الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

محمود الحضري يكتب: اقتصاد مصر وحرب النصر "2"

محمود الحضري
محمود الحضري
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

1973 إلى 2011 فترات التحولات من الاشتراكية إلى الليبرالية

اقتصاد الحرب تلاشى مع تولى السادات.. وبدء توظيف الاقتصاد لصالح فئات محددة

"الانفتاح" فتح الباب على مصراعیه لوقوع مصر فى أنیاب رأس المال المالى

تقنین مریب للتحالف بین الرأسمالیة المحلیة والرأسمالیة الأجنبية.. وتصفية الأصول لصالح "الخاص"

دعم النشاط الطفیلى للقطاع الخاص وفتح الجسور للتعامل بحریة مع الاقتصاد الرأسمالى

نصر أكتوبر واستخدام سلاح النفط.. أول قرار للدول النامية لإقامة نظام اقتصادى دولى جدید

التوسع فى سياسات التحول الاقتصادى جعل مصر تحت رحمة صندوق النقد الدولى

تمر الذكرى الـ45 لمعركة النصر فى 1973، وهى سنوات حافلة بالمتغيرات الاقتصادية المتنوعة، وتركت تأثيرات عديدة على المجتمع بشكل عام، وعلى الأفراد بشكل خاص، وكان المواطن المصرى محور التأثير سلبًا وإيجابًا، بسبب مختلف السياسات الاقتصادية، وهناك من جنى من وراء النصر واستفاد واغتنى، وصبت القرارات الاقتصادية فى صالحه، وهناك من حصد مرارة الأزمات، ودفع ثمنها.

وفى الحلقة الماضية، استعرضنا فترة الاستعداد لحرب النصر على مدى أكثر من ست سنوات، كان لها ظروفها وخصوصيتها، ومتطلباتها الاقتصادية، أما بعد قرار الحرب، فقد اتسمت السنوات الـ45 بالعديد من المتغيرات، وبعضها ساد خلالها سنوات من "الصمت" التنموي.


تحولات دراماتيكية

ونقسم الأعوام الـ45 من 1973 وحتى 2018، إلى أربع مراحل، وتشمل من 1973 إلى 1981، أى بوفاة الرئيس أنور السادات، وهى الفترة التى مثلت سنوات التغيير فى السياسات الاقتصادية والتحولات الدراماتيكية فى النهج الاقتصادى فى مصر، أما الفترة الثانية، فهى من أكتوبر 1981 وحتى 1991، وتمثل السنوات العشر الأولى من حكم الرئيس حسنى مبارك، والتى تعتبر فترة عدم وضوح الرؤية فى سياسات مصر الاقتصادية، رغم الاتفاق على رؤية اقتصادية، فى المؤتمر الاقتصادى القومى فى 1982.

لتأتى مرحلة التصفية لأصول الدولة، حتى تحت مسمى الإصلاح الاقتصادى وبدء برنامج بيع القطاع العام، والتى بدأت بأول اتفاق بين مصر وصندوق النقد الدولي، وامتدت من العام 1991 وحتى 2011 ومع قيام ثورة 25 يناير، فى وقت استمرت فيه عملية استمرار تخسير القطاع العام، ووقف خطط صيانته وتطويره.

أما المرحلة الأخيرة، والتى بدأت بعد 25 يناير 2011، ومستمرة حتى الآن، وهى مرحلة جديدة كليا تحمل سمات واضحة بالتوجه نحو اقتصاد السوق، وتخلى الدولة عن دورها الاجتماعي، خصوصًا فيما يتعلق بالتخلى عن سياسات الدعم، وفق سياسة السوق بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وتحت شعار ما يمكن تسميته بـ"التنمية بثمن اجتماعي".


من الاشتراكية إلى الليبرالية

لا شك أنه كان لحرب السادس من أكتوبر انعكاسات اقتصادية واضحة، أظهرت روح التحدى بين الشعب والحكومة المصرية، ففى البداية كان تحول مصر اقتصاديا نحو المسار الليبرالى فى عام 1974، جاءت "ورقة أكتوبر" لرسم إطار نظري لهذا التحول، وفق رؤية الحكومة فى هذا الوقت، بالتركيز على ضرورة تنقية التجربة المصرية من السلبيات التى أعاقت حركتها، وضرورة المواءمة بين حركة العمل الوطنى فى المجال الاقتصادى وبين الظروف الجديدة التى يعيشها العالم.

