الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حواديت عيال كبرت "37".. عمود المقابر.. أرجوك لا تفهم الحدوتة!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تتجول الكاميرا في أنحاء الريف ثم تسقط فجأة على وجه شاب يجلس بجوار مقبرة أبيه يحادث نفسه، ثم يحادث صاحب المقبرة تطول جلسته دون إجابة.. يطرق على بابها دون رد، أريد أن أكتب لك رسالة لكن لا جديد أكتب، فالحال كما تركته سوى أن بعض الأسماء قد تغيرت لكن ذلك لم يؤثر على متن الحكاية، أستطيع يا أبي أن أختصر لك ما مضى من أعوام لتخبره لرفقائك في الآخرة في كلمات.. هنا الموت يا أبي وهناك حيث تكون الحياة.. هنا لا نعيم ولا عذاب.. وأقسى العذاب حالة اللاشيء.. وهنا لا شيء.. سنوات تفنى في اللاشيء، إياك أن تفكر في العودة أنت ومن معك.. فقد أصبحنا نبحث عن الموت لا نجده.. أصبحنا للموت بضاعة كاسدة فاسدة، أرحنا ملك الموت وقمنا بعمله عنه فلم يعد من جدوى لأن يجهد نفسه فنحن نقتل بعضنا البعض.. علمنا ملك الموت الخمول والكسل يا أبي أصبح يحصي الأرواح التي زهقت من على التلفاز وفقط يدونها في دفاتره وإن سقط منه شيء يرجع إلى صفحات التواصل الاجتماعي أو اليوتيوب.. لا عليك يا أبي أنت ومن معكم.. كل عام وأنت أموات فهذا أفضل لكم. لم يتبق من الناس يا أبي سوى صور معلقة على الحائط، صراعات دامت لعقود من أجل إرث وكلهم تركوا الإرث وماتوا وما تبقى من الإرث سوى إرث من العداوة لأجيال لم تولد بعد.. وليس من بين من يحيوا نبي يجمع الشتات ويطفئ النار ويوقظ المشاعر.. فصلاحية الحب والود والتراحم في قلوب الناس أصبحت منتهية.. وصلت التكنولوجيا إلى كل شيء، فميكنة حتى القلوب حتى أنها باتت تدق دلالة على الحياة، الحب والرأفة والتواد والتراحم أساطير تجدها في الكتب، انتصار الخير في النهاية لن تجده غير في فيلم أبيض وأسود بعدما تضني نفسك بحثا عنه بين مئات القنوات التي تتنوع في عرضها بين قتل ودمار وحروب.. وتقول بأنها تنقل الواقع ألا يدركون بأننا نقبع أمام الشاشات هربا من الواقع!.. نريد تجسيدا لما هو خارج هذا الواقع.. نريد تحفيزا على خلق واقع نطمحه غير هذا الواقع، صمت كثيرا وشرد وخرج من ذهنه شخص يشبهه جلس أمامه وسأله لماذا تجهد نفسك عش كما يعيش غيرك.. تمتع ولو بالقليل أم أنك تود الموت؟ نعم أود الموت؟ أتمتع؟ فلتعطني دليلا لشخص واحد يتمتع بالحياة ومن فضلك بعيدا عن الشعارات، لماذا تصمت.. أجيبك أنا لأن من يفهم يعاني.. فالحياة الآن اختلف تعريفها واختلفت عما جئنا إليها من أجله، الحياة الآن طفل ينجب من رحم يطعم من نهد منتفخ من حقد يشتد العود ما بين رحايا خلاف الأهل وحرب الدول وقتل الابن وهتك العرض وشذوذ وسحاق ولواط وتناحر أحزاب وحكومات وبعد هذا نطلب منه أن يكون ابن الخطاب، أيعقــــــــــل هذا؟
إننا كل لحظة ننجب محمد وعيسى وموسى والعذراء ونعلمهم أن يكونوا كفرة وجاحدين بكل ما جاء به الأنبياء، وبعد هذا كله إذا ما انتحرنا كفرنا وإذا ما قتلناهم كفرنا وإذا صمتنا مرضنا.. أليست تلك هي الحياة؟ الحياة هي أن يتعارف الناس ويتحاوروا، وهل يجدي أي حوار وإذا كان يجدي فلم لم يجد مع اليهود والأمريكان، بل لم لم يجد القول اللين من موسى لفرعون ومن محمد لأبو جهل ومن لوط لابنه نحن لم نعي الدرس جيدا.. والآن نطلب أن نتحاور، لن يجدي الحوار وأنت ضعيف، لذا لم يجد مع سائق الميكروباص والمدرس وضابط الشرطة ولا الموظف ولا أي مسئول، رد عليه القابع أمامه منفعلا لن يجدي معك أنت الحوار انتحر إن أردت الانتحار أو اعتزل نفسك والناس، أما أنا فسأبحث عن حياة أخرى، لملم ثوبه وقفز عائدا مرة أخرى في ذهنه، تمتم قائلا كلانا سينتحر وإن اختلفت السبل والتعريفات.. فأنت قررت الانتحار بمواصلتك التعايش في هذه المهزلة، أما أنا فقررت السمو عن جحيم الأرض والتجرد والاحتجاج بحرمان البشرية مني.
"لم تنته بعد".. عليك أن تعرف لماذا تعيش، وإلا فإن كل شيء سيكون تافها ولا يساوي قشة.