السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

قائد الاستطلاع بمعركة العبور في حواره لـ«البوابة نيوز»: «العملية الشاملة» حلقة من ملحمة نصر أكتوبر.. الجيش يستأصل بؤر الإرهاب بسيناء.. والمصريون قادرون على تجاوز «حروب الجيل الخامس»

 اللواء حمدى بخيت
اللواء حمدى بخيت
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وصف اللواء حمدى بخيت، عضو لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب، وقائد مجموعة الاستطلاع بحرب أكتوبر، العملية العسكرية الشاملة التى تنفذها قواتنا المسلحة فى سيناء بأنها «ليست أقل من حرب أكتوبر».
وقال فى حوار لـ«البوابة نيوز» بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين للحرب: «إن روح أكتوبر لم تضع، فرجال قواتنا المسلحة الأبطال، متسلحون بها فى حربهم على الإرهاب الأسود فى شبه جزيرة سيناء».
وأضاف أن هناك تغييرًا جذريًا فى شكل الحروب، وعلى المصريين أن يتنبهوا لذلك، فالحروب لم تعد تعتمد على القتال المباشر، وإنما على زعزعة استقرار المجتمع وبث الشائعات فيه، وصولًا إلى هدم الدول عبر القضاء على جيوشها. وفيما يلى نص الحوار:
■ هلا حدثتنا فى البداية عن دورك فى حرب أكتوبر المجيدة؟
- كنت قائدًا لمجموعة الاستطلاع أثناء تطوير الهجوم فى الفترة من ١٤ إلى ١٦ أكتوبر، على ممر «متلا» بسيناء، وكانت مهمتى تتمثل فى جمع المعلومات عن العدو، ومن ثم تقديمها إلى اللواء «ثالث مدرعات» الذى كان يطور الهجوم العسكرى على محور «متلا» ضد العدو.
وكنت أؤدى عملى فى ظروف صعبة للغاية، غير أنى كنت مؤمنًا بأهمية الدور الذى أؤديه من أجل استعادة كرامة الوطن، بعد النكسة.
هذه الروح هى ما نسميه الآن: روح أكتوبر، كنا نسترخص حياتنا، وكنا مستعدين لبذل دمائنا، حتى يتحقق النصر، على العدو.
وحتى أكون منصفًا، فإن العبور ثم النصر الذى حققته قواتنا المسلحة، لم يتأتَ إلا بتكاتف الشعب ودعمه لجيشه، فقد كانت الجبهة الداخلية على قلب رجل واحد، وكان المصريون جميعًا، لا يفكرون إلا فى لحظة النصر.
إن الشعب المصرى سدد ثمن هذا النصر، من دماء أبنائه أبطال القوات المسلحة، وأيضًا من قوته، وقد ضرب المصريون مثلًا فى التضحية والصبر والاحتساب لمدة ٦ سنوات بعد النكسة، كما خاض الجيش حرب استنزاف أنهكت العدو، وأعادت الثقة للجيش، حتى إذا ما كانت ملحمة العبور، محونا الهزيمة معًا، ولقنّا العدو درسًا قاسيًا، وأثبت المقاتل المصرى أنه من خير أجناد الأرض.
■ وكان موقف الدول العربية كذلك عظيمًا؟.
- مثلما كان المصريون على قلب رجل واحد، كان العرب من الخليج إلى المحيط.
إن الدول العربية وقفت فى ذات الخندق مع مصر، وضربت مثلًا على أن الأمة كالجسد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
كانت حرب أكتوبر حرب الأمة بأسرها: الرئيس الجزائرى الراحل هوارى بومدين، أرسل سربًا من طائرات «ميراج وسوخوى وميج ١٧»، وكان الرئيس أنور السادات اتفق مع العراق على إرسال سربين من طائرات «هوكر هنتر»، غير أن بغداد أرسلت ٢٠ طائرة فقط، نظرًا لوجود عطل لم يتمكن العراقيون من إصلاحه فى باقى الطائرات، أما دول الخليج فقد أوقفت ضخ النفط، وكانت تلك هى المرة الأولى والأخيرة التى تستخدم فيها هذا السلاح.
