الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

عبدالرحيم علي يكتب: 45 عامًا على النصر.. 45 عامًا من الصراع

الدكتور عبدالرحيم
الدكتور عبدالرحيم علي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تفتيت الدول العربية لحماية إسرائيل.. مخططات أمريكية لكسر الجيوش العربية وعلى رأسها الجيش المصري
واشنطن بدأت فى رسم خطة تفتيت الدول العربية من الداخل بعد 7 سنوات من الحرب
الكونجرس اعتمد المشروع عام 1983.. ويقسم المنطقة إلى 19 دولة متناحرة داخليًا 
وثائق «استراتيجية إسرائيل خلال الثمانينيات» كشفت الخطة الكاملة لتفكيك وتقسيم العالم العربى



احتفل المصريون اليوم بالعيد الخامس والأربعين لانتصارات أكتوبر المجيدة، تلك الانتصارات التى مثلت نقطة تحول عميقة فى مسار التاريخ المصرى بشكل خاص، وتاريخ المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام.
وكما كان الانتصار مفاجأة للعالم أجمع، شرقا وغربا، ومثلما أعاد الكرامة لمصر والمصريين وللأمة العربية بأسرها، فقد كان أيضا بداية لوضع المنطقة كاملة بين براثن مخطط كبير يهدف لإضعافها وكسر شوكتها وتقزيمها حتى لا يتكرر هذا النصر مرة أخرى.
لقد رسم انتصار أكتوبر المجيد عام ١٩٧٣ بداية حقبة جديدة حاولت فيها الدول الداعمة لإسرائيل وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية إعادة صياغة كل المعادلات السياسية والديموجرافية فى المنطقة لصالح دعم وتفوق وقوة تل أبيب.

لكن السؤال الذى ما زال يطرح نفسه بعد كل تلك السنوات، لماذا تخطط الولايات المتحدة الأمريكية وبدأب شديد لصياغة معادلات سياسية وديموجرافية جديدة للمنطقة عبر تقسيم بعض دولها وفى مقدمتها مصر؟ ما الذى يضير واشنطن أن تظل مصر موحدة كما باقى دول المنطقة والعالم؟
إن الإجابة عن هذا السؤال تضع أيدينا على الصورة الكاملة، وتضطرنا للعودة إلى الوراء 45 عاما حيث عام 1973، عندما انتصرت القوات المسلحة المصرية على إسرائيل فى حرب هى الأشرف فى تاريخ مصر الحديث.
يومها ترسخ لدى القوى العالمية الداعمة للدولة العبرية وفى مقدمتها الإدارة الأمريكية، أن إسرائيل ليست فى وضع يسمح بحماية مقدراتها من «أعدائها» المحيطين بها، فى إشارة واضحة إلى الدول العربية، مصر وسوريا ولبنان.
وأن الدولة العبرية يمكن لها أن تُمحى من الوجود فى أى لحظة فى حال اتحاد الجيوش العربية ضدها.
كان الاستنتاج صادما وكانت القرارات فى مواجهته أكثر صدمة، فلن تسمح القوى الداعمة للدولة العبرية بحدوث ذلك الاستنتاج، وإن كان متخيلا، على الإطلاق.
بدأت واشنطن فى تلك اللحظة فى رسم خطتها التى تقوم على مبدأ تفتيت الدول العربية من الداخل، بحيث لا تكون هناك دولة عربية كبيرة، وبالتالى لا يكون هناك مطلقًا جيش عربى يمكن أن يصلب طوله فى المنطقة، أو أن يمثل قلقا لدولة إسرائيل.

البداية.. مشــروع «برنــارد لويــس»
تمخض التفكير الذى دام أكثر من سبع سنوات عن مشروع سمى فيما بعد مشروع «برنارد لويس» عام ١٩٨٠، حيث كانت الحرب العراقية الإيرانية مستعرة، وصدرت تصريحات من مستشار الأمن القومى الأمريكى «بريجنسكى» أكد فيها أن المعضلة التى ستعانى منها الولايات المتحدة الأمريكية منذ الآن، هى كيفية تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الحرب الخليجية الأولى التى حدثت بين العراق وإيران، تستطيع أمريكا من خلالها تصحيح حدود «سايكس بيكو» القديمة وإيجاد حدود جديدة ترسى قواعد مختلفة للعبة السياسية فى المنطقة.
