الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

حراس على باب الوطن

نصر أكتوبر
نصر أكتوبر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«لم تكن لدينا أقمار صناعية، ولكن كانت لدينا العيون الثاقبة والصادقة لأبنائنا المجاهدين فى سيناء، لقد قد جعلوا المواقع الإسرائيلية كتابًا مفتوحًا أمام القوات المسلحة، ولولاهم أيضًا ما كانت حرب أكتوبر». هكذا وصف اللواء فؤاد نصار، مدير المخابرات الحربية وقت حرب أكتوبر 1973، أبناء سيناء. 
لعب أبناء سيناء دورًا كبيرًا فى حرب الاستنزاف وحتى نصر أكتوبر عام 1973، بالتعاون مع ضباط المخابرات العسكرية، وفى وقت نكسة 1967، اصطحب بدو سيناء بعض الجنود، وتنقلوا بهم من جبلٍ لجبلٍ لمدة ستة أشهر بعيدًا عن أعين العدو، ثم بعد ذلك نقلوهم إلى القاهرة. ففى أعقاب النكسة توجه أبناء سيناء إلى إدارة المخابرات الحربية التابعة للجيش، للتطوع كفدائيين للعمل مع الجيش، وطلب من أبناء سيناء حينها القيام بثلاث مهام أساسية، وهى «جمع المعلومات عن جيش العدو، وتصوير مراكز وقواعد ارتكازات جيش العدو، والقيام بالعمليات الاعتراضية خلف الخطوط والمواقع المتأخرة لجيش العدو».

منظمة «سيناء العربية»
وتجمع أبناء قبائل سيناء تحت لواء منظمة «سيناء العربية» التى وصل أعضاؤها لما يقرب من ٧٥٠ عضوًا، وأنشأها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وأعلن عن وجودها رسميًا فى ديسمبر ١٩٦٨، ووصفت إسرائيل أبطال هذه المنظمة بـ«الأشباح»، حيث نفذوا ما يقرب من ٧٠٠ عملية عسكرية ضد قوات الاحتلال، منها قصف مقر المخابرات الإسرائيلية، وتدمير العديد من خطوط المواصلات باستخدام أجهزة اللاسلكى والصواريخ التى كانت تنقل على ظهور الجمال، إضافة إلى تدمير أكثر من دورية للعدو بالألغام. ووجه مشايخ قبائل سيناء صفعة لإسرائيل فى ٣١ أكتوبر ١٩٦٨، حينما جمعتهم عقب الاحتلال، لتعرض عليهم صفقة فحواها (إعلان دولة سيناء) أى فصل سيناء عن مصر وإعلانها دولة مستقلة، حيث التقت وزيرة الخارجية وقتها «جولدا مائير» ووزير الدفاع فى إسرائيل آنذاك «موشيه ديان»، عددًا من مشايخ سيناء وأغدقوا عليهم الهدايا والأموال لإقناعهم بفكرة تحويلها إلى دولة مستقلة، وما كان من قبائل سيناء إلا أن أعلموا المخابرات المصرية بهذا المخطط، وطلب منهم حينها مجاراة العدو.
مؤتمر الحسنة
وتم عقد «مؤتمر الحسنة» وحشدت إسرائيل وقتها الصحف العالمية والكيانات الدولية كبعض أعضاء منظمة «الأمم المتحدة» منتظرة لحظة إعلان دولة سيناء، ولكن فاجأهم شيخ المجاهدين الشيخ «سالم الهرش» من قبيلة «البياضية» متحدثًا بالنيابة عن مشايخ قبائل سيناء، قائلًا: «سيناء مصرية وستظل مصرية، وما أنتم إلا احتلال ونرفض التدويل، سيناء مصرية مائة فى المائة».
