك، ولم تغب عنا روح التعاون التى كانت بين جهازى الشرطة والجيش. 
وقال مظلوم: «عندما كنا على الجبهة كنا نقاتل بشرف واطمئنان على أسرنا بسبب وجود رجال الداخلية لتأمين الدولة من الداخل وكان لذلك أثر ورفع للروح المعنوية لجنودنا». 
وأشار إلى أن دور رجال الشرطة فى وزارة الداخلية فعال، وكان أبرز المواقف التى أتذكرها أنه كان هناك هجوم من العدو إبان حرب ٦٧، وكان للداخلية دور مهم فى إخماد الحرائق وفى تحقيق الأمن والاستقرار فى منع الحركة وعدم دخول أى من المواطنين فى منطقة الصراع، وإطفاء الأنوار أثناء هجوم طيران العدوان على المدن المصرية كانت تتحرك على الفور رجال الحماية المدنية لإطفاء النيران وإزالة آثار الحطام.
ولا ننكر دور وزارة الداخلية فى بس روح التفاهم والمحبة بين أفراد الشعب الذى كان يقف بجانب بلده فى أثناء الحرب بالتبرع بالدم.