ولم يتخلف السودان الشقيق عن الركب، فقد نقل الكليات العسكرية المصرية إلى أراضيه، وأرسل فرقة مشاة لتقاتل معنا على الجبهة فى سيناء.
تلك مرحلة مضيئة من تاريخ الأمة، ولا يمكن أن ننسى مواقف الأشقاء الذين ساندونا فى حربنا ضد العدو الصهيوني، كما ساندونا فى ثورة الثلاثين من يونيو التى استعادت مصر من الجماعات الظلامية.
■ كيف جرؤت القيادة السياسية على اتخاذ قرار الحرب رغم الظرف الاقتصادى الصعب آنذاك؟
- كان السادات لا يملك إرجاء قرار الحرب، فالشعب المصرى كان يتحرق شوقًا للثأر، كذلك كان السادات يريد أن يسترد الأرض، وهنا تلاقت الرغبات.. كان الشعب والجيش والقيادة السياسية يطمحون فى غسل عار الهزيمة.
هذا درس يجب أن نتأمله الآن جيدًا، فعندما يصطف المصريون خلف هدف واحد، يهزمون اليأس ويحققون المعجزات.
المصريون «شدوا الحزام» على بطونهم، فالأمر كان يتعلق بالكرامة الوطنية، واستعادة الأراضى المحتلة من العدو، ورغم أن الخبراء العسكريين فى العالم بأسره كانوا يقولون إن العبور مستحيل، لم يلتفتوا لهذه الحرب النفسية، ومنحوا الثقة لقواتهم المسلحة، فتحقق النصر العسكري، ومن بعده الطرق الدبلوماسية التى أسفرت عن خروج الصهاينة من شبه الجزيرة.
■ يرى كثيرون أن التنمية فى سيناء الآن تمثل فصلًا من ملحمة أكتوبر.. فهل توافقهم؟
- من دون أدنى شك، فخلال العامين الماضيين، استطاعت القيادة السياسية بما لديها من وعى وإرادة وتصميم وتحد أن تعوض ما فات من حق أرض الفيروز، وأن تحقق ما كان غائبًا خلال السنوات الطويلة الماضية.
إن تنمية سيناء أمر حتمى لا يحتمل التأجيل، وقد كان هناك مشروع قومى وفق خطة ممتدة منذ عام ١٩٩٤ حتى ٢٠١٧، ولكنه لم ير النور، أما الآن فإن الرئيس السيسى وضع سيناء على قائمة أولويات الدولة المصرية.
ولعل هذا الأمر يكشف عن رؤية ثاقبة، فالمعروف أن سيناء كانت بوابة لغزو مصر عبر مختلف العصور، وبالتالى فإن إيجاد تجمعات عمرانية بها سيسهم أكثر فى تأمين الجبهة الشرقية، كما أن القضاء على الإرهاب يستلزم جهدًا كبيرًا فى هذا الإطار.
■ كيف ترى جهود القوات المسلحة فى مجابهة الإرهاب بعد مرور ٣٦ عامًا على طرد العدو الإسرائيلى من سيناء؟
- تقديرى أن الحرب على الإرهاب فى سيناء، بالتوازى مع خطط التنمية والتعمير، هى حلقة من حلقات نصر أكتوبر المجيد.
إن مصر دولة كبيرة ولها ثقلها إقليميا ودوليا، والإرهاب ليس جديدا عليها، فقد حاربته فى التسعينيات وانتصرت عليه، والآن نسجت قوى خارجية معادية تحديات جديدة، لكن مصر تستطيع أن تنتصر، لأن لديها عوامل لا تتوافر لأية أمة أخرى، وهى الوفاق الوطنى والإرادة، كما لديها جيش وطنى ورئيس منتخب بإجماع.
هذه عوامل قوة اختص الله بها مصر، حتى نجحت القوات المسلحة فى وقت قياسى فى القضاء على البؤر الإرهابية بنسبة تجاوزت الـ٩٠٪.
إنها روح أكتوبر، فما يقدمه أبناء القوات المسلحة البواسل بسيناء فى حربهم ضد الجماعات الإرهابية والتكفيرية، لا يقل فى عظمته عن العبور.