الضربة الأولى
وكان لمجاهدى سيناء أيضًا دور مهم فى تحديد موعد انطلاق الضربة الأولى فى حرب أكتوبر، فوفقًا للخبير الاستراتيجى والعسكرى اللواء «أحمد عبدالحليم»، قرار بدء المعركة فى الساعة الثانية ظهرًا كان متوقفًا على نجاح عملية تجريبية للمجاهدين بالتعاون مع المخابرات الحربية، وتم عمل هجوم تجريبى على الجيش الإسرائيلى نهارًا فى منطقة «الحرث شمال القنطرة»، وتمكن الجنود بالفعل من تدمير دورية إسرائيلية كاملة وقتل جميع أفرادها، وبالتالى اتخذ قرار موعد الحرب نهارًا على غير العهد المتبع فى بدء الحرب ليلًا.
«السلفية الجهادية»
وفى الثمانينيات، بدأت الجماعات السلفية تتجه إلى سيناء مع انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي، وعودة سيناء إلى السيادة المصرية، ووقتها تدفقت الأفكار السلفية إلى سيناء فى عام ١٩٨١، واقتصرت على نشر الدعوة فقط، لكن عام ١٩٨٤، ظهرت بعض ملامح للسلفية الجهادية فى سيناء، وأنشأت جماعة «التبليغ والدعوة» للوعظ المباشر من دون التطرق لقضايا سياسية؛ وكذلك نشأة جماعة «دعوة أهل السنة والجماعة»، التى كانت تعرف فى البداية باسم «الجماعة السلفية فى سيناء» وهى أقرب إلى السلفية الجهادية، لكن مع ميلها للدعوة، وعدم حمل السلاح. ووفقًا لأحد قادة التيار السلفى فى سيناء، الشيخ «سليمان أبوأيوب»، فإن «التحول من إلى التشدد بدأ عام ١٩٩٣ تقريبًا، وبدأ بعض عناصر الجماعة الإسلامية التوجه إلى سيناء عقب الإفراج عنهم بعد مبادرة عام ١٩٩٧ التى تحمل اسم «نبذ العنف»، وعقدوا بعض المؤتمرات لنشر فكرهم فى محافظات شمال وجنوب سيناء، ما مهد لنشر «الأسلمة القبلية» فى سيناء، من خلال إنشاء ما يعرف بـ«المحاكم الشرعية»، الذى تصاعد منذ قيام ثورة يناير ٢٠١١؛ حيث استغلت الجماعات السلفية الفراغ الأمنى فى مصر خلال هذه الفترة، وسعوا لنشر فكرهم الجهادى محاولين السيطرة على سيناء، وساعدهم فى ذلك الرئيس المخلوع «محمد مرسي». وجاءت فكرة التوسع فى إنشاء المحاكم الشرعية عندما دعا «محمد الظواهرى»، القيادى بالسلفية الجهادية، فى أبريل ٢٠١٣، خلال مؤتمر نظمته السلفية الجهادية فى مسجد «فقوسة» بمدينة بورسعيد؛ وانتشرت المحاكم الشرعية فى سيناء خلال هذه الفترة، من خلال قيام جماعة «أهل السنة والجماعة» السلفية، وبلغ عددها فى مايو ٢٠١٣ نحو ١٤ لجنة شرعية تغطى سيناء من شمالها حتى جنوبها. وقوبل هذا الأمر برفض من قبل مشايخ القبائل فى سيناء، منهم أحد مشايخ مجاهدى سيناء «حسن خلف»، الذى ينتمى إلى قبيلة «السواركة»، كما رفض الحاج «عبد الهادى أعتيق»، من قرية شيبانة بالشيخ زويد، فكرة اللجان الشرعية.