وللدخول العملى فى خطة الانفتاح الاقتصادى فى تغيير توجهات الاقتصاد المصرى، فقد صدر القانون الشهير رقم 43 لسنة 1974 الخاص باستثمار رأس المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة، ثم توالت بعد ذلك القوانين والتعديلات فى جميع الجبهات، لكى تتوافق مع سياسة "الانفتاح الاقتصادى".

ورأى متخصصون أن اقتصاد الحرب بدأ يتلاشي، ليدخل فى سنوات اقتصاد مختلفة كليا، ربما بعضها لتوظيف النصر لصالح فئات، بينما صناع النصر أنفسهم، خرجوا من دائرة الاستفادة، بإصدار قانون "الانفتاح" الذى فتح الباب على مصراعیه لوقوع مصر فى أنیاب رأس المال المالى الباحث عن الربح السریع فى ضوء امتیازات وضمانات لم یتمتع بها من قبل، ثم بدأ القطاع الخاص یشكو، وینادى بأحقیته فى التمتع بتلك الامتیازات والضمانات، وتم له تحقیق ذلك إذا كان مشاركًا لرأس المال الأجنبى فى الاستثمارات التى تقام فى إطار هذا القانون، وعلى هذا النحو خلق هذا القانون تقنینًا مریبًا للتحالف بین الرأسمالیة المحلیة والرأسمالیة الأجنبية. ثم توالت بعد ذلك القوانین والتعدیلات فى جمیع الجبهات، لكى تتوافق مع سیاسة "الانفتاح الاقتصادى" مثل نظام الاستیراد بدون تحویل عملة، إقرار حق الأفراد فى تمثیل الشركات الأجنبیة، صدور قانون جدید للنقد الأجنبى، تعدیل قوانین الضرائب والجمارك، تفكیك الإطار المؤسسى للقطاع العام وإباحة مشاركته مع رأس المال الأجنبى، وبهذا الشكل السریع تم تغییر المعالم الأساسیة لاقتصادیات النظام الناصري.

وتؤكد جميع التقارير والدراسات أن رأس المال المالى الدولى استغل التسهيلات الانفتاحیة والسخاء غیر المتوقع فى معاملته من جانب قادة الاقتصاد القومى آنذاك، وبدأ ینسج خیوطه العنكبوتیة حول الاقتصاد المصرى من خلال التوغل غیر العادى لفروع البنوك الأجنبیة الدولیة فى النشاط داخل الاقتصاد المصرى، والدلالة الهامة لهذا التوغل الانتشارى لهذه البنوك هى فقدان الدولة، ممثلة فى البنك المركزى الرقابة والتحكم فى نشاط هذه البنوك وحرمان الاقتصاد القومى من الاستفادة من جانب كبیر من العملات الأجنبیة، التى أصبحت تنساب من وإلى خارج هذه البنوك، فضلًا عن الدور الذى تلعبه تلك البنوك فى دعم النشاط الطفیلى للقطاع الخاص ومنحه الفرصة لاستعادة دوره وفتح الجسور معه للتعامل بحریة مع الاقتصاد الرأسمالي.


معركة النفط

والاتفاق العام بين الاقتصاديين، أكد أن معركة النفط واستخدامه كسلاح استراتیجى فى 73 / 1974، عكس أن النظام الدولى لیس نتاجًا "لحوار بین مجموعة من الحكماء" وإنما یعكس فى الواقع موازین القوى الحقیقیة، فقد اعتبر رفع أسعار النفط فى عام 73 /1974، بمثابة انتصار جماعى للعالم الثالث، فلأول مرة منذ أربعة قرون یتخذ قرار یتعلق بالعالم أجمع ككل خارج إطار سیطرة المركز الرأسمالي، ولقد أثبتت هذه الخطوة إمكانیة هذا، وأثبتت أن ما یدعى بـ"قوانین السوق"، التى یستند إليها لتفسیر استحالة تغییر الأسعار المجحفة لمنتجات العالم الثالث، لیست سوى مقولة "أیدیولوجیة" وضعت لإخفاء حقیقة موازین القوى الدولیة.

