السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

موسيقى "المفتي".. وسيلة من قلب المسجد لتجديد الخطاب الديني

الدكتور علي جمعة،
الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية الأسبق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تبدو الواقعة غريبة رغم تكرارها؛ فالعادة التى جرت على أن تُحفظ للمساجد هدوءها، اختلفت تمامًا مع هذا المسجد بالذات، هناك حيث مدينة السادس من أكتوبر، يستقر مسجد «فاضل»، الذى بناه مفتى مصر السابق، الدكتور على جمعة، على نفقته الخاصة؛ لإلقاء دروسه الصوفية، والالتقاء بأتباعه ومُريديه.
خلف مكبرات الصوت اعتاد «جمعة» الجلوس محدثًا زواره عن فضل التصوف ودرجاته، ويسترسل فى ذلك إلى أن تبدأ آلات موسيقية فى العمل داخل المسجد، استعدادًا لجلسة إنشاد ديني.
فى كل مرة يصطحب «جمعة» فرقة إلى مسجده لإحياء مناسبة دينية أو ليلة ذكر، تنقلب الساحة الدينية، مجددة تساؤلات عن مدى شرعية الموسيقى من الأساس، فضلًا عن مدى قبول عملها داخل المساجد.
الرؤية السلفية، بحكم توجهها، ترى الموسيقى حرام، وعليه فعزفها داخل مسجد أمر شديد التجاوز، ومن هنا يمكن فهم السبب الذى يدفعها لانتقاد «جمعة» كلما مرت مناسبة دينية، وأتى بفرقة داخل جدران مسجده.
ويمكن فهم ما يقدم عليه «جمعة» رغم الهجوم المتجدد، إذا ما نظرنا إلى منهجه الصوفى، إذ يتبنى جمعة بحكم هذا المنهج قناعات تدور أغلبها حول حتمية الإقدام على تصحيح المفاهيم التى ساء فهمها، ومن بينها الحكم بحرمة الموسيقى.
وبما أن المفتى السابق لا يجد فى الاستماع إلى الموسيقى شُبهة، فذهب إلى إعمالها فى المسجد لينفى الرؤية السلفية التى حظت بنوع من القبول الشعبى على مدار عقود، وحُرمت بسببها الموسيقى لدى الكثير.
وتدخل قناعات «جمعة» ضمن رؤيته لما يُعرف بـ«تجديد الخطاب الديني»، ويقصد به تنقيح التراث، وهى المهمة التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي، فى ٢٠١٤، وحملها المفتى السابق على عاتقه.
وضمن خطواته نحو التجديد وتصحيح المفاهيم، يعكف «جمعة» عبر برنامج تليفزيونى على تقديم رؤية تنويرية، يصفها أحيانًا السلفيون بـ«الشاذة»، لا سيما حصوله على موافقة المجلس الأعلى للطرق الصوفية على إجازة طريقته الصوفية «الصدّيقية الشاذلية»، التى توقع مهتمون بالتصوف أنها ستكون إضافة للحالة الصوفية المنهكة، ومن ثم إضافة للحالة الدينية المصرية.
ومنهج «الصديقية الشاذلية» استقاه «جمعة» من طريقة صوفية مغربية تُدعى «الغمارية»، وهى طريقة أخذت عن الدرقاوية تأسست بالمغرب فى القرن ١٤ الميلادي، الآخذة من الشاذلية نسبة للقطب الصوفية أبوالحسن الشاذلي، المنحدر من المغرب، وتعلم فى تونس وعاش ومات فى مصر.
وتعود «الغمارية» لأسرة الصديقين المغربية نسبة لمحمد بن الصديق الغماري، مؤسس الطريقة وأب الأسرة، ليأتى من بعده ابنه الأكبر أحمد بن الصديق، واشتهرت الأسرة ببراعتها فى علم الحديث، وعلى هذا النهج كان الشيخ عبدالله الغمارى الذى وصل القاهرة فى ١٩٣٠ بعدما قد تعلم علم الحديث بالمغرب.
وجاء عبدالله دارسًا فى الأزهر، إذ كانت تلك الفترة عهد نهضة أدبية وفكرية للقاهرة، فجاءها العديد من العلماء الذين حرص الغمارى على الاحتكاك بهم والتواصل معهم، ليتحول بعد ذلك إلى داعية ومفتٍ فى أمور الناس، ناقلًا فكر أسرته إلى مصر. 
وتحضر «الغمارية» كل ثلاثة أشهر إلى مسجد الحسين الشهير بقلب القاهرة، تقيم لها حضرة حلقة ذكر ثم تعود.
ورجحت مصادر داخل المجلس أن تكون الطريقة «الصديقية الشاذلية»، خطوة نحو إدخال «جمعة» التصوف بصيغة رسمية، تمهيدًا لتكليفه بإدارة المجلس الأعلى للصوفية، على أن يتفرغ الرئيس الحالى للمجلس ونائب مجلس النواب، الدكتور عبدالهادى القصبي، لعمله السياسي.
كما أشارت مصادر، إلى أن طريقة «جمعة» ستضم أعدادًا كبيرة من أزهريين متصوفة معروفين، مثل المستشار الدينى لرئاسة الجمهورية الدكتور أسامة الأزهري، ووكيل لجنة الفتوى الدكتور مجدى عاشور، ولا سيما أيضًا أعدادًا من شباب منشقين منذ ٢٠٠٧ عن جماعة الإخوان، وهو ما يعتبر توجهًا نحو الوسطية تاركين الفكر المتشدد.