الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الشهوة المحرمة.. "أطفال السفاح" في صناديق الزبالة (ملف)

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«أطفال الخطيئة أو «السفاح» مصطلحات تؤرق المجتمع المصري ولا يود سماعها، غير أن الحاصل في الواقع يكشف عن أخطار كثيرة تتهدد جوانب المجتمع بكامله، فبين الحين والآخر نفاجأ بخبر العثور على طفل ملقى في صندوق قمامة أو بجوار أرصفة أحد الشوارع، وخلال الخمس سنوات الماضية زادت وتيرة هذه الأخبار.

وخلال الشهر الماضي فقط عثر الأهالي في عدد من محافظات مصر، على أكثر من 30 طفل سفاح في الشوارع، وهو الأمر الذي يرجعه البعض إلى وجود حالة من الانفلات الأخلاقي داخل المجتمع، وانتشار المواقع الضارة على وسائل التواصل الاجتماعي، والمشاهد المثيرة في الأفلام والمسلسلات والأعمال الدرامية، وسط حالة من التفكك الأسري، وكلها أسباب مختلفة حسب كلام مختصين ومحللين، موجهين بضرورة الرقابة والتوعية الأسرية للأبناء فى مراحل المراهقة، وأرجعوا ذلك إلى الحرمان العاطفي، والمبالغة في متطلبات الزواج، فيما طالب برلمانيون وضع عدد من مشروعات القوانين التي تتضمن مواد حازمة وصارمة لتجريم الزواج العرفي، مؤكدين أهمية تكاتف الدولة بجميع مؤسساتها، مشيرين إلى أن القضية تتمحور في التربية والتعليم والمسجد والكنيسة والإعلام ودوره في التوعية المجتمعية وبرامج الأسرة.
في منطقة الوراق عثرت الأجهزة الأمنية بمحافظة الجيزة على طفلة حديثة الولادة داخل أحد صناديق القمامة بمنطقة ترعة السواحل.
وكان قسم شرطة الوراق، قد تلقى بلاغًا من الأهالي يفيد بالعثور على طفلة حديثة الولادة بدائرة القسم، وبالانتقال والفحص تبين وجود طفلة حديثة الولادة داخل أحد صناديق القمامة، وأنها ما زالت على قيد الحياة، وتحرر محضر بالواقعة للعرض على النيابة العامة.
وفي الجيزة عثر عامل جمع قمامة على جثة طفل رضيع مقتول وملقى داخل صندوق قمامة بجوار ترعة الزمر بدائرة قسم شرطة العمرانية.
وكان رئيس مباحث قسم شرطة العمرانية، تلقى بلاغًا من عامل قمامة مفاده بالعثور على جثة طفل مقتول داخل أحد صناديق القمامة، وبالانتقال تم العثور على طفل في يومه الأول، وتحرر عن ذلك المحضر اللازم.
رضيع في الشارع
في الجيزة عثر الأهالي على طفلة رضيعة ملقاة بجانب سيارة ملاكي بمنطقة أكتوبر، وتم تسليمها لقسم الشرطة للتوصل إلى هوية أسرة الطفلة.
وتلقى ضباط مباحث قسم شرطة أول أكتوبر، بلاغًا من غرفة النجدة بالعثور على الطفلة الرضيعة، على الفور انتقل رجال المباحث لمكان الواقعة، وتبين وجودها بكامل ملابسها وملقاة بالشارع، وتحرر المحضر اللازم.
كما عثرت أجهزة الأمن بالقاهرة على طفلة رضيعة، لا يتجاوز عمرها الأسبوع، ملقاة بأحد الشوارع بدائرة قسم شرطة مدينة نصر ثان، وتكثف جهودها لضبط المتهمين بارتكاب الواقعة.
وكان قسم شرطة مدينة نصر ثان، تلقى بلاغًا من الأهالي بوجود طفلة ملقاة بجوار إحدى السيارات، وبالانتقال والفحص عثر على طفلة تبلغ من العمر قرابة أسبوع وترتدي كامل ملابسها، وتم نقلها إلى أحد المستشفيات، وتحرر المحضر اللازم بالواقعة، وأخطرت النيابة العامة للتحقيق.