ولا شك أنه كان نصر أكتوبر واستخدام سلاح النفط واتخاذ قرار جماعى للعالم الثالث برفع أسعار النفط فى عام 73 /1974 وهو أول قرار للدول النامیة منذ أربعة قرون یتعلق بالعالم ككل وغیر صادر عن سیطرة المركز الرأسمالي، كان ذلك دعمًا لمصداقیة برنامج العمل من أجل إقامة نظام اقتصادى دولى جدید وإمكانیة استخدام مصادر القوة المتاحة للدول النامیة للحصول على أسعار مختلفة للمواد الخام واستخدام الموارد المالیة المتراكمة عن هذا الطریق للإسراع بعملیة التصنیع وبهذا المعنى یمكن القول إن أكتوبر 1973 مثل بحق نقطة تحول فى تاریخ العلاقات الدولیة، إذ عند هذه النقطة أصبحت بلدان العالم الثالث واعیة لیس بحقوقها فقط، وإنما بمدى قوتها بالأساس.

خيار مصر

لكن خیار النظام المصرى كان مختلفًا وفضل التحالف الاستراتیجى مع الولایات المتحدة الأمریكیة والاندماج فى الاقتصاد الرأسمالى والسوق العالمیة، وأصبحت مقــولة السادات الشهيرة بأن "99% من أوراق اللعبة فى ید أمریكا"، مقولة دالة وموجزة على هذا الاختیار.

وارتأت الحكومة المصرية أن الأفضل هو التحالف الاستراتيجى مع الولايات المتحدة الأمريكية والاندماج فى الاقتصاد الرأسمالى والسوق العالمية، وتجسد ذلك فى افتتاح فروع البنوك الأجنبية الدولية فى مصر، وفى نفس الوقت قامت هذه البنوك على منح التسهيلات المصرفية وتسهيلات الموردين.

والأرقام تشير إلى أنه تم تحميل مصر بدیون خارجیة قصیرة الأجل وتسهيلات مصرفیة وتسهيلات موردین، وهو ما أضعف من سلطة الدولة فى مجال التحكم فى قطاع التجارة الخارجیة، وفى ضوء التسهيلات غیر العادیة التى حدثت فى مجال الاستیراد وحیازة النقد الأجنبى، وإشاعة جو محموم من الدعایة للاستهلاك الترفى، وفى ضوء الجمود الشدید الذى شهدته الصادرات المصریة، انفجر العجز فى المیزان التجارى انفجارًا هائلا خلال الفترة من 1973-1977.

ولهذا الأسباب، ولأسباب عديدة ونتيجة لأزمات السيولة النقدية فى عامى 1976 و1977، لجأت الحكومة للتعاون مع صندوق النقد الدولى بوضع برنامج للإصلاح الاقتصادى وهو أول برنامج بالاتفاق مع صندوق النقد الدولى يستهدف استكمال معالم النمط الرأسمالى الليبرالى الذى بدأته سياسة "الانفتاح الاقتصادى"، إلا أن هذا قوبل بغضب شعبي، وانطلقت "انتفاضة 17 و18 يناير 1977، وهو ما دفع الرئيس السادات وقتها إلى التراجع عن تلك القرارات سريعًا، لامتصاص غضب الناس، وسعى إلى اتهام اليسار وقتها بأنه وراء "الانتفاضة"، ثم توالت الأحداث السياسية التى طغت على كل الساحة، والتى انتهت باغتيال الرئيس السادات فى أكتوبر 1981.


الضبابية بداية للتبعية

ومع تولى الرئيس حسنى مبارك مهام منصبه بعد اغتيال الرئيس السادات، تم عقد المؤتمر الاقتصادى القومى الذى ترأسه الرئیس حسنى مبارك فى فبرایر 1982 وضم رموز معظم التیارات الفكریة والمدارس الاقتصادیة المصریة بصیاغة الخطة الخمسیة الثانیة فى تاریخ مصر الحدیث والأولى فى عهد الرئیس مبارك، والتى شملت الفترة عن "81 /1982-86 /1987"، فيما رأى البعض أنها لم تكن سوى محاولة منظمة من جانب الدولة لوقف حالة الانهيار التى بلغها الاقتصاد المصرى، أى بمعنى آخر أنها كانت "خطة تثبیت" للوضع بالتعبیر العسكرى دون أن تطمح فیما هو أكثر من ذلك أى إخراج الاقتصاد المصرى من أزماته وعثراته.

