الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لا نخشى إسرائيل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إن طعم نصر السادس من أكتوبر 1973 م ما زال يتذوقه المصريون بعد 45 عاما، لأنه أعاد العزة والكرامة للشعب المصري وقواته المسلحة التى حطمت جدار الغرور والثقة الذى بناه الجيش الإسرائيلي وقيادته السياسية، ولقنتهم قواتنا المسلحة درسا قاسيا يتعلمون منه حتى الآن الدروس والعبر، التى أكدت لهم أن هناك جيشا عربيا قويا قادرا على مواجهة القوة بالقوة.
وبِحُكم حياتى العلمية والدراسية للشئون الإسرائيلية على المستوى السياسي والأدبي، فقد أيقن ساسة وأدباء وشعب إسرائيل أن المصريين قيادة وشعبا يحبون السلام، ولكن لا يقبلون التفريط ولا يتهاونون فى رد أى اعتداء عليهم ولا يخشون إسرائيل وقوتها العسكرية، لذا وجب التعامل معهم منذ نصر أكتوبر بتجنيب مفهوم القوة مع مصر وشعبها جانبا، فقد أثبت عدم جديته وأنه لا بد من التعامل معها وفقا لمفاهيمها القائمة على العدل والسلام الشامل فى المنطقة.
والحقيقة التى يجب أن تعلمها إسرائيل جيدا أن مصر حاربت من أجل استرداد أرضها ولم تكن يوما معتدية على حقوق أحد، وكذلك حاربت من أجل الوصول إلى السلام القائم على العدل ليس لمصر منفردة وإنما لإقامة دولة فلسطينية، كما قال الرئيس الراحل أنور السادات بطل الحرب والسلام فى خطابه أمام مجلس الشعب المصري فى 16 من أكتوبر 1973 وبعد عشرة أيام من اندلاع الحرب "إننا حاربنا من أجل السلام الوحيد الذي يستحق وصف السلام؛ وهو السلام القائم على العدل، إن عدوّنا يتحدّث أحيانًا عن السلام، ولكن شتّان ما بين سلام العدوان، وسلام العدل".
حقا نجحت مصر فى الوصول إلى السلام من منطلق القوة والعزة وليس الضعف والاستجداء، إلا أنها لم تنس القضية الفلسطينية وتريد أن تعبر بها إلى بر السلام، ولكن السلام الذى لا يفرض بسياسة الأمر الواقع والتهديد بشن الحروب على الشعب الفلسطيني تلك النظرية السياسية التى ابتدعها ديفيد بن جوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل منذ عام 1948 ميلادية، ورغم تحطيم المصريين لهذه النظرية بعد حرب أكتوبر، إلا أنهم عادوا للتعامل بها مع الشعب الفلسطيني فى عدم الاعتراف بحقه فى إقامة دولته الفلسطينية على حدود 1967 وتناسوا خطاب الرئيس السادات الذى وجهه للشعب الإسرائيلي وقيادته من قلب الكنيست فى نوفمبر 1977 "إنه لا طائل من وراء عدم الاعتراف بالشعب الفلسطيني وحقوقه في إقامة دولته وفي العودة.. لقد مررنا، نحن العرب، بهذه التجربة من قبل، معكم، ومع حقيقة الوجود الإسرائيلي، وانتقل بنا الصراع من حربٍ إلى حربٍ، ومن ضحايا إلى مزيد من الضحايا، حتى وصلنا، اليوم، نحن وأنتم، إلى حافة هاوية رهيبة وكارثة مروّعة، إذا نحن لم نغتنم اليوم معًا فرصة السلام الدائم والعادل.. ولا داعٍ للدخول في الحلقة المفرَغة مع الحق الفلسطيني، ولا جدوى من خلق العقبات، إلاّ أن يُقتل السلام. وكما قلت لكم، فلا سعادة لأحد على حساب شقاء الآخرين.. ولا يجوز أن يكون هناك خوف من دولة وليدة".
وبعد كل هذه السنوات من العمر على كل رجل وامرأة وطفل في إسرائيل، في هذا اليوم المبارك أن يعاود الاستماع إلى الخطاب الذى وجهه إليهم الرئيس الراحل أنور السادات في الكنيست بتشجيع قيادتهم السياسية على تبنى نضال السلام مع الشعب الفلسطيني، وتوجه جهوده إلى بناء صرح شامخ للسلام، بدلاً من بناء القلاع والمخابئ المحصنة بصواريخ الدمار، وأن يطالب قادته بالتراجع عن فكرة قدس موحدة تحت سلطة إسرائيل، وأن يستمعوا لنصيحة الرئيس السادات الذى صنع السلام بيده حينما قال "حضرت إلى القدس باعتبارها مدينة السلام، والتي كانت، وسوف تظل على الدوام، التجسيد الحيّ للتعايش بين المؤمنين بالديانات الثلاث.. وليس من المقبول أن يفكر أحد في الوضع الخاص لمدينة القدس، في إطار الضم أو التوسع".