التنظيمات الإرهابية
بعد توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام ١٩٧٩، فرضت بعض البنود الأمنية، التى كان من بينها تقليص الوجود الأمنى فى سيناء، ما أدى إلى تمكين المتشددين والإرهابيين من الوجود فى هذه المنطقة، وظهر عدد من التنظيمات الإرهابية فى سيناء، وكان من بينهم تنظيم «التوحيد والجهاد» الذى أطلقه «خالد مساعد» فى شمال سيناء بمساعدة صديقه «نصر خميس الملاحى»، فى نهاية التسعينيات وبداية عام ٢٠٠٠، وقاما بتجنيد عدد كبير من الشباب، وتدريبهم على استخدام الأسلحة وصناعة المواد المتفجرة فى صحراء مدينة العريش ومنطقة وسط سيناء.
وقام التنظيم بأولى عملياته الإرهابية فى ٧ أكتوبر عام ٢٠٠٤ فى مدينتى طابا ونويبع، التى أسقطت عشرات الضحايا، لتتوالى العمليات الإرهابية خلال أعوام ٢٠٠٤، ٢٠٠٥، و٢٠٠٦، استهدفت خلالها بعض المناطق السياحية بمنطقة جنوب سيناء، وشنت قوات الشرطة حملة أمنية موسعة على «جبل الحلال»؛ حيث كان يختبئ «مساعد» وعدد من معاونيه، ما أسفر عن مقتله، والقبض على عدد كبير من عناصر التنظيم.
أنصار بيت المقدس
وعقب ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، ظهر تنظيم «أنصار بيت المقدس» الذى قام بعدة عمليات ضد إسرائيل، من بينها هجوم إيلات فى أغسطس ٢٠١١، بجانب تفجير خط الغاز المار فى سيناء عدة مرات متتالية، والتنظيم الثانى الذى ظهر هو «مجلس شورى المجاهدين» والذى تبنى عملية على الحدود ضد إسرائيل، وتنظيم «جيش الإسلام» والذى تبنى عملية إرهابية استهدفت مبنى المخابرات فى مدينة رفح.
مواجهة داعش
تخوض العديد من القبائل التى تسكن سيناء حربًا ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، ومن هذه القبائل قبيلة الترابين، وتتألف إداريًّا من ٢٠ عشيرة رئيسية ويصل تعدادها لأكثر من مليون نسمة، وقبيلة السواركة وهى ثانى أكبر قبيلة فى شبه جزيرة سيناء بعد قبيلة الترابين، ويبلغ عددهم نحو ٧٠٠ ألف فرد، إضافة إلى قبيلة الرميلات، والبياضية، والأخارسة، وغيرهم.
اتحاد قبائل سيناء
ومع تنامى العمليات الإرهابية للتنظيمات التابعة لـ«داعش» أعلن أبناء القبائل فى أبريل ٢٠١٧ تأسيس «اتحاد قبائل سيناء» على يد خيرة من مشايخ قبائل سيناء وعلى وجه خاص الشيخ «إبراهيم العرجاني» من قبيلة الترابين، كنوع من الدعم اللوجيستى والدعم المعلوماتى للقوات المسلحة ضد منظومات الإرهاب التى تهدد سيناء.
العمليات العسكرية
ومع انطلاق العملية العسكرية الشاملة سيناء ٢٠١٨، فى ٩ فبراير ٢٠١٨؛ ومنذ انطلاق هذه العملية، أكد شيوخ وقبائل وسط سيناء دعمهم للقوات المسلحة فى حربها ضد الإرهاب، ونتيجة لعملية المجابهة الشاملة، تم الدمج بين القبائل للعمل الوطنى المشترك مع عناصر الحصار الجنوبى بوسط سيناء لاستهداف العناصر التكفيرية شديدة الخطورة فى الوديان والجبال. وأكد رئيس اتحاد قبائل سيناء «العرجاني»، أن الجيش نجح فى جمع القبائل السيناوية تحت مظلته، قائلًا: «الاتحاد يقوم بدوره فى التنسيق بين أبناء القبائل من ناحية والقوات المسلحة والشرطة وأجهزة المعلومات من ناحية أخرى، أثناء العملية العسكرية سيناء ٢٠١٨ التى تنفذها القوات المسلحة بسيناء فى الوقت الحالي».