وجاءت هذه الخطة مخیبة للآمال، بل جاءت على الضد تمامًا مما كان علیه إجماع المؤتمر، فقد تزاید الاعتماد على القروض الخارجیة وتراجع دور التخطیط وتخلت الدولة عن قیادة التنمیة وأضعفت القطاع العام، ليتهيأ لبیعه وألغت الدعم وأطلقت حریة تكوین الأسعار ولم تهتم بمشكلة العمالة وزیادة البطالة وتزاید التفاوت فى توزیع الدخل والثروة.

واتفق المحللون الاقتصاديون على أن الخطة الخمسیة الثانیة فى عهد مبارك (87/1988- 91/1992) جاءت بنفس النتائج، بل وأكثر، مما أدى لانتهاج سیاسة ما تم تسمته بـ"الاصلاح الاقتصادي"، بناء على ثانى اتفاق مع صندوق النقد الدولى فى العام 1991 وفى عهد وزارة الدكتور عاطف صدقي، والذى حدد 10 سنوات للإصلاح بين 1991 و2001.

وتم وضع برنامج للإصلاح الاقتصادى، وهو أول برنامج بالاتفاق مع صندوق النقد الدولى يستهدف استكمال معالم النمط الرأسمالى اللیبرالى الذى بدأته سیاسة "الانفتاح الاقتصادى" على النحو الذى یتوافق تمامًا مع دمج مصر فى السوق الرأسمالى العالمى وتحقیق مصالح الدائنین والمستثمرین الأجانب ویشجع من نمو الرأسمالیة المحلیة المرتبطة برأس المال الأجنبي، إلا أنه نجح فى زیادة دمج مصر فى الاقتصاد الرأسمالى العالمى وجعلها أكثر تبعیة.


تحت رحمة الصندوق

وبالتوسع فى سياسات التحول الاقتصادي، أصبحت مصر فى مهب الريح وتحت رحمة صندوق النقد الدولى والمؤسسات الدولية لتقع مثلها مثل باقى الدول التى وقعت حكوماتها تحت ضغوط انتهاج سیاسة الإصلاح الإقتصادى تحت شعار "التثبیت والتكیف الهيكلى" لتخضع لمصالح اقتصادیات البلدان الرأسمالیة.

والمؤكد أن هذه السياسات ألغت عملیًا القرار الوطنى الخاص، لتخضع الدولة المصرية لسياسات الخصصة، بل والتعجیل بها ووصل الأمر إلى انتزاع الملكیة العامة والتخلص من دور الدولة فى النشاط الاقتصادى، وبدأت فيما بعد سياسات تدريجية لتعویم الجنيه وهو ما تم عدة مرات، بتغيير أسعار الصرف وتخفیض سعر الصرف لصالح الدولار.

وأخضعت الحكومات المتعاقبة الاقتصاد برمته لما يمكن أن نسميه "تفريغ هيكلي" بجراحة مشرطية من خلال خطط وبرامج التصحیح متفق عليها سلفًا مع صندوق النقد الدولى، وهو ما انعكس على الملایین بأشكال شتى، خصوصًا ما يتعلق بتصفية العديد من الشركات والبنوك، تحت شعار "الخصخصة"، وتثبيت قواعد القطاع الخاص على حساب ملكية الدولة والشعب.

25 يناير ومرحلة خمول اقتصادي.. الشعب بطل فاتورة الإصلاح

اتسمت الفترة التى تلت ثورة 25 يناير بحالة من الضبابية بسبب الفوضى التى سادت البلاد، وكاد دور الدولة يختفى، وارتبكت الحياة الاقتصادية كثيرًا، وتوقف نشاط القطاع السياحى، والذى كان قد وصل إلى أفضل معدلاته فى العام 2010، مسجلا أكثر من 14 مليون سائح، إلا أنه وبعد الثورة حدثت تغييرات كبيرة على المستوى السياسى فى مصر ساهمت فى أزمات اقتصادية، ولا يختلف اثنان على أن الاقتصاد المصرى فى السنوات الثلاث التى تلت الثورة كانت من أسوأ السنوات، بل كان الوضع أفضل حالا قبل الثورة، فمع انطلاق ثورة يناير 2011 وحتى 2014، دخل الاقتصاد مرحلة من التدهور.

