الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

محافظ في مهمة انتحارية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تَفْقِد الوحدات المحلية ومجالس المدن براءة حجة قلة الإمكانيات المادية والمعنوية، عندما تختار زيارة الوزير أو المحافظ لأحد ضواحيها رمزا لفك الشفرة السرية في علاج مشكلات تراكم القمامة والعشوائيات والازدحام المروري وتكسير الطرق، والسير المخالف،والتي ظلت تؤرق حياة السكان على مر العقود دون حل أو محاولة.
الأمثلة كثيرة فعندما عقد الرئيس السيسي مؤتمر الشباب الأخير بمحافظة الجيزة داخل جامعة القاهرة تحولت المنطقة المحيطة إلى قطعة من باريس، وعندما زار محافظ الدقهلية كمال شاروبيم قرية كوم النور التابعة لمركز ميت غمر، تحولت ممرات سير موكب المحافظ والشوارع المجاورة لها إلى منتجع سياحي.
وعندما قام الدكتور عبد العزيز قنصوة محافظ الإسكندرية، بزيارة مفاجئة لمستشفى أبو قير العام، رفعت باقي المستشفيات حالة الطوارئ خوفا من زيارتهم، وعندما تفقد مصطفى ألهم محافظ الأقصر شوارع المدينة، حزموها بالتشجير، والطرق الممهدة، والنظافة،وتلميع الأرضيات، ودهان المطبات، وتحديد حارات السير، وحظر استغلال المحلات لحرم الطريق، وهو ما يجعل الأهالى ينظرون إلى زيارة المسئول بالمثل " يا بخت من زار المحافظ بلده"
ويبدو أن الإهمال لا يرتكن إلى حقبة أو زمن وكأنه عهده يجب تسليمها عبر الأجيال، فذات مرة أصيب الرئيس [السادات] بخبطة شديدة داخل سيارته تألم منها بسبب حفرة ترابية عميقة بأرض الشارع عندما كان عائدا لمنزله بالجيزة بجوار فندق شيراتون ومجلس الدولة، وعلى الفور قرر إقالة عبد الفتاح عزام محافظ الجيزة وقتئذ، رغم أنه من المقربين، مبررا الإقالة "إذا كان الشارع الذي يمر به الرئيس بهذا السوء والإهمال فما الحال لباقي مناطق المحافظة؟ "
طبعا لا نملك كل يوم زيارة  لمسئول كبير فى كل مكان سواء فى المحافظات السالفة الذكر أو غيرها من المحافظات، لكن المؤكد أن مثل هذه الزيارات تكشف لك أن عددا لا بأس به من مسئولي الوحدات والمدن يجلسون على [كرسي تكبير الجمجمة] المبطن بمرتبة هوائية يسهل تفجيرها بدبوس إبرة زيارة معالي المحافظ وإن علا، فيتحول الإهمال إلي إهتمام، والتقصير إلي التجهيز، والتهاون إلى التخطيط، والإبطاء إلى الإتقان، والتساهل إلى الحزم.
بلا شك المحافظون يصدرون أوامر لمرؤوسيهم تقريبا بشكل يومي من خلال اللقاءات أو الزيارات أو البيانات الإعلامية بحل المشاكل العالقة والعامل المشترك فيها بين كل المحافظات "القمامة" "التوك توك" "الطرق" "المرور" "الصرف الصحي" "الإشغالات" "الكهرباء" "الصحة" "الإسكان" لكن سرعان ما تكون هذه الأوامر منسية وتتعثر داخل دهاليز الوحدات المحلية ومجالس المدن 
ليبقى السؤال إلى متى يظل كلام المحافظين مجرد حديث وتصريحات ؟
الإجابة عندما نعطي رؤساء الأحياء والمدن الكسالي المتقاعسين [استمارة  ستة] أو صابونة التزحلق علي [البورش] إذا ما خانوا الأمانة وعاثوا في المنصب فسادا، فهؤلاء يعطلون أى جهود للتنمية أو مشروعات أو إنشاءات، لأنهم فى النهاية يتعاملون "فيس تو فيس" مع المواطنين ومشاكلهم، بينما المحافظين فى مكاتبهم أو جولاتهم أو افتتاحاتهم.
لذلك فالمحافظ في مهمة انتحارية للكشف المبكر عن المرؤوس، الذي يطأطئ رأسه ويقول كله تمام وهو [يعلم] أنه لا تمام في أي شيء.