وعقب إطلاق هذا التصريح، وبتكليف من البنتاجون، بدأ المستشرق البريطانى الأصل اليهودى الديانة «برنارد لويس» فى وضع مشروعه الشهير الخاص بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والإسلامية جميعًا كل على حدة عام ١٩٨١.
تضمن المشروع بلدان «العراق، سوريا، لبنان، مصر، السودان، إيران، تركيا، أفغانستان، باكستان، السعودية، دول الخليج، ودول الشمال الأفريقى.. وغيرها»، واشتمل على خطة لتفتيت كل منها إلى مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية، وأرفق بمشروعه المفصل مجموعة من الخرائط المرسومة تحت إشرافه، تشمل جميع الدول العربية والإسلامية المرشحة للتفتيت بوحى من مضمون تصريح «بريجنسكى» مستشار الأمن القومى الأمريكي.
انطلق برنارد لويس فى مشروعه من أن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون لا يمكن تحضرهم، وإذا تُركوا سوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمر الحضارات وتقود المجتمعات إلى الهلاك، لذا، فإن الحل المناسب والمتاح هو إعادة احتلالهم واستعمارهم وتدمير ثقافتهم وتطبيقاتها الاجتماعية، مستفيدين فى ذلك من التجربتين البريطانية والفرنسية فى استعمار المنطقة، وذلك لتجنب الأخطاء.
وشدد برنارد لويس على ضرورة إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية، على أن تكون المهمة المعلنة هى تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، ولذلك يجب تضييق الخناق على تلك الشعوب ومحاصرتها واستثمار التناقضات العرقية والعصبيات القبلية والطائفية فيها قبل أن يتم غزوها بواسطة كل من أمريكا وأوروبا وتدمير حضارتها، وأشار أيضا إلى أن الكيان الصهيونى يمثل الخطوط الأمامية الدفاعية للحضارة الغربية، وهو يقف بالمرصاد أمام الحقد الإسلامى نحو الغرب الأوروبى والأمريكى.
ولقد كانت الدولة الإيرانية بصورتها الحالية هى محور المشروع الغربى لتأصيل الطائفية، فضلًا عن الأحلام التوسعية القديمة، والتى وجهت سياسات الدولة الفارسية منذ نشأتها وحتى الآن، وأحقادها المتوارثة تجاه كل ما هو إسلامى «سُنى»، فمن أراضيها انطلقت كل دعاوى الفتنة والطائفية التى ما زالت تستعر حتى الآن، فاضطلعت القوى الاستعمارية الغربية إلى دعم المعارضة الإيرانية خلال حكم دولة الشاه، لتمكين حكم الملالى، وذلك لاستثمار الخلاف السنى الشيعى فى دفع المشروع الغربى نحو الأمام.
ويكفى لمعرفة مدى تصميم «لويس» على هدفه، انتقاده الدائم محاولات الحل السلمى للصراع العربى الصهيونى، وانتقاده الانسحاب الإسرائيلى من جنوب لبنان، واصفًا هذا الانسحاب بأنه عمل متسرِّع ولا مبرر له، فالكيان الصهيونى يمثل الخطوط الأمامية للحضارة الغربية. وعندما دعت أمريكا عام ٢٠٠٧م إلى مؤتمر «أنابوليس» للسلام، كتب لويس فى صحيفة «وول ستريت» يقول: «يجب ألا ننظر إلى هذا المؤتمر ونتائجه إلا باعتباره مجرد تكتيك مؤقت، غايته تعزيز التحالف ضد الخطر الإيرانى، وتسهيل تفكيك الدول العربية والإسلامية، ودفع الأتراك والأكراد والعرب والفلسطينيين والإيرانيين ليقاتل بعضهم بعضًا، كما فعلت أمريكا مع الهنود الحمر من قبل».