خبير علم نفس: المغالاة في مهور الزواج تدفع إلى الانحراف
تحمل الحوادث السابقة الكثير من الجوانب الخارجة عن الأعراف والتقاليد والقانون، فضلا عن الدين، ويرى الدكتور أحمد فخري، أستاذ علم النفس وتعديل السلوك بجامعة عين شمس، أن ظاهرة العثور على أطفال «رضع» في الشوارع لها عدة أسباب، منها الظروف الاقتصادية التي لها انعكاساتها الاجتماعية والنفسية على المجتمع، ومنها الغلو في أمور الزواج، والمتطلبات التي تثقل كاهل الشباب ماديًا مثل «الشقة التمليك والمهور المرتفعة والأثاث الفاخر»، كل هذا أصبح يباعد بين الشاب والفتاة، ما أدى إلى ارتفاع نسبة العنوسة وجعلهم يهربون إلى الزواج العرفي والانحراف.
وأضاف «فخري» لـ«البوابة»، لا بد من مواجهة المشكلة بالحلول العلمية أو بتغيير بعض العادات والتقاليد لتتماشى مع الوضع الراهن؛ لأن تلك المتطلبات التعجيزية للشاب والفتاة المقبلين على الزواج تجعلهما يتحايلان على المجتمع، وظهور النتائج السلبية مثل: التحرش الجنسي والاغتصاب والزواج العرفي، والذي أصبح منتشرا بين طلاب الجامعات وغير الجامعات.
وتابع أن هناك وسائل ضاغطة على المجتمع، مثل مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، والانفتاح على العوالم الأخرى، والذي تسبب في تغير العادات والتقاليد لدى الشباب بشكل سريع وظهرت موضة single mother، وأصبح بعض الفتيات يروج لها والتفاخر بالأمر، ولمواجهة ذلك يجب اتباع أساليب تنمية اجتماعية تناسب الوقت الراهن، وعلى الأسر المصرية التخلي عن الأفكار البالية والمطالبات التعجيزية في تزويج بناتها، ويجب أن يتكاتف المجتمع مع الشباب لتوفير حياة تناسب الزواج في العصر الحديث.

خبير أمني: السيارات غرف نوم مغلقة
من جهته يرى اللواء مجدي البسيوني، مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن العثور على أطفال في الشوارع نتيجة العلاقات المحرمة، لم يرق بعد إلى حد الظاهرة، وقديمًا كنا عندما نعثر على طفل أمام مسجد، كان ذلك ناتجًا عن علاقة غير شرعية؛ حيث إن الزواج العرفي لم يكن موجودًا حينها، وكنا لا نسمع عن تلك الوقائع لعدم وجود إنترنت وفيسبوك، كما هو موجود الآن؛ فبمجرد العثور على طفل رضيع يقوم الأهالي بتصويره ونشر صوره على الإنترنت للتعرف عليه، وهناك عوامل ساعدت على انتشار هذا الأمر بسبب وجود الإنترنت؛ فأصبح من السهل التعرف بين الشباب والفتيات بضغطة زر، كما أن انتشار السيارات بين الشباب أصبحت كالغرفة المغلقة؛ حيث يقوم بعض الشباب باصطحاب الفتاة إلى منطقة نائية، كما أن الشقق المفروشة لا تخضع للمراقبة، فضلًا عن زيادة الكثافة السكانية والعشوائيات وكثرة العنوسة، كل ذلك أدى إلى انتشار العلاقات غير الشرعية التي تثمر عن أطفال السفاح.
وأضاف «البسيوني» لـ«البوابة»، أن الأسرة هي المسئولة عن مراقبة الفتاة والتوعية الأسرية للفتيات، مؤكدًا على إحكام الرقابة على الفتاة؛ لأنها هي المصنع المنتج لهذه الظاهرة، كما أن هناك دورا على المدارس لتوعية الفتيات في مرحلة الثانوي؛ لأنها المرحلة الأكثر خطورة، والمدارس الآن أصبحت في غيبوبة، فضلا عن وجود التربية الدينية، وأن تعود حصة الدين أساسية مثل السابق؛ لأنها أصبحت حصة هامشية، لتعليم الأطفال منذ الصغر الحلال والحرام.
وتابع: يجب على الإعلام حينما ينشر عن تلك الجرائم أن يأتى بالمتهمين ويظهر ندمهم لتوصيل عظة لغيرهم حتى لا يقدموا على ذلك الفعل، فلا بد من اجتماع كافة مؤسسات المجتمع لمواجهة تلك الجرائم، كما يجب تعديل القانون لأنه إذا تم ضبط شاب وفتاة داخل أحد المساكن، وكانت تجاوز عمرها السن القانونية، وكان تحت إرادتها، فلا يحق لنا القبض عليها ومحاكمتها بتهمة ممارسة الرذيلة، وفي النهاية يدفع طفل لا ذنب له ثمن الخطيئة والشهوة؛ فعندما نعثر على طفل ملقى في الشارع، يكون في حالة إعياء شديد أو توفى لمرور وقت طويل حتى يتم العثور عليه، أو تأكله كلاب الشوارع، وعندما نقوم بإنقاذه يتم إيداعه دور رعاية تتولى علاجه ورعايته.

