الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

قصة مهندس تركته زوجته بعدما أصيب بالشلل

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"صدق القائل: "دنيا غدارة مالهاش آمان، بتشقلب الحال، وفي غمضة عين، تلقى اللي فوق تحت مكسور ظهره، ولا يلاقي حد يسمي عليه، لولا عطف الله، وحكمة لربنا، منحه شوية صبر، وقادر ربنا يمنع بعد المنح، ويعطي بعد الضنك، والحكاية هنا يمكن تكون، حصلت كتير، سمعت عنها، أو قريت في كتاب، لكن لما تشوف صاحبها، قلبك ينفطر".
في دار مسنين، بقرية بسيطة، تجد رجلا في أوائل الستينات من العمر، يتجول بين دورة المياه، وغرفته على كرسي متحرك، مرة للوضوء، وأخرى لمجرد الحركة والخروج، من الغرفة الفسيحة، التي تخنقه، فكلما تأملها تحقق من عجزه، فلم يعد قادرا، على الوقوف، أو الوصول لنهاية حدودها، متذكرا الحادث الذي قلب حياته رأسًا على عقب، وكشف له ما استتر عنه طيلة سنوات مضت، كشف له خداع زوجة، وجحود أبناءه.
مهندس ظل يعمل على مدار سنوات، متمتعا بصحة وعافية، عله يجني ما يسعد به زوجته المهندسة، ويوفر ما يرفه به حياة طفليه، وبسبب توقف الشركة التي كان يعمل بها في مصر، وتصفية العمالة، سافر للخليج، ظل ٧ سنوات، يعمل خلالها بأقصى جهد، مع إجازات محدودة، كان يزور خلالها أسرته بمصر، حاملا لهم كل ما تشتيه أنفسهم، وفي نهاية العام السابع في ٢٠١١، قابل قدر الله، في أحد أيام عمله، انزلقت قدمه من الطابق الثاني، من أعلى لوح خشبي هزيل، وبعد علاج دام ٤ أشهر، أكد له الاطباء، أنه لم يعد قادرا على المشي، وسيرافق كرسي متحرك، لانقطاع الحبل الشوكي.
ولم تجدِ الجراحة أو العلاج، فعاد محمولا إلى مصر، استقبله الأهل والأقارب، وتجمعوا حوله في زيارات متكررة يوميا، مع مرور الشهر الأول، قلت الزيارات، وانعدم الزوار، وصار وحيدا بين جدران بيته، مع زوجته التي كانت تعنفه من وقت لآخر، وأبنائه، الذين سئموا من ندائه لهم، تارة لتقضية طلب له، وآخر للاستئناس بهم، فكلما نادى لأحدهم، قابله بتأفف أو بلا مبالاة وعدم رد، فساءت حالته النفسية، عزت عليه نفسه، لكن كبرياءه ربما أصيب بالشلل هو الآخر، فلم ينطق حرفا، فحاجته لهم أقوى من التصريح بغضبه وحزنه.
مرت الأيام ثقيلة، وكل ليلة في السبع سنوات، كانت تمضي بثقل وكأنها هي الأخرى، وفي ليلة وقفة عيد الاضحى الماضي، أتاه الرجل الذي اعتاد أن يأخذه إلى الحمام للاغتسال وتبديل الملابس مقابل أجر، فخرج من دورة المياه، ليجد زوجته لملمت أغراضها وأغراض ولديها، وقالت له طلّقني، لم أعد احتملك، كفاية ٧ سنين، أنا عايزة أعيش حياتي.
لم يعرف الى أي وجهة اتجهت، وبأي مسكن قطنت هي وأبناؤه، وظلت الأفكار تجلده، طيلة ليلة الوقفة، كأنها سياط، تعذب روحه، متسائلا: "لماذا باعتني وغدرت بي وأنا في امسّ حاجتي إليها، هل كانت تخدعني طيلة سنوات الزواج، وصوت بداخله يصرخ حتى أبنائي الذين أصبحوا رجالا من عنائي في الغربة، وخوفي عليهم، باعوني، لكن صوت أقوى بداخله صرخ قائلا:الله اغنى، وقرر وقتها أن يعيش حتى لو على كرسي متحرك، ولإحدى دور المسنين توجه ليكمل حياته هناك".