الكونجرس الأمريكى
فى عام ١٩٨٣ وافق الكونجرس الأمريكى بالإجماع فى جلسة سرية على مشروع برنارد لويس، وتم تقنينه واعتماده وإدراجه فى ملفات السياسة الأمريكية الاستراتيجية فى السنوات المقبلة، وتم وضع آلياته وخطط تنفيذه، واكتملت تلك التحركات فى أعقاب انتهاء الحرب الباردة وتفكيك الكتلة الشرقية فى مطلع التسعينيات.
لقد قسمت المنطقة إلى ١٩ دولة، كلها تتكون من خليط من الأقليات والطوائف المختلفة، والتى تعادى كل منهما الأخرى، وعليه فإن كل دولة عربية إسلامية معرضة اليوم لخطر التفتت العرقى والاجتماعى فى الداخل إلى حد الحرب الداخلية، كما هو الحال فى بعض هذه الدول. أوضحت ذلك وثائق «كيفونيم» التى نشرت فى فبراير ١٩٨٢م فى الدورية التى تصدر باللغة العبرية فى القدس، تحت عنوان «استراتيجية إسرائيل خلال الثمانينيات»، كتبها «يورام بيك».

الفوضى الخلاقة
فى شهر سبتمبر عام ٢٠٠٢، أعلنت «كونداليزا رايس»، مستشارة الأمن القومى الأمريكى، واستمرارا للمخطط الأمريكى الهادف لتفتيت المنطقة، أن الولايات المتحدة تريد تحرير العالم الإسلامى، ونشر الأسلوب الديمقراطى فى ربوعه أولًا، وتريد ثانيًا تغيير الأنظمة السياسية العربية، وفى السابع من أغسطس ٢٠٠٣ عادت كونداليزا رايس مرة أخرى لتتحدث عن المشروع الأمريكى الخاص بالتغيير فى الشرق الأوسط، وذلك عبر مقال لها فى صحيفة «واشنطن بوست» بعنوان «تأملات فى التحول المنتظر بالشرق الأوسط» جاء فيه «أن الولايات المتحدة سبق لها أن تعهدت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بقليل، بتحويل أوروبا فى المدى البعيد وقد التزمت بذلك مع الأوروبيين بالديمقراطية والازدهار، وهو ما تمكنّا من تحقيقهما اليوم، والآن يتعين على الولايات المتحدة وأصدقائها وحلفائها العمل من أجل تحقيق تحول فى المدى البعيد فى جزء آخر من العالم وهو الشرق الأوسط».
وعادت «رايس» لتبشر بولادة «شرق أوسط جديد»، سينمو ليحقق «حلًا سحريًا» لعلاج أزمات المنطقة المزمنة، حيث وصفت العدوان على لبنان بأنه «آلام مخاض لولادة شرق أوسط جديد»، ووضحت عبارتها بالآتى: «حان الوقت لوجود شرق أوسط جديد.. حان وقت القول لمن لا يريدون شرق أوسط جديد إن الغلبة لنا».
ثم تعترف رايس بأن مسيرة تحول الشرق الأوسط لن تكون سهلة، وستأخذ وقتًا من جانب الولايات المتحدة وأوروبا، ووفقا لتصريحات كبار المسئولين الأمريكيين، فإن إدارة الرئيس الأمريكى بوش دعت فى يونيو ٢٠٠٤ الحكومات العربية وحكومات دول جنوب آسيا لتبنى إصلاحات سياسية كبرى، ومنها إقامة نظم للمحاسبة فيما يتصل بانتهاكات حقوق الإنسان وبالذات ما يتصل منها بحقوق المرأة، وكذلك العمل على طرح بعض الإصلاحات الاقتصادية.
