الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

أبطال لا تعرفونهم.. قصص وحكايات من سجلات النصر

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«نسور الجو» كبدوا العدو خسائر فادحة وقدموا أرواحهم فى صمت 
قاعده «شاسلاف» الجوية تحتفظ بـ«طائرة الشناوى» 

تزخر صفحات البطولة التى سطرها المقاتل المصرى فى حرب 73 بالعديد من القصص التى تلهم الأجيال، وستظل مصدر فخر للأمة، فحكايات الفداء والتضحية لأبطال القوات المسلحة يتغنى بها الجميع، وكلمات الثناء والشكر لا تكفيهم، فهم خير أجناد الأرض، وهم من ضحوا بالغالى والنفيس من أجل وطنهم، أبطال لا يهابون الموت، ويرفعون شعار النصر أو الشهادة، أما الهزيمة فلا تعرف لهم طريقًا، وهذا هو حال العسكرية المصرية التى أثبتت، وما زالت أن وطنيتها وولاءها للشعب فى المواقف المصيرية، وأكدت القوات المسلحة صلابتها واستعدادها القتالى فى مواجهة الأحداث الداخلية والمؤامرات الخارجية. 
وتحتفل مصر هذه الأيام بمرور 45 عامًا على انتصارات السادس من أكتوبر 73، ذكرى غالية على قلوب المصريين، ذكرى الانتصار العظيم الذى سيظل محفورًا فى وجدان كل مصري، ليدعونا للفخر بالعسكرية المصرية التى رفعت أعلام النصر، وأنجزت بالإيمان والقوة والروح أسمى عمل عسكرى فى تاريخ مصر والأمة العربية. 
وفى هذه الذكرى الغالية، تعرض «البوابة نيوز» نماذج لأبطال مصر لا يعرفهم الكثيرون، ولم يسمعوا أو يقرأوا عنهم كثيرًا، ومن هنا قررنا تسليط الضور عليهم، لنؤكد أن أبطال مصر فى العقل والقلب والوجدان. 