■ تحذر كثيرًا من حروب الجيل الخامس.. فكيف ترى أثرها على الحرب على الإرهاب؟
- إن مصطلح حروب الجيل الخامس، قد صار شائعًا فى أدبيات العمل الاستخباراتى عالميًا، والمقصود به تلك الوسائل التى تسعى إلى بث الفتنة والفرقة داخل المجتمع، بحيث تنشأ البغضاء بين الدولة أو النظام السياسى والقوات المسلحة من جهة، والمجتمع أو المواطنين من جهة ثانية.
بعد الخامس والعشرين من يناير، نشطت هذه الحرب بشكل شرس على مصر، وكانت وسائل التواصل الاجتماعى أشبه ما تكون بمنصات إطلاق الصواريخ، وكان الهدف هو إحداث شرخ بين الشعب وجيشه، سعيًا إلى حرمان الجيش من جبهته الداخلية، فيصبح بتعبير العالمية «مالوش ظهر»، حتى يسقط لكن المصريين أثبتوا أنهم ليسوا لقمة مستساغة، فهذه الحرب أسفرت عن تقوية اللحمة، حتى جاءت ثورة الثلاثين من يونيو المجيدة، ووقف العالم يشاهد الشعب المصرى وجيشه صفًا واحدًا ضد الإرهاب الأسود.
■ لكن هذا لا ينفى أن بعضًا من الناس ابتلعوا الطُعم؟
- حدث ذلك مع الأسف لكن ليس على نطاق واسع، وإننى أدعو الشباب على وجه التحديد أن ينتبهوا لما يُدبر لوطنهم فى الخفاء، عليهم أن يثقوا فى القيادة السياسية، ويستعيدوا روح أكتوبر، حتى تتجاوز البلاد هذه المرحلة الملتبسة من تاريخها.
■ كيف تقيم دور وسائل الإعلام فى توعية الشعب بهذه الحرب؟
- الإعلام ليس على المستوى المطلوب، فى دعم الدولة ككل.
لقد أدى دورًا مهمًا فى توعية الشعب بخطورة الإرهاب، ولكن الموضوع لا يتجزأ، فعندما تحارب الدولة تحتاج كل القوى السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والاجتماعية والتكنولوجية.
على سبيل المثال الإعلام هو من ساند ثورة ٢٣ يوليو، وساند مشروع التنمية وتصدى لنكسة ٦٧، وهو من دعم القوات المسلحة فى حرب الاستنزاف، وهو من دعم القوات المسلحة فى حرب أكتوبر، وقد كان هذا الدعم رصيدًا يضاف إلى رصيده فى الوطنية والوعى بأهمية دوره التنويري.. أما الآن فالمأمول أن يفعل ما هو أكثر.
■ ختامًا.. كيف تنظر لإنجازات الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال الفترة الماضية؟
- الرئيس رسم ملامح المستقبل، بعد إسقاط حكم الجماعة الإرهابية، حيث نجح فى رفع الاحتياطى النقدى إلى حوالى ٣٧ مليار دولار، بعد أن كان ١٦ مليارًا عام ٢٠١٤، وانخفض ميزان العجز التجارى فى العامين السابقين بمقدار ٢٠ مليارًا، منها ٤ مليارات زيادة فى الصادرات المصرية بالخارج، كما انخفضت معدلات البطالة من ١٣.٤% إلى ١١.٩%.
ويأتى ذلك بالتزامن مع توفير فرص عمل كثيفة، فى المشروعات القومية الكبرى، بما يصل إلى ٣.٥ مليون عامل، وارتفاع تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة ١٤%، وإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة و١٣ مدينة جديدة بالمحافظات، وإقامة مشروع عملاق هو استصلاح وزراعة مليون ونصف المليون فدان وذلك فى إطار خطة طموحة تستهدف استصلاح ٤ ملايين فدان، وتدشين محور إقليم القناة الأكبر من نوعه فى الشرق الأوسط، وغيرها من المشروعات العملاقة التى سعى لها الرئيس لتكون مصر فى مصاف الدول المتقدمة.