وفى أبريل عام ٢٠٠٥ وفى إجابتها عن سؤال وُجه لها، عن الفوضى التى يمكن أن يولّدها التدخل الأمريكى فى «الشرق الأوسط»، قدمت رايس الفرضية التى تقوم عليها نظريتها، وهى: «أن الوضع الحالى ليس مستقرًا، وأن الفوضى التى تنتجها عملية التحول الديمقراطى فى البداية، هى فوضى خلاقة، ربما تنتج فى النهاية، وضعًا أفضل من الذى تعيشه حاليًا».
وفى حديثه عن الفوضى الخلاقة حدد «توماس بارنيت»، أحد أهم المحاضرين الرئيسيين فى وزارة الدفاع، منطقة «الشرق الأوسط»؛ للبدء بتطبيق الاستراتيجية الجديدة بها، ورأى أن الدبلوماسية لا تعمل فى منطقة، لا تكمن مصادر التهديد الأمنية فيها فى علاقات الدول البينية، بل هى فى داخل دول المنطقة- ذاتها- ثم وصل بارنيت إلى مرحلة الفوضى الخلاقة، إذ تصور شكلًا معينًا لحدوثها، من نوع الانهيار الكبير، أو التفكك الإقليمى.
وينظر «بارنيت» إلى التدخل المباشر من قوى خارجية باعتباره العامل المساعد الأعظم من أجل حدوث الفوضى الخلاقة، إذ يقول: «إن الشىء الوحيد الذى سيغير المناخ الشرير، ويفتح الباب لفيضان التغيير، هو أن تتدخل قوة خارجية لتفتح باب التغيير، ونحن الدولة الوحيدة، فى إشارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التى يمكنها ذلك»، ثم يحسم حدود هذه النظرية، بالقول: «إن هدف هذه الاستراتيجية، هو انكماش الثقب، وليس مجرد احتوائه».
هذه الفكرة، أكدها «جار هارت»، الخبير فى الاستراتيجية والأمن القومى، عندما أشار فى كتابه «القوة الرابعة»إلى أنه «يجب على ناشر الديمقراطية أن يأخذ فى الحسبان هذا العصر الثورى، وأن يأخذ فى الحسبان أن الحقيقة الواقعة الثورية السياسية الجديدة، هى سيادة الأمة الدولة»، أى أن مفهوم (الأمة - الدولة)، يجب أن يطغى على مفهوم (الدولة - الأمة).

أمريكا فى العراق الاستراتيجيـــة والأدوات
استندت الاستراتيجية الغربية فى تحقيق هدفها إلى مرحلتين:
المرحلة الأولى: تكشَّفت- كما تذهب إليها نظرية الفوضى الخلاقة- فى العراق، حيث حقق الأمريكان هدفًا مزدوجًا؛ فقد دمروا جيشًا عربيًا قويًا وأشعلوا حربًا أهلية، ودقوا نزاعًا بين السنة والشيعة كان له تأثير سيئ على امتداد المنطقة، كما تدخل الغرب لتقسيم السودان إلى نصفين، وخلقوا دولة جديدة فى الجنوب فى حالة عداء ومواجهة مع العرب والمسلمين فى الشمال، وفى ليبيا، ودمر الناتو جيشًا عربيًا آخر، حتى إن الأسلحة الغربية غذَّت الخصومة بين الميليشيات المتصارعة التى تقاسمت ما تبقى من الدولة الليبية.
