الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

امسك حرامي البصمة دليل لا يكذب

فاروق المقرحي
فاروق المقرحي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى فيلم «تحت التهديد»، تدور الحبكة الدرامية حول قضية سرقة يحقق فيها الضابط محمد العربي، لكن تحرياته كلها تحصد الفشل.
السرقة وقعت فى حفل ما، وضحيتها فتاة ثرية، أما الجانى فمجهول، ولا أثر يقود إليه إلا بصماته، ولما جرت مضاهاة البصمات، وجد رجال الشرطة أنها ليست لأحد المسجلين، وهكذا طوى النسيان الجريمة، فى الأوراق الرسمية، غير أن الضابط لم ينس مطلقًا.


كان الضابط تقدم لخطبة فتاة ثرية مدللة ليلى علوي، ولاحظ توترها كلما حدثها فى شأن الجريمة، فإذا بـ«الفأر يلعب فى عِبه»، ومن ثم دعاها لتناول مشروب فى مقهى ما، وطلب إلى النادل عدم لمس الكوب بأصابعه، وبعدئذ طابق بصماتها بالبصمات المرفوعة من مسرح الجريمة، وكانت المفاجأة أنها السارقة. وفى يوم زفافهما، وجدت بين يديها «الكلابشات»، لا «الشبكة»، وهكذا تمكن من حل عقدة الجريمة، وتوصل إلى المذنبة.
خبراء أمنيون يقترحون عمل قاعدة بيانات لبصمات جميع المصريين
يقول القرآن الكريم: «بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ»، فى آية تكشف عن جانب من جوانب الإعجاز العلمى فى القرآن، فالبنان هو الأصبع، وقد جعل الله لكل إنسان بصمة لا تتشابه، ومن ثم فالبصمة جنائيًا دليل لا يخطئ.
ومع ازدياد معدلات الجريمة، يبدو أن عمل قاعدة بيانات تضم بصمات أصحاب السجلات الجنائية «السوابق»، لدى وزارة الداخلية، سيشكل وسيلة مهمة وفعالة، لفك طلاسم الكثير من الجرائم التى تقيد ضد مجهول.
هذا المقترح تقدم به عدد من الخبراء الأمنيين، ممن شددوا على ضرورة الإسراع فى هذا الأمر، بما يساعد الأجهزة الأمنية على سرعة ضبط القضايا، وهذا يحقق فائدتين، الأولى مباشرة: وهى ضبط المجرمين، والثانية: تقليل عدد الجرائم، عبر ترهيب المجرمين من اقترافها، نظرًا لأن سقوطهم حتمي.
اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، يؤكد أن وجود قاعدة بيانات لبصمات المسجلين جنائيًا، سيساعد رجال المباحث على ضبط المجرمين، بالسرعة اللازمة، قائلا: «البصمة هى عنوان المتهم الذى لا يخطئ، ذلك أنها لا تتشابه بين إنسان وآخر، وهذه من حكمة الله ودلائل قدرته عز وجل، وإذا كانت هناك بصمات للعين والشعر، تبقى بصمات الأصابع الأكثر شيوعًا والأنجح فى كشف غموض الجرائم».
ويضيف «ميزة التفرد وعدم التكرر تجعل البصمة أنجح وسائل ضبط المجرمين، كما تتسم بصمات الأصابع بسمة الثبات، فلا تتغير منذ ولادته حتى موته، إلا فى حالات نادرة، مثل الإصابة بحروق أو الأمراض الجلدية على نحو الجزام».
ويضيف: «من مميزات وجود قاعدة بيانات لبصمات المواطنين إجمالا، وليس المسجلين فحسب، أنها تساعد على سرعة التعرف على ضحايا الكوارث أو الجثث مجهولة الهوية بشكل دقيق».
ويشير إلى أن عديدًا من الدول تلجأ إلى تسجيل بصمات المواليد، وهذا الإجراء يساعدها على رصد الممارسات الإجرامية وضبط مقترفيها، والمعروف أن هذا الأمر يعد من أبرز عوامل نجاح الأجهزة الأمنية.
ويقول: «تنفيذ هذا الإجراء يتطلب وجود جهاز مرتفع السعر وليس متوفرًا فى مصر حاليًا، وتقديرى أن علينا التعاقد لتوفيره، فالفوائد التى سيحققها بالغة الأهمية فى الحد من الجريمة، واستئصال العناصر الإجرامية من المجتمع».


