الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

علاقات خطرة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
- أعقد شىء فى الحياة هى العلاقات بين البشر، بل هى أخطر وأصعب، فقد ترفعك علاقة إلى سابع سماء وقد تخسف بك أخرى إلى سابع أرض، فالنفس آفاق ووديان قد تأخذك علاقتك مع نفسك أولًا ومع الآخرين ثانيًا إلى وديان من السعادة والبهجة والإقبال على الحياة والنجاح والتوازن، أو تأخذك للكآبة والفشل أو حتى تدمير نفسك ومن حولك.
فى كتاب بعنوان (علاقات خطرة) كتب الدكتور محمد طه صديق، استشارى ومدرس الطب النفسى بكلية الطب جامعة المنيا، عن تجربته الحياتية وخبرته العلمية والتعليمية والعلاجية كطبيب نفسى وعضو هيئة تدريس، حول العلاقات وتأثيرها فى حياة الإنسان.
عبر خمسة فصول هى أجزاء الكتاب، يؤكد المؤلف أن: العلاقات الطيبة هى أكسير الحياة، وهى الترياق الوحيد ضد الذبول الروحى والموت النفسى، لذلك يجب أن يعى الإنسان قبل كل شىء شكل ونوع علاقته بجسده، هل يسمع له، يقبله، يحترمه، يسمع أناته التى حفرتها المواقف والسنوات وأفعال الآخرين تجاهه منذ نعومة أظافره تؤلمه وتشكل حياته وطباعه ونجاحه أو فشله فى ماضيه وحاضره وحتى نهاية عمره إن لم ينتبه لها ويكشف عن وجودها ويتصالح معها، ثم هل علاقته بالآخرين (حقيقية) يعيش فيها ما يمثل نفسه أم ينتحل فيها أدوارًا أخرى رسمتها له علاقات سابقة أو يسمح للآخرين أن يرسموا له دورًا جديدًا فى دراما تخصهم؛ فيعيش الإنسان دور الأب مع أشخاص يحتاجون لمظلة أبويه أو دور الشرير الأنانى مع عاشقى دور الضحية، أو دور السلطة أو الحنان أو غيره فى دراما كاذبة تكون عبأ حقيقيا عليه ويعيش معها فى أكاذيب تعيق راحته النفسية وتقدمه الإنساني، فى العلاقات الخطرة أيضًا ما يدفعنا من فرط إجهاده إلى العودة فى تاريخنا النفسى للخلف بحثًا عن لحظة أمان قديمة أو حتى للغرق فى خيالات وأوهام وهلاوس لا تمت بعلاقة للواقع بصلة، أو نحاول حتى الرجوع لرحم الأم لننفصل عن هذا الواقع وإيذاء البشر.
- بعد كل هذا كيف يكون الشفاء والالتئام النفسي، وكيف نقبل كل مشاعرنا وذواتنا الحقيقية دون تشويه أو اختزال، كيف نتقبل الحياة والموت، وكيف نخرج من سجون عشنا فيها لسنوات لنحيا أفضل ونترك من بعدنا الأثر الطيب الذى خلقنا الله لأجله؟
- اذن ما العلاقات الخطرة التى لا بد أن ننتبه لها قبل أن تدمر نفوسنا وأرواحنا إذا غرقنا بتفاصيلها دون الوعى التام بها وحماية أنفسنا منها؟؟ كتب د. طه عن 30 علاقة مختلفة منها العلاقة مع شخص انطوائى أو نرجسى أو موسوس أو شكاك، وتفاصيل العلاقات مع شخص سيكوباتى أو مدمن أو مستغل وكيفية التعامل مع شخص يعيش دور الجانى أو دور الضحية أو دور المنقذ.
- رحلة طويلة من حياتنا مع أو بين العلاقات لنصل بوعينا وحياتنا إلى العلاقة الحقيقية الصحية؛ فمن يدمر حياة الإنسان هى علاقة ومن يعيدها ويعالجها هى أيضًا علاقة، هناك دراسة فى جامعة هارفارد استمرت لمدة 75 سنة، رصد فيها أجيال من الباحثين حياة أجيال من البشر، وما الذى أضاف لحياتهم هم وأبناؤهم وأحفادهم، هل هى الثروة أم الشهرة أم النجاح المهني؟ فاكتشف الباحثون فى النهاية أن أكثر ما يؤثر فى حياة الناس وصحتهم النفسية والجسدية وطول أعمارهم وقدرتهم على مقاومة الأمراض والأحزان والشيخوخة وغيرها، هى وجود علاقات طيبة فى حياتهم بها من الود والتقارب والتراحم والتفاهم، علاقات مع طرف آخر متاح وموجود فى أصعب الأوقات، على العكس من ذلك من حُرِموا من وجود علاقة تمنحهم السعادة والأمان كانت أعمارهم أقصر، قدرتهم على تحمل الألم النفسى والجسدى كانت أقل، مناعتهم فى مواجهة الأمراض كانت أضعف ومعظمهم أصيب بالزهايمر فى شيخوخته.
العلاقة الحقيقية تخلق السعادة والاطمئنان والتقدير وتحسن علاقتنا بأنفسنا ومجتمعنا وعملنا وخالقنا، هى مفتاح البيت الدافئ السعيد والحياة السوية... ابحثوا عنها.
--------------------------------------------------
العلاقات الطيبة هى أكسير الحياة، وهى الترياق الوحيد ضد الذبول الروحى والموت النفسي، العلاقة الحقيقية تخلق السعادة والاطمئنان والتقدير وتحسن علاقتنا بأنفسنا ومجتمعنا وعملنا وخالقنا، هى مفتاح البيت الدافئ السعيد والحياة السوية... ابحثوا عنها.