المرحلــة الثانيــة: جاءت مع التمويل الغربى للحركات الثورية التى تتكون من ناشطى الإنترنت والمنظمات غير الحكومية وناشطى حقوق الإنسان، الذين ساهموا فى تفريخ الفتنة فى الوطن العربى، ومع تشظى الأنظمة العربية وسقوطها، جاءت القوى الغربية لتضخيم حالة الاضطراب، وهذه المرحلة تتضمن عددًا من الإجراءات، أهمها: الخروج فى تظاهر جماعى، واستفزاز الأمن من قبل عناصر مندسة أو من قبل مخترقين من جهاز الأمن نفسه، سقوط الأمن فى انهيار مفاجئ، شيوع الفوضى، هجوم جماعى من الخارجين على القانون لترويع الآمنين بشكل متزامن فى طول البلاد وعرضها، والانقضاض على بقايا من جهاز الأمن وسحقه بشكل متزامن ومترابط، والدعوة لاستمرار التظاهر لتغييب المتظاهرين عما يحدث فى الواقع، والدفع ببعض الرموز التى يتعلق بها المتظاهرون لحثه على الاستمرار، واللعب بعقول المتظاهرين وتضخيم دورهم لكى يدفعهم هذا لتوهم أنهم يحصلون على مكاسب، وشغل الجهات القادرة على إحداث التوازن مثل الجيش بقضايا فرعية لشغله عن مهمته الأساسية التى هى الدفاع عن الوطن ضد التهديدات الخارجية، ومحاولة زعزعة النظام والجبهة الداخلية، وإفساد أى محاولات للتهدئة، لكى يبقى الوضع كما هو عليه لكى تسقط الدولة فى انقسامات مما يؤدى إلى ثورة عارمة. من هنا، قرر الغرب وأمريكا الابتعاد عن «القوة الخشنة Hard Power» والاتجاه إلى «القوة الناعمة Soft Power» التى ستمكنها من تنفيذ المخططات بالكامل دون أى خسائر بالأرواح والأموال من جانبها لذلك فقد عمدت إلى تغيير الأنظمة عبر تحريك الشارع العربى من خلال وكلائها والمتدربين على التنظيم السياسى والجماهيرى لديها وكيفية التأثير فى الرأى العام وإعداد الدورات والتدريبات خارج بلدانهم للشباب المتطوع من خلال منظمات المجتمع المدنى مثل «معهد أينشتاين» لمؤسسة جين شارب Gene Sharp، الذى قام بدور كبير فى هذا المجال، من خلال إعداد مجموعة من القيادات الشابة حول أساليب التأثير غير العنيف «كفاح اللاعنف» كما يطلق عليه، إضافة إلى التدريب على الوسائل التقنية الحديثة فى وسائل الاتصال الجماهيرى من خلال مواقع التواصل الاجتماعى، وأكاديمية التغيير برعاية قطرية.
لكن الأهم هو ما جاء فى مقال المخرج «رواريد أرو» المنشور بإحدى الصحف العربية، والذى تحدث فيه عن دور الخبير الأمريكى فى الثورات السلمية «جين شارب Gene Sharp» الذى لعبت كتاباته وأفكاره وبخاصة كتابه «من الديكتاتورية إلى الديمقراطية» دورًا مؤثرًا وخطيرًا فى تفجير الثورات فى العالم، من صربيا مرورًا بأوكرانيا وتايلاند وصولًا إلى إندونيسيا، والذى يعتبر واجهة لجهاز الاستخبارات الأمريكية، تساند هذه التحركات الإعلام المسخَّر والمستأجَر لهذا الغرض لتغطية الأحداث وتقديم الدعم الإعلامى الكامل لهذه التحركات من خلال الفبركة الإعلامية وشهود العيان مدفوعى الثمن.
وبهذا المفهوم، فإن «الفوضى الخلاقة» استمرت (كأداة) وليست هدفًا، وعندما تتعثر «الفوضى الخلاقة» سياسيا، وهى فى بدايتها متعثرة، كما حدث فى مصر وأنقذ الجيش المصرى الوطن، فإنها تقرر استخدام وسلوك سبل أخرى بعد التعثر؛ منها: الأعمال العسكرية المباشرة، والأعمال العسكرية غير المباشرة، والضغوط السياسية والاقتصادية، واستخدام (الإعلام) كديكتاتور أكبر يجمل وحشيته، ويعيث فسادًا فى العقول ويضع «التشابك والفوضى والتفكيك» كحالة عقلية وفكرية ونفسية أمام الشعوب، ودعم وتزعم معظم حركات المجتمع المدنى من وراء ستار.