وفى السياق ذاته، يقول اللواء فاروق المقرحى، مساعد وزير الداخلية الأسبق: «يجب فورًا عمل سجل جنائى لكل المصريين أثناء استخراج الشخص لبطاقة الرقم القومى عند بلوغ سن السادسة عشرة، وبهذا يصبح المصريون جميعًا مسجلين جنائيًا الأمر الذى يجعل تحديد هوية المتهمين أسرع وأسهل»، مضيفًا أن البصمة هى إحدى أهم وسائل كشف غموض الجرائم، فإذا كان الجانى مسجلًا بالسجلات الجنائية فلا صعوبة فى رصده.
ويؤكد المقرحى أن التسجيل الجنائى ليس معمولًا به فى مصر إلا للأشخاص السابق اتهامهم فى جرائم سابقة، علمًا بأن صحيفة الحالة الجنائية تستخرج عند الطلب وينتهى العمل بها بعد مرور ٣ أشهر فقط، فهى مؤقتة تبين فقط الحالة الجنائية للشخص الذى يريد استخراجها، فلماذا لا نعتمد على تسجيل الجميع فى سن معينة ومع مرور الوقت سيكون الجميع مسجلين.
ويقول: «عند وقوع جريمة ما، يستطيع رجال المباحث مضاهاة البصمات»، مشيرًا إلى أن تكوين قاعدة بيانات ببصمات المواطنين ليس مرهقًا ماديًا للدولة، فخفض معدلات الجرائم يحقق فوائد مادية أكبر من أى نفقات نتكبدها مقابل ذلك».
ويوضح أن تكوين قاعدة البيانات يمكن تحقيقه لدى توجه المواطنين لاستخراج بطاقة الرقم القومى، وفى حال تحقق ذلك سيفكر كل مجرم ألف مرة قبل اقتراف جريمته لأنه يعلم يقينًا أن سقوطه حتمي.


ويقول اللواء دكتور حسن الدالى، المحاضر الدولى والخبير الاستشارى فى العلوم الجنائية والفنية، إن الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية، وهى إحدى إدارات قطاع الأمن العام بصدد تنفيذ المشروع القومى للبصمات، وذلك بتسجيل بصمات المواطنين والمحكوم عليهم بالتنسيق مع القطاعات والإدارات النوعية والمركزية فى وزارة الداخلية، وحفظها فى قاعدة بيانات الحاسب الآلى لمضاهاتها بآثار البصمات المجهولة والمرفوعة من محل الحادث، لما له من مردود إيجابى وسريع فى ضبط مرتكبى الجرائم.
ويضيف الدالى «أن تقدم الشعوب يقاس بمدى نجاح الأمن فى أداء مهامه المكلف بها فى مجال الجريمة منعًا وكشفًا، وقد صار كشف غموض الجرائم فى عصرنا الحالى معتمدًا فى المقام الأول على استخدام التقنيات الحديثة، كإحدى الآليات الرئيسية، للتعامل مع مسرح الجريمة نظرًا لتطور الأساليب الإجرامية فى ظل الثورة المعلوماتية التى يشهدها العالم مؤخرًا، والتى لم يعد مناسبًا معها الاعتماد على الوسائل البدائية، والرجوع إلى الملفات والأوراق والسجلات، ومن ثم فالأحرى بأجهزة الشرطة أن تنتهج أساليب متطورة لمواجهة الجريمة.
ويؤكد أن مصر من الدول المتقدمة فى مجال المعمل الجنائى، حيث تمتلك أجهزة متطورة حديثة لفحص وتحليل كل ما يتم رفعه من آثار مادية من مسرح الجرائم، كما يعد خبراء الأدلة الجنائية جنودًا مجهولين، فى عالم الجريمة حيث يعملون فى الخفاء وفق منهج علمى تقنى لجمع الآثار المادية من محل الحوادث الإرهابية أو الجنائية وإعداد تقاريرهم التى تكشف غموض تلك الحوادث.
ويشير المحاضر الدولى إلى أن الجريمة أيًا كان نوعها أو هدفها أو الغاية منها لا يمكن أن تحدث إلا فى نطاق مكانى محدد، ومسرح الجريمة باعتباره المكان الذى ارتكبت فيه الجريمة له أهمية قصوى لدى الباحث الجنائى فى كشف غموض تلك الجريمة حيث يعد نقطة البدء بالنسبة لسلطات التحقيق.
ومهما يكن من حرص الجناة وذكائهم وتخطيطهم لا بد أن يتركوا آثارًا مادية تدل عليهم، ومن هنا تتعاظم أهمية صيانة وحماية الآثار المادية بمسرح الجريمة وصولا للأدلة المادية التى خلفها الجناة، والتى يستند إليها القاضى فى تكوين عقيدته وتوافر قناعته الجناة، مما يكفل تحقيق الردع العام والخاص وتطبيق القانون واحترامه وسيادته.


ويؤكد اللواء دكتور أحمد محمد البحيرى كبير خبراء فحوص الأدلة الجنائية وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للعلوم والأدلة الجنائية والطب الشرعى، أهمية عمل بصمات لجميع المصريين، ذلك أن تطبيق تلك الفكرة سيكون سلاحًا ماضيًا للوصول إلى المجرم فى أسرع وقت، خاصة مع تسجيل بصمات كل محافظة فى الجمهورية على حدة، وعند رفع بصمات جريمة ما تضاهى تلك البصمة مع البصمات الموجودة على تلك الأجهزة، وعند تطابقها يتم ضبط المتهم فورًا، كما يمكن أن نضيف إلى ذلك فكرة أيضًا حفظ البصمات الجينية ومنها «الدم واللعاب والبول» الموجودة فى مسرح الجريمة.