خبير قانوني: الأشغال الشاقة عقوبة الأم
قال طارق محمود المحامي بالنقض والدستورية العليا، إنه يحضّر مشروع قانون لتشديد عقوبة إلقاء الأطفال في الشوارع لتصل إلى الإعدام في حالة التعمد. وأضاف «محمود» في تصريح خاصل «البوابة»، إنه في حالة وفاة طفل السفاح توجه النيابة العامة إلى الأم تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، باعتبارها تعمدت إلقاء ابنها وهي تعلم تماما أنه سيموت، ومنعت مكونات المعيشة عنه، مشيرًا إلى أن عقوبتها تصل إلى الأشغال الشاقة المؤبدة.. وأكد «محمود» أنه في حالة إنقاذ الطفل توجه النيابة العامة إلى الأم تهمة الإصابة والإهمال التي تصل عقوبتها إلى ٧ سنوات.

النواب: التوعية الإعلامية هي الحل
يرى النائب عبدالمنعم العليمي، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، أن أسباب انتشار أطفال السفاح وظاهرة «single mother» يرجع إلى السلوكيات، والمجتمع، والفقر، وكذلك الخلافات العائلية بين الأب والأم.
وأضاف «العليمي» في تصريحات خاصة لـ«البوابة»، أن السلوكيات السيئة الموجودة في المجتمع تترتب عليها أشياء كثيرة، أبرزها: التهرب من التعليم، والاتجاه إلى العمل فى حين أن الطفل لا يتعدى السن القانونية، وذلك مخالف للاتفاقيات الدولية وقانون الطفل.
وأكد النائب، أن امتلاك الشباب لأموال كثيرة، من أسباب اتجاه الشباب إلى الزواج العرفي والانحراف، مطالبًا الدولة بسد الثغرات الموجودة في المجتمع، والوقوف ضدها بيد من حديد.

وقال النائب عادل عامر، عضو مجلس النواب، إن أطفال السفاح خطر دخيل على المجتمع المصري، ولا بد من مواجهته.
وأضاف «عامر»، أن أسباب انتشار أطفال السفاح يرجع إلى مغالاة أولياء الأمور في مهور زواج بناتهم، الأمر الذي جعل الزواج صعبًا على الشباب، مطالبًا أولياء الأمور بمراجعة هذا الموضوع فكريًا.
وأشار النائب إلى أن نظام التعليم فى مصر لا يعطي ثقافة للزواج وكيفية بناء أسرة جيدة، مناشدًا بالرجوع إلى الدين في هذا الأمر، وزيادة الوعي عند الأمهات، وتعزيز الحوار داخل الأسرة، وتوجيه الأبناء، والاعتماد على الأحكام الشرعية.
وتابع عضو مجلس النواب، أنه يتعين عمل برنامج تليفزيوني يتحدث عن فلسفة السلوكيات، خاصةً أن الإعلام يلعب دورا تكامليا أشبه ما يكون بدور التعليم، والأزهر، والكنيسة، ويفرد مساحات واسعة لمناقشة المشاكل، وطرق حلها.

بدورها قالت الدكتورة سامية خضر صالح، أستاذ علم الاجتماع جامعة عين شمس: إن من أسباب انتشار أطفال السفاح في مصر الأمية التي تصل إلى أكثر من ٢٥٪، وكذلك الفقر، والعولمة، وتحرر المرأة والشباب، والأفلام الخارجة عن القيم والدين، مؤكدةً أنه ليس هناك حدود.
وأضافت «خضر» في تصريح خاص لـ«البوابة»، أنه ليس هناك حائط صد لمواجهة هذه الجريمة، إلا بترسيخ القيم، والدين، والقانون مؤكدةً أننا نحتاج إلى وقفة حقيقية لحماية أبنائنا، مشيرة إلى أن الأفلام والأغاني الخارجة سبب من أسباب انتشارها، واستطردت: «تركنا كل ما هو جميل واتجهنا إلى الأشياء الخارجة عن سياق حضارتنا».