عبدالمنعم الشناوى.. الطيار المقاتل الذى هبط اضطراريًا فى فيينا 
حكايات ما قبل حرب أكتوبر كثيرة جدًا، والحديث عن مرحلة التخطيط لمعركة النصر يحتاج لكتب ومجلدات، وفى كل حكاية تجد أبطالًا قد لا يعرفهم الكثير منا، ورجال حملوا أرواحهم بين أيديهم فداء للوطن. 
نسرد هنا حكاية لبطل من هؤلاء الأبطال يرويها ابنه الطيار طارق الشناوي، بداية هذه القصة تعود إلى حرب ١٩٥٦، حيث كانت طائراتنا المقاتلة من طراز «فامبير» الإنجليزية، وكان العدو يحاربنا بـ«السوبر مستير» الفرنسية، ومن هنا كان له التفوق الجوي، ولكن بعض طيارينا الأبطال أسقطوا بعض طائرات العدو، رغم هذا الفارق التسليحي. 
وبعد ١٩٥٦، خرجنا من تلك المعركة بفكر يؤكد أنه لابد من الحصول على طائرات حديثة متطورة لكى يكون لنا التفوق الجوي، ووجهت القيادة السياسية حينها بوصلتها إلى روسيا حتى يتم تزويدنا بطائرات «الميج ١٥»، وأعطت روسيا أوامرها لتشيكوسلوفاكيا لتزويد مصر بـ ١١٢ طائرة من طراز «الميج ١٥» الحديثة آن ذاك، وتم الاتفاق والتنسيق على إرسال بعثة مصرية مكونة من ٥٢ طيارًا مقاتلًا إلى تشيكوسلوفاكيا فى يناير ١٩٥٧ بقيادة يحيى صالح العيداروس، وتضم كلًا من صلاح فهمى أبوالعينين، وصلاح المناوي، وعبدالعزيز بدر، وأحمد الدريني، وزهير شلبي، وعبدالمنعم الشناوي، وعلاء بركات، وأحمد نصر، وآخرين. 
سافرت البعثة فى يناير ١٩٥٧، ووصلت إلى قاعده «شاسلاف» الجوية، وبدأ الطيران والتدريب المستمر ليلًا ونهارًا، وبدأ طيارونا فى استيعاب «الميج» والطيران المنفرد عليها، وتنفيذ كل المهام التدريبية الموكلة إليهم. 
وجاء يوم ١٤ مايو،١٩٥٧ وكلف الملازم أول طيار عبدالمنعم الشناوى بطلعة جوية فوق منطقة التدريب وكان التلقين كالآتي، الصعود لارتفاع ١٥ كيلو متر، وعلى هذا الارتفاع يتم عمل مجموعتين من الألعاب الجوية ثم العودة والهبوط فى القاعدة، وأخذ الطائرة «الميج ١٥»، ونفذ التعليمات الملقنة له بالحرف، ولكن عند نهاية الطلعة وبدء العودة للقاعدة الجوية وجد الشناوي، أن مؤشر البوصلة المغناطيسية لا يعمل وهذا المؤشر يساعد الطيار على التوجه للمطار، فنظر للخارج فوجد أن السحاب ٨/٨ وهذا معناه أنه لا يرى الأرض فبدأ ينادى باللاسلكى ورد عليه الرائد عبدالعزيز بدر: إنت فين يا شناوي موش عارف.. شايف إيه حواليك موش شايف حاجة.. إعلى واكسب ارتفاع.. أنا عالى يا فندم.. اعمل دوران وقولى شايف إيه.. وبعد مرور بعض الوقت.. موش شايف غير سحاب». 
وبدأ صوت «بدر» يختفى تدريجيًا، وأيقن «الشناوي»، أنه أصبح عليه أن يتصرف بما لديه من خبرة للنزول سالمًا بالطائرة، فبدأ بالهبوط بالطائرة ودخل فى السحاب، وظل فتره ليست بقصيرة بداخله، وخرج من السحاب فالتقط أنفاسه، ورأى منظرًا لم ينسه طوال حياته، حيث رأى أرضًا خضراء جميلة منبسطة، مناظر فى منتهى الجمال والروعة، تشعرك بعظمة الخالق، وفجأة أضاءت «لمبة» الـ ٥٠٠، وهى «لمبة» حمراء تحذر الطيار بأن لديه ٥٠٠ لتر وقود فقط، وهذا معناه أن أمامه بضع دقائق قليلة ويتوقف محرك الطائرة عن الدوران. 
نظر «الشناوي»، إلى الخارج وبدأ يلف ويدور بحثًا عن أرض صالحة للهبوط الاضطرارى بالطائرة، وبالفعل وجد أرضًا ممهدة، وأنزل «العجل والقلابات»، وبدأ فى الاقتراب من الأرض والبدء فى الهبوط وعند ارتفاع ٥٠ مترًا رأى أمامه على بعد طائرة مدنية من طراز «دى سى ٦»، تستعد للهبوط فأيقن أنه فى مطار، ففتح الماكينة مرة أخرى و«لم العجل والقلابات»، واتجه ناحية الطائرة ووصل إليها، وعند ملامسة عجلات الطائرة الممر اضطر إلى النزول بجانب الطائرة على الممر الفرعى الموازي، وأوقف الطائرة وخرج إلى جانب الممر، وفى لحظتها توقف محرك الطائرة عن الدوران لنفاد الوقود، فنظر حوله وفتح غطاء الكابينة ورأى مبنى المطار، وبدأ يقرأ ما هو مكتوب عليه، فوجد نفسه فى مطار فيينا الدولي، ففكر سريعًا وعرف أنه فى مطار دولة من دول الغرب، وأنه يقود طائرة روسية، فما كان منه إلا أنه قفز من الطائرة وبدأ فى الجرى متجهًا إلى سور المطار وقفز بالفعل، وخرج إلى الشارع إلا أن قامت الشرطة بإحاطته وتم القبض عليه، وقامت الشرطة بسؤاله من أنت؟ فكان الرد أنا محام مصري، فقبضت عليه السلطات النمساوية، وتم التحقيق معه ٤ ساعات كاملة حتى تدخل السفير المصري، وركب الشناوى طائرته «الميج» مرة أخرى بعد تزويدها بالوقود، وأقلع متجهًا إلى قاعدة «شاسلاف» الجوية بتشيكوسلوفاكيا، وهبط سالمًا، وتم استقباله من جميع زملائه وقادته استقبالًا حافلًا، وحملوه على الأكتاف لفرحتهم بعودته. 
تم التحفظ على تلك الطائرة لأسباب سياسية، ولم تحلق فى الجو مرة أخرى، ووضعت فى معرض خاص بقاعدة «شاسلاف الجوية». 
وهنا يقول نجل البطل الطيار طارق الشناوي: «فى ٢٢ سبتمبر ٢٠١٢، أى بعد ٥٥ عامًا قررت أن أزور قاعدة «شاسلاف»، لأرى الأماكن التى كان يطير فيها والدى الحبيب، وجناح الطيران وجناح العلوم و«ميس الأكل»، وكانت المفاجأة أننى وجدت الطيارة هناك والتقطت صورة إلى جوارها، ولا أستطيع وصف ما شعرت به أثناء تلك الزيارة التى كان لها أكبر الأثر فى نفسى». 


