الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

العلاقة بين محمد صلاح وعبدالحليم حافظ

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تمر على مصر سنوات إلا ويظهر بها من يغرس أصول التفرد كنهر النيل الأسمر، فيخرج هذا اللون عذوبة ورونقا لا تحدده الوسامة؛ ولكن تفصح عنه البساطة بما أنه يخصب الأرض فينشأ من طينة العطاء، بيد أنه لم يكن أجمل الأنهار في العالم لكنه رمز للنمو، فنشأت أسطورة إيزيس أوزوريس وفكرة النماء.
كذلك الحال برموز الفن، فلم يكن عبدالحليم حافظ الذي دخل القلوب دون استئذان وسط عمالقة الفن بالوسيم الجميل؛ لكن بأدائه الرائع وذكائه في اختيار الكلمات والألحان هو هدفه الذي هز به شباك الفن وانتقل من قرية (الحلوات) بمحافظة الشرقية إلى العالمية، كذلك الحال بمحمد صلاح ابن قرية (نجريج) بمحافظة الغربية من المحلية على العالمية، ليمتدا بالتاريخ شرقا وغربا وطولا حتى جابا السحاب، فأغاني عبدالحليم ما زالت في القلب تُسمع في حالة استعادة النفس لطيبها وهوائها، وكلما شاهدت ذلك الأسمر ذا الشعر الكثيف واللحية خاضت نفسك انتماء لهذا الوطن، فقد جمع القلوب على هدف واحد وقد فصل بين علاقة مصر ببريطانيا سياسيا وبين تشجيع المصريين لنادي (ليفربول)، فما نراه من تجمع المصريين على المقاهي هو تجمع على قلب رجل واحد لمشاهدة محمد صلاح وهو يعزف على وتر الحب على قيثارة المصريين.
هنا يكون العطاء المعنوي وتجديد الثقة في الشخصية المصرية عبارة قالها لي ابن شقيقتي الشاب أحمد صلاح وقد هيّج مشاعري بروحه الوطنية عندما كنا نشاهد محمد صلاح ودارت مقارنة بين نجوم الفن والرياضة، فأيقنت أن مصر لم ولن يؤثر بها إرهاب ولم يكن لغسيل الفكر مأوٍ بين شبابنا الواعي، فنظرت إلى النيل الذي لا يزال يجري، فألقيت عليه سلاما وتحية.
لم تكن العوائق التي علت كالجبال حائلا في شباك عبدالحليم ومحمد صلاح، وقد آمنا بقدراتهما، فمن كان يستطيع أن ينافس أم كلثوم بهالتها الضخمة وحنجرتها العظيمة وكذلك مكانة عبدالوهاب!، لكنه استطاع أن ينفس بذكاء ونعومة، فاحتل قلوب المصريين، ومن كان يستطيع أن ينافس ميسي ورونالدو، ولوكا مودريتيش في الملاعب، حتى استطاع أن يحصل على ألقاب عديدة وكان آخرها أجمل هدف.. إنه ابن مصر الذي احتل أوروبا وتكرر اسمه بين المواليد تيمننا بأن يصبح المولود مثله، فقد غيّر ذكاؤه الفكرة تماما عن المصريين، بعدما كانت بريطانيا تنظر إليها بالاضطهاد والعنصرية والإرهاب، الآن إذا ذهبت على أوروبا ذكروك بمحمد صلاح، فكان هرمها الرابع في الأخلاق والرقي والعطاء والإنسانية. تلك الصفات التي تفرد بها عبدالحليم حافظ، فاحتل كل البيوت وكل الأقطار مهما تغير الزمن وتقلبت أحواله ومن ثم يخرج من بين المصريين شريان يمتد على العالم في رحب وبساطة وعظمة، فالنيل ما زال يجري ذلك الأسمر الجميل في الفن والرياضة والعلم بشتى مجالاته، فإن طغت المشاكل وعظمت مفرداتها للمصري، فإن هناك من يحلها بنظرة واحدة كهدف لمحمد صلاح راميا بالمشاكل عرض الحائط حتى لو لحظات يستعيد بها النفس، أو يسمع أغنية لعبدالحليم يجسد ذكرياته، ولا يزال النيل الأسمر يجري بين ربوع مصر يطرح بطميه على قراها، فينبت على جوانبها نخل باسقات له طلع نضيد.