الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أزمة تغيير مواعيد اليوم الدراسي!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كارثة مرتقبة بسبب تغيير مواعيد اليوم الدراسى بكافة المدارس الابتدائية الحكومية، والذى اتخذه وزير التربية والتعليم مع بداية العام الدراسى الحالى، وهو انتهاء اليوم الدراسى فى تمام الساعة الثانية والنصف عصرا، ومن ثم على الأطفال والأولاد الذين هم فى الصفوف الأولى الابتدائية حتى الصف السادس، والذين يعدون بالالآف فى المدرسة الواحدة، وفى فصول محدودة وصغيرة الحجم وبها 100 تلميذ على الأقل، ولا ينزلون إلى الحمامات المتهالكة، والتى لا توجد بها مياه وأحوال سيئة للغاية، ومبانى متهالكة لهذه المدارس، ومن ناحية أخرى سوف يساعد هذا الوضع المتدهور والمتدنى لمدارسنا الحكومية إلى سرعة انتشار الأمراض بين التلاميذ فى المدرسة لكثافة الفصول وسوء التهوية والحر الشديد وعدم وجود عمالة كافية فى مدرسة قوامها 5 آلاف تلميذ كمدرسة المقطم للتعليم الأساسى، على سبيل المثال، التى يظل أولياء الأمور يتشاجرون ويهتفون ويكسرون أبواب المدرسة لإخراج ذويهم وأبنائهم منها للحفاظ عليهم من انتشار الأمراض بين الأطفال، ورغم ذلك عليهم أن يبقوا فى هذه المدرسة بكل ما فيها من أوبئة وأمراض معدية بين التلاميذ، وعدم وجود وقاية من أمراض العدوى أو احتياطات صحية، فضلا عن عدم وجود مدرسين فهناك عجز فى المدرسين حتى الساعة الثانية والنصف، وقبيل العصر، بالرغم من انتهاء الحصص فعليا فى تمام الساعة الثانية عشرة؛ فإن معالى وزير التربية والتعليم الهمام كان له رأى آخر اتخذه وهو جالس فى التكييف كعادته، وكذلك باقى المسئولين دون أن ينزلوا إلى أرض الواقع ليعرفوا جيدا الحقيقة، وهو لا بد من الحضور فى تمام السابعة والانصراف فى الثانية والنصف، دون مراعاة أن هناك أطفالا صغارا لا يستطيعون البقاء فى مكان به 100 تلميذ فى الفصل الواحد لمدة 8 ساعات متواصلة دون وجود فترة ترويح، وهى ما يطلق عليها «الفسحة»، ودون وجود مياه للشرب أو الصرف الصحى، ودون وجود مدرسين ومشرفين على الأدوار، الأمر الذى سيسبب بلا شك كوارث لم تحدث حتى الآن، بسبب القرار الأرعن الذى اتخذه الوزير دون دراسة حقيقية لهذا الأمر.
فنحن دائما اعتدنا على الخروج من المدرسة منذ سنوات طويلة فى تمام الساعة الحادية عشرة والثانية عشرة، ولم يحدث أن كان الخروج فى الثالثة، خاصة أن المدرسة المذكورة فترة واحدة وليست فترتين، الأمر الذى يزيد من صعوبة الأمر أن الأعداد كبيرة جدا فى المدارس الحكومية، والتى تصل إلى أكثر من 10 آلاف تلميذ فى مدرسة واحدة للتعليم الابتدائى، مثل مدرسة المقطم وغيرها من المدارس المجاورة، وربما هى المدرسة الوحيدة للتعليم الأساسى الموجودة فى الهضبة العليا بالمقطم، بينما هناك مدارس للإعدادى والثانوي..!
أولياء الأمور لا تعرف إلى أين تتوجه بالشكوى من أجل تعديل هذا القرار بأن ينتهى اليوم الدراسى والمعاناة اليومية المفروضة عليهم، إلى ما كان عليه من قبل! وربما هذا القرار العجيب الذى اتخذه الوزير لن يقضى على ظاهرة تسرب المدرسين إلى العمل بالدروس الخصوصية والمجموعات المدرسية؛ لأن الأمر أعمق من هذا بكثير؛ فالمدرس الذى يحصل على راتب ضئيل لا يكفى للعيش الكريم، ربما تتوقع منه أكثر من هذا، وصورة الدروس الخصوصية المنتشرة فى المجتمع هى نتيجة عادلة لفشل الدولة فى حل موازنة توفير حياة كريمة للمدرس، شأن الدول الأخرى التى ترتقى بالمعلم وشأنه ومكانته ولا تهينه وتجعله يبحث عن الدروس الخصوصية والمجموعات من أجل أن يعيش كإنسان فقط، وبين أن يقوم بواجبه مع التلاميذ، كما ينبغى وكما يحتم عليه ضميره وأخلاقياته، والرسالة التى يقوم بها، ولكن سياسات الحكومات السابقة فشلت فى هذا الأمر!
نحتاج إلى معايشة للواقع الدراسى بدلا من أخذ القرارات عبر الغرف المكيفة والوزارة، بل لا بد من تحرك الوزير وعمل زيارات ومتابعة طوابير المدرسة ومواعيد انتهاء اليوم الدراسى، الذى ينبغى ألا يتعدى الثانية عشرة بأى حال من الأحوال، وأن تكون هناك دورات مياه صحية وآدمية لأولادنا، وأن تكون هناك عمالة كافية فى المدارس الحكومية ومدرسين يتم توفير حياة كريمة لهم بشكل لا يجعلهم يلهثون وراء إعطاء الدروس الخصوصية والمجاميع، حتى يستطيعوا العيش الكريم، ونموذج مدرسة المقطم لا بد أن يحظى بزيارة حكومية من قبل الوزير؛ لأن جميع المتناقضات تجتمع فى هذه المدرسة، والإدارة هناك تفعل ما عليها وفق الإمكانيات المتاحة من منطلق المثل الشعبى «الشاطرة تغزل برجل حمار»، وتؤدى الإدارة دورها كما ينبغى وفق الإمكانيات المتاحة، ولكن الكوارث ربما تأتى قريبا إذا لم تتدخل الوزارة لحماية المدارس الحكومية ومتابعتها بجدية، وتعديل توقيت انتهاء الدراسة حماية لأطفالنا قبل أن تقع الفأس فى الرأس!