فوزى أبوطاهر أرشد دبابات الجيش لمواقع العدو لتدميرها 
شارك فى تموين معدات الجيش بالمنتجات البترولية تحت قصف طيران العدو الإسرائيلى 
حرب أكتوبر ٧٣ ملحمة بطولات للجندى المصري، يعيش أبطالها مع عائلاتهم يتفاخرون بما حققوا من بطولات، تتناقلها الأجيال بكل فخر وعزة، ومن بين هؤلاء البطل «فوزى أبوطاهر» صاحب الـ٨٩ عامًا، الذى عاصر طوال حياته ٥ حروب شارك فى ٣ منها، بطبيعة عمله كمندوب للشركات البترولية، التى تمد المعدات الخاصة بالقوات المسلحة باحتياجاتها من المواد البترولية. 
يروى البطل «فوزي» قصته مع الحروب قائلًا: «وُلدت فى بورسعيد فى ٢٠ ديسمبر من عام ١٩٢٩، وعاصرت خمسة حروب منذ عام ١٩٤٨ وحتى انتصار أكتوبر فى ٧٣، وشاركت فى ٣ حروب، هى العدوان الثلاثي، وحرب الاستنزاف، وأخيرًا حرب أكتوبر، كأحد رجال المقاومة الشعبية». 
وكنت أعمل فى شركة «شل»، المتخصصة فى المواد البترولية الخاصة بالسفن، بالإضافة إلى أنى كنت مسئولا فى حرب العبور عن توصيل المواد البترولية لوحدات الجيش». 
وتابع: «نقطة التحول فى حياتي، والتى كانت سببًا رئيسيًا فى مشاركتى بـ٣ حروب، هى عندما اصطحبنى والدى فى سن ١٦ عامًا لكى ألتحق بالعمل فى شركة «شل» للبترول، ومنها عملت بمجال تموين السفن العابرة للقنال، والتحقت خلال معركة العدوان الثلاثى بالمجموعات الفدائية، وشاركت أنا وأفراد المجموعة التى كنت أنتمى إليها فى العديد من العمليات الفدائية حتى تحقق النصر، وقبل نكسة ١٩٦٧ استدعتنى القوات المسلحة وانضممت للكتيبة ١٢٣ فدائية بمنطقة الرياح جنوب القنطرة، وخلال تلك الفترة نجحت القوات المصرية من إسقاط إحدى الطائرات المعادية، وتمكنت من أسر ضابط الطائرة وتسليمه لقادتي». 
وأكمل بطولاته خلال حرب الاستنزاف: «تعرض مستودع البترول لقنبلة مباشرة، فحدث اشتعال فى الصهاريج الخاصة بالمواد البترولية، ونجحت أنا وزملائى من تركيب ٤ خراطيم واستخدمنا المادة الرغوية، وخلال ساعتين وثلث أطفأنا النيران التى اشتعلت بـ١٢٠ ألف طن مواد بترولية، وبكيت بشدة عقب إخماد النيران فى هذا اليوم الذى لم أنسه حتى وقتنا هذا». 
ومن بين المواقف الطريفة التى جمعتنى بوالدى خلال الحرب، أنه عندما كان والدى يعمل حكمدار نقطة الرسوة، كانت خدمتى على خط القنال من محطة المياه حتى قرية الكاب، وكان والدى يمر على القنال، وحدث تبادل للنيران بيننا وبين اليهود، ونزل والدى فى الخندق الذى أنا فيه فوجدنى بجانبه». 
وعن دوره فى حرب أكتوبر، قال: «قبل الحرب حصلت على فرقة أهداف، وكنت أنا وأفراد المجموعة لنا دور كبير فى إرشاد دبابات القوات المسلحة عن مكان الاتجاه لموقع العدو فى بالوظة، وتم تدميره من قواتنا المسلحة وقتها، كما كانت مجموعتى بها زملائى من العمال بشركة (شل) جنوب بورسعيد، وكانت مسئوليتنا هى تموين المدينة والقوات المسلحة بالمنتجات البترولية، وتمكنا من الاستمرار فى عمليات التموين دون توقف منذ بداية الحرب، رغم القصف الجوى من طيران العدو الإسرائيلي، حتى تحقق النصر». 