ويكشف كبير خبراء الأدلة الجنائية عن مقترح كان تقدم به اللواء الدكتور أحمد أبوالقاسم، مدير عام مصلحة الأدلة الجنائية الأسبق عام ١٩٨٩، حيث كان يهدف إلى عمل نسختين من الفيش المقدم إلى المواطن، تقدم إحداهما لطالب الفيش، ويتم حفظ نسخة أخرى لدى وزارة الداخلية، وبالتالى يساهم ذلك فى الحد من الجرائم عن طريق سهولة معرفة مرتكب الجريمة عن طريق البصمات الموجودة وتطابقها ولكن تلك الفكرة فشلت، نظرًا لأنه لم تكن هناك أماكن لحفظ كل تلك النسخ من الفيش أضف إلى ذلك عدم وجود أجهزة كمبيوتر.
وكان المقترح قد شدد على حتمية تطبيق الإجراء لمساعدة رجال البحث الجنائى فى الوصول إلى مرتكبى الجرائم، وحل طلاسم القضايا التى تهم الرأى العام، ومنها بالطبع قضايا الإرهاب.
ويرى نواب برلمانيون من جانبهم أن الأوان آن، لتطبيق هذا المشروع المهم، حيث يقول عبدالمنعم العليمى، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب: إن هناك مناقشات أثيرت داخل اللجنة التشريعية بمجلس النواب، عن ضرورة تسجيل بصمات المواطنين كافة من لحظة الميلاد لدى الأدلة الجنائية، لسهولة التعرف على مرتكبى الحوادث التى تقيد غالبًا ضد مجهول، موضحًا أن جهاز الأدلة الجنائية يحتفظ ببصمات المسجلين فقط فى قضايا أو جرائم سابقة، مما يصعب التعرف على مرتكبى بعض الجرائم.
ويؤكد أن تسجيل بصمات المواطنين كافة أمر مهم فى العملية الأمنية ورصد الجرائم المتعلقة بقضايا الإرهاب، حيث يساعد على كشف هوية الأشخاص، والتعرف على الجناة، فلا بد من التطوير ومواكبة دول العالم فى استخدام التقنيات الحديثة فى مجال البحث الجنائي.
ويضيف: عمل بصمة لكل مواطن إجراء متعلق بقانون الأحوال المدنية، ومنصوص عليه فى استخراج البطاقة الشخصية، والرقم القومى، مشيرا إلى أن هناك دولا سبقتنا فى هذا المجال، والدليل على ذلك البصمة التى طبقتها المملكة العربية السعودية على الحجاج هذا العام.
وتقول النائبة سوزى ناشد، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، إن وجود بصمة لكل مواطن إجراء متبع فى مختلف دول العالم، لأنها تساعد على معرفة هوية الشخص، ومعرفة ما إذا كان عليه أحكام من عدمه، مؤكدة أنه لا يوجد قانون ينص على ضرورة عمل بصمة لكل مواطن، لكن من السهولة إصدار قانون بخصوص هذا الأمر، بحيث تكون البصمة هى هوية الشخص، وتحل مكان البطاقة الشخصية، كما يمكن إجراء تعديل على قانون الأحوال المدنية لإضافة مادة تنص على عمل بصمة لكل مواطن، وتكون إلزامية للأشخاص مثلما لديهم شهادة ميلاد.


ويقول النائب أحمد رفعت، عضو مجلس النواب، إنه جرى العرف على أن يتم اتخاذ البصمة للتعرف على هوية الأشخاص، مثل البطاقة الشخصية، مشيرًا إلى أن البصمات أنواع، تتمثل فى الآتي: بصمة للعين، وبصمة لليد المعتادة والرجل، وبصمة الشفاة، وبصمة الـ«DNA» التى نتعرف من خلالها على العوامل الوراثية، والتى يتم من خلالها تحديد شخصية المجنى عليه إذا فجر نفسه على سبيل المثال.
ويطالب رفعت الأجهزة الأمنية المصرية بالمضى قدمًا فى هذا المشروع، حتى تواكب العالم فى استخدام التقنيات العلمية الحديثة فى مجال البحث الجنائى، موضحًا أن تلك التقنيات ستمكننا من ملاحقة الدواعش والإرهابيين.


الفقيه الدستورى الدكتور فؤاد عبدالنبى أستاذ القانون الدستورى بجامعة المنوفية، يقول: إن البصمة أمر مهم ولكن فى إطار معين، بحيث لا تمس حريات المواطنين التى كفلها الدستور والقانون والتى تنص على ضرورة حماية الحريات الشخصية للمواطنين، فلا يتوجب علينا فرض فكرة جديدة تحت مسميات تهدف إلى الحماية وتكون هذه الأفكار هى تقيد لحرية المواطنين، فالحماية من الجرائم فرض واجب على الأجهزة الأمنية، كلفها بها القانون والدستور.
ويضيف الفقيه الدستوري: من الممكن أن تأخذ البصمة من المواطنين أثناء عمل البطاقة الشخصية أو فى حالة استخراج صحيفة الحالة الجنائية.
ويؤكد أن العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية هى السبب الأساسى فى زيادة معدلات الجرائم فى مصر فى الآونة الأخيرة، وطالب بتفعيل دور البصمة لمنع هذا التفاقم المرعب.