لا يخلو شهر أكتوبر من الذكريات العظيمة العالقة في أذهان المصريين، ولعل أهمها الانتصار المجيد الذي حققه الجيش المصري على العدو الصهيوني في السادس من أكتوبر، الذي استرجع خلاله المصريون والعرب كرامتهم المهدرة على أيدى الكيان المحتل؛ وتزامنًا مع شهر الانتصارات شهد أيضا ميلاد "ابن النيل" الشاعر الراحل بليغ حمدي، الذي تمر اليوم ذكرى ميلاده الـ 87، ويُعد واحدًا من أهم الملحنين الذين أصبحت أغانيهم رمزً للانتصار والعبور المجيد؛ فتعاقب الذكرتان يذكرنا بالدور الوطني والجليل الذي قدمه بليغ خلال الحرب، من خلال متنفسه وسلاحه الوحيد وهو الموسيقى.
عرف عن حمدي حبه الشديد لمصر، ويعد من أكثر الموسيقيين تلحينا لمصر وفي حب مصر كما كتب وغني بعضها بنفسه لعل أهمها "عدى النهار" وهي التي قام بها بعد حرب 67 وأصبحت أغنية عدي النهار رمزا لمرحلة النكسة، كما أصبحت أغاني "علي الربابة بغني" للفنانة وردة الجزائرية، "البندقية اتكلمت"، "لو عديت"، "عبرنا الهزيمة"، "فدائي"، "بسم الله"، "عاش اللي قال" رمزًا لحرب أكتوبر المجيدة ومرحلة العبور، بجانب أغنيته الشهيرة "يا حبيبتي يا مصر" التي غنتها الراحلة العظيمة شادية.
فمع إعلان أنباء عن عبور الجيش المصري لقناة السويس، وانتصار شبه مؤكد على العدو الصهيوني في معركة استرداد الأرض والكرامة، توجه بليغ لمبنى الإذاعة والتليفزيون "ماسبيرو" إلا أنه لم يتمكن من الدخول بسبب ظروف الحرب، فتواصل مع الفنان وجدي الحكيم لعمل تصريح دخول له، وبالفعل تمكن من الدخول وأصدر أولى أغانيه "على الربابة بغني" للفنانة وردة، وتم إذاعتها مباشرة علي الراديو، فمبني ماسبيرو كان في حالة طوارئ مثله مثل جبهة القتال مباشرة، فصلاح جاهين وعبدالرحيم منصور يؤلفان كلمات الأغاني وبليغ وفرقته يستعدون لوضع الألحان وبدء التسجيل، لمواكبة النصر الهائل الذي حققه الجيش على خطوط القناة.
قدم الفنان بليغ حمدي في ذلك الوقت القصير رصيدا مهما وضخما من الأغاني الوطنية تظل تردد حتى اليوم، أبرزها: "بسم الله.. الله أكبر" و"عبرنا الهزيمة" للفنانة شادية، وأغنية "عاش اللى قال"، والعديد من الأغاني.