وأوضحت تقارير اقتصادية منها تقرير "الاقتصاد المصرى بعد ثورة 2011" لـ"مجلس الأطلنطى" أنه ومع تنحى الرئيس الأسبق مبارك، وتولى المجلس العسكرى، وحكومة مؤقتة مقاليد الأمور فى البلاد، تراجع نمو الاقتصاد بشكل ملفت للانتباه ليقل عن 2%، كما ارتفعت نسبة البطالة لتصل إلى ما يزيد على 10%، وزاد العجز المالى حتى بلغ 8.6% من الناتج المحلى الإجمالى، بالتوازى مع ارتفاع معدلات التضخم الذى بلغ 11%.

ومن الأخطاء الاقتصادية التى تم رصدها، من وجهة نظر بعض الاقتصاديين، فى تلك المرحلة، التمسك بسعر صرف الجنيه دون تغيير، الأمر الذى أدى لحدوث استنزاف الاحتياطى النقدى بشكل سريع فى 2012، إلى حوالى 20 مليار دولار، مما ساهم بقوة فى تراجع التصنيف الائتمانى المصرى لدى المؤسسات المالية الدولية، كما رفض المجلس العسكرى إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولى، بل إن الصندوق نفسه تشدد فى مطالبه مع الإدارة المصرية فى السنوات التى تلت 25 يناير، وخلال السنة التى تولى فيها المجلس العسكرى حكم البلاد.

وتزايدت معدلات الفقر والهشاشة الاجتماعية من ناحية أخرى، وزيادة التفاوت الاجتماعى، فى ظل منظومة من الفساد والمحسوبية، وارتفعت معدلات الفقر فى الفترة التى جاءت تالية للثورة، ولم يتغير الوضع فى ظل حكومة "الإخوان" التى امتدت لنحو عام، لتصل معدلات الفقر إلى ما يقرب من 28%. الوضع اتسم بالسوء أيضًا فى عام حكم محمد مرسى وجماعة الإخوان، وغابت الخطط الاقتصادية، وهو ما ساهم فى بروز العديد من التحديات الاقتصادية مع بلوغ معدل البطالة 12.5% لعدم وجود أى خبرات اقتصادية، وقيام الإخوان بتفريغ مؤسسات الدولة من خبراتها البشرية، بل وصل الأمر لمجرد "الأخونة" فى إدارة البلاد ليزداد الوضع سوءًا، مع الفشل فى استحداث موارد للدولة، وهو ما انتهى بثورة 30 يونيو وعزل الإخوان ورئيسهم. ورغم التحسن الذى ظهر خلال فترة الحكم المؤقت فى عهد الرئيس عدلى منصور، مع زيادة المساعدات العربية من الكويت والسعودية والإمارات، والتى بلغت ما يقارب 13 مليار دولار، إلا أن معدل النمو ظل دون 2% مع معدلات تضخم وبطالة.

ومع بدء حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى، دخلت مصر مرحلة اقتصادية جديدة كليا، فرضت العديد من التحديات، وسريعًا ما اتبعت الحكومة سياسات اقتصادية مع إجراء إعادة هيكلة كاملة للاقتصادى الكلى ومؤسسات الدولة، وتوجهت بقوة إلى دعم القطاع الخاص، وواجهت انهيار مصادر الطاقة، مع سياسات تحسين الأوضاع المالية العامة للدولة، وفى النهاية توجهت إلى تعويم سعر الصرف.

ومع دخول الدولة فى مشروعات قومية كبرى، وحاجتها إلى موارد، توجهت إلى صندوق النقد الدولى لإبرام اتفاق لإصلاح اقتصادى بثمن اجتماعى كبير باعتراف الدولة نفسها.