رضا صقر.. حكاية بطل سأل عنه «ناصر» 
حكاية أخرى من حكايات أبطال مصر التى لم ولن تنتهي، فهم يسطرون كل يوم بطولات جديدة، وقصصًا تتعلم منها الأجيال معنى البطولة والتضحية والفداء. 
فى سبتمبر ١٩٦٩، كان هناك اشتباك جوى حامى الوطيس بين طائرات «ميراج» الإسرائيلية و«الميج ٢١» المصرية، فى سماء دلتا مصر، واستطاع البطل صقر مصر الملازم أول طيار رضا صقر ٢٣ عامًا، اسقاط طائرة «ميراج»، ومن شدة الاشتباك أُصيبت طائرته أيضًا ليقفز الاثنان المصرى والإسرائيلى بالمظلة فى منطقة السنبلاوين، وتستقبلهم مجموعة من الفلاحين وبعد محاولات الإنقاذ ودخولهما مستشفى السنبلاوين، وأثناء إجراء الإسعافات الأولية للبطل المصرى «رن جرس التليفون»، ليرد الممرض، ويقول: «كلم يا دكتور واحد عايزك بيقول إنه عبدالناصر، ليرد الدكتور أيوه ده فعلًا الزعيم عبدالناصر.. معاك يا أفندم.. ليسأل الزعيم: أخبار الراجل بتاعنا إيه؟، ويرد الطبيب كويس جدًا يا أفندم، والإسرائيلى عنده كسر بالفخذ.. ليتابع عبدالناصر: هل يؤثر على حياته؟، فيرد الطبيب لا يا سيادة الرئيس»، وهنا أعلنت مصر فى نشرة أخبار الخامسة مساءً أسر الطيار الإسرائيلي، وليحصل البطل رضا صقر على نجمة سيناء لإسقاطه عددًا كبيرًا من طائرات العدو فى حرب أكتوبر. 


اللواء حسن فريد.. صقر السماء 
هو نسر من نسور القوات الجوية فى حرب أكتوبر، وبطل من الأبطال الذين لا تعرف عنهم الكثير، هو اللواء طيار حسن فريد صقر الملقب بـ «صقر السماء»، خريج الدفعة ٢٣ طيران، وبطل من أبطال السرب ٤٦ قتال ميج ٢١ M، واللواء الجوى ١٠٤ بقاعدة المنصورة الجوية. 
أقلع «صقر» أثناء حرب أكتوبر ٨٦ طلعة اشتبك خلالها ١٩ اشتباكًا جويًا، وأسقط ٣ طائرات للعدو، ورغم أنه كان ما زال برتبة نقيب، إلا أنه تولى قيادة السرب من يوم ١٩ أكتوبر بعد إصابة قائد السرب واستشهاد آخرين. 
كان الجميع يشعر بالاطمئنان أثناء تحليق «صقر» فى الجو لحماية سماء الوطن، كان يهبط من «طلعة» القتال بعد إسقاط طائرة، فيقذف بـ «الكراش» لأعلى، ويقول لقد قفز الطيار الإسرائيلى أمامي. 
حصل «صقر»، على وسام نجمة الشرف العسكرية، وتولى قيادة لواء F١٦، وبعض المناصب المهمة. 
وكان دائمًا يصف «صقر»، حرب أكتوبر ٧٣ بالنزهة، وأن حرب الاستنزاف هى التى أعطت للقوات الخبرات والتكتيكات والأساليب التى درسوا من خلالها العدو، وهى التى أدت علي إعداد القوات بشكل جيد لتحقيق نصر أكتوبر. 
قبل الحرب حصلت على فرقة أهداف، وكنت أنا وأفراد المجموعة لنا دور كبير فى إرشاد دبابات القوات المسلحة عن مكان الاتجاه لموقع العدو فى بالوظة، وتم تدميره من قواتنا المسلحة وقتها، كما كانت مجموعتى بها زملائى