رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأخبار

وحدة "لم الشمل" تطالب بنشر توعية مجتمعية تحذر من العنف الأسري

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وجه مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عددًا من القوافل إلى محافظات مصر، ضمن خطته لمواجهة التفكك الأسري، من خلال وحدة "لمّ الشمل"، وحرصت الحملة على مدار اليومين الماضين على التحذير من العنف الأسري، والكشف عن أسبابه وكيفية معالجته، خاصة بعد نجاحها في لم شمل أكثر من 600 أسرة خلال 5 أشهر على انطلاقها.
وأشارت الوحدة إلى أن الإسلام عزّز قيمة الرحمة، وأمَر بنشرها في العالمين، وأرسلَ اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم بالرحمة الشاملة التي تصل بالأمم والمجتمعات إلى برِّ الأمن والأمان؛ قال تعالى: "وما أَرسلناك إلَّا رحمةً للعالَمين"، وانطلاقًا من هذا المبدأ الإسلاميِّ الأصيل فإن الإسلام لا يُقرُّ التعاملَ بطريق العُنف بين الناس عامَّة، وبين أفراد الأسرة الواحدة خاصَّة، مؤكِّدًا أن العنف لا يصلح أن يكون علاجًا لمشكلة، أو وسيلةً لإصلاح، بل إن وُجِد في أسرة فهو خطر يهدد تماسكها، وسلامة أطفالها، ويضر بصحة أفرادها البدنية والنفسية.
وتابعت "لم الشمل": رغّب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الإنسانَ في التحلي بالرفق في جميع أحواله، فقال: «إنَّ الرِّفق لا يكون في شيءٍ إِلَّا زانهُ، ولا يُنزَعُ مِن شيءٍ إِلَّا شَانَهُ». أخرجه مسلمٌ، وفيما يخص الأسرة فقد جعل الله عز وجل الزواج آية من آياته، وجعل دفء الأسرة والسكون إليها أهم مقاصد إقامتها، فقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً…}، كما أمر سبحانه الرجالَ بحسن عشرة النساء، فقال: {…وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ…}، وجعل صلى الله عليه وسلم حسنَ عشرةِ الرجل أهلَه معيارًا من معايير التفاضل والخيرية، فقال: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي». أخرجه ابن ماجه والترمذي وغيرُهما، وهو ما يتنافى مع العنف واستخدامه في مواجهة المشكلات.
ولفتت إلى أن انتشار حوادث العنف الأسريّ في المجتمع- ولا سيما إن وصل الأمر للتعذيب أو التشفِّي- ليؤذن بخطر داهم، لا بد أن ينتبه له الجميع، ورَأيُ الشرع الإسلامي في هذا الشأن واضح لا تهاون فيه، فقد «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النُّهْبَى وَالمُثْلَةِ» أخرجه البخاري، والمُثْلَة هي: التنكيل والتشويه، وهي جريمة وحشية حرمها الإِسلام أشد التحريم؛ لما فيها من عنفٍ وقسوةٍ وإهدارٍ لكرامة الإِنسان، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا» أخرجه مُسلم.
وعدّدت الوحدةُ أنواع العنف الأسري، ومنها "العنف المتبادل بين الزوجين، والذي تقع النساء ضحيته في أغلب الأحيان، مخالفةً لما أمر به الإسلام من صيانة المرأة وإكرامها، قال صلى الله عليه وسلم: «واسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا». أخرجه البخاري، والعنف ضد الأولاد؛ وهو من الأسباب الكبرى لفساد المجتمع، إلى جانب العنف المالي ضد أفراد الأسرة من قِبل ربِّ البيت، المتحكم في مقدَّراتهم، وصاحب القوامة عليهم.
وشددت على أن أسباب العنف عديدة، منها العواملُ النفسية التي ترجع إلى الشخص نفسه كالإحباط، وضعف الثقة بالنفس، وعدم القدرة على مواجهة الصعاب، ونحو ذلك من العوامل، وسوء تنشئة الزوج أو الزوجة، كنشأتهما في بيئة تلجأ إلى العنف وتستخدمه، فالعنف يُنتِج العنف، والاضطراب يورث انعدامَ التوازن في التفكير والسلوك، وتعاطي المواد المخدِّرةِ التي تُفقِدُ الإنسان عقله وتحكُّمه في تصرفاته، وتُودي به إلى ارتكابِ أعمال عُنفٍ في محيط أسرته ومجتمعه، إضافة إلى الأنا وحب الذات، هذه الصفة التي تدفع صاحبَها إلى حب التملُّك والسيطرة، ومن ثم يستخدم شتى الأساليب في سبيل تحقيق رغبته، ولو وصل الأمر إلى العنف، وأيضًا ضعف الوازع الديني، والبعد عن الأخلاقِ الحميدة التي حثَّ الإسلامُ أتباعَه على الاتصاف بها، ومنها الرحمة والرفق والحلم. 
وحول مظاهر العنف الأُسَرِي في المجتمعات المسلمة بيّنت أنها تشمل التعدي على أحد أفراد الأسرة بالضرب، كضرب الزوجِ زوجتَه، مما يسبب الإضرار البدني والنفسيَّ، بل أحيانًا يصل الأمر إلى ارتكاب جريمة القتل، وعقوق الأبناء لآبائهم، والتفكك الأُسريُّ، وفقدان لغة الحوار، واتساع الفجوة بين أفراد الأسرة الواحدة، وارتفاع نِسب الطلاق، وتشريد الأطفال، وارتفاع ظاهرة أطفال الشوارع، وانعدام الأخلاق الإسلامية في التعامل بين أفراد الأسرة.
وفيما يتعلق بالعلاج شدد الأزهر على ضرورة تقوى الله عز وجل، والالتزام بأوامره، والانتهاء عن نواهيه؛ ففي ذلك سعادة الدنيا والآخرة، ونشر توعية مجتمعية تحذر من العنف الأسري وتبين خطورته على النشء، وتماسك الأسرة والمجتمع؛ من خلال المؤسسات التعليمية والإرشادية، إضافة إلى اهتمام وسائل الإعلام المختلفة بمشكلة العنف الأسري، وإصدار مواد تعالج هذه الظاهرة، وتفعيل قانون تجريم العنف الأسري حتى يلقى كل